ابن حجة الحموي - خزانة الأدب وغاية الأرب

ومنه قوله:
جارية قد سمطت فيشتي ... بوهج حمى سرمها الصالب3
أخذت في الليل مجس استها الـ ... ـحامي وقد نامت إلى جانبي
أوجب إخراج دم فاسد ... من عين قيفال استها الضارب4
لبظرها الأسود دنية ... تصلح للقاضي أبي السائب
خطبت بالأمس عليها استها ... فأنعمت للخاطب الراغب
وبات أيري رافضي الخصى ... يعطي قفا مبعرها الناصب
وقال أيضًا:
قوموا افتحوا باب سرمها ولجوا ... فكل عضو من استها شرج
قوموا فعين استها لرؤيتكم ... بالليل فوق الفراش تختلج
إن لم يسعكم ممر عصعصها ... فثم بالطول تحته أزج
وفي استها خاتم للولبه ... طوق محلى وفصه سبج5
إذا الخصي صافح استها خريت ... تحتي وبالبيض تعمل العجج
وقال أيضًا:
بأبي من تمكنت من فؤادي ... فأنا الدهر كله في اجتهاد
قدها في القياس من قوم يأجو ... ج ولكن بظرها قوم عاد
وقفت لي فبستها من قعود ... بوسة بردت غليل فؤادي1
ولها شعرة ولا زبد البحـ ... ـر بياضًا وعصعص كالمداد
وحر أشمط العذارين الحي ... فيه سمت النساك والعباد
بظرها فوقه كدنية الحا ... كم يوم انحداره في السواد
ما توهمته وحقك إلا ... بعض أصحابنا بني حماد
يوم حاملتها فلما أحست ... في خراها بمثل شرط الفصاد2
جذبت لحيتي وقالت أيا شيخ ... ترى أنت كافر بالمعاد
أنت ممن يبغي خلافًا على الله ... ويسعى في أرضه بالفساد
قلت كفي إنا وجدنا على هـ ... ـذا أيور الآباء والأجداد
عرفيني وخبريني متى كا ... نت سيوف الخصي بلا أغماد
ومن غاياته في هذا الباب قوله:
مولاي يدعوك شيخ لا وقار له ... حتى القيامة سكران ومخمور
ما فيه للشيب إكرام فيزجره ... عن الخمور ولا للسن توقير
يقول بالأمرد المصقول عارضه ... مقسمًا فيه تأنيث وتذكير
وبالفتاة التي تنور مدخلها ... بعد العشا لشوى الخصيان مسجور3
وبالعجوز التي في أصل عنبلها ... غداة بعث المخاصي ينفخ الصور
زبال زرع استها يسقى بدالية ... وبظرها واقف في الزرع ناطور4
لها حر أشمط قد شاب مفرقه ... عليه بظر طويل فيه تدوير
كأنه شاعر قد جاء من حلب ... شيخ على رأسه المحلوق طرطور5
هذا الاستطراد في البيت الأخير استطرد فيه إلى أبي الطيب، وهو في غاية اللطف والظرف، وقد تقدمت إشارته إلى طرطوره في الأبيات المتقدمة البائية، ومن اختراعاته في هذا الباب قوله:
أحب من الكس تقبيله ... إذا كان في شفتيه لعس
ويعجبني منه أني إذا ... نقرت أنفه بقمدي عطس1
وواسعة السرم تشكو استها ... إذا مسها النيك ضيق النفس
فتاة لدرب إستها حارس ... يعلق من خصيتيه جرس
ويعجبني قوله من قصيدة:
في إستها سدرة إذا نفضوها ... جمعوا لي من تحتها كف نبق2
وهو نبق بلا نوى أسود اللو ... ن إذا لكته تحمض شدقي
ذكر التفسير:
وصحبه بالوجوه البيض يوم وغى ... كم فسروا من بدور في دجى الظلم
هذا النوع، أعني التفسير، من مستخرجات قدامة، وسماه قوم التبيين، وهو أن يأتي المتكلم أو الشاعر في بيت بمعنى لا يستقل الفهم بمعرفة فحواه دون تفسيره، إما في البيت الآخر، أو في بقية البيت، إن كان الكلام يحتاج إلى التفسير في أوله. والتفسير يأتي بعد الشرط وما هو في معناه، وبعد الجار والمجرور، وبعد المبتدأ الذي يكون تفسيره خبره، بشرط أن يكون المفسَّر مجملًا والمفسر مفصلًا. فمن بديع التفسير الذي وقع في بيت واحد قول بعض المغاربة:
صالوا وجادوا وضاءوا واحتبوا فهم ... أسد ومزن وأقمار وأجبال
فإنه أحسن الترتيب في عجز البيت كله، وجعل المفسَّر في الصدر، بحيث أتى كل قسم مستقلًا بنفسه.
ومثال ما وقع من التفسير بعد الحروف المتضمنة معنى الشرط، قول الفرزدق:
لقد جئت قومًا لو لجأت إليهم ... طريد دم أو حاملًا ثقل مغرم
لألفيت منهم معطيًا ومطاعنًا ... وراءك شزرًا بالوشيج المقوّم1
والفرزدق ما راعى حسن الترتيب في بيته، فإن عندهم عدم الترتيب مع حسن الجوار، وقرب الملائم، لا ينقص حسن الكلام البليغ. ألا ترى إلى قوله تعالى:




- كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب
المؤلف: ابن حجة الحموي، تقي الدين أبو بكر بن علي بن عبد الله الحموي الأزراري (المتوفى: 837هـ)
المحقق: عصام شقيو


.

17022476_1703864756296188_3971187589217150735_n.jpg
 
أعلى