الأرجوزة الشقرونية من ديوان عبد القادر بن العربي المنبهي المدغري ابن شقرون المكناسي

الأرجوزة الشقرونية

وتحتوي هذه الأرجوزة المسماة بالشقرونية على 666 بيتا (وهو عدد مبارك من أعداد اسم الجلالة) أما القصيدة المقدمة عنها والتي تحتوي على نص الأسئلة المجاب عنها، فهي للعلامة الشيخ سيدي محمد الصالح بن محمد المعطي الشرقاوي، وتقع في 53 بيتا، على عدد اسم أحمد (وهو أحد أعظم أسماء النبي صلى الله عليه وسلم) وَنَصُّهَا:


يَا شَيْخَنَا النَّحْرِيرَ حُلْوَ المَنْطِقِ = المُتَزَيِّي بِمَزَايَا المَشْرِقِ
يَا مَنْ عَلَا الأَتْرَابَ وَالأَقْرَانَا = كَمَا سَمَا الدَّهْرُ بِهِ وَزَانَا
يَا نَجْلَ شَقْرُونَ الجَلِيلَ القَدْرِ = وَمَنْ غَدَا لِحُسْنِهِ كَالبَدْرِ
يَا مَنْ غَدَتْ كِنَاسُهُ مِكْنَاسَهْ = بِهِ ازْدَهَتْ قُصُوبُهَا المَيَّاسَهْ
بَيِّنْ لَنَا فِي الطِّبِّ مَا لِلأَغْذِيَهْ = أُرْجُوزَةً جَيِّدَةً سَنِيَّهْ
مِنْ نَظْمِكَ العَذْبِ البَلِيغِ الأَشْهَى = فَهْوَ مِنَ العِقْدِ النَّظِيرِ أَبْهَى
بَيِّنْ لَنَا الثَّقِيلَ وَالخَفِيفَا = مِنْهَا وَمَا يُنَاسِبُ الضَّعِيفَا
أَوْ الجَسِيمَ فِي الفُصُولِ الأَرْبَعَهْ = فَعِلْمُهَا عِلْمٌ عَظِيمُ المَنْفَعَهْ
وَفِي الأَبَازِرِ الَّتِي تُوَافِقُ = وَرَاعِ حَالَ النَّاسِ فَهْوَ اللَّائِقُ
بِحَسَبِ الإِنْسَانِ وَالمِزَاجِ = فَإِنَّنِي لِلكُلِّ فِي احْتِيَاجِ
وَأَجْوَدَ الأَوْقَاتِ لِلأَغْذِيَّهْ = كَمَا تُرَاعِي مُصْلِحَ الرَّدِيَهْ
وَمَا يُوَافِقُ الطِّبَاعَ مِنْهَا = وَضِدُّهَا كَيْمَا نَحِيدُ عَنْهَا
وَإِنْ بِنَادٍ حُضِّرَتْ أَلْوَانُ = مِنْ كُلِّ مَا يَشْتَاقُهُ الإِنْسَانُ
بِأَيِّ شَيْءٍ بَدْؤُهُ يَكُونُ = وَمَا تَرَى الهَضْمَ بِهِ يَهُونُ
وَأَيُّ شَيْءٍ فِي الفَوَاكِهِ الَّتِي = تُوصَفُ بِاليُبْسِ أَوِ الطَّرِيَّةِ
أَحَقُّ بِالتَّقْدِيمِ مَهْمَا حَضَرَتْ = مَعَ الغِذَا أَنْوَاعُهَا قَدْ كَثُرَتْ
صِفْهَا عَلَى التَّرْتِيبِ أَنْتَ أَعْرَفُ = وَبِالصَّدِيقِ وَالرَّفِيقِ أَرْأَفُ
وَاسْتَحْضِرِ الذُّهْنَ لِلْاسْتِقْصَاءِ = كَيْمَا تَعُمَّ جُمْلَةَ الغِذَاءِ
مِنْ جَامِدٍ وَمَائِعٍ وَأَخْضَرِ = وَيَابِسِ الثِّمَارِ بَلْ حَتَّى الطَّرِي
وَأَيُّ شَيْءٍ فِي المِيَاهِ أَجْوَدُ = وَشُرْبُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ يُحْمَدُ
وَمَا الدَّلِيلُ فِي اخْتِلَافِهِ عَلَى = مَا خَفَّ مِنْهُ مَيِّزَنْهُ يُجْتَلَى
وَمَا تَنَشَّا عَنْ خَمِيرٍ مُخْتَمَرْ = يَحْضُرُ وَالفَطِيرُ مَعْهُ مُنْتَشِرْ
أَيًّا نُقَدِّمُ وَمَا لَمْ يَخْطُرِ = فِي البَالِ بَيِّنْهُ لِنَيْلِ الوَطَرِ
وَامْنُنْ بِمَدِّ البَاعِ وَالبَنَانِ = فِي اللَّحْمِ فَصِّلْ فِيهِ وَالأَلْبَانِ
وَاحْكُمْ عَلَى كُلِّ مِزَاجٍ بِالَّذِي = مِنْهُ يُوَافِقُ طِبَاعَ المُعْتَدِي
وَالحِفْظُ مَا ضَرَّ لَهُ التَّصَدِّي = وَقَدْ عَلِمْتَ غَرَضِي وَقَصْدِي
فِيهِ وَفِي الفَهْمِ فَمَا العِلَاجُ = حَاشَ تَضِنُّ بِالَّذِي أَحْتَاجُ
وَبَيِّنْ مَا يُحَسِّنُ الصَّوْتَ فَفِي = سَمَاعِ حُسْنِ الصَّوْتِ مَا يُجْدِ وَفِي
بِاللَّهِ فِي الكَلَامِ فِي الإِفْصَاحِ = عَنْ مَا بِهِ يُقْوَى عَلَى النِّكَاحِ
وَمَنْ تَعَرَّضَ عَنِ النِّسَاءِ = مَاذَا يُوَاتِيهِ مِنَ الدَّوَاءِ
وَمَا يَزِيدُ فِي المَنِيِّ مِنْ غِذَا = لَا زِلْتَ فِي العُلُومِ مَسْكِيَ الشَّذَا
وَكُلُّ مَا يُنَاسِبُ المَقَامَا = مَا ضَرَّ أَنْ تُحْكِمَهُ إِحْكَامَا
وَاعْمِدْ لِمَا يَسْهُلُ فِي التَّرْكِيبِ = رَعْيًا لِحَالِ المُقْتِرِ الكَئِيبِ
وَكُلُّ مَا القُوَّى بِهِ تَنْحَلُّ = قَيِّدْهُ إِنَّ ذَا لَهُ مَحَلُّ
وَاقْصِدْ بِذَا النَّفْعِ عِبَادَ اللَّهِ = مَا حَالَ مَنْ عَنْهُ غَفُولٌ لَاهِي
وَمَا يُلَذِّذُ النِّكَاحَ أَيْضًا = أَفِضْ عَلَيْنَا النَّقْلَ مِنْهُ فَيْضَا
وَاحْكُمْ عَلَى الثِّيَابِ وَالمَسَاكِنْ = بِمُقْتَضَى أَهْوِيَةِ الأَمَاكِنْ
وَاخْتِمْ فَدَتْكَ النَّفْسُ بِالإِسْفَارِ = عَنْ مَا تَرَى يَصْلُحُ بِالأَسْفَارِ
مِنْ مَأْكَلٍ دُهْنٍ لِحِفْظِ البَشَرَهْ = وَالفَضْلُ لَا يَضُرُّ إِنْ تَعْتَبِرَهْ
فِي كُلِّ هَذَا وَالعَنَا وَالتَّعَبُ = بِأَيِّ شَيْءٍ مِنْ عِلَاجٍ يَذْهَبُ
وَالقُطْنُ فِي الصِّمَاخِ لِلرِّيَاحِ = عِنْدَ اشْتِدَادِهَا أَمِنْ صَلَاحِ
وَمَنْ رَأَى أَن السُّؤَالَ وَضْمُ = عَنْ مَا ذَكَرْتُ لَا أَرَاهُ يَسْمُوا
لِأَنَّنِي أَدْرَى بِمَا قَصَدْتُ = وَالخَيْرَ مِنْ أَبْوَابِهِ رَصَدْتُ
فَبِالسُّؤَالِ العِلْمُ يَنْمُو وَيَزِيدْ = مِنْ مُسْتَفِيدٍ جَاهِلٍ وَمِنْ مُفِيدْ
فَجُدْ بِمَا يَلْهَى عَنِ المُسَاعَدَهْ = وَجُدَّ كُلَّ الجِدِّ فِي المُجَاهَدَهْ
فِي كَتْبِ مَا أَمَّلْتُ مِنْ جَوَابِ = عَنْ كُلِّ مَا قَرَّرْتُ فِي الكِتَابِ
وَامْنَحْهُ مَنْ أَمْسَى لَهُ مُشْتَاقَا = كَحِّلْ بِهِ الجُفُونَ وَالأَحْدَاقَا
فَقَدْ حَبَاكَ اللَّهُ فِي التَّعْبِيرِ = مِنْ جَوْدَةِ التَّحْرِيرِ فِي التَّقْرِيرِ
مَا يُبْهِرُ الأَلْبَابَ وَالأَسْمَاعَا = لَا زِلْتَ شَيْخًا شَامِخًا نَفَّاعَا
تُقَرِّبُ الأَقْصَى بِلَفْظٍ مُوجَزِ = وَتَبْسُطُ البَذْلَ بِوَعْدٍ مُنْجَزِ
كَجَاهِ صَاحِبِ اللِّوَا وَالتَّاجِ = بَادِ السَّنَاءِ قَمَرِ الدّيَاجِي
صَلَّى عَلَيْهِ رَبُّنَا وَسَلَّمَا = مَا بَلَّلَ الرِّيَاضَ وَبْلٌ وَهَمَا

نص القصيدة الجوابية

الحَمْدُ لِلَّهِ الحَكِيمِ المُرْشِدِ = المُلْهِمِ الرُّشْدِ لِكُلِّ مُهْتَدِي
المُنْزِلِ الغَيْثَ مِنَ السَّمَاءِ = الرَّازِقِ الأَقْوَاتَ لِلنَّمَاءِ
سُبْحَانَهُ قَدْ سَخَّرَ الرِّيَاحَا = مُفِيدَةً عِبَادَهُ صَلَاحَا
وَأَرْسَلَ اللَّوَاقِحَ العَظِيمَهْ = بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ العَمِيمَهْ
فَأَطْلَعَتْ مِنْ غُرَرِ السَّحَائِبْ = مُبَشِّرَاتٍ جَمَّةَ العَجَائِبْ
تَحْمِلُ غَيْثًا سَابِغَ الأَيَادِي = لِكُلِّ حَاضِرٍ وَكُلِّ بَادِي
سِيقَتْ لِسَقْيِّ بَلَدٍ مَوَاتِ = أَحْسِنْ بِغَيْثٍ شَامِلٍ مُوَاتِ
فَاخْضَرَّتِ الأَرْضُ بِحُسْنِ مَلْبَسِ = رَافِلَةً فِي حُلَلٍ مِنْ سُنْدُسِ
رَائِقَة تُحْلَى بِحِلْيِ الزَّهْرِ = تُسْدِي السُّرُورَ وَقْتَ مَدِّ البَصَرِ
كَمْ أَصْبَحَتْ عَرَائِسُ الغُصُونِ = تَزْهُو بِدُرِّ بُرْدِهَا المَصُونِ
وَافْتَرَّ تَغْرُ نُورِهَا المِعْطَارِ = مُكَلَّلًا بِلُؤْلُؤِ الأَمْطَارِ
أَبْدَتْ سَنَابِلَ تُحِيطُ بِالثَّمَرْ = فِي نَسَقٍ تحْكِي عُقُودًا مِنْ دُرَرْ
نُوَّارُهَا مُخْتَلِفُ الأَشْكَالِ = يَسْمُو عَلَى قَلَائِدِ الَّلآلِ
مِنْ ذِي أَكَالِيلٍ وَذِي أَبْوَاقِ = وَذِي مَدَاهِنٍ وَذِي أَحْدَاقِ
غَنَّى عَلَيْهِ النَّحْلُ بِالمَزَامِرِ = عَنْ أَمْرِهِ يَقْهَرُ كُلَّ آمِرِ
وَكُلُّ نَبْتٍ مِنْ حَشِيشٍ أَوْ شَجَرْ = خَلَقَهُ بِحِكْمَةٍ رَبُّ البَشَرْ
مَا خَلَقَ الرَّحْمَانُ شَيْئًا عَبَثَا = مِنْ كُلِّ بَرِّيٍّ وَمَا قَدْ حُرِثَا
يَرْزُقُنَا فِي كُلِّ فَصْلٍ نِعَمَا = سُبْحَانَهُ عَمَّ العِبَادَ كَرَمَا
نَحْمَدُهُ حَمْدَ مُقِرٍّ بِالنِّعَمْ = مُعْتَرِفًا بِبَعْثِهِ بَعْدَ العَدَمْ
مُعْتَقِدًا أَنْ لَيْسَ يُذْهِبُ الضَّرَرْ = إِلَّا الَّذِي أَجْرَى القَضَاءَ وَالقَدَرْ
ثُمَّ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ السَّرْمَدِي = عَلَى الرَّسُولِ المُنْتَقَى مُحَمَّدِ
وَآلِهِ وَالصَّحْبِ وَالأَتْبَاعِ = مَا انْهَلَّ وَابِلٌ عَلَى البِقَاعِ
وَبَعْدُ فَالقَصْدُ بِهَذِي الجُمَلِ = ذِكْرُ مِزَاجِ قُوتِنَا المُسْتَعْمَلِ
طَبْعِ الحُبُوبِ وَمُرَكَّبِ الغِذَا = وَمَالَهُ نَفْعٌ وَمَالَهُ أَذَى
وَكُلِّ قُوتٍ فِي اصْطِلَاحِ المَغْرِبِ = لَدَى الحَوَاضِرِ وَعِنْدَ العَرَبِ
كَذَا مِنَ الخُضَرِ وَالمُقْتَاتِ = وَمَا يُرَى مِنْهُنَّ فِي الأَوْقَاتِ
وَبَقْلِهَا البَرِّيِّ وَالبُسْتَانِي = وَغَالِبِ المَأْكُولِ مِنْ لُحْمَانِ
وَمِنْ فَوَاكِهٍ عَلَى العُمُومِ = مِنْ طَيِّبٍ يُرْضِي وَمِنْ مَذْمُومِ
وَمَا يَخُصُّ اللَّحْمَ مِنْ تَوَابِلِ = وَمَا يُجِيدُ طَعْمَهُ لِلآكِلِ
وَرُبَّمَا نَذْكُرُ مِنْ مِيَاهِ = أَمرًا كَثِيرُ النَّاسِ عَنْهُ سَاهِي
تَتْبَعُهُ أَدْوِيَةٌ نَفِيسَهْ = تُذْهِبُ أَمْرَاضًا بَدَتْ خَسِيسَهْ
كَمَا نُجِيدُ القَوْلَ فِي اللِّبَاسِ = وَفِي المَسَاكِنِ وَمَأْوَى النَّاسِ
وَنُبْسِطُ التَّعْبِيرَ فِي المَقَالِ = كَمَا يُرَى مُطَابِقَ السُّؤَالِ
وَأَسْأَلُ الوَهَّابَ نَيْلَ الأَرَبِ = فَهْوَ المُرَجَّى لِبُلُوغِ الطَّلَبِ

المأكول من الحبوب

القَوْلُ فِي المَأْكُولِ مِنْ حُبُوبِ = وَمَا أَتَى فِي طَبْعِهَا المَطْلُوبِ

القمح

القَمْحُ فِي المِزَاجِ حَارٌّ لَيِّنُ = وَمِنْ جَمِيعِ الحَبِّ هُوَ أَحْسَنُ
يُلَائِمُ الطَّبْعَ وَيُصْلِحُ الحِجَا = وَكُلُّ نَفْعٍ مِنْ قُوَاهُ يُرْتَجَى
أَفْضَلُهُ الزَّاهِي المُنِيرُ الذَّهَبِي = المُرْتَضَى بِشَكْلِهِ المُحْدَوْدَبِ
ثُمَّ الغَلِيظُ الأَشْهَبُ الرَّزِينُ = دَقِيقُهُ يُحْمَدُ وَالعَجِينُ
وَدُونَ هَذَا الأَحْمَرُ الصَّغِير = وَالجَبَلِي المُلَمَّعُ القَصِيرُ
أَمَّا المُعَفَّنُ بِقَعْرِ المَطْمُورَهْ = فَذَاكَ فِي الطَّبْعِ غَلِيظُ الأَبْخِرَهْ
غِذَاؤُهُ مِنْ جُمْلَةِ السُّمُومِ = وَهْوَ الَّذِي يُعْرَفُ بِالحَمُّوم

الشعير

وَفِي الشَّعِيرِ البَرْدُ وَاليُبُوسَهْ = فِيهِ رِيَاحُ جَمَّةٌ مَحْسُوسَهْ
يَصْحَبُهُ الكَمُّونُ وَاللَّحْمُ السَّمِينْ = خُذْ مَا رَوَاهُ الحُكَمَاءُ عَنْ أَمِينْ

الأرز

وَفِي الأَرُزِّ الحَرُّ وَاللَّطَافَهْ = خُذْهُ مَدَى الأَزْمَانِ لَا مَخَافَهْ
غِذَاؤُهُ يُخَصِّبُ الأَبْدَانَا = وَيُصْلِحُ الأَحْشَاءَ وَالأَلْوَانَا
يُطْبَخُ بِالسُّكَّرِ وَالحَلِيبِ = لِجَوْدَةِ التَّسْمِينِ وَالتَّخْصِيبِ

الفول

وَالفُولُ فِيهِ البَرْدُ وَاليُبُوسَهْ = أَمْرَاضُهُ مَشْهُورَةٌ مَحْسُوسَهْ
لَكِنَّمَا الأَخْضَرُ لِلرُّطُوبَهْ = وَالكُلُّ حَارٌّ بَيِّنُ الصُّعُوبَهْ
يُوَلِّدُ الرِّيَاحَ وَالبَلَادَهْ = وَيُورِثُ الأَجْسَامَ سُوءَ عَادَهْ
أَصْلِحْهُ بِالزَّيْتِ العَجِيبِ النَّيِّرِ = وَاجْعَلْ عَلَيْهِ دِرْهَمًا مِنْ زَعْتَرِ

الحمص

وَالحِمْصُ حَارٌّ يَابِسٌ مُفَتَّحُ = مُهَيِّجُ البَاهِ لِصَوْتٍ مُصْلِحُ
آخِذُهُ مَعَ يَسِيرِ الجَوْزِ = يَفُوزُ بِالتَّسْمِينِ أَيَّ فَوْزِ
وَاسْتَعْمِلَنْهُ خِشْيَةً مِنْ ضَرَرِ = بَيْنَ طَعَامَيْنِ تَفُزْ بِالوَطَرِ

الدخن

وَالدُّخْنُ وَالذُّرَةُ ثُمَّ العَدَسُ = جَمِيعُهَا مُبَرِّدٌ مُيَبِّسُ
تَضُرُّ بِالكَهْلِ وَبِالسَّوْدَاوِي = مَضَرَّةً تُلْجِي إِلَى التَّدَاوِي
إِصْلَاحُهَا سَمِينُ لَحْمِ الضَّأْنِ = وَكُلُّ طَيِّبٍ مِنَ الأَدْهَانِ

اللوبيا

وَاللُّوبْيَا لِلحَرِّ وَلِلرُّطُوبَهْ = وَكَثْرَةُ الرِّيحِ لَهَا مَنْسُوبَهْ
يَنْفَعُ مِنْ دَاءِ الكُلَى وَالظَّهْرِ = وَفِيهِ لِلتَّسْمِينِ أَيُّ سِرِّ
وَالقَوْلُ فِي الأَطْعِمَةِ المُرَكَّبَه = وَمَا لَهَا مِنْ خَصْلَةٍ مُجَرَّبَهْ
تَرْكِيبُهَا مُخْتَلِفُ الأَنْوَاعِ = بِحَسَبِ الأَغْرَاضِ وَالدَّوَاعِي
نَذْكُرُ مِنْ فَطِيرِهَا وَالمُخْتَمِرْ = مَا يُهْمِلُ الإِنْسَانُ مِمَّا يُعْتَبَرْ
وَنَشْرَحُ الثَّقِيلَ وَالخَفِيفَا = وَنُورِدُ الغَلِيظَ وَاللَّطِيفَا
وَمَالَهُ فِي الجِسْمِ أَيّ مَدَدِ = وَلَمْ نَحِدْ عَنِ اصْطِلَاحِ البَلَدِ

الكسكس

أَكْثَرُ مَا فِي غَرْبِنَا يُلْتَمَسُ = لِمُنْتَهَى القُوتِ العَجِيبِ الكُسْكُسُ
مِزَاجُهُ اللَّيْنُ مَعَ الحَرَارَهْ = أَخْلَاطُهُ جَيِّدَةٌ مُخْتَارَهْ
وَهْوَ مِنَ الأَغْذِيَةِ الفَطِيرَهْ = هَذَا إِذَا لَمْ تَعْتَمِدْ تَخْمِيرَهْ
أَفْضَلُهُ المَفْتُولُ بِالخَمِيرِ = لَا سِيَمَا مُكَرَّرُ التَّبْخِيرِ
قِوَامُهُ مِنْ خَالِصِ السَّمِيدِ = مَعَ الدَّجَاجِ الطَّيِّبِ اللَّذِيذِ
أَوِ اللُّحُومُ مِنْ فَتِيِّ الضَّأْنِ = مزاد فِي العَيْنِ رَفِيع الشَّأْنِ
بِالزَّعْفَرَانِ الأَطْيَبِ المُبَجَّلِ = خُضْرَتُهُ تُحْمَدُ كَالسَّفَرْجَلِ
أَوْ خَرْشَفٍ أَوْ بَلَدِيِّ اللِّفْتِ = لَازِلْتَ مِفْضَالًا فَرِيدَ الوَقْتِ
أَوْ جَيِّدِ الحِمَّصِ وَالسَّلَاوِي = مِنْ قَرَعٍ يَصْلُحُ لِلتَّدَاوِي
وَاحْذَرْ مِنَ المَطْبُوخِ بِالقِدِّيدِ = أَوِ الخَلِيعِ اليَابِسِ الشَّدِيدِ
هَذَا لِأَهْلِ الكَدِّ وَالفِلَاحَهْ = حَبِّبْهُ بَلْ بَيِّنْ لَهُمْ فَلَاحَهْ
إِلَّا إِذَا طُبِخَ بِالحَلِيبِ = فَذَاكَ مِعْوَانٌ عَلَى التَّرْطِيبِ
إِذْ يَلِيقُ بِجَمِيعِ النَّاسِ = وَمَا عَلَى آكِلِهِ مِنْ بَاسِ
وَمِنْهُ مَا نَعْرِفُهُ بِالسُّفَّهْ = بِسُكَّرٍ مَعَ سَحِيقِ القَرْفَهْ
بِالزُّبْدِ وَالحَلِيبِ خَيْرِ مَأْكَلِ = وَحُكْمُهَا فِي الطَّبْعِ حُكْمُ الأَوَّلِ
لَكِنَّهَا عَدْلٌ عَلَى التَّرْطِيبِ = وَكَثْرَةُ التَّسْمِينِ وَالتَّخْصِيبِ
وَكُلُّ مَا شُمِّسَ بَعْدَ فَتْلِهِ = حَتَّى يَجِفَّ جَيِّدٌ فِي أَكْلِهِ
وَكُلُّ مَا قَدْ رُقِّقَتْ جَوَاهِرُهْ = كَانَ سَرِيعَ الهَضْمِ قَالَ شَاكِرُهْ
وَكُلُّ مَا قَدْ غُلِّضَتْ حُبُوبُهْ = بَطِيءُ هَضْمٍ كَثُرَتْ خُطُوبُهْ
إِنَّ الفَدَاوُشَ لَذِيذُ الطَّعْمِ = لَكِنَّهُ صَعْبٌ عَسِيرُ الهَضْمِ
مِزَاجُهُ الحَرُّ مَعَ الرُّطُوبَهْ = آفَاتُهُ مَسْطُورَةٌ مَكْتُوبَهْ
يُسَدِّدُ الكَبِدَ وَالطِّحَالَا = لَا يُحْمَدُ الأَكْلُ مِنْهُ حَالَا
لَكِنَّهُ عَوْنٌ عَلَى التَّسْمِينِ = مَعَ الدَّجَاجِ الطَّيِّبِ السَّمِينِ
كَذَا الثَّرِيدُ مِنْ عَجِينٍ رُفِقَا = وَحُكْمُهُ كَحُكْمِ مَا قَدْ سَبَقَا
وَأَلْحَقُوا الإِسْفَنْجَ بِالزُّلَابِيَهْ = وَلْيَجْتَنِبْهُ مَنْ يَرُومُ العَافِيَهْ
أَصْلِحْهُ إِنْ دَعَتْ إِلَيْهِ الدَّاعِيَهْ = وَلَمْ تَجِدْ بُدًّا لِدَفْعِ الشَّاهِيَهْ
لِلْبَلْغَمِي بِعَسَلٍ مِنْ شُهْدِ = وَعَكْسِهِ بِسُكَّرٍ وَزُبْدِ

كثرة الألوان

وَإِنْ تَكُنْ يَوْمًا عَلَى خِوَانِ = تُلْفِي عَلَيْهِ كَثْرَةُ الأَلْوَانِ
فَقَدِّمَنْ مُطَجَّنَ الدَّجَاجِ = لِلْجِسْمِ فِيهِ غَايَةُ العِلَاجِ
وَبَعْدَهُ اللَّحْمَ المُطَجَّنَ الَّذِي = بِاللِّيمِ وَالزَّيْتُونِ يُرْضِي المُغْتَذِي
دَعِ المُرُوزِيَا لِأَهْلِ البَلْغَمِ = فَإِنَّهَا شِفَاؤُهُمْ مِنْ أَلَمِ
وَالكَعْكُ خُذْ مِنْهُ إِذَا لَمْ تَصْبِرِ = شَيْئًا قَلِيلًا لَا تَمِلْ لِلأَكْثَرِ

المقروط والرغيف

وَاعْدِلْ عَنِ المَقْرُوطِ وَالرُّغْفَانِ = كَمَا اقْتَضَى رَأْيُ ذَوِي العِرْفَانِ
فَالمُغْتَذَا المَقْلِيُ بِالزَّيْتِ إِذَا = كَانَ مِنَ العَجِينِ شَرُّ مُغْتَذَا
لَا سِيَمَا الخَالِي مِنَ الخَمِيرِ = مِثْلُ المُرَفَّقِ مِنَ الفَطِيرِ

الحلواء

وَخُصَّ بِالحَلْوَاءِ أَهْلُ البَلْغَمِ = وَلَا يَغُرَّنْكَ طَيْبُ المَطْعَمِ
إِلَّا إِذَا مَا صُنِعَتْ بِالسُّكَّرِ = فَاحْفِلْ بِهَا وَلَا تَكُنْ بِالمُمْتَرِي

الخبز

الخُبْزُ حَافِظٌ لِصِحَّةِ البَدَنْ = مُسَمِّنٌ مُوَلِّدٌ دَمٌ حَسَنْ
أَفْضَلُهُ مَا عَمَّهُ الخَمِيرُ = وَشَرُّهُ المَحْرُوقُ وَالفَطِيرُ
فَاخْتَرْ مِنَ الخُبْزِ كَثِيرَ العَرْكِ = حَتَّى يُرَى عَجِينُهُ كَالعِلْكِ
مِنْ خَالِصِ الحِنْطَةِ جَيِّدِ العَمَلْ = يُسْدِي مِنَ الصِّحَّةِ غَايَةَ الأَمَلْ

الخبز من الشعير

أَمَّا الَّذِي يُصْنَعُ مِنْ شَعِيرِ = فَيُطْفِئُ اللَّهِيبَ مِنْ مَحْرُورِ
وَخُبْزُ غَيْرِ القَمْحِ وَالشَّعِيرِ = جَمُّ السِّقَامِ عَادِمُ التَّدْبِيرِ
لَا تَقْرَبَنْهُ وَاحْذَرَنْ شُرُورَهْ = إِلَّا إِذَا دَعَتْ لَهُ الضَّرُورَهْ
أَمَّا الَّذِي يُعْرَفُ بِالبَشْمَاطِ = فَمُبْتَلٍ بِيَابِسِ الأَخْلَاطِ
يُخَفِّفُ الجِسْمَ وَيُولِي السُّدَدَا = وَيُحْدِثُ القُولَنْجَ مِنْهُ أَبَدَا
لَكِنَّهُ يَقْطَعُ دَاءَ البَلْغَمِ = وَدَاءَ الإسْتِسْقَاءِ عِنْدَ الأَكَمِ
أَمَّا الَّذِي يُعْرَفُ بِالبَرْكُوكَشِ = فَمِنْهُ كُنْ عَلَى الدَّوَامِ تَخْتَشِي
مِنْ كَثْرِهِ قَدْ حَذَّرَ الطَّبِيبُ = وَإِنْ عَلَاهُ الزُّبْدُ وَالحَلِيبُ
كَذَا الَّذِي نَدْعُوهُ بِالمَحَمَّصَهْ = لَا تَقْرَبَنْ وَلَوْ دَعَتْكَ المَخْمَصَهْ

عصيدة السميد

لَا تَحْمَدَنَّ أَكْلَةَ العَصِيدَهْ = وَهْيَ تُرَى غَلِيظَةً شَدِيدَهْ
إِنْ صُنِعَتْ مِنْ خَالِصِ السَّمِيدِ = فَعَدِّ عَنْ مَطْعَمِهَا اللَّذِيذِ
وَهْيَ إِذَا كَانَتْ مِنَ الدَّقِيقِ = مَذْمُومَةٌ عِنْدَ ذَوِي التَّحْقِيقِ
لَكِنَّهَا عَوْنٌ عَلَى التَّسْمِينِ = كَمَا أَتَى عَنْ مَاهِرٍ أَمِينِ

البلبول

لَا تَقْرَبِ البَلْبُولَ خَوْفَ البُوسِ = لَا سِيَمَا المَطْبُوخَ بِالرُّؤُوسِ
وَهْوَ إِذَا كَانَ مِنَ الشَّعِيرِ = لَا خَيْرَ فِي عَذَابِهِ الفَطِيرِ

الفول المالح

وَمَالِحُ الفُولِ غَلِيظُ الأَبْخِرَهْ = آفَاتُهُ عَظِيمَةٌ مُسَطَّرَهْ
لَا يَقْبَلُ الإِصْلَاحَ بِاللَّيْمُونِ = وَالخَلِّ وَالزَيْتِ مَعَ الكَمُّونِ
يُوَلِّدُ البَلَادَةَ القَوِيَّهْ = وَمِثْلُهُ البِصَارُ بِالسَّوِيَهْ

المرزبل

وَلَا تُوَاظِبْ أُكْلَةَ المُرَزْبَلِ = وَاحْذَرْ جَمِيعَ ضُرِّهِ المُسْتَقْبِلِ
يُحْدِثُ فِي الجِسْمِ عَظِيمَ الدَّاءِ = مِثْلَ احْتِرَاقِ الدَّمِ مِنْ سَوْدَاءِ
إِنْ لَمْ تَجِدْ عَنْهُ يَا صَاحِ بُدَّا = فَكَثِّرِ الإِدَامَ فِيهِ جِدَّا
وَاجْعَلْ عَلَيْهِ الخَلَّ عِنْدَ الأَكْلِ = وَلَا تُعَدِّ عَنْ ثَقِيفِ الخَلِّ

شِوَاءُ القَدْرِ

أَمَّا الَّذِي يُدْعَى شِوَاءُ القَدْرِ = فَمُحْدِثٌ ضُرًّا جَلِيلَ الخَطْرِ
قَالَ الحَكِيمُ يُورِثُ العُفُونَهْ = وَسَوْدَاءَ الكَبِدِ وَاللّدُونَهْ
إِصْلَاحُهُ بِفُلْفُلٍ وَخَلِّ = أَضِفْهُمَا لَهُ قُبَيْلَ الأَكْلِ
بِنْتُ الرَّمَادِ لِلضَّعِيفِ النَّاقِهِ = لَيْسَ لَهَا يَا صَاحِ مِنْ مُشَابِهِ
يَنْفِي الهُزَالَ لَحْمُهَا المُزَعْفَرُ = يُسْدِي القُوَى مَرَقُهَا المُعَصْفَرُ
لِأَنَّهَا مَطْبُوخَةٌ فِي دَمْسِ = مُعْتَدِلٍ كَمِثْلِ حَرِّ الشَّمْسِ
لَكِنَّهَا بِمُقْتَضَى القِيَاسِ = تُثْقِلُ فِي بُطُونِ بَعْضِ النَّاسِ
أَصْلِحْ إِذًا بِالخَلِّ وَبِاللِّيمِ = وَلَا تُضِعْ رَأْيَ امْرِئٍ عَلِيمِ

البرَّانِيَةُ

وَإِنْ أَكَلْتَ مَرَّةً بَرَانِيَهْ = وَلَمْ تَضُرْكَ لَا تَعُدْ لِلثَّانِيَهْ

الزَّعْلُوكُ

أَما الَّذِي يُعْرَفُ بِالزَّعْلُوكِ = فَاجْعَلْ غِذَاءَهُ مِنَ المَتْرُوكِ
عُقْبَاهُ لَا تَؤُولُ بِانْتِفَاعِ = إِذْ هُوَ كَالسُّمِّ مِنَ الأَفَاعِي

مشروب الحساء

القَوْلُ فِي المَشْرُوبِ مِنْ حَسَاءِ = نَذْكُرُهُ فِي مَعْرِضِ الغِذَاءِ
وَحَسْوُ قِطَّاعِ الخَمِيرَةِ حَسَنْ = غِذَاؤُهُ الخَفِيفُ مَا لَهُ ثَمَنْ
لَا سِيَمَا مَعَ يَسِيرِ الكُزْبُرِ = فَهْوَ إِذًا مِنَ الضَّرُورَةِ بَرِي
قَطِّعْ لَهُ اللَّحْمَ قُبَيْلَ الطَّبْخِ = حَتَّى يَصِيرَ اللَّحْمُ مِثْلَ المُخِّ
أَو الفَرَارِجُ كَذَا تُقَطَّعُ = فَإِنَّ ذَاكَ لِلجُسُومِ أَنْفَعُ

البريد

وَلَا أَرَى مَنْفَعَةً مِنَ البَرِيدْ = إِذْ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ بُعْدُ البَرِيدْ
لَا نَفْعَ فِي غِذَائِهِ وَلَا ضَرَرْ = حَسْبَمَا عِنْدَ الأَئِمَّةِ اشْتَهَرْ
تَكَرَّرَ الطَّبْخِ عَلَيْهِ فَوَهَتْ = قُوَّتُهُ حَتَّى اضْمَحَلَّتْ وَانْتَهَتْ

الحريرة

خَيْرُ الحَرِيرَةِ الَّتِي قَدْ وَقَفَتْ = عَلَى الشَّرَائِطِ لَهَا قَدْ عُرِفَتْ
تُجَوِّدُ الهَضْمَ لِكُلِّ آكِلِ = وَتَبْعَثُ الشَّهْوَةَ لِلمَآكِلِ
لَا سِيَمَا إِنْ أُكِلَتْ بِالتِّينِ = أَوِ الزَّبِيبِ الأَحْمَرِ المَتِينِ
وَالبَرْقَطَاطِشُ مُرَكَّبُ القُوَى = مِنَ الفَطِيرِ وَالخَمِيرِ لَا سِوَا
فَامْتَزَجَ الغَلِيظُ وَاللَّطِيفُ = مِنْ أَجْلِ ذَا غِذَاؤُهُ خَفِيفُ

الدشيشة

لَا تَحْمَدَنَّ شُرْبَةَ الدَّشِيشَهْ = تُفْضِي لِأَسْقَامٍ وَسُوءِ عِيشَهْ
وَهِي إِذَا كَانَتْ مَعَ الشَّعِيرِ = تُسَرِّحُ البَطْنَ مِنَ التَّحْجِيرِ


اللحوم

القَوْلُ فِي أَغْذِيَةِ اللَّحْمَانِ = أَفْضَلُهَا الحَوْلُ مِنَ الحِمْلَانِ
يُبْرِي الأَذَى وَيُصْلِحُ الكَيْمُوسَا = وَيُصْلِحُ الجُسُومَ وَالنُّفُوسَا
وَإِنْ أَخَذْتَ المَاءَ بِالتَّعْرِيقِ = مِنْ لَحْمِهِ أَوْ صَنْعَةِ الأَنِيقِ
وَشُرْبُهُ عِنْدَ ذَوِي الأَلْبَابِ = تُعْطِي الشُّيُوخَ قُوَّةَ الشَّبَابِ
إِشْرَبْهُ سُخْنًا سَاعَة التَّفْطِيرِ = مَخَافَةَ التَّعْفِينِ وَالتَّغْبِيرِ

لَحْمُ إِنَاثِ الضَّأْنِ

لَا تَقْرَبَنْ لَحْمَ إِنَاثِ الضَّأْنِ = وَانْهِ عَنِ العِجَافِ وَالسَّمِينِ
وَرُبَّمَا يَسْلَمُ بَعْضُ النَّاسِ = مِنْهُ عَلَى خُلْفٍ مِنَ القِيَاسِ
وَمَنْ تَرَى مِنْ أَكْلِهَا قَد اشْتَكَى = إِسْقِهِ فِي الحِينِ شَرَابَ مُصْطَكَى

لحم الجدي

وَالجَدْيُ دُونَ الضَّأْنِ فِي الصَّلَاحِ = وَفِي الرَّبِيعِ بَيِّنُ النَّجَاحِ
يُطْفِئُ نَارَ المُرَّةِ الصَّفْرَاءِ = وَلَا يَلِيقُ بِذَوِي السَّوْدَاءِ

لحم البقر

لَا تَقْرَبَنْ يَوْمًا لُحُومَ البَقَرِ = لَا سِيَمَا يَابِسُهَا حَتَّى الطَّرِي
تُوَلِّدُ الوَسْوَاسَ وَالجُدَامَا = وَالمُرَّةَ السَّوْدَاءَ وَالأَوْرَامَا

لحم العجل

إِلَّا عُجُولُهَا فَكَالضَّأْنِ الطَّرِي = مَا لَمْ يُجَاوِزْ سَنَةً فِي العُمُرِ

المُقْلَى مِنَ اللُّحُومِ

لَا تَقْرَبِ المَقْلِيَّ مِنْ لَحْمَانِ = إِنْ كُنْتَ تَبْغِي صِحَّةَ الجُثْمَانِ
إِلَّا إِذَا رَأَيْتَ الإِسْتِسْقَاءَ = فَأْمُرْ بِهِ المَرِيضَ تُنْفِ الدَّاءَ

اللُّحُومُ المَشْوِيَةُ

خَيْرُ الشِوَاءِ مَا عَلَى الجَمْرِ شُوِي = بِلَا دُخَانٍ فِي قَضِيبٍ يَلْتَوِي
يَفْتَحُ لِلصِّحَةِ كُلَّ بَابِ = وَهْوَ الَّذِي يُعْرَفُ بِالكَبَابِ
وَدُونَهُ الَّذِي مَعَ الخُبْزِ اشْتَوَى = فِي فُرْنِهِ فَذَاكَ يُسْقِطُ القُوَى
إِلَّا إِذَا كَانَ سَمِينًا جِدَّا = فَاحْفِلْ بِهِ وَلَا تُجَاوِزْ حَدَّا
وَدُونَهُ مَا غُمَّ فِي الأَفْرَانِ = بِثِقْلِهِ يُؤْذِي قُوَى الأَبْدَانِ
وَمِنْهُ مَا يُغَمُّ فِي الكَسْكَاسِ = وَثِقْلُهُ يُحْدِثُ دَاءَ الرَّأْسِ
لَا سِيَمَا لِلشَّيْخِ وَالعَجُوزِ = وَهْوَ الَّذِي يُدْعَى شِوَا حَرْزُوزِ

لحم الطيور

القَوْلُ فِي المَأْكُولِ مِنْ طُيُورِ = مِنْ سَيِّءِ اللَّحْمِ وَمِنْ مَشْكُورِ

الدجاج

إِنَّ الدَجَاجَ خَيْرُ طَيْرٍ يُؤْكَلُ = لِلحَرِّ وَاللَّيْنِ تَرَاهُ يَعْدِلُ
وَمِنْهُ أَهْلِيٌّ وَمِنْهُ حَبَشِي = مَسْكَنُهُ القَفْرُ بِغَابِ مُوحِشِ
وَكُلُّهُ أَوْفَقُ لِلأَبْدَانِ = مِنْ كُلِّ مَأْكَلٍ مِنَ اللَّحْمَانِ

لحم الفروج

وَلِلْفَرَارِجِ مَزِيدُ فَضْلِ = مُحْدِثَةٌ زِيَادَةً فِي العَقْلِ
تُحَسِّنُ الأَلْوَانَ بِالتَّخْصِيبِ = تُعْطِي الجُسُومَ أَوْفَرَ النَّصِيبِ
مِنْ جَيِّدِ الدَّمِ لِكُلِّ طَبْعِ = تُصْلِحُ بَلْ تُولِي عَظِيمَ النَّفْعِ
تُنْفِي النَّحَافَةَ وَضُعْفَ العَصَبِ = لِكُلِّ كَهْلٍ وَشَبَابٍ وَصَبِي

البيض

وَالبِيضُ مِنْهُ يَشْبَهُ اللَّحْمَ الطَّرِي = كَمَا تَرَى فِي نَفْعِهِ المُسَطَّرِ

مح البيض

وَالمُحُّ مَائِلٌ إِلَى الحَرَارَهْ = يُعْطِي مَعَ التَّقْوِيَةِ النَّضَارَهْ
مَعْ قِرْفَةٍ دُقَّتْ وَمَاءِ وَرْدِ = وَسُكَّرٍ سَخِّنْهُ دُونَ عَقْدِ
هَذَا يُزِيلُ غَشْيَةَ الضِّعَافِ = وَيُنْعِشُ الرُّوحَ بِلَا خِلَافِ

بياض البيض

أَمَّا بَيَاضُهُ فَبَرْدُهُ بَدَا = لَا تَقْرَبِ المَطْلُوقَ مِنْهُ أَبَدَا
وَالنّيْمرَشْتُ يُنْعِشُ الأَرْوَاحَا = وَيُورِثُ النَّشَاطَ وَالأَفْرَاحَا

لَحْمُ الحَمَامِ

أَمَّا الحَمَامُ فَلِأَهْلِ البَلْغَمِ = فِيهِ الشِّفَاءُ مِنْ عَظِيمِ الأَلَمِ
لِرَعْشَةٍ وَفَالِجٍ وَلَقْوَهْ = وَدَاءِ الاسْتِسْقَاءِ فِيهِ قُوَّهْ
وَمَنْ مِزَاجُهُ بِعَكْسِ البَلْغَمِ = يَطْبُخُهُ بِالخَلِّ أَوْ بِالحِصْرَمِ
اليمام

وَفِي اليَمَامِ اليُبْسُ وَالحَرَارَهْ = يُعْطِي الجُسُومَ الخِصْبَ وَالنَّضَارَهْ
يَصْلُحُ لِلمَفْلُوجِ وَالمُرْتَعِشِ = لَكِنَّهَا المَحْرُورُ مِنْهَا يَخْتَشِي
إِصْلَاحُهُ بِالسُّكَّرِ العَجِيبِ = وَالرَّطْبِ كَالزَّبْدِ أَوِ الحَلِيبِ

لَحْمُ القَطَا

وَالحَرُّ وَاليُبْسُ الشَّدِيدُ فِي القَطَا = كُنْ وَاعِيًا وَاحْذَرْ مَوَارِدَ الخَظَا
تُجَفِّفُ البَلْغَمَ مِنْ غَمْرِ البَدَنْ = وَتَنْفَعُ العَلِيلَ مِنْ دَاءِ الحَبَنْ
إِصْلَاحُهَا بِكَثْرَةِ الزَّبْدِ الطَّرِي = أَوْ شُرْبَةُ الجَلَّابِ مِمَّا يَعْتَرِي

لحم الحجل

وَالحَرُّ وَاليُبْسُ مِزَاجُ الحَجَلِ = أَطْعِمْهُ لِلمَبْرُودِ دُونَ وَجَلِ
مُسَخِّنٌ لِكَبِدٍ وَمَعِدَهْ = يَدْفَعُ كُلَّ فَضْلَةٍ مُبَرِّدَهْ
كَالفَالِجِ الصَّعْبِ وَمَشْوِيًا يُرَى = يُبْرِي الصُّدُورَ مِنْ سُعَالِ قَدْ عَرَا
أَصْلِحْهُ بِالسّكَنْجَبِيرِ المُنْتَخِبْ = لِمَنْ عَلَى مِزَاجِهِ الحُرِّ غَلَبْ

الحوت

القَوْلُ فِي مِزَاجِ لَحْمِ الحُوتِ = وَمَا يُرَى فِي طَبْعِهِ المَنْعُوتِ
الحُوتُ بَارِدُ المِزَاجِ لَيِّنُ = بَطِيءُ هَضْمٍ لَحْمُهُ مُعَفِّنُ
مُعَطِّشٌ مُرَطِّبُ الأَبْدَانِ = يُفْضِي لِقَولَنْجٍ بِلَا تَوَانِ
أَمَّا الَّذِي يُصْطَادُ مِنْ أَنْهَارِ = قَدِرَةٌ عَفِنَةُ البُخَارِ
وَمَا يُصَادُ مِنْ مِيَاهٍ رَائِدَهْ = وَمَا اللُّزُوجَةُ عَلَيْهِ زَائِدَهْ
وَخَيْرُهَا عَلَى العُمُومِ البُورِي = لَا تَهْمَلَنَّ فَضْلَهُ الضَّرُورِي
وَدُونَ هَذَا الشَرْغُ ثُمَّ الشَّابِلُ = وَالكُلُّ لِلإِصْلَاحِ قَالُوا قَابِلُ
تَصْلُحُ فِي الصَّيْفِ لِذِي الصَّفْرَاءِ = فَإِنَّهُ شِفَاؤُهُ مِنْ دَاءِ
فَاغْسِلْهُ بِالصَّابُونِ خَوْفَ الضَّرَرِ = ثُمَّ اطْرَحَنْهُ فِي طَبِيخِ الزَّعْتَرِ
وَاصْبِرْ عَلَيْهِ لَيْلَةً وَاطْبَخْهُ أَوْ = لِلْقَلْيِّ وَالشَّيِّ اعْمِدَنْ كَمَا رَوُوا
طَيِّبْهُ بَعْدَ قَلْيِهِ بِفُلْفُلِ = مَعَ سَحِيقِ مُصْطَكًى وَخَرْدَلِ
وَزَنْجَبِيلٍ مَعْ ثَقِيفِ الخَلِّ = لَنَا مِنَ العَطَشِ عِنْدَ الأَكْلِ
مَنْ شَرِبَ الخَلَّ عَلَيْهِ قَتَلَهْ = وَنَفْسَهُ أَحْيَا بِمَا قَدْ فَعَلَهْ
العَكْسُ فِي شُرْبِ المِيَاهِ مِثْلُ مَا = يَقُولُ "جَالِينْيُوسْ" حَبْرُ الحُكَمَا

السردين

وَكُلُّ مَا مُلِحَ كَالسَّرْدِينِ = فَاحْذَرْ جَمِيعَ ضُرِّهِ المُبِينِ
يُحْدِثُ فِي الجُسُومِ شَرَّ دَاءِ = كَوَجَعِ الجَنْبِ وَالاسْتِسْقَاءِ
وَطَالَمَا أَوْقَعَ فِي عَرْقِ النِّسَا = فَمَنْ يُكَثِّرْ أَكْلَهُ فَقَدْ أَسَا

لحوم صيد البراري

القَوْلُ فِي المَأْكُولِ مِنْ مُصْطَادِ = مِن الجِبَالِ أَوْ مِنَ البَوَادِي

الظِّبَاءُ

لَحْمُ الظِّبَاءِ يُحْدِثُ الصَّفْرَاءَ = وَرُبَّمَا قَدْ أَحْدَثَ السَّوْدَاءَ
مِنْ أَجْلِ ذَا يَنْفَعْ أَهْلَ البَلْغَمِ = فَهْوَ لَهُمْ جِدًّا مُزِيلُ الأَلَمِ

الذئب

الذِّئْبُ حَارٌّ يَابِسٌ مُسَخِّنُ = وَالنَّفْعُ فِي الكَبِدِ مِنْهُ بَيِّنُ
لِليَرَقَانِ وَلِلاسْتِسْقَاءِ = وَكُلِّ مَا فِي كَبِدٍ مِنْ دَاءِ

الثعلب

وَالحَرُّ وَاليُبْسُ مِزَاجُ الثَّعْلَبِ = وَلِلعَلِيلِ فِيهِ خَيْرُ أَرَبِ
لِدَاءِ الاسْتِسْقَاءِ وَالمَفَاصِلِ = وَرَعْشَةِ وَفَالِجٍ مُوَاصِلِ

الأرنب

وَالأَرْنَبُ البَرِّيُّ حَارٌ رَطْبُ = يَأْتِي الصُّدَاعُ مِنْهُ ثُمَّ

الكَرْبُ
إِصْلَاحُهُ بِهُنْدُبَا وَخَلِّ = أَيُّهُمَا يُوجَدُ عِنْدَ الأَكْلِ

القنفد

وَالحَرُّ وَاليُبْسُ مِزَاجُ القُنْفُذِ = فِيهِ مَصَالِحٌ لِكُلِّ مُقْتَدِي
يُحَلِّلُ الرِّيحَ مِنَ احْتِبَاسِ = وَيُطْلِقُ القُولَنْجَ بَعْدَ البَاسِ
يَصْلُحُ لِلكَبِدِ وَالطِّحَالِ = وَاليَرَقَانِ المُوهِنِ العُضَالِ
كَبِيرُهُ يُعْرَفُ بِالظَّرْبَانِ = وَلِلدَّوَا كِلَاهُمَا سَيَّانِ



الفواكه

القَوْلُ فِي فَوَاكِهِ الجِنَانِ = وَجُلُّ مَا يُقْطَفُ مِنْ أَغْصَانِ
فَفِي المَصِيفِ نِعَمٌ مُعْتَبَرَهْ = نَذْكُرُ مِنْهَا جُمَلًا مُخْتَصَرَهْ

التوت

أَوَّلُ مَا يَبْدُو لَدَيْنَا التُّوتُ = وَحُكْمُهُ مُقَرَّرٌ مَنْعُوتُ
مُرَطِّبٌ بِحَرِّهِ وَاللَّيْنِ = لَا تَغْفَلَنْ عَنْ نَفْعِهِ المُبِينِ
خُذْهُ إِذًا عَلَى خَلَاءِ المَعِدَهْ = تَفُزْ بِتَلْيِّينٍ يَسُرُّ الأَفْئِدَهْ
لَا تَأْخُذِ التُّوتَ عَلَى الطَّعَامِ = فَإِنَّهُ دَاعٍ إِلَى السِقَامِ

المشمش

وَبَعْدَهُ المِشْمِشُ وَهْوَ بَارِدُ = رَطْبٌ مُعَفِّنٌ مُرَخِّي مُفْسِدُ
يُغْنِي القُوَى بِبَلْغَمٍ ذِي دَاهِيَهْ = فِي الحِينِ أَوْ بَعْدَ شُهُورٍ آتِيَهْ
إِصْلَاحُهُ أَكْلُ مُرَبَّى الزَّنْجَبِيلْ = أَوِ الجَّلَنْجَبِينَ خُذْهُ عَن نَبِيلْ

حب الملوك

حَبُّ المُلُوكِ بَارِدٌ فِي طَبْعِهِ = رَطْبٌ فَلَا تَهْمَلْ عَظِيمَ نَفْعِهِ
يَقْمَعُ شَرَّ فَضْلَةِ الصَّفْرَاءِ = مُخَصِّبٌ لِجُمْلَةِ الأَعْضَاءِ
يُنْفِي ضُرُوبَ الغَشَيَانِ وَالعَطَشْ = بِهِ مِنَ الكَرْبِ الفُؤَادُ يُنْتَعَشْ
وَصَمْغُهُ يُبْرِي مِنَ السُعَالِ = وَيُكْثِرُ المَنِيَّ لِلرِّجَالِ

البرقوق

وَمِثْلُهُ فِي طَبْعِهِ البَرْقُوقُ = مِزَاجُهُ وَلَوْنَهُ يَرُوقُ
أَجَلُّهُ أَبْكَرُهُ البَلِنْسِي = يَدْفَعُ كُلَّ سُخْنَةٍ وَيُبْسِ
وَدُونَهُ الأَسْوَدُ وَالبَلُّوطِي = كُنْ وَاعِيًا لِحُكْمِهِ المَشْرُوطِ
وَغَيْرُ هَاذَيْ مُحْدِثٌ مِرَارَا = قَدْ جُرِّبَتْ أَفْعَالُهُ مِرَارَا

الباكور

أَمَّا الَّذِي يُعْرَفُ بِالبَاكُورِ = فَفِيهِ طَبْعٌ لَيْسَ بِالمَشْكُورِ
لِأَنَّهُ وَقْتَ الشِّتَاءِ قَدْ جَمَدْ = فِي عُودِهِ مِثْلُ جَنِينٍ قَدْ رَقَدْ
حَتَّى إِذَا أَحَسَّ بِالحَرِّ انْتَبَهْ = فَسُمُّهُ الخَفِيُّ مَا لَهُ شَبَهْ
تِرْيَاقُهُ لَوْزٌ وَأَنِيسُونُ = هُمَا لَهُ إِصْلَاحُ مَا يَكُونُ

الكُمَّثْرَى

وَالبَرْدُ ثُمَّ اليُبْسُ فِي الكُمَّثْرَى = وَإِنْ حَلَا طَعْمًا وَفَاحَ عِطْرَا
لَكِنَّمَا البَانُوجُ لِلرُّطُوبَهْ = بِجِرْمِهِ مَائِيةٌ مَشُوبَهْ
كَأَنَّمَا قَدْ مُزِجَتْ بِالسُّكَّرِ = وَمَاءِ وَرْدٍ فِيهِ رِيحُ العَنْبَرِ
فِي أَكْلِهِ تَقْوِيَةٌ لِلمَعِدَهْ = مُبَرِّدٌ حَرَّ لَهِيبِ الأَفْئِدَهْ
وَكُلُّ حَامِضٍ مِنَ التُّفَّاحِ = دَاعِي السِّقَامِ خَادِعُ الصَّلَاحِ
كَذَلِكَ المَخُّ غَلِيظٌ قَابِضْ = وَالبَرْدُ وَاليُبْسُ مِزَاجُ الحَامِضْ
وَالحُلْوُ مَائِلٌ لِلاعْتِدَالِ = وَلَيْسَ مِنْ حَرَارَةٍ بِخَالِ
قَالَ الحَكِيمُ خَيْرُهُ السَّرِيجُ = فِيهِ لِمَنْ يَأْكُلُهُ تَفْرِيجُ
فِي شَمِّهِ تَقْوِيَةُ الفُؤَادِ = وَربُّهُ فِيهِ السُّرُورُ بَادِي

فواكه البحيرة

القَوْلُ فِيمَا تُثْمِرُ البَحِيرَهْ = نَذْكُرُ مِنْهَا جُمْلَةً يَسِيرَهْ

الخيار

وَالبَرْدُ ثُمَّ اليُبْسُ فِي الخِيَارِ = لَكِنَّهُ يُفْضِي إِلَى المَرَارِ
نَظِّفْ لَهِيبَ العَطَشِ الشَّدِيدِ = وَغَلَيَانِ الدَّمِ بِالتَّبْرِيدِ
وَالرَّأْيُ أَنْ تَأْكُلَهُ بِقِشْرِهِ = يَخْرُجُ بِالإِسْرَاعِ قَبْلَ شَرِّهِ
أَضِفْ أَخِي لِمَائِهِ المُعْتَصِرِ = مِنْهُ هُدِيتَ وَزْنَهُ مِنْ سُكَّرِ
وَاشْرَبْهُ تسْهَلُ عَفَنَ الصَّفْرَاءِ = بِسُرْعَةٍ وَعَفَنَ السَّوْدَاءِ

القتاء

وَكُلُّ مَا ذَكَرْتُ عَنْ خِيَارِ = مِنْ نَفْعِ أَكْلِهِ وَمِنْ إِضْرَارِ
احْكُمْ بِهِ فِي الطِّبِّ لِلقِتَاءِ = لَا زِلْتَ تُبْدِي مُعْضِلَاتِ الدَّاءِ
أَصْلِحْ لِذِي الصَّفْرَاءِ بِالسَّكَنْجَبِينْ = وَلِذَوِي البَلْغَمِ بِالجَلَنْجَبِينْ

البطيخ

وَالبَرْدُ فِي البَّطِّيخِ وَاللُّدُونَهْ = مِنْ أَجْلِ ذَا تَعْقُبُهُ عُفُونَهْ
يُلَيِّنُ الطَّبْعَ وَيُخْرِجُ الحَصَا = كَمْ مُشْتَكِي مِنْ شَرِّ بَوْلٍ خَلَّصَا

الدلاع

بَيْنَ طَعَامَيْنِ يَلِيقُ أَكْلُهُ = كَذَلِكَ الدَّلَّاعُ رَطْبٌ مِثْلُهُ
خُذْهُ فِذَاكَ النَّفْسُ مِنْ قَبْلِ الطَّعَامْ = وَبَعْدَهُ فَمَا عَلَيْكَ مِنْ مَلَامْ
إِصْلَاحُهُ وَمَا ذَكَرْتُ قَبْلَهُ = سَكَنْجَبِينُ لَا تُوَارِي فَضْلَهُ

القرع

وَالقَرَعُ المَعْرُوفُ بِالسَّلَاوِي = يَصْلُحُ لِلغِذَاءِ وَالتَّدَاوِي
لِأَنَّهُ مُبَرِّدٌ مُلِينُ = إِذِ المِزَاجُ مِنْهُ رَطْبٌ بَيِّنُ
كَذَا الَّذِي نَعْرِفُهُ بِالرُّومِي = يَقْرُبُ مِنْ مِزَاجِهِ المَعْلُومِ

الدّبّاء

وَالمُسْتَدِيرُ الأَبْيَضُ الكَبِيرُ = فَوْقَ الجَمِيعِ لَيْنُهُ كَثِيرُ
يُعْرَفُ فِي الحَدِيثِ بِالدُّبَّاءِ = وَهْوَ مُزِيلُ صَوْلَةِ الصَّفْرَاءِ
وَعِنْدَنَا يُعْرَفُ بِالبَزَّامِ = مِنْ جُمْلَةِ الأَلْقَابِ وَالتَّسَامِ

السيبتي

إِنَّ السُّبَيْتِيَ ثَقِيلٌ جِدَّا = فَلَا تُجَاوِزْ فِي غِذَاهُ حَدَّا
يُحْدِثُ بَلْغَمًا خَبِيثًا لَزِجَا = فَأَيُّ نَفْعٍ مِنْ قُوَاهُ يُرْتَجَى
يَعْرِفُهُ الكَثِيرُ بِالبُسَيْبِسِ = فَفِرَّ مِنَ تَكْثِيرِهِ وَاحْتَرِسِ

فواكه الخريف

القَوْلُ فِي فَوَاكِهِ الخَرِيفِ = جَمَعْتُهَا فِي مُوجَزٍ ظَرِيفِ

العِنَبُ

فَكُلُّ صِنْفٍ مِنْ صُنُوفِ العِنَبِ = رَطْبُ المِزَاجِ ذُو غِذَاءٍ طَيِّبِ
وَكُلُّ مَا ابْيَضَّ وَرَقَّ قِشْرُهُ = يَنْقُصُ شَرًّا وَيَزِيدُ خَيْرُهُ
وَكُلُّ مَا اسْوَدَّ يَزِيدُ حَرَّا = فَلَا تَخَفْ مَا عِشْتَ مِنْهُ ضُرَّا
وَالأَحْمَرُ اللَّوْنِ مِزَاجُهُ اعْتَدَلْ = عَلَى نَفَائِسِ المَنَافِعِ اشْتَمَلْ
وَالقِشْرُ وَالعَجْمُ يُوَلِّدَانِ = رِيحًا تُثِيرُ السُّقْمَ فِي الأَبْدَانِ
كِلَاهُمَا يَقْلِبُ فِعْلَ الهَاضِمَهْ = وَيُحْدِثُ القَرَاقِرَ المُلَازِمَهْ
وَكُلُّ ذِي حُمُوضَةٍ فِي المَطْعَمِ = مَالَ إِلَى بُرُودَةٍ كَالحِصْرِمِ
فَفِعْلُهُ فِعْلُ شَرَابِ اللِّيمِ = كَمَا أَتَى عَنْ مَاهِرٍ عَلِيمِ
وَكُلُّ مَا مِنَ التُّرَابِ قَدْ دَنَا = وَكَانَ فِي زَرْحُونِهِ دَانِي الجَنَا
فَهْوَ ثَقِيلٌ كَدَّرَتْهُ الأَرْضِيَهْ = وَثِقْلُهُ مُشَاهَدٌ فِي الأَغْذِيَهْ
وَكُلُّ مَا يَعْلُو عَلَى العَرِيشِ = أَوْ طَائِلُ الأَشْجَارِ كَالكَرِّيشِ
فَهْوَ خَفِيفٌ لَمْ تُصِبْهُ أَرْضِيَهْ = مُلَطَّفٌ مُرَوَّقٌ بِالأَهْوِيَهْ
وَكُلُّ مَا يَبْقَى إِلَى دُجَنْبَرِ = فِي كَرْمِهِ فَهْوَ مِنَ النَّفْعِ بَرِي
يَشْرُبُ مَاءً صَاعِدًا جَدِيدَا = فَاحْذَرْ هُدِيتَ سُمَّهُ الشَّدِيدَا
جَدِيدُهُ بِمَاءِ عَامٍ أَوَّلِ = يُمْزَجُ فَهْوَ كَرَضِيعِ مُغْيَلِ

الزبيب

وَفِي الزَّبِيبِ الحَرُّ وَاللُّدُونَهْ = مِزَاجُهُ خَالٍ مِنَ العُفُونَهْ
أَحْمَرُهُ التَّسْمِينُ فِيهِ بَيِّنُ = لَكِنَّمَا الأَسْوَدُ مِنْهُ أَسْخَنُ

التين

وَالتِّينُ مِنْهُ أَبْيَضٌ مُعَصْفَرُ = وَمِنْهُ مُسْوَدٌّ وَمِنْهُ أَخْضَرُ
وَكُلُّ مَقْشُورٍ مِنَ الأَصْنَافِ = أَقَلُّ إِضْرَارًا بِلَا خِلَافِ
يُلَيِّنُ الطَّبْعَ وَيُورِثُ السِّمَنْ = فِي قُوَّةِ الجِمَاعِ فِعْلُهُ حَسَنْ
وَكُلُّهُ لِلحَرِّ وَالرُّطُوبَهْ = وَالرِّيحُ قَدْ مَا تَعْتَرِي ضُرُوبَهْ
مِنْ أَجْلِ هَذَا يَفْتَحُ البُطُونَا = وَيُحْدِثُ التَّرْطِيبَ وَالتَّلْيِّينَا
يُلَيِّنُ الصَّدْرَ بِالاعْتِدَالِ = وَرِبُّهُ يَصْلُحُ لِلسُّعَالِ
أَصْلِحْ أَذَاهُ بِاسْتِفَافِ الزَّعْتَرِ = لِلبَارِدِ الطَّبْعِ تَفُزْ بِالوَطَرِ
وَبِالبُزُورِيِّ مِنَ السَّكَنْجَبِينْ = لِمَنْ عَلَى مِزَاجُهُ الحَرُّ يَبِينْ

السفرجل

أَمَّا السَّفَرْجَلُ فَبَرْدُهُ اشْتَهَرْ = وَيُبْسُهُ لَذَا المِزَاجِ المُعْتَبَرْ
قَبْلَ الطَّعَامِ يُحْبِسُ البُطُونَا = وَبَعْدَهُ يُفِيدُهَا تَلْيِّينَا
يُحْدِثُ فِي المُعَيْدَةِ الضَّعِيفَهْ = بِدَبْغِهِ تَقْوِيَةً لَطِيفَهْ
وَرُبَّمَا أَسْرَفَ بَعْضُ النَّاسِ = فِي أَكْلِهِ جِدًّا بِلَا قِيَاسِ
فَبَاتَ خَلْفَ مَغَصٍ أَوْ تُخْمَهْ = مُرْهُ بِقَيٍّ كَيْ يُزِيلَ نِقَمَهْ

الرمان

وَالحُلْوُ وَالحَامِضُ مِنْ رُمَّانِ = كِلَاهُمَا فِي الطَّبْعِ بَارِدَانِ
لَكِنَّمَا الحَامِضُ لِليُبُوسَهْ = وَالحُلْوُ ذُو رُطُوبَةٍ مَحْسُوسَهْ
كِلَاهُمَا يُذْهِبُ حَرَّ البَدَنِ = وَالحُلْوُ هَاضِمٌ مُزِيلُ الحَزَنِ
مُعَطِّشٌ وَذَا عَنْ أَعْيُنٍ فَشَا = فَاعْجَبْ لِبَارِدٍ يُهِيجُ العَطَشَا
وَلْيَبْتَلِعْهُ مَنْ بِهِ إِسْهَالُ = لِثِقْلِهِ لِيعْرِضَ اعْتِقَالُ

الخوخ

وَالخُوخُ لَا تَعْقُبُهُ السَّلَامَهْ = فَكُنْ لِمَنْ يَهْوَاهُ ذَا مَلَامَهْ
يُحْدِثُ أَمْرَاضًا كَحُمَّى العَفَنِ = فِي الحِينِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ الزَّمَنِ
فَهْوَ وَإِنْ كَانَ لِذِي الصَّفْرَاءِ = مُبَرِّدًا يُحْدِثُ شَرَّ دَاءِ
أَصْلِحْهُ بَعْدَ أَكْلِهِ بِعَسَلِ = وَمُصْطَكَى لِدَفْعِ دَاءِ مُعْضِلِ

اللوز

وَاللَّوْزُ حَارٌّ لَيِّنٌ فِي طَبْعِهِ = قَدْ جَرَّبَ القَوْمُ عَظِيمَ نَفْعِهِ
يُبْرِي السُّعَالَ وَيُسَمِّنُ الكُلَا = وَيَحْفَظُ القُوَّةَ عِنْدَ مَنْ بَلَا
وَالنَّفْعُ فِي المَقْشُورِ وَالمُسْتَحْلبُ = مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِي الحَشَا مُسْتَجْلبُ

الجوز

وَكُلُّ مَا قَدَّمْتُهُ فِي اللَّوْزِ = طَبْعًا وَنَفْعًا مِثْلُهُ فِي الجَوْزِ

العُنّاب

وَاحْكُمْ عَلَى العُنَّابِ بِاعْتِدَالِ = وَهْوَ عَظِيمُ النَّفْعِ لِلسُّعَالِ
يُذْهِبُ أَمْرَاضَ الكُلَا وَالكَبِدِ = وَغَلَيَانَ الدَّمِّ بِالخَلْطِ الرَّدِي

الخروب

وَالحَرُّ ثُمَّ اليُبْسُ فِي الخَرُّوبِ = وَهْوَ عَسِيرُ الهَضْمِ ذُو خُطُوبِ
يَصِيرُ خَلْطًا جَيِّدًا إِذَا انْهَضَمْ = وَيَعْقِلُ البَطْنَ إِذَا جَلَّ السَّقَمْ

الثمر

وَالتَّمْرُ مَائِلٌ إِلَى الحَرَارَهْ = يَغْدُو غِذَاءً لَيِّنَ الغَزَارَهْ
فِيهِ شِفَاءُ الصَّدْرِ وَالسُّعَالِ = وَلَقْوَةٍ وَفَالِجٍ قَتَّالِ
يُنْقِي الحَشَا مِنَ فَضَلَاتِ البَلْغَمِ = وَيَمْنَحُ الأَجْسَادَ إِفْرَاطَ الدَّمِ
لَكِنَّهُ يَضُرُّ بِالأَسْنَانِ = وَيُكْثِرُ الحِكَّةَ فِي الأَبْدَانِ
وَلَا يَلِيقُ بِذَوِي الصَّفْرَاءِ = وَدَمُهُ يُسْرِعُ بِالسَّوْدَاءِ
أَصْلِحْهُ بِالسَّكَنْجَبِينِ السُّكَّرِي = مِنْ بَعْدِهِ تَأْمَنْ ضُرُوبَ الضَّرَرِ

الفواكه الشهية

القَوْلُ فِي الفَوَاكِهِ الشَّهِيَّهْ = كَلَامُنَا فِيهِ عَلَى البَرِّيَهْ

ساسنو

أَمَّا الحَبُّ الَّذِي يُسَمَّى سَاسَنُو = فَلِلسُّمُومِ دَافِعٌ مُسْتَحْسَنُ
وَطَبْعُهُ لِلبَرْدِ وَاليُبُوسَهْ = يُحْدِثُ رِيحًا جَمَّةً مَحْسُوسَهْ
وَرَقُهُ يُحَلِّلُ الأَوْرَامَا = وَيُذْهِبُ الأَوْجَاعَ وَالآلَامَا
وَصَمْغُهُ يُبْطِلُ فِعْلَ السِّحْرِ = يُشْفِي مِنَ البَاسُورِ كُلَّ ضُرِّ

الغاز

وَالغَازُ مَائِلٌ إِلَى البُرُودَهْ = لَكِنَّ فِيهِ خَصْلَةٌ مَحْمُودَهْ
شَدُّ اللُّثَاثِ مَعَ دَبْغِ المَعِدَهْ = وَفِيهِ لِلإِسْهَالِ أَيُّ فَائِدَهْ
قَبْلَ الغِذَاءِ يُمْسِكُ الإِسْهَالَا = وَرُبَّمَا قَدْ أَمْسَكَ الأَبْوَالَا

البلح

وَمِثْلُ هَذَا بَلَحُ النَّخِيلِ = فِي طَبْعِهِ وَنَفْعِهِ الجَلِيلِ

البلوط

وَالبَرْدُ فِي البَلُّوطِ وَاليُبْسُ كَمَا = قُرِّرَ فِي مُصَنَّفَاتِ الحُكَمَا
يَنْفَع من نَزْفٍ وَقَفْتٍ وَسَلَسْ = وَيَعْقُدُ البَطْنَ وَيَمْنَعُ السَّلَسْ

النبق

وَالبَرْدُ وَاليُبْسُ مِزَاجُ النَّبْقِ = كَمْ رَاحَةٍ يُسْدِي وَكَمْ ضُرٍّ يَقِي
سُوَيْعَة يُبْرِي مِنَ الإِسْهَالِ = وَيُحْدِثُ الطَّبْعَ لِلاعْتِدَالِ
فَهْوَ يُقَوِّي عِنْدَ أَهْلِ السِّرِّ = مَعِدَةً قَدْ ضَعُفَتْ عَنْ حَرِّ
فَيَنْفَعُ جِدًّا بِيُبْسِ قَبْضِ = مِنْ قُرْحَةِ الأَمْعَا وَنَزْفِ الحَيْضِ

الزُّعْرُورُ

وَالبَرْدُ ثُمَّ اليُبْسُ فِي الزُّعْرُورِ = مِنْ أَجْلِ ذَا يَلِيقُ بِالمَحْرُورِ
بِقَبْضِهِ يُبْرِي مِنَ الإِسْهَالِ = يَكُفُّ دَاءَ سَلَسِ الأَبْوَالِ

فواكه الشتاء

القَوْلُ فِي فَوَاكِهِ الشِّتَاءِ = فِي دَائِهَا المَحْذُورِ وَالدَّوَاءِ

الزيتون

وَالأَخْضَرُ الفِجُّ مِنَ الزَّيْتُونِ = يُبْرِي الحَشَا بِبَرْدِهِ المَصُونِ
وَالأَسْوَدُ النَّضِيجُ ذُو حَرَارَهْ = مِزَاجُهُ دَلِيلُهَا المَرَارَهْ
وَالكَافِحُ الأَحْمَرُ وَالمُخَلَّلُ = كِلَاهُمَا مُعْتَبَرٌ لَا يُهْمَلُ
يُفَتِّقَانِ شَهْوَةَ الطَّعَامِ = شَأْنُهُمَا سُرْعَةُ الانْهِضَامِ

الليم والنرنج

وَاللِّيمُ وَالنَّرَنْجُ لِلْبُرُودَهْ = وَفِيهِمَا أَدْوِيَةٌ مَحْمُودَهْ
وَالحُلْوُ مِنْهُمَا لِلاعْتِدَالِ = وَالكُلُّ فِي العِلَاجِ ذُو كَمَالِ
يَدْفَعُ دَاءَ لَهَبٍ وَعَطَشِ = يُطْلَى بِهِ لِكَلَفٍ وَبَرَشِ
وَقِشْرُ نَارِنْجٍ يُزِيلَ المَغَصَا = وَطَالَمَا مِنْ غَثَيَانٍ خَلَّصَا
يُزِيلُ بَلْغَمًا وَيُذْهِبُ التُّخَمْ = وَنَزَلَاتِ الرَّأْسِ عَنْ بَرْدٍ أَلَمْ
فِي قِشْرِهِ وَبَزْرِهِ اليُبُوسَهْ = وَاللَّحْمُ ذُو رُطُوبَةٍ مَحْسُوسَهْ
وَشَمُّهُ يُولِي الفُؤَادَ فَرَحَا = يُزِيلُ عَنْهُ سَأَمًا وَتَرَحَا

حماضة النخيل

حَمَاضَةُ النَّخِيلِ مِثْلُ اللِّيمِ = فِي طَبْعِهِ وَنَفْعِهِ العَمِيمِ
كَلَامُنَا فِيهِ عَلَى البُسْتَانِي = وَمَا بِهِ عِمَارَةُ الفَدَّانِ

اللفت

اليُبْسُ فِي اللَّفْتِ مَعَ الحَرَارَهْ = يُعْطِي الجُسُومَ الحُسْنَ وَالنَّضَارَهْ
وَخَيْرُهُ عِنْدَ الحَكِيمِ البَلَدِي = يُشْفِي الحَصَا مُفَتِّحٌ لِلسُّدَدِ
يَزْهُو لِلَوْنٍ أَبْيَضٍ مُوَرَّدِ = فِي وَرَقٍ خُضْرٍ كَمَا الزَّبَرْجَدِ
كِلَاهُمَا غِذَاؤُهُ ثَقِيلُ = يُفْضِي لِضُرٍّ خَطْبُهُ جَلِيلُ

الفجل

وَالفُجْلُ هَاضِمٌ مُزِيلُ الرِّيحِ = وَيَطْرُدُ السُّمَّ عَلَى الصَّحِيحِ
فَهَضْمُهُ لِغَيْرِهِ كَثِيرُ = وَهَضْمُهُ فِي نَفْسِهِ عَسِيرُ
خُذْهُ دَوَاءً فَوْقَ أَكْلٍ تَرْشَدِ = لِلْيَرَقَانِ وَلِفَتْحِ السُّدَدِ

الكرنب

وَفِي الكُرُنْبِ حُمِّيَاتٌ مُسْرِعَهْ = بَلْ قَالَ قَوْمٌ لَيْسَ فِيهَا مَنْفَعَهْ
لَكِنَّ أَخْذَهُ بِخَلِّ خَمْرِ = نَيًّا مُلِمَّةَ الطِّحَالِ يُبْرِي
مِزَاجُهُ لِلحَرِّ وَاليُبُوسَهْ = يُطْلِقُ أَصْوَاتًا غَدَتْ مَحْبُوسَهْ

الخس

وَالخَسُّ رَطْبٌ بَارِدُ المِزَاجِ = يَصْلُحُ لِلمَحْرُورِ فِي العِلَاجِ
وَينْقِصُ المَنِيَّ عَكْسَ الجَزَرِ = وَالبَزْرُ مِنْهُ بِالبُرُودَةِ حَرِي

الجزر

وَاللَّيْنُ فِي الجَزَرِ بِالإِجْمَاعِ = إِذْ هُوَ مِعْوَانٌ عَلَى الجِمَاعِ

الباذنجان

لَا تَرْكَنَنْ يَوْمًا لِلبَاذِنْجَانِ = مَا مِثْلُ مَنْ يُكْثِرُهُ مِنْ جَانِي
يُرْدِي الحِجَا بِاليُبْسِ وَالحَرَارَهْ = فَصُدَّ عَنْهَا نَفْسَكَ الأَمَّارَهْ
قَطِّعْهُ وَانْزَعْ قِشْرَهُ وَاجْعَلْهُ فِي = مَاءٍ وَمِلْحٍ كَيْ بِإِصْلَاحٍ تَفِي
وَكُلَّمَا اسْوَدَّ عَلَيْهِ المَاءُ = جَدِّدْ لَهُ المَاءَ عَدَاكَ الدَّاءُ




الأرجوزة الشقرونية
من ديوان عبد القادر بن العربي المنبهي المدغري ابن شقرون المكناسي
توفي بعد عام 1140 هـ - 1727 م


الادب المغربي.jpg

 
الأرجوزة الشقرونية
تأليف
العلامة عبد القادر بن العربي بن شقرون المنبهي المدغري المكناسي
تحقيق: ذ. محمد الراضي كنون الإدريسي الحسني

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد الفاتح الخاتم وعلى آله وسلم.
الأرجوزة الشقرونية

التعريف بهذه الأرجوزة
هي أرجوزة طبية فريدة من نوعها، تتضمن أكثر من مائة نوع من الخضر والفواكه والسوائل والألبان واللحوم والأبازر وغيرها، وتحدد بأسلوب مبسط اسم كل نوع، وما يغلب عليه من حرارة أو برد ورطوبة ويبس، كما تتحدث عن منافع ذلك النوع، والجزء المفيد فيه، وما قد يصيب الشخص المفرط في تناوله من أمراض، كما لا يغفل عن وصف علاج هذه الأمراض، والتعريف بسبل تجنبها، والوقاية من أعراضها، فَيتحدث في هذا الصدد عن الإمساك والقرحة والبلغمي والإسهال والحمى والزكام وانخفاض ضغط الدم وارتفاعه وداء الصفراء، إلى غير ذلك من أمراض أخرى.
وَكَمْ سيفاجئ المطالع لهذه الأرجوزة بفرائد وفوائد لم تكن بالحسبان، حيث يكشف ناظمها العلامة سيدي عبد القادر بن شقرون عن بعض الأسرار الخفية التي تخفيها بعض أنواع النباتات والفواكه والخضروات، وغيرها من المآكل التي يتناولها الإنسان، والتي تزين مائدته بشكل يومي تقريبا، ما هي خصائصها ومزاياها؟ وكيف يجب التعامل معها؟ عن هذه الأسئلة وغيرها يدور موضوع هذه الأرجوزة الشيقة.
ويفتح صاحب هذه الأرجوزة بابا مهما، وهو ما يسمى بالطب البديل، المنحصر في التداوي بالخضروات والفواكه والأعشاب الطبيعية، فيعطينا في هذا الإطار وصفات متنوعة لأمراض شتى، وأفكار شيقة للمحافظة على رشاقة الجسم ونموه.
وعموما فهذه الأرجوزة بمثابة صيدلية متحركة، نظرا لما تحتويه من مواد فعالة، ونصائح وتوجيهات جمة، مع ما تضمنته من منافع بالغة القيمة لا حصر لها.

التعريف بناظم هذه الأرجوزة

ناظم هذه الأرجوزة هو العلامة عبد القادر بن العربي بن شقرون المنبهي المدغري المكناسي(1)، طبيب ماهر، وفقيه متمكن، وأديب بارع، أخذ العلم بمدينتي فاس ومكناس عن خيرة علماء عصره، كأحمد بن الحاج، ومحمد المسناوي الدلائي، وعبد الرحمان بن عمران، وعبد السلام القادري، وأحمد بن محمد أدراق، وأبي مدين السوسي، وسعيد العميري التادلي وآخرين.
قال في حقه العلامة محمد بن الطيب العلمي في كتابه الأنيس المطرب فيمن لقيته من أدباء المغرب: شاعر مصيب، رتع من البلاغة بمرعى خصيب، وأحرز من الدراية أوفر نصيب، ودخل بيوت العربية من أوضح المسالك، وطرز في حديث السنن نحو ابن مالك، بفقه مالك، واختار الوحدة، وانفرد بالخمول وحده، ورغب عن الولدان، واعتزل الإخوان والأخدان، وضم إلى علم الأديان علم الأبدان، فَرَكَّبَ الأدوية، وانتشرت له بين الحكماء أي ألوية، وعرف الأمراض، وأرسل سهام الرقى فأصابت الأغراض، رحل إلى المشرق فأدى فرضه، ثم رجع قاصدا أرضه، فناهيك من علم اجتلب، ومن در نظم ودر احتلب.

وله رحمه الله أعمال أخرى غير هذه الأرجوزة التي بين أيدينا، منها شرحه على كتاب البسط والتعريف للعلامة المكودي (في علم النحو) كما له أشعار وقصائد مختلفة، منها ما هو في مدح النبي صلى الله عليه وسلم.
أما وفاته فكانت بموطنه بمكناسة الزيتون، غير أننا لا نعرف تاريخا محددا لها، وغاية ما نعرفه أنه كان حيا يرزق عام 1140 هـ- 1727م، أي بعد وفاة السلطان المولى إسماعيل بسنة واحدة.


***

الباعث على نظم هذه الأرجوزة
الباعث على نظم هذه الأرجوزة يكمن في العلامة الشيخ محمد الصالح بن محمد المعطي الشرقاوي البجعدي(1) ، أحد جلة علماء المغرب في مطلع القرن الثاني عشر الهجري، حيث كانت تجمعه بناظمها العلامة عبد القادر بن شقرون محبة ومودة عظيمة، وكان هذا الأخير كثير التنويه به، دائم الزيارة له بمحل أسلافه الكرام بمدينة أبي الجعد، وله في مدحه قصيدة طويلة افتتحها بقوله:
أَشَمْسًا أَطَلَّتْ مِنْ عُلَا الأُفُقِ الشَّرْقِي = فَأَخْفَتْ سَنَا الأَقْمَارِ وَالنَّجْمِ وَالبَرْقِ
فَخَرْتَ فَخَرَّتْ دُونَكَ الشُّمُّ خُسَّفًا = لِذَاكَ العُلَا مِنْ كُلِّ معتبرٍ خرْقِ
وهي قصيدة طويلة، عَبَّرَ فيها ناظمها عن اعترافه وامتنانه بصديقه شيخ الزاوية الشرقاوية وقتئذ العلامة سيدي محمد الصالح الشرقاوي، وقد ساق هذه القصيدة صاحب كتاب يتيمة العقود الوسطى في مناقب الشيخ المُعْطَى، فلينظرها من أراد.
ولا ننسى أن الشيخ سيدي محمد الصالح الشرقاوي كان هو الآخر بارعا في علم الطب ملمًّا به، ذا كفاءة عالية في كلياته وجزءياته، ولم يكن اقتراحه على العلامة الطبيب ابن شقرون بنظم هذه الأرجوزة إلا من باب إحياء هذا العلم، وإعطائه دفعة قوية بين الناس، وتحفيزهم على الإقبال عليه، والعناية به ونشره، والتوعية بدوره الهام في المحافظة على الأبدان، ووقايتها من الأوبئة والعلل الفتاكة.
وكان العلامة سيدي محمد الصالح الشرقاوي أدرى الناس بمكانة صديقه العلامة الطبيب ابن شقرون، وما له من معرفة كبيرة في هذا العلم، وأنه فريد عصره فيه، بحيث لا يضاهيه في نصوص الطب بالمغرب إذ ذاك أحد كائنًا أيًا كان، ولهذا اقترح عليه فكرة نظم هذه الأرجوزة اللطيفة، وقد وجد هذا الإقتراح آذانا صاغية من طرف صديقه الطبيب الماهر المذكور.
وتفيد بعض المصادر أن الشيخ محمد الصالح الشرقاوي كان يريد من وراء هذا الإقتراح الدفع بصديقه المذكور وإخراجه من عالم الخمول والعزلة، والإنزواء عن الناس، والكدر الذي كان يعيشه حينئذ بالعاصمة الإسماعيلية مكناس، لاسيما بعد فقده لمنصبه الهام الذي كان يشغله ضمن ديوان السلطان المولى إسماعيل.
وقد تحقق هذا بالفعل عقب نظمه لهذه الأرجوزة، حيث بلغت شهرته بها مبلغا عظيما، وأقبل عليه الناس من كل جهة، وطاب عيشه، وانشرح صدره، وتيسرت أموره، وصارت كلمته قوية مسموعة لدى الحضرة السلطانية المذكورة.
وقد لَمَّحَ لهذا الموضوع العلامة محمد بن عبد الكريم العبدوني في كتابه يتيمة العقود الوسطى، حيث ساق فيه نصًّا للعلامة الطبيب عبد القادر بن شقرون، تحدث فيه عن ظروف اتصاله بشيخ الزاوية الشرقاوية العلامة سيدي محمد الصالح بن محمد المعطي الشرقاوي، ولا بأس أن نذكر بعضا من جوانب هذا النص، قال:
لما كنت في حضرة السلطان الأعظم مولانا إسماعيل، ووقع لي بين أهلها خمول كثير، وإهمال كبير، ولما يساعدني فيها وقت، ولا طاب لي فيها عيش إلا بالكدر والمقت، وتكدر لي البال، من قلة الوسع وضيق الحال، فرددت الأمر إلى الله(2)، وعقدت الرحلة إلى ولي الله، فقير الأتقياء العلماء، وعالم الفقراء الأصفياء، أبي عبد الله سيدي ومولاي محمد الصالح، فرفعت شكايتي إليه، وتضرعت بين يديه، فقال لي: هل تستطيع أن تمكث عندنا وقتا تدرس لنا بعض العلوم النحوية التصريفية، والكتب النافعة الطبية؟ فقلت له: يا سيدي نمتثل أمرك، ونغتنم بركتك وبرك، فقال: حبا وكرامة، وغنيمة وسلامة، فأخذت في تدريس علم النحو لبلوغ القصد، ومن التصريف كمال التصرف في الأمور، ومن الطب النافع الإنتفاع وانشراح الصدور، فمكثت عنده تلك المدة المباركة التي لا يأتي بها زمان، ولا يعادلها وقت ولا أوان، فما رجعت من عنده ولله الحمد إلا بتيسير الأمر، وانشراح الصدر، وصارت الكلمة في الحضرة السلطانية مسموعة(3).
وعموما فقد أقدم العلامة ابن شقرون على نظم هذه الأرجوزة بمحل سكناه بمدينة مكناس، ثم بعث نسخة منها للعلامة الشيخ سيدي محمد الصالح الشرقاوي، فأعجب به غاية الإعجاب، وقال منوها بها:
هَكَذَا هَكَذَا يَكُونُ النِّظَامُ = وَبِذا النُّفَّسِ النَّفِيسِ يُهَامُ
مِنْ صَنِيعِ الفَتَى ابْنِ شَقْرُونَ مَوْلَى = آيَةٍ فِي الذَّكَاءِ فَخْرٍ هُمَامُ
لَوْ رَآهُ الرَّئِيسُ(4) قَالَ اقْدِرُوهُ = قَدْرَهُ مَالَهُ بِقَلْبِي زِمَامُ
لَوْ يُبَاعُ بِوَزْنِهِ مِنْ لَآلٍ = لَمْ يَكُنْ حَقَّ قَدْرِهِ وَالسَّلَامُ
__________
(1) - العلامة الشيخ محمد الصالح بن محمد المعطي الشرقاوي البجعدي التادلي، أحد حفدة الشيخ سيدي بوعبيد محمد بن أبي القاسم الشرقي، ينتهي نسب هذه الأسرة الكريمة إلى الخليفة الراشدي الثاني مولانا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتعد هذه الأسرة من أعظم بيوتات العلم والتصوف بالمغرب، لا سيما بمنطقة تادلة.
والمعروف عن الشيخ محمد الصالح أنه كان من كبار علماء عصره وأكثرهم حنكة واطلاعا، وقد تتلمذ على يد نخبة من مشاهير أعلام المغرب، كالعلامة الشيخ الحسن اليوسي، أخذ عنه علوم الطب والتشريح والتوقيت والحساب والهندسة، كما أخذ عن العلامة الشهير محمد بدر الدين القرافي، والشيخ محمد بن سعيد الهبري الطرابلسي، والشيخ العلامة سيدي أحمد بن الشيخ سيدي محمد بن ناصر الدرعي، وعن هذا الأخير تمسك بورد الطريقة الناصرية، فصار من جملة روادها الكبار، وتفيد بعض المصادر عن هذا الشيخ الأخير أنه قال في حقه مرة: أنت بضعة مني، أنا كأنت وأنت كأنا، يسوؤني ما يسوؤك ويسرني ما يسرك.
وللشيخ سيدي محمد الصالح تقاييد وأعمال فكرية متنوعة، ذات مستوى عال من الكفاءة الكبيرة، وقد جمع معظم هذه الأعمال تلميذه العلامة الحسن بن محمد المعداني، من خلال كتابه الروض اليانع الفائح، في مناقب أبي عبد الله المدعو بالصالح.
ولا يفوتنا التنبيه على أن للعلامة الشيخ محمد الصالح علاقات وطيدة ببعض جلة معاصريه، يكفينا أن نذكر منهم العلامة المؤرخ الشهير محمد الصغير الإفراني، الذي كان شديد الإرتباط به، يحبه ويعظمه، وقد مدحه مرة بقصيدة رائية جميلة، قال في بعض أبياتها:
الغياث الغياث يا أحرار = نحن خلجانكم وأنتم بحار
إنما تحسن المواساة في الشـ=ــــدة لا حين ترخص الأسعار
فارحمونا وأبدلوا العسر يسرا = فلكم تنتمي العطايا الغزار
ولكم تبسط الأكف فتحظى = بمناها مهما اعتراها اضطرار
توفي رحمه الله عام 1139 هـ-1727 م بمدينة أبي الجعد مقر أسلافه الكرام، وبها دفن، وضريحه قريب من ضريح جده الولي الصالح سيدي محمد الشرقي، إذ لا تفصل بينها سوى عشرات الأمتار.
أنظر ترجمته في الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، لابن ابراهيم 6: 37-43 رقم 731. مؤرخو الشرفاء، لبروفنسال 119. الزاوية الشرقاوية زاوية أبي الجعد إشعاعها الديني والعلمي، لأحمد بوكاري 1: 103-107. يتيمة العقود الوسطى في مناقب الشيخ المعطى، للعبدوني (في عدة مواضع منه). الإستقصا، للناصري 7: 114. الحياة الأدبية في المغرب على عهد الدولة العلوية ، لمحمد الأخضر 173 . معلمة المغرب 16 : 5345 - 5346 . الدرة الجليلة في مناقب الخليفة، لمحمد بن عبد الله الخليفتي 369 - 383. التقاط الدرر، للقادري 438.
(2) - يبدو هذا جَلِيًّا من خلال مجموعة من قصائده التي قالها في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمن هذه الفترة، كقوله:
ليت شعري فهل يعود زمان = قد مضى مسرعا كطيف الخيال
صرت من بعد أنسه ذا سقام = أشتكي هم عيلة وعيال
ولبست سرابيل الضر حتى = سامني كل مفلس من هزالي
كل يوم يجدد الكرب نوبا = كم جديد لبسته فوق بال
إلى أن قال:
إنما أشتكي لمن يكشف الضـ=ــــر ويسدي المنى بغير سؤال
ضقت ذرعا وما رجوت سوى رَ = ب الورى المتكبر المتعال
غافر الذنب قابل التوب ذي الط = ول شديد القوى مفيض النوال
إلى أن قال:
يا رسول الإله إني ضعيف = فاكفني شر كل باغ وقال
يا رسول الإله ضاق خناقي = فتدارك بحل عقد اعتقال
يا رسول الإله كن لي جارًا = إن أنيخت مطيتي لارتجال
الغياث الغياث يا خير من أمـ=ــــدحه بتأملي وارتجالي
أنت مدخري وما لابن شقرو = ن سواك لهول يوم المآل


***

معلومات حول الأرجوزة الشقرونية

نالت هذه الأرجوزة المسماة بالشقرونية شهرة واسعة بين الناس على اختلاف طبقاتهم، وذلك منذ خروجها لحيز الوجود في مطلع القرن الثاني عشر الهجري، وعلى وجه التحديد عام 1113 هـ، إلى عصرنا الحاضر، حيث لا زالت محط اهتمام كثير من العلماء والفقهاء والمفكرين وغيرهم.
وقد أوردها العلامة الحسن بن محمد المعداني في كتابه الروض اليانع الفائح في مناقب أبي عبد الله المدعو بالصالح، ما بين الصفحات 358 إلى 385، أي في سبعة وعشرين صفحة.
كما طبعت هذه الأرجوزة أيضا بالمطبعة الرسمية بتونس عام 1323 هـ-1905م، ثم طبعت على الحجر بفاس بعد ذلك بسنة واحدة، وعلى وجه التحديد عام 1324 هـ-1906م.
وتوجد منها نسخ مخطوطة عديدة، منها نسخة بالخزانة العامة بمدينة الرباط تحت رقم 1613 ك، ونسخة أخرى بمكتبة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمدينة الرباط تحت رقم (مكل 108).
وللطبيب الأخصائي الفرنسي Renaud شرح وتحليل لألفاظ هذه الأرجوزة، وذلك في كتابه الذي يحمل عنوان: الطب والأطباء المغاربة في عهد السلطان المولى إسماعيل، الجزء الثالث، ما بين صفحتي 89-109، وقد تمت طباعة هذا الكتاب باللغة الفرنسية عام 1937م.
وتحتوي هذه الأرجوزة المسماة بالشقرونية على 666 بيتا (وهو عدد مبارك من أعداد اسم الجلالة) أما القصيدة المقدمة عنها والتي تحتوي على نص الأسئلة المجاب عنها، فهي للعلامة الشيخ سيدي محمد الصالح بن محمد المعطي الشرقاوي، وتقع في 53 بيتا، على عدد اسم أحمد (وهو أحد أعظم أسماء النبي صلى الله عليه وسلم) وَنَصُّهَا:

يَا شَيْخَنَا النَّحْرِيرَ حُلْوَ المَنْطِقِ = المُتَزَيِّي بِمَزَايَا المَشْرِقِ
يَا مَنْ عَلَا الأَتْرَابَ وَالأَقْرَانَا = كَمَا سَمَا الدَّهْرُ بِهِ وَزَانَا
يَا نَجْلَ شَقْرُونَ الجَلِيلَ القَدْرِ = وَمَنْ غَدَا لِحُسْنِهِ كَالبَدْرِ
يَا مَنْ غَدَتْ كِنَاسُهُ مِكْنَاسَهْ = بِهِ ازْدَهَتْ قُصُوبُهَا المَيَّاسَهْ
بَيِّنْ لَنَا فِي الطِّبِّ مَا لِلأَغْذِيَهْ = أُرْجُوزَةً جَيِّدَةً سَنِيَّهْ
مِنْ نَظْمِكَ العَذْبِ البَلِيغِ الأَشْهَى = فَهْوَ مِنَ العِقْدِ النَّظِيرِ أَبْهَى
بَيِّنْ لَنَا الثَّقِيلَ وَالخَفِيفَا = مِنْهَا وَمَا يُنَاسِبُ الضَّعِيفَا
أَوْ الجَسِيمَ فِي الفُصُولِ الأَرْبَعَهْ = فَعِلْمُهَا عِلْمٌ عَظِيمُ المَنْفَعَهْ
وَفِي الأَبَازِرِ الَّتِي تُوَافِقُ = وَرَاعِ حَالَ النَّاسِ فَهْوَ اللَّائِقُ
بِحَسَبِ الإِنْسَانِ وَالمِزَاجِ = فَإِنَّنِي لِلكُلِّ فِي احْتِيَاجِ
وَأَجْوَدَ الأَوْقَاتِ لِلأَغْذِيَّهْ = كَمَا تُرَاعِي مُصْلِحَ الرَّدِيَهْ
وَمَا يُوَافِقُ الطِّبَاعَ مِنْهَا = وَضِدُّهَا كَيْمَا نَحِيدُ عَنْهَا
وَإِنْ بِنَادٍ حُضِّرَتْ أَلْوَانُ = مِنْ كُلِّ مَا يَشْتَاقُهُ الإِنْسَانُ
بِأَيِّ شَيْءٍ بَدْؤُهُ يَكُونُ = وَمَا تَرَى الهَضْمَ بِهِ يَهُونُ
وَأَيُّ شَيْءٍ فِي الفَوَاكِهِ الَّتِي = تُوصَفُ بِاليُبْسِ أَوِ الطَّرِيَّةِ
أَحَقُّ بِالتَّقْدِيمِ مَهْمَا حَضَرَتْ = مَعَ الغِذَا أَنْوَاعُهَا قَدْ كَثُرَتْ
صِفْهَا عَلَى التَّرْتِيبِ أَنْتَ أَعْرَفُ = وَبِالصَّدِيقِ وَالرَّفِيقِ أَرْأَفُ
وَاسْتَحْضِرِ الذُّهْنَ لِلْاسْتِقْصَاءِ = كَيْمَا تَعُمَّ جُمْلَةَ الغِذَاءِ
مِنْ جَامِدٍ وَمَائِعٍ وَأَخْضَرِ = وَيَابِسِ الثِّمَارِ بَلْ حَتَّى الطَّرِي
وَأَيُّ شَيْءٍ فِي المِيَاهِ أَجْوَدُ = وَشُرْبُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ يُحْمَدُ
وَمَا الدَّلِيلُ فِي اخْتِلَافِهِ عَلَى = مَا خَفَّ مِنْهُ مَيِّزَنْهُ يُجْتَلَى
وَمَا تَنَشَّا عَنْ خَمِيرٍ مُخْتَمَرْ = يَحْضُرُ وَالفَطِيرُ مَعْهُ مُنْتَشِرْ
أَيًّا نُقَدِّمُ وَمَا لَمْ يَخْطُرِ = فِي البَالِ بَيِّنْهُ لِنَيْلِ الوَطَرِ
وَامْنُنْ بِمَدِّ البَاعِ وَالبَنَانِ = فِي اللَّحْمِ فَصِّلْ فِيهِ وَالأَلْبَانِ
وَاحْكُمْ عَلَى كُلِّ مِزَاجٍ بِالَّذِي = مِنْهُ يُوَافِقُ طِبَاعَ المُعْتَدِي
وَالحِفْظُ مَا ضَرَّ لَهُ التَّصَدِّي = وَقَدْ عَلِمْتَ غَرَضِي وَقَصْدِي
فِيهِ وَفِي الفَهْمِ فَمَا العِلَاجُ = حَاشَ تَضِنُّ بِالَّذِي أَحْتَاجُ
وَبَيِّنْ مَا يُحَسِّنُ الصَّوْتَ فَفِي = سَمَاعِ حُسْنِ الصَّوْتِ مَا يُجْدِ وَفِي
بِاللَّهِ فِي الكَلَامِ فِي الإِفْصَاحِ = عَنْ مَا بِهِ يُقْوَى عَلَى النِّكَاحِ
وَمَنْ تَعَرَّضَ عَنِ النِّسَاءِ = مَاذَا يُوَاتِيهِ مِنَ الدَّوَاءِ
وَمَا يَزِيدُ فِي المَنِيِّ مِنْ غِذَا = لَا زِلْتَ فِي العُلُومِ مَسْكِيَ الشَّذَا
وَكُلُّ مَا يُنَاسِبُ المَقَامَا = مَا ضَرَّ أَنْ تُحْكِمَهُ إِحْكَامَا
وَاعْمِدْ لِمَا يَسْهُلُ فِي التَّرْكِيبِ = رَعْيًا لِحَالِ المُقْتِرِ الكَئِيبِ
وَكُلُّ مَا القُوَّى بِهِ تَنْحَلُّ = قَيِّدْهُ إِنَّ ذَا لَهُ مَحَلُّ
وَاقْصِدْ بِذَا النَّفْعِ عِبَادَ اللَّهِ = مَا حَالَ مَنْ عَنْهُ غَفُولٌ لَاهِي
وَمَا يُلَذِّذُ النِّكَاحَ أَيْضًا = أَفِضْ عَلَيْنَا النَّقْلَ مِنْهُ فَيْضَا
وَاحْكُمْ عَلَى الثِّيَابِ وَالمَسَاكِنْ = بِمُقْتَضَى أَهْوِيَةِ الأَمَاكِنْ
وَاخْتِمْ فَدَتْكَ النَّفْسُ بِالإِسْفَارِ = عَنْ مَا تَرَى يَصْلُحُ بِالأَسْفَارِ
مِنْ مَأْكَلٍ دُهْنٍ لِحِفْظِ البَشَرَهْ = وَالفَضْلُ لَا يَضُرُّ إِنْ تَعْتَبِرَهْ
فِي كُلِّ هَذَا وَالعَنَا وَالتَّعَبُ = بِأَيِّ شَيْءٍ مِنْ عِلَاجٍ يَذْهَبُ
وَالقُطْنُ فِي الصِّمَاخِ لِلرِّيَاحِ = عِنْدَ اشْتِدَادِهَا أَمِنْ صَلَاحِ
وَمَنْ رَأَى أَن السُّؤَالَ وَضْمُ = عَنْ مَا ذَكَرْتُ لَا أَرَاهُ يَسْمُوا
لِأَنَّنِي أَدْرَى بِمَا قَصَدْتُ = وَالخَيْرَ مِنْ أَبْوَابِهِ رَصَدْتُ
فَبِالسُّؤَالِ العِلْمُ يَنْمُو وَيَزِيدْ = مِنْ مُسْتَفِيدٍ جَاهِلٍ وَمِنْ مُفِيدْ
فَجُدْ بِمَا يَلْهَى عَنِ المُسَاعَدَهْ = وَجُدَّ كُلَّ الجِدِّ فِي المُجَاهَدَهْ
فِي كَتْبِ مَا أَمَّلْتُ مِنْ جَوَابِ = عَنْ كُلِّ مَا قَرَّرْتُ فِي الكِتَابِ
وَامْنَحْهُ مَنْ أَمْسَى لَهُ مُشْتَاقَا = كَحِّلْ بِهِ الجُفُونَ وَالأَحْدَاقَا
فَقَدْ حَبَاكَ اللَّهُ فِي التَّعْبِيرِ = مِنْ جَوْدَةِ التَّحْرِيرِ فِي التَّقْرِيرِ
مَا يُبْهِرُ الأَلْبَابَ وَالأَسْمَاعَا = لَا زِلْتَ شَيْخًا شَامِخًا نَفَّاعَا
تُقَرِّبُ الأَقْصَى بِلَفْظٍ مُوجَزِ = وَتَبْسُطُ البَذْلَ بِوَعْدٍ مُنْجَزِ
كَجَاهِ صَاحِبِ اللِّوَا وَالتَّاجِ = بَادِ السَّنَاءِ قَمَرِ الدّيَاجِي
صَلَّى عَلَيْهِ رَبُّنَا وَسَلَّمَا = مَا بَلَّلَ الرِّيَاضَ وَبْلٌ وَهَمَا

__________
(1) - أنظر ترجمته في النبوغ المغربي، لعبد الله كنون 1 : 289 . سلوة الأنفاس، لمحمد بن جعفر الكتاني 1: 99. إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس 5 : 320 - 330 . معلمة المغرب 16 : 5396 - 5397 . مؤرخو الشرفاء ، لبروفنسال 297 . الحياة الأدبية في المغرب على عهد الدولة العلوية ، لمحمد الأخضر 207 - 212 . الأنيس المطرب فيمن لقيته من أدباء المغرب، لمحمد بن الطيب العلمي. معجم المؤلفين، لكحالة 5: 294. معجم الأطباء، لأحمد عيسى 271-275. بروكلمان 11: 741. الطب والأطباء بالمغرب في عهد السلطان المولى إسماعيل، لرينو 3: 89-109. فهرس العلامة أبي القاسم العميري (مخطوط). نزهة الأبرار وبهجة الأسرار في ذكر الأقطاب والأولياء الأشراف والعلماء الأخيار، للعلامة العربي بن محمد البصري (مخطوط). الأدب المغربي، لابن تاويت وعفيفي 314. المنزع اللطيف في التلميح بمفاخر مولانا إسماعيل بن الشريف، لابن زيدان 310. من المقتنيات الحديثية في تاريخ الطب العربي بالمغرب، لرينو 119-121. الوافي بالأدب العربي في المغرب الأقصى، لابن تاويت 3: 823-825. الزاوية الشرقاوية زاوية أبي الجعد إشعاعها الديني والعلمي، لأحمد بوكاري 1: 205-209. يتيمة العقود الوسطى، في مناقب الشيخ المعطى، للعبدوني 335-337. الروض اليانع الفائح في مناقب أبي عبد الله المدعو الصالح، للمعداني 358-385.


(3) - أنظر يتيمة العقود الوسطى، للعبدوني 335-336.
(4) - المقصود بالرئيس: ابن سينا رحمه الله.


آخر تعديل: ‏28/4/14
 
أعلى