نقوس المهدي
كاتب
أين الحياء العام من الخاص؟ هل يعمّم الحياء ليصبح ذريعة لمنع أيّ تغيير مفترض؟ هل حقّا يحتاج الناس إلى وصايات من رقباء الأنظمة، والمتاجرين بالدين، كي يظلّوا محافظين على حيائهم من أيّ خدش؟ ألا يظلّ الحياء العام سبيلا ومعبرا لحفظ المصالح الخاصّة؟
تكتب أحيانا بعض الكلمات التي قد توصَف بأنّها نابية، أو معيبة، أو شائنة، وأنّها تخدش الحياء العام، الذي يبدو شفّافا لدرجة أنّ السلطات القيّمة على ما يجوز وما لا يجوز، تمنح نفسها صياغة الحياء على طريقتها، فتراها تحجب ما تراه يحمل لها بذور معارضة ما، وتلقي عليه ظلال الشكوك وتصفه بأنّه خطر على سلامة الأمّة.
الحياء العامّ، ذريعة لدى الأنظمة المستبدّة، ودريئة في الوقت نفسه، ذريعة للتصدّي لأيّة محاولة جادّة في التغيير، ودريئة لصدّ أيّ هجوم محتمل من المعارضين، بل ردّ الأمر عليهم، وإظهارهم منحلّين يبحثون عن تحطيم أسس المجتمع، وتدمير بنيته، وتكون دوما الاتّهامات مضخّمة لترويع الناس، وزرع قاعدة أنّ السلطة حامية للحياة العامّة ومحافظة عليها، وأنّه لولاها لأصبحت الشعوب والمجتمعات في مهبّ التدمير والانحلال.
تمرّ كلمة في رواية أو كتاب، أو فكرة، فتجد الرقيب السلطويّ يسارع إلى قلمه الأحمر ليرسم تحتها خطوطه الحمراء، ويدعم خطوطه بنصوص مقدّسة، فيصبح تخطّيها أو تجاهلها نوعا من التعدّي على النصّ المقدّس نفسه، النصّ الذي يتّخذ وسيلة للمنع والقمع. ويكون زعم الحفاظ على الحياء العام ومنع خدشه، وتعريضه لسهام القبح المفترض ستارة حاجبة.
في السياق يتمّ توصيف الحياء بأنّه كالبلّور الأملس الناعم، أيّ لمسة بسيطة تخدشه، أو تتسبّب بشعره أو كسره، وهنا تكون الدلالة على عدم النضج والبقاء في تلك المرحلة الطفوليّة، حيث لم يتمّ بلوغ الرشد، ولا يراد أنّ يتمّ بلوغه لأنّه يهدّد الحوزات الدينيّة والسياسيّة في الوقت نفسه.
قد توصَف دعوة بعض الأدباء إلى المكاشفة ومواجهة العلل المستوطنة على أنّها دعوة إلى التعرّي أو اللهج بالكلمات السوقيّة والإكثار من المشاهد الخلاعيّة، وهي بالمحصّلة تخدش الحياء العام، لكنّها في جوهرها وقفة لمنع احتلال اللغة من سلطة تشرّع ما يجوز وما يجب، ما يخدمها وما يشكّل خطرا عليها، خطوة نحو نزع الاستعارة عن الفعل وتوظيف الكلمة بعيدا عن تلويثها بحجّة حمايتها.
الحياء العام الذي تخدشه صورة جريئة لإحداهنّ، أو كلمة عابرة في سياق لغويّ وفكريّ معيّن، أو مشهد عابر في فيلم سينمائيّ، قاصر ومعاق، فحياء لا تخدشه مشاهد القتل والدمار والنزوح، هو حياء يخلو من معناه، غارق في لوثة الفكر والفعل، رهين هيمنة السلط البائسة التي تبقيه وجها من وجوه التحكّم والسيطرة لا غير.
كاتب من سوريا
تكتب أحيانا بعض الكلمات التي قد توصَف بأنّها نابية، أو معيبة، أو شائنة، وأنّها تخدش الحياء العام، الذي يبدو شفّافا لدرجة أنّ السلطات القيّمة على ما يجوز وما لا يجوز، تمنح نفسها صياغة الحياء على طريقتها، فتراها تحجب ما تراه يحمل لها بذور معارضة ما، وتلقي عليه ظلال الشكوك وتصفه بأنّه خطر على سلامة الأمّة.
الحياء العامّ، ذريعة لدى الأنظمة المستبدّة، ودريئة في الوقت نفسه، ذريعة للتصدّي لأيّة محاولة جادّة في التغيير، ودريئة لصدّ أيّ هجوم محتمل من المعارضين، بل ردّ الأمر عليهم، وإظهارهم منحلّين يبحثون عن تحطيم أسس المجتمع، وتدمير بنيته، وتكون دوما الاتّهامات مضخّمة لترويع الناس، وزرع قاعدة أنّ السلطة حامية للحياة العامّة ومحافظة عليها، وأنّه لولاها لأصبحت الشعوب والمجتمعات في مهبّ التدمير والانحلال.
تمرّ كلمة في رواية أو كتاب، أو فكرة، فتجد الرقيب السلطويّ يسارع إلى قلمه الأحمر ليرسم تحتها خطوطه الحمراء، ويدعم خطوطه بنصوص مقدّسة، فيصبح تخطّيها أو تجاهلها نوعا من التعدّي على النصّ المقدّس نفسه، النصّ الذي يتّخذ وسيلة للمنع والقمع. ويكون زعم الحفاظ على الحياء العام ومنع خدشه، وتعريضه لسهام القبح المفترض ستارة حاجبة.
في السياق يتمّ توصيف الحياء بأنّه كالبلّور الأملس الناعم، أيّ لمسة بسيطة تخدشه، أو تتسبّب بشعره أو كسره، وهنا تكون الدلالة على عدم النضج والبقاء في تلك المرحلة الطفوليّة، حيث لم يتمّ بلوغ الرشد، ولا يراد أنّ يتمّ بلوغه لأنّه يهدّد الحوزات الدينيّة والسياسيّة في الوقت نفسه.
قد توصَف دعوة بعض الأدباء إلى المكاشفة ومواجهة العلل المستوطنة على أنّها دعوة إلى التعرّي أو اللهج بالكلمات السوقيّة والإكثار من المشاهد الخلاعيّة، وهي بالمحصّلة تخدش الحياء العام، لكنّها في جوهرها وقفة لمنع احتلال اللغة من سلطة تشرّع ما يجوز وما يجب، ما يخدمها وما يشكّل خطرا عليها، خطوة نحو نزع الاستعارة عن الفعل وتوظيف الكلمة بعيدا عن تلويثها بحجّة حمايتها.
الحياء العام الذي تخدشه صورة جريئة لإحداهنّ، أو كلمة عابرة في سياق لغويّ وفكريّ معيّن، أو مشهد عابر في فيلم سينمائيّ، قاصر ومعاق، فحياء لا تخدشه مشاهد القتل والدمار والنزوح، هو حياء يخلو من معناه، غارق في لوثة الفكر والفعل، رهين هيمنة السلط البائسة التي تبقيه وجها من وجوه التحكّم والسيطرة لا غير.
كاتب من سوريا