عبد القادر الهلالي - العهارة بالمذكر

ل

لا أحد

تحدث بالمؤنث… هذا يثير الرجال! أنا لست أنثى… هذا يثير النسوان! الإثارة كلعبة جنسية، قد تكون لطيفة حد أن تتحول إلى خيالات شبقية fantasmes érotiques (اللعب من غير أن نستعمل لعبة جنسية، نتخيلها فقط أو خشنة حد السلوك المرضي السادي (التمتع بتحطيم اللعبة الجنسية)

أنا عاهرة !

1- ليس أسهل من تصريف كلمة “العاهرة”، عندما نستعمل صيغة الغائب، فكل أنثى هنا (في عالمنا) عاهرة!!، الصيغة تتعقد عندما نستعمل صيغة المخاطب: أنت عاهرة. أما إذا بسطنا الصيغة إلى الآخر، لنجعلها أقرب ما يمكن، نقول إذن: أنا عاهرة (تستعمل للجنسين بثاء المؤنث في الحالتين !)

أنا عاهرة. من هي العاهرة التي عندها الجرأة لتقول ذلك؟ وكأن التي “وهبت جسدها” تجعلنا نتصور جسدا مفصولا عن المرأة. المرأة تَغْتَصِبُ جسدها لتسلمه إلى شخص آخر، المرأة المُغْتَصَبَةُ تبحث عن شخص حقيقي تلصق به تهمة الفعل[[1]] الذي تُسْأَلُ عنه المرأة (شبه رجل وتعني شبه إنسان) .

2- – أنا عاهرة: ليس تبسيط العهارة فقط، بل قد تكون صيغة نهاية التعقيد، كأن نقول أن العاهرة تستبطن دونيتها فهي تعيد إنتاج قيم المجتمع، وتعيده بأحسن من الأصل، بمعنى أن هذا الوعي يكون أسوء من وعي الذكر. التقليد الأحسن (الأعمى) يكون دائما أسوء من النسخة الأصلية. أنا عاهرة نقولها بلغة ثقافة غربية (فرنسية، انجليزية، أمريكية…) ليست لها نفس الحمولة إذا كانت المتكلمة تتكلم بثقافة ذكورية شرقية، نقول أن الثقافة الشرقية هي ثقافة محافظة بمعنى أنها ثقافة لم تتغير بينما الثقافة السائدة عند الشعوب وقع فيها انقلاب قيمي لأن الأنثى تمردت على الثقافة الذكورية التي كانت مسيطرة

3- ” تختلف العاهرة عن المومس بأنها تمارس الجنس حتى دون تقاضي أجر (وهو شرط عند الأخيرة). إنما

تمارس العهر لأجل العهر لأنها عاهرة.” [[2]] ولو لم يطمثها انس ولا جان، “العاهرة” كلمة (رمز) تلخص ثقافة ذكورية “حڱارة” (الحڱرة من التحقير)، نضيف إليها توابل من قلة الذوق، كأننا نختار الرموز من المطبخ. الرجل يدخل إلى المطبخ من باب الشبع .الشبع، الامتلاء، “التغلاقْ”، إشارات تدل مباشرة على ما هو مادي، جسدي، يقابلها الإحساسات الرمزية التي تحيل إلى تجربة، تمتع، تذوق … الذوق ليس لازما مصطلحا من مصطلحات المطبخ ويمكن أن نعممه (الرموز تسهل عملية التعميم والتجريد). “التغلاق” مرتبط بالمطبخ (القدر )، الأكل (الطاولة، الصحون… ) ترسانة من الفصول (نشبهها بفصول مدونة ولكنها تمتنع عن التدوين، لأنها تُسْتَهْلَكُ في اللحظة.

4- علاقة الجسدي بالرمزي كانت دائما علاقة تصادم وخصام، تلخصها ثنائية المثالية والمادية التي قبل أن نطبخها طبيخا فلسفيا (يتطلب ذلك ذوقا (مكتسبا) نأكلها نيئة ثقافة طبيعية. الرمزي يبدأ بقلب العلاقات.

ما هو الطبيعي؟ (لا يحتاج إلى إبداع لأنه يقلد الطبيعة).

وما هو الإبداع؟ (الفن،الصنعة،التقنية…) تكون طاقة كامنة، نائمة…ينشطها، يحركها، يخصبها… نحتاج إلى أداة مادية، نسميها قضيبا لأننا نفكر دوما بأدوات جنسية قد تكون مجسمة وقد تكون رمزية.

5- من يسال عن العفة الرمزية، المعنوية؟
العفة الظاهرية هي دليل شرفها، قطرات الدم التي تسال تكفي أن تخرس من يفتح فمه بهذه الكلمة القدحية: عاهرة ولا يهم إن كانت عاهرة فكريا.

عاهرة بصيغة المذكر،لا نحتاج أن نحذف التاء لأن العاهرة عاهرة ولو أغلقناها بدرع العفة، وخبئنا المفاتيح في قعر جهنم، ثم إن درع العفة مصمم على الأجهزة التناسلية للأنثى و هو درع ثقافي قبل أن يكون من الحديد الصلب، وهو درع تاريخي (التاريخ بصيغة المذكر) تنقصه العفة، أما العفة بالمذكر فهي غير موجودة (عوض أن نقول غير مطلوبة). العفة بالرجالي (ذكر لم تمسه إنسية ولا جنية) تشبه العهارة بالممؤنث.

الاعتداء الرمزي على الجسد (ما يشبه النكاح)
6- ….ويشتغل السياق العام ليستعمل الأفعال التي تناسب العنوان الذي اخترناه: الاعتداء الرمزي على الجسد (مِنْ ضَربَ وقَذَفَ…) حتى نصل إلى قمة النشوة . orgasme صَرِّفْ فِعْلْ نَكَحَ إلى جميع الصيغ الصرفية، واستخرِج صيغة المصدر والفاعل والمفعول ب(ها)، انتبه إلى ثاء التأنيث.
فعل (جريمة) النكاح، في قاموس القانون تعتمد على ثلاثة عناصر: الفعل والفاعل والمفعول به، أما في قاموس في الأصل كان فعل الجريمة يكتب هكذا: تضاربا،تناكحا…ثم أصبح الفعل، بسبب الأعراف والعادات والتقاليد المتخلفة والمتوارثة جيلا بعد جيل، الفعل يخرج من رحم الكلمات معيبا، التشويه على صورة حروف زائدة، تجعلنا نتدخل جراحيا، نقول عملية اشتقاق، نحذف الزوائد، فنقول: ضرب،نكح… أفعال بسيطة، نقلا وعقلا، ومن البساطة بل من قلة العقل، يجعلنا نكتفي بفاعل واحد[[3]]، ماذا نفعل بالفاعل الثاني؟
7- نقوم بعملية تحويل جنسي، الوظيفة الجنسية يقوم بها شخص واحد: من؟، عوض أن يسبقها حرف مع، لا نقول مَعَ مَنْ؟(الفاعلان يشتركان في الفعلة الجنسية)، نقول إذن: يفعل بِمَنْ؟ (المفعول به). أما الحالة الأصلية (المشاركة)، نتركها احتياطيا إذا أنكر الذكر أنه مسئول عن فعلته (الإنكار)، نخفي الفاعل الظاهر من الإنس الذي يشبه الذكر، لان الفاعل الحقيقي ضمير مستتر (من الجِنَّة، فهو لا يظهر)، الجنية الأنثى تتحمل مسؤولية الجريمة(الإغواء)، وحتى لا نعطي للأنثى صورة أنها قوية ولها أرادة، نبحث عن فاعل ليس من الإنس(يشبه الذكر) ولا من الجنة (الجنية الأنثى)، الشيطان من المغضوب عليهم : يحمل في تكوينه هو أيضا جينات غضب خَلْقِي (من الخلق كما جاء في سفر التكوين(، غضب عليه الخالق الأبدي و… الإنسان، هذا الإنسان، لأن أصله قرد (قرد متطور ومتخلف أيضا لأنه يقلد الله في كل شيء.
8- ليس العيب أن الإنسان أصله قرد، العيب أن يرجع الإنسان إلى أصله الغضبان…الإنسان يغضب أيضا…على الشيطان ونسي…الضالين، فلا داعي لاتهام الشيطان الذي غادر هذه الأمة مند عهد بعيد، اعتزل الغواية واكتفى بالمراقبة، وعينه على هذا الغشاء، الذي أخفاه الله بين فخدي المرأة، ويفضحها الشيطان بل تصبح فضيحة قومية، العلم القومي يشبه فراشا و بقع حمراء متناثرة. أمة بهذا الغباء لا لوم عليها[[4]]، نتحمل الغباء، لا نتحمل من يشهر غبائه ويقلد الله وهو يتبع الشيطان. الجريمة الأصلية ليست هي الغواية بل هي التقليد. أحتج ضد النقل: التقليد خطة دفاعية ينقصها المبادرة والإبداع (الهجوم هو أحسن خطة دفاعية)
وتناكحوا… إلى يوم القيامة
9- إذا لم يستطع الرؤساء فعلها مع زوجاتهم فإنهم يفعلونها مع بلادهم. ميل بروكس.
أوضح المقصود ب:”فَعَلَهَا”، ماذا يفعل ميل بروكس مثلا مع زوجته: ينكحها (إذا استطاع لذلك سبيلا). أعتذر، ليس لأن المفردات التي استعملها، يحضر استعمالها إلا برخصة شرعية، من أعطى للمشرع رخصة أن يمنع كلمات طبيعية، بل هي حتى… من قاع الطبيعة نفسها (طبيعية وأصيلة) ….وكأن الشرع (العقل والنقل) والطبيعة أصبحا يتخاصمان من أجل الجنس، إذا كان لا بد أن أنحاز إلى احدهما، أنحاز إلى الشرع ضد الطبيعة (التقليد والتكرار)، حتى أعزل النقل وأتغلب عليه عندما يكون وحده.
10- اللهم احمني من شر النقل أما العقل فأنا كفيل به وحدي.

هامش محرم

[1] السادية هي الحصول على اللذة والمتعة بتعذيب الآخرين، إيقاع الألم على الطرف الآخر أو على الذات هو شرط أساسي لإثارة الرغبة الجنسية والوصول إلى الذروة عند الشخص السادي.
وتختلف صفة ودرجة هذا الألم إلى حد كبير، فقد يتلذذ السادي بوخز الطرف الآخر، أو عضه أو ضربه أو أحيانآ سبّه (ألم نفسي)، وقد تصل درجة الألم إلى حد القتل !. وهناك شبه ارتباط بين الشخص السادي والمغتصِب، رغم اختلاف دافع كل منهما، فقد وجد أنه بين كل أربعة مغتصِبين يوجد واحد على الأقل له ميول سادية (العلاقة يمكن أن تكون عكسية : بين ضحايا الاغتصاب قد تكون هناك قرينة المازوشية وكأن هناك اندفاعا جنسيا يبدأ كخيال شبقي ثم يتحول إلى استدراج غير واعي لمن سيقوم بمهمة الاغتصاب (الضحية هنا هو المغتصب وليس العكس)
[2] “ليس للعاهرة من مفهوم محدد بظل الثقافة المجتمعية، يُعرّف العهر في اللغة على أنه الفجور والزنى أو البورنو بأوسع معنى، فالعاهرة كزانية وفاجرة تختلف عن المومس بأنها تمارس الجنس دون حتى تقاضي أجر (وهو شرط عند الأخيرة). إنما تمارس العهر لأجل العهر لأنها عاهرة.” حمودةا سماعيلي(لمادا تخاف الانثى أن توصم بالعاهرة.الأوان).الرابطّ:
[3] خولة الفرشيشي (عن مجلة اتحاد كتاب الانترنيت المغاربيين )

لم يسبق أن تعودنا في لغتنا أو في ثقافتنا أن نعتقد أن المرأة تشارك الجسد الذكوري لحظات متعة فهي في المخيال الاجتماعي لا تستجيب إلا لإملاءات غريزة الرجل لتشبع شهواته .

[4] القصة معروفة بالمغرب وتتعلق بانتحال شخصية الملك حيث عوقب من قام بهده الجريمة بثلاث سنوات سجنا، من يقلد الملك “جمعو معاه” بثلاث سنوات من الحبس، أما من يقلد ملك الأرض والسموات، نجمع له كل القرون التي خلقها الله حبسا نافذة ، هل تكفي مثل هذه العقوبة على التقليد المقدس.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* عن موقع ألف لحرية الكشف في الكتابة والانسان
.
 
أعلى