العروسي لسمر - الجنسانيّة عند الجاحظ

العروسي لسمر
الجنسانيّة عند الجاحظ



الجاحظ والجنسانيّة (Sexualité) في الثقافة العربيّة الإسلاميّة

"ومن كان صاحب علم ممرّنا موقّحا إلف تفكير وتنقيب ودراسة وحلف تبين، وكان ذلك عادة له لم يضره النظر في كل فنّ من الجد والهزل ليخرج بذلك من شكل إلى شكل".
الجاحظ
(كتاب مفاخرة الجواري على الغلمان، رسائل الجاحظ ص91).

"وله كتب كثيرة مشهورة جليلة في نصرة الدين وفي حكاية مذهب المخالفين والآداب والأخلاق، وفي ضروب من الجد والهزل..."
ياقوت الحموي
(معجم الأدباء، ج5، تحقيق إحسان عباس، ص212).




تمهيد:
لئن وسمت بعض المصطلحات بالوضوح، فإن المتدبّر لها تعترضه العديد من المصاعب المتصوّريّة والإجرائيّة. ومن الشواهد على ذلك ما يبدو عليه مصطلح الجنسانيّة من الوضوح والفهم في الظاهر والتعقيد والغموض في الباطن مما استوجب ضرورة إعادة النظر فيه والتأني في إجرائه.

1- في تحديد مصطلح الجنسانيّة:

أ- لغة:
يعود أصل اشتقاق المصطلح إلى مادّة [جنس] لقول ابن منظور في لسان العرب: "الجنس: الضرب من كل شيء، وهو من الناس ومن الطّير ومن حدود النحو... والجمع أجناس وجنوس، والجنس أهم من النوع، ومنه المجانسة والتجنيس. ويقال هذا يجانس هذا أي يشاكله"[1]. فالجنس يعني النّظير والمشاكل والنوع من الناحية المعجميّة.
كما أن تصوّر المصطلح في مدونات اللغة والفقه والأخلاق ظل متعلّقا بالمعنى الأخلاقي دون أن يأخذ المعنى الذي يعنيه مفهوم الجنسانية. فالناظر في مصطلح الجنسانيّة وما أحاط به من حراك دلالي ومتصوّري في مدونة الجاحظ يقف على اتّساع استعمالاته بالرغم من تأخر الوعي بالمصطلح كما استقر في المتصوّر الفلسفي الحديث عن عصر الجاحظ. فقد اكتسب دلالات حافة جديدة وشاعت استعمالاته الاصطلاحيّة.


ب. اصطلاحا:
لئن كان استخدام كلمة (جنس) قديما مرتبطا بميادين ومعارف ومعايير تقليدية تستند إلى مؤسسات دينية وقانونية وتربوية، فإنّ الوعي بمصطلح الجنسانيّة لم يحصل إلا في مطلع القرن التاسع عشر كما لاحظ "ميشيل فوكو" بقوله: "مفردة "الجنسانية" ظهرت متأخرة في مطلع القرن التاسع عشر..."[2]. أما معناها فيدلّ على الطريقة التي يتوصل بها الأفراد إلى "منح معنى أو قيمة لسلوكهم وواجباتهم وملذاتهم"[3] لذلك يتعرّف الأفراد عن أنفسهم باعتبارهم ذوات "جنسانية" أو ذوات راغبة فنتحدث عن "إنسان الرغبة". كما تعني الجنسانية محدّدات الطّهرية وتقعيد اللذة وحجم استعمالها، فتطرح أسئلة المحرّمات الجنسيّة في علاقتها بالمنظومات الدينية والأخلاقية والنفسية. وبمعنى قريب من هذا إنشاء خطاب حول الجنس، أو مراقبة تداوله من أجل تيسير السّيطرة عليه بالتشريع له والحد منه وتقنينه. وقد أوكلت هذه المهمّات إلى المنظرين والأخلاقييّن والفقهاء وغيرهم.

2- حضور الجنسانية في مدونة الجاحظ:
اهتم الجاحظ في كتاباته بالمسألة الجنسية من منطلق التأسيس للثقافة العربية الإسلامية والتشريع للسلوك والأخلاقيات الاجتماعيّة. ومن أهم مؤلفاته في هذا الباب نذكر "كتاب مفاخرة الجواري والغلمان" فقد أباح الحديث في هذا المجال بقوله: "...أصناف العلم لا تحصى، منها الجزل ومنها السخيف... ومن كان صاحب علم ممرنا موقحا... لم يضره النظر في كل فن من الجدّ والهزل"[4].
فالتأسيس للعلم عند الجاحظ لا يميز بين الجزل والسخيف إنّما الغاية في المنهج وطريقة التناول. ونستنتج أنه لا مجال لنفي الهامش والمبعد والمحظور باسم الحرص على الطهرانية. فالجاحظ لا يفصل أثناء التشريع للخطاب بين الخطابات المباح تداولها والخطابات المكبوتة. فهو يقول: "أحببنا أن نذكر ما جرى بين اللاّطة والزناة"[5]. ويحدد الجاحظ في كتاب القيان العلاقة بين المرأة والرجل متطرقا إلى دقائق الجنسانية كما حددتها كل من البيئة العربية الإسلامية والثقافة الجنسية السائدة والنزعات القائمة لتعقيد المتعة والشهوة والرغبات.أما في كتاب النساء فبيّن الجاحظ دور المرأة وقيمتها بالنسبة إلى الرجل، فنجده مهتما بالجنس في مؤلفات عديدة حتى جاء الكلام مبثوثا، خصوصا في كتاب الحيوان وفي عدّد من الرّسائل الأخرى.
ولم يكت الجاحظ بالحديث عن الجنسانية العادية بل تعدّاها إلى المتعة المحظورة. فكان الحديث حول ارتكاب المحارم والشذوذات خصوصا في كتاب "تفضيل البطن على الظهر" الذي خصصه لللاّطة. فقد قال "كان كتابك... تصف فيه فضيلة الظّهور وصفا يدل على شغفك بها، وحبك إياها، وحنينك إليها واختيارك لها"[6]. هكذا نلاحظ مدى اهتمام الجاحظ بالجنسانيّة، لكن بالرغم من ذلك فإنّ العديد من الدارسين الذين درسوا فكر الجاحظ أهملوها بعض الإهمال.


3- تأصيل الجنسانيّــة:
أدمج الجاحظ المسألة الجنسيّة ضمن النظام الديني بكامله مستدلا بالآية: "نَسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ" (البقرة/ الآية 223). ثم علّق على الآية بقوله: "فالنساء حرث للرجال كما النبات رزق لما جعل رزقا له من الحيوان"[7]. فالشهوة في الإسلام مقترنة بنموذج يبنى على عقد النكاح. وهذا المعيار يقونن علاقة الرجل بالمرأة دون أن ينكر الشأن الجنسي. لأنّ "النموذج الإسلامي توليف متناسق وعلاقة محكمة منضبطة بين المتعة والإيمان"[8]. كما يرى عبد الوهاب بوحديبة. ومن خصائص هذا النموذج أنّ: "الإسلام لم يعمل أبدا على الحط من شأن الجنسي ولا حتى على إنكار وجوده، بل إنّه على العكس يضفي عليه معنى هائلا ويمنحه وظيفة سامية. كما تكون الجنسانيّة مبرأة من الإثم"[9]. وتحيلنا الجنسانية على التصور الإسلامي للجسد فالخطاب القرآني يستخدم لغة محملة بالبلاغة في وسم النساء بالحرث. ومن ثم "تتبدى صورة المقدس في التصور الإسلامي للجسد بدءا بالطريقة البلاغية التي يمثل بها النص القرآني لعملية النكاح والمباضعة".[10] وأشاد الجاحظ بالجنسانية الخالية من الإثم على لسان صاحب الجواري بقوله: "وريح الجارية أطيب، وثيابها أعطر، ومشيتها أحسن... والقلوب إليها أميل. ومتى أردتها من قدّام أو من خلف من حيث يحسن ويحلّ وجدت ذلك"[11]. فالجنسانية، في تصوّرالجاحظ، مواكبة لنظام الطبيعة والأشياء ثم تتحول إلى نظام محدد للأهواء الفردية والنزعات الشاذة انطلاقا من إخضاعها إلى المشيئة الإلهية. لذلك "ينبغي الانطلاق من مشيئة الله كما أوحى بها في القرآن الكريم"[12] وفي هذه النظرة مراعاة للثنائية المعبرة عن تلك المشيئة الإلهية. وما العلاقة بين الذكر والأنثى سوى حالة خاصة من مشيئة ربانية شاملة، ومن ثم "فإن رؤية للعالم قائمة على الثنائية والعلاقات الزوجيّة هي أمر واضح في القرآن"[13]. فالعلاقة الجنسية هي علاقة تكاملية بين الذكر والأنثى مبنيّة أساسا على مؤسسة الزواج بما هو السبيل الشرعي الوحيد للجنسانية في الإسلام. وبالعودة إلى مادة [زوج] في لسان العرب نجد: "الزوج خلاف الفرد... ويقال هما زوجان للإثنين وهما زوج... ابن سيده: الزوج الفرد الذي له قرين... ويوقعون الزوجين على الجنسين المختلفين"[14].
هكذا تم تأصيل الجنسانية ضمن الزوجين المختلفين لغايات إنتاجيّة، إذ لا مجال لعلاقات جنسية لا تبنى على هدف الإنجاب، فإمكانيّة الإنجاب تجعل كلّ علاقة زوجيّة مقننة بعقد النكاح علاقة مشرّعة. وكل علاقات تشذ عن هذا المبدأ تعدّ هامشية وشاذة. إذ يقول فوكو: " الجنسانية قد انسحبت بعناية فقد صادرتها الأسرة الزوجية وأدمجتها كليا في جديّة الوظيفة الإنجابيّة "[15]. وأصبح الزواج المنجب يمارس سلطته ويقدم نفسه نموذجا يمتلك الحقيقة، أما بقية الممارسات فهي ضرب من ضروب "الجنسانية المتوحشة"[16].


4- ضرورة التمييز بين الجنسين :
انطلق الجاحظ من حديث لأنس بن مالك إذ يقول: "لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المؤنثين من الرجال والمذكّرات من النساء ". ثمّ يقول " وقد نفى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مخنثا من المدينة يقال له "هيت"[17] وأكّد الجاحظ مدى تشديد الإسلام على مراقبة الجنسانية الشاذّة وتحريم اللّواط. فقد أورد رواية مفادها أنّ عليّا بن أبي طالب رضي عنه أتى بلوطي فأصعد المئذنة ثم رمى منكّسا على رأسه، وقال: هكذا يرمي به في نار جهنّم"[18]. ثم أضاف: "وحدّث عن أبي بكر رضي الله عنه أنّه أتى بلوطي فعرقب عليه حائطا". ويقول الجاحظ: "وحديث أبي بكر أيضا، رضي الله عنه، أن خالد بن الوليد كتب إليه أن قوما لاطوا فأمر بإحراقهم وأحرقهم هشام بن عبد الملك"[19].
فالإسلام حريص على مراعاة الحدود بين الجنسين وبذلك يتماسك النّظام فكلما ازدادت الحدود بين الذكورة والأنوثة إلا وبرز النظام جليا. بل يشجّع على مراعاة هذه الفوارق ولا يرى بأسا في إتيان الشهوة الحلال. إذ يقول الجاحظ في كتاب القيان: "كانوا لا يرون بأسا أن تنتقل المرأة إلى عدّة أزواج لا ينقلها عن ذلك إلا الموت مادام الرجال يريدونها"[20].
فوضوح الإنتماء إلى الجنس المذكّر أو المؤنث يعدّ ركنا أساسيا ترتكز عليه الجنسانية ليس لدى الجاحظ فحسب بل عند الأصوليين والفقهاء والأخلاقيين أيضا من أجل تسهيل عمليات التقنين والتشريع وكل اختراق للحواجز الجنسيّة يعد بمثابة الجريمة. إذ يقول فوكو: "ظل الخنثيون مثلا يعتبرون مجرمين أو أبناء جريمة مادام وضعهم التشريحي بل كينونتهم ذاتها كانت تشوّش على القانون الذي كان يميز بين الجنسين ويقعد لمعاشرتهما"[21]. وكان ينظر إلى الجنسانيات الهامشية على أنها "ضد الطبيعة" تسهم في القيام بأشكال مخترعة من المتع الهامشية واقتراف الاتصال الجنسي بالمحارم وانتهاك الطهرية. فقد كان فالإسلام يرفض "الجنسانية المحيطية" ويعيد إدماج الغريب الجنسي ويحد من مركبات الإشباع الجنسي اللازوجي واللامتغاير الجنسي، فتلغى كل محاولة للخروج عن الطبيعة " من قبل المشرعين.


5- محاصرة الشذوذ والمتعة المحظورة:

أ- اللواط الأكبر:
جاء في لسان العرب في مادة [لوط]: "لاط الحوض بالطين لوطا: طينه والتاطة: لاطه لنفسه خاصة... واستلاطوه أي الزقوه بأنفسهم... ويقال استلاط القوم وألطوه إذ أذنبوا ذنوبا تكون لمن عاقبهم عذرا وكذلك أعذروا ... ولوّطه بالطّيب لطخه... ولاط الشيء لوطا: أخفاه والصقه... ولاط الرجل لواطا ولاوط أي عمل عمل قوم لوط"[22].
فالمعنى المعجمي يقترن بدلالة الالتصاق. والإذناب والإثم الذي يختصر في إتيان عمل قوم لوط دون التعرض إلى أصل التسمية بل أشار إلى أن لوط اسم النبي ولم يطرح علاقة الفاحشة باسمه. فنتساءل "لماذا سميت هذه الفاحشة باسم من حاربها؟"[23]
أما الجاحظ فبحث عن جذور اللواطيّة ضمن الخطاب القرآني في كتاب تفضيل البطن على الظهر بقوله: "وما رأينا هلاك الأمم الخالية، من قوم لوط ووجوب نار السعير إلا بما دانوا به من اختيار الظهور. قال الله تعالى: "أَتَأْتُونَ الذُكْرَانَ عَنْ العَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنَتُمْ قَوْمٌ عَادُونْ"(الشعراء/ الآية 155-156)"[24].
فاللواط هتك لنظام الطبيعة، إذ يقول وحيد السعفي: "أما ما يقوض البناء تقويضا ويهدم النظام هدما فهو شيء آخر غير الزنا، إنّه اللواط"[25].
واللواط موضوع إدانة لأنّه "يعني في النهاية كل الأشكال المعكوسة في العلاقات الجنسيّة".[26] ومن ثم تدين الأدبيات المتعلقة باللواط زحزحة مفهوم الذكورة بانتقالها من عنصر إنتاج تناسلي إلى أداة متعة غير منتجة. وقد عقد الجاحظ "مقارنة بين صاحبي الغلمان والجواري في مقارنة لا يمارس تفضيلا بقدر ما يمارس تشغيلا... للجنس حيث يستعرض مختلف الآراء... التي تتداوله في وسطه"[27]. فقد خص الله "البطن" أو الفرج بفضائل عالية، فاللّذة تتوزع عبر جغرافية الجسد وفي إطار تنظيم الجسد فهو" منظّم ومقوعد في إطار الهندسة الاجتماعية، مما يعني ترتيبه سلوكيا وفرز وظائفه عن بعضها بعضا"[28]. ومن ثم القيام بتحديد "اقتصاد الشهوة" وتنظيم حراك الجسد والحدّ من فوضى الحواس، فالأخلاقية الطهرانية تنبذ الولد أو الغلام باعتباره مجالا للمتعة لأنّها متعة ارتكاسية تؤدي إلى حتف الجسد وفتحه على مدارات الموت. فـ"اللواطي ينوّع اللذّة ويبحث... عبر الجسد الذّكوري نفسه وداخله"[29]. ولمّا كانت لذّة اللواط تعمق الشذوذ فهي جنسانية لا مشروعة مدرجة ضمن المحارم. وقد ميّز الجاحظ بين عقوبتي الزاني واللائط أو الزناة واللاّطة بقوله: "ألا ترى أن حدّ الزاني ثمانون جلدة ما لم يكن محصنا وحد اللواطي أن يحرق، وكلاهما فجور ورجاسة وإثم ونجاسة"[30].
هكذا كان هدف خطاب الجاحظ متمثّلا في ضبط الذكورة وترتيب طرق استعمال اللذات. فيحط من شأن الخصي بقوله: "والخصيّ –رحمك الله- في الجملة ممثل به ليس برجل ولا امرأة، وأخلاقه مقسمة بين أخلاق النساء وأخلاق الصبيان"[31]. فالبنية الجسدية تنعكس على المعطى الأخلاقي، وقد يحصل العكس فتنعكس الخنوثة على الجسد بقوله: "ويعتريه إذا طعن في السن اعوجاج في أصابع اليد والتواء في أصابع الرجل".[32]
وهكذا تكون أخلاقيّة الجسد، في نظر الجاحظ، حريصة على الحياة إذ "الإتيان من الدّبر بمثابة إعلان للموت على الجسد وتدميرا لآلية العمل به"[33]. فنحن مع الجاحظ بصدد جسد ثقافي يحدّد سلوك المسلم فيكون بذلك معبرا تمر عبره الطهرية والطقوس، وهو مدار الممارسة الإيمانية للمسلم يجذره ضمن مقولات الأمة بسعيه إلى تحقيق نموذج لا يوجد فعليا بقدرما يسعى إلى التسامي به عبر ممكنات التعالي بالخطاب حول الجسد فيصبح جسدا متخيلا وواقعيا في آن. ويقع تمثّل الجسد عبر السلوك اليومي الإيماني للمسلم في بعده الديني وفي إطار منظومة من الأدبيات تمس المسلم. وهكذا تحدّد الثقافة الدينية الأنشطة اليومية والهامشية للجسد، فالمعطى الجنسي لا يعالج انطلاقا من جنسانية في ذاتها ولذاتها بقدر ما يطرح من المنطلق الأخلاقي. ومن هنا نتساءل مع فوكو: "كيف ولماذا وتحت أي شكل قد تم تشكيل الفعاليّة الجنسانية لحيّز أخلاقي؟ لماذا هذا الانهمام الايتيكي الملح جدّا؟"[34].

ب- اللواط الأصغر:
إذا كان اللواط الأكبر يمس علاقة الذكورة فإنّ اللواط الأصغر يهمّ الحدود المسموح بها في إتيان المرأة. فإتيان المرأة من الدبر يعدّ فاحشة تزكّي الشذوذ وتجعل الجنسانية منحرفة وغير منتجة. وقد طرح الجاحظ هذه المسألة في رسالة تفضيل البطن على الظهر بقوله :"وفضل الله تعالى البطون بأن جعل إتيان النساء وطلب الولد والتماس الكثرة مباحا من تلقائها محرما من المحاش، من ورائها لأنّها حرام على الأمّة إتيان النساء من أدبارهن"[35].
وشكلت المسألة موضوع خلاف إذ "سئل بعض الفقهاء عن إتيان المرأة من دبرها، فقال إنّ الله تعالى يقول: "نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ" والأست مزرعة الفرج فمن حلّت له القرية حلّت له المزرعة"[36] ويعدّ الفرج حضورا طبيعيا في الجسد لأنه ينفتح على الأمام ويعد بالإنجاب، أما الدبر فهو معبر لما يجب التخلص منه وما يجب طرحه فلا مجال لأن يوظف الرجل طاقته الذكورية فيما لا فائدة منه، وفي ذلك هدر للطاقة على اعتبار أن "الجنسانية الكلاسيكية" مشدودة إلى الإنتاج فهي تميز بين حقوق الفرج وغواية الدبر.
فإذا كان الإتيان من الدّبر يفتح الجسد بكامله على احتمالات المتعة والشهوة المتوحشة أو المهمّشة فإنّ اقتصاد المتعة لا يسمح بإهدار الطاقة الذكورية. فالقول بالمتعة المعمّمة حيث يكون الجسد منتج شهوة يقصي الجماعي لصالح الفردي ويبثّ متعة مضادة ومحظورة. وفي "خروج الذكورة على حدودها المرسومة لها عود إلى الطبيعة في حالتها العمائية... هناك نشدان لحياة مغايرة احتجاجية عاصية عصيانية متمردة على الحياة المألوفة"[37].
ونشير إلى أن المالكيّة التي راجت في الأندلس شكلت استثناء في إباحة إتيان المرأة من الدبر"[38]. وهكذا تتراوح جغرافية الملذات بين الطاعة والعصيان وبين التأصيل والشذوذ عبر أنظمة اللواط والسحاق فتطبع الايروسية الحضارة. ونود الإشارة إلى أنّ الدراسات همشت موضوع السحاق الذي يعّبر عن القهر والمولّد للمتعة. فهذه الآراء حول الجنسانية مكّنت الجاحظ من ضبط حدود الغريزة وأطرها داخل النسيج الثقافي وضبط الهامش والأنظمة المحيطة.


6- الجنسانيّة وعصر الجاحظ:
إنّ الاهتمام بالجنسانية لدى الجاحظ يعكس انشغال المثقف بواقعه فتحيل الكتابة في هذا الباب على "نضج" الظاهرة وتفشّيها مما يجعل منها خطابا جديرا بالطرح. فقد كانت قصور الخلفاء تعج بالجواري والقيان والغلمان والمخصيين، وكانت المدينة الإسلامية قد عرفت شعراء اهتموا بالغزل المذكّر وألفوا "نصوصا متوحشة" لم يستطع النقد إلجامها وتدجينها. وظهرت أسماء اشتهرت باللواط مثل "والبة بن الحباب، ويحي بن الأكثم، ومدرك الشاعر، وأبي نواس..."[39].
وكانت ظاهرة الغلمان متفشية ولعل كتاب مفاخرة الجواري والغلمان يعد صورة لذلك الواقع. إذ نجد خطابا يمدح الغلمان بقوله على لسان صاحب الغلمان، وهو اسم يحيل على كل من كان كلفا بهؤلاء "إنّ من فضل الغلام على الجارية أن الجارية إذ وصفت بكمال الحسن قيل كأنّها غلام ووصيفة غلامية"[40]. فهذا الجدل بين صاحبي الجارية والغلمان يعبر عن توزّع الجنسانية في القديم بين جنسانية سوية وأخرى شاذة. وقد اشتهر في مجتمع الجاحظ عدّة شخصيات كانت معروفة حازت مناصب عالية كالقضاء والكتابة، فضلا عن الخلفاء والسّاسة والأدباء، وحتى الفقهاء من لهم ميل إلى الغلمان. "فأمّا الأدباء والظرفاء فقد قالوا في الغلمان فأحسنوا ووصفوهم فأجادوا وقدموهم على الجواري... فمن أسوأ حالا ممن مدح ما ذمّه الله وحسن ما قبح"[41].
ومن علامات تفشّي الجواري والقيان أن خصص الجاحظ كتابا للقيان والنسا.، كما تعرّض إلى نشاط النساء وأدوارهن في القصور إذ يقول "على أن الغناء الحسن من الوجه الحسن أحسن، والغناء الشهي من الوجه الشهي والبدن الشهي أشهى"[42].
وفي الحقيقة قد شهدت المجتمعات القديمة عموما هذه الظواهر: الجواري والقيان والخنوثة والغلمان "وكان اللواط متداولا بين الرومان"[43] واليونان والهند. فالمتعة مع المثيل الذكوري تستهدف تأطير العلاقات الاجتماعية والتّراتبية داخل الجنس نفسه، مما يساهم في انتشار الجنسانية المثلية. فطلب المتعة مع المثيل الجنسي وتفاقم ظاهرة الجواري والقيان يستدعي إيجاد ترسيمة لخطاب الجنس ووضعه في أطر بديلة وقواعد خلاقة تجعل الحياة ممكنة عن طريق التكاثر والتوالد.
7- من الجنسانية إلى الميتا-جنسانية:
يخوّل الخلاص في الحياة الأخروية للمسلم إشباع رغباته التي حرم منها في الدّار العاجلة باسم المحرمات أو المحارم أو الطّهرانية وخاصة النزوات الشاذة فذكر الغلمان في الآخرة وهم يطوفون بأهل الجنة يغذي المخيلة الجمعية بصور جنسيّة. فيقول صاحب الغلمان مستدلا على فضل الغلمان مستشهدا بالآية القرآنية: "يَطُوفُ عَلَيهِمْ غِلمَانٌ كَأَنَهُمْ لُؤْلُؤْ مَكْنُونُ". وقال تبارك وتعالى: "يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلدَانٌ مُخَلَدُونَ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ" "فوصفهم في غير موضع من كتابه وشوّق إليهم أولياءه"[44].
ويقوم الجنس في الجنة على التحرّر الكامل من الدّنس لأنّه :"جنس منضبط مهذّب إذ لا إنزال لمني ولا قذف ثمة تحوير في مفهوم اللّذة تغيير في طريقة التصوّر"[45] لأنّ المناخ المقدس يؤكد ديمومة اللذة وهي تمتلك الكيان الجسدي المروحن معبّرة عن طاقة جنسية لا تنفذ حيث الزواج بحور العين:" حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيَامْ" ( الرحمان/ الآية72) " وقوله " وحُورُ عَيْنِ كَأمْثَالِ اللُؤلُؤ المَكْنُونِ" (الواقعة/ ) وقوله تعالى "فِيهِنَ قَاصِرَاتٌ الطَرْفِ لَمْ يَطْمَثهُنّ إنِسٌ وَلاَ جَانْ" (الرحمان/ الآية 56 ).
فالملذات الجنسية محورية في حياة أهل الجنّة مع ضمان إشباع اللذات المحظورة في الدنيا في عالم متّسم بالخلود والاتحاد بالخالق إرضاء لتوق "الإنسان إلى الاتّحاد مع المحبوب ومعه وتجاوز المادي في رحاب الخالق حيث اللذة لا تعود حالة انفصال عن المعبود".[46]
هكذا تقوم الميتا-جنسانية على الطهرية في إطار إزالة النجاسة المنبعثة من الإفرازات. وهذا ينسجم مع رأي الأستاذ بوحديبة بقوله "إنّ العلاقة الجنسية هي التي تولد نجاسة الرجل كما تولد نجاسة المرأة، وليس ذلك عائدا للعمليّة بالذات، بل لما تولد من إفرازات، والوسخ فيها مرتبط بالحدث أي بكل إفراز للنفايات العضوية: المني دم الطمث أو دم الولادة"[47]. فالميتا-جنسانية هي نوع من الجنسانية المروحنة والمخترقة للمحارم والرّجس الناتج عن ممارسات جنسانية مادية، والجاحظ كغيره من أهل عصره قد انخرط في هذه التصورات التي تفتح الجسد على عوالم غيبية تعوّض ما فقده في العالم المادي الدنيوي.
8- الجنسانية المقموعة: خطاب الجنس أم خطاب السّلطة؟
الحديث في الجنسانية حديث في الجسد باعتباره أداة للإدراك "فجسدي هو هذه الأداة الدالة التي تتصرف بوصفها وظيفة عامة"[48]. أما الجسد المعطى فشهواني وخطير إنه جسد مدمج في الفكر الإعتقادي ومدرج ضمن ثقافة تدين المحارم، فالتحريم " من هذا المنظور فعل ثقافي يضفي على الجسد طابعا قدسيا. هكذا فإنّ الزواج يشكّل موطن تحويل الشهوة إلى فعل اجتماعي وقدسي"[49].
ويرسم الثقافي صورة الجسد وهندسته وجغرافيته كي لا تدخل العلاقة الجنسيّة مجال المحرم فتضبط حدود المؤسسة الجنسية انطلاقا من صورة نموذجية للمعاشرة الزوجية والنكاح. وبالرغم من الطابع الروحاني فإنه "قد ترك فجوات كبرى وفسحات مهمّة للجسدي والدنيوي والشهواني"[50] إلاّ أنّ الجسد ظلّ خادما للمقدس "ومجرّد معبر للوظائف الدينية والدنيوية"[51] فقد جذّرت الثقافة الكلاسيكية الكائن في الفضاء الإيماني باعتباره صورة تعبّر عن المشيئة الإلهية في غياب تصوّر فعلي للكائن الإنساني كوجود لذاته. وهذا يتناقض مع الرّؤية الحداثية للجسد لأنّ "الجسد ليس أنا سطحيا للجهاز النفسي وإنّما أنا جسدي موضوع للغرائز" كما يقول أنزييه[52]. فالجنسانية وعي بالأنا الراغبة غير أنّ تدخّل المنزع الأخلاقي جعلها محاصرة وتابعة لتحديد "استعمال اللذات " انطلاقا من الوقت المناسب والعمر المناسب والحمية المناسبة [53].
ولئن تميزت بعض الفترات بالتّساهل مع المحظور واللامشروع فإنّها كانت في بعض الفترات الأخرى أكثر صرامة فنبذت الجنسانية الهامشية وقمعتها باعتبار أنّ القمع هو "الأسلوب الأساسي للربط بين السلطة والمعرفة والجنسانية"[54]. ومن هنا رفض تداوله عبر اللغة والخطاب لأنّ "الحديث عن الجنس [في الخطاب] أكثر صعوبة وأكثر كلفة. ويجب إخضاعه في مستوى اللغة ومراقبة تداوله الحرّ الخطاب من أجل السيطرة عليه في الواقع "[55]. وبذلك يتمّ إنشاء خطاب حول الجنس يدّعي امتلاك الحقيقة، ويأخذ على عاتقه مهمّة إلغاء تلك الأشكال من الجنسانية التي لا تراعي المستلزمات الدقيقة لاقتصاد التناسل برفض الأنشطة غير المنتجة ونفي المتع الهامشيّة..." [56] .
وينشأ علم حول الجنس بإقامة جهاز ضخم لإنتاج الحقيقة فيكف الجنس عن كونه خطاب إحساس ولذّة أو مسألة قانون وحظر ويصبح مسألة صواب وخطأ فيتمّ تشكيله كرهان للحقيقة، وهذا ما نلمسه في كلام الجاحظ في تصدير كتاب تفضيل البطن على الظهر بقوله: " عصمنا الله وإيّاك من الشبهة وأعادنا وإيّاك من زيغ الهوى" [57] فالمتعة والسلطة يتبادلان المواقع من أجل صياغة خطاب حول الجنس وإنتاج تحولات تمس "لعبة الحقيقة" من جهة والجنس من جهة أخرى.


خـــــاتمة :
انطلق الكلام حول الجنسانية لدى الجاحظ من لحظة التأسيس للثقافة العربية الإسلامية ثم انتهى إلى رسم الملامح العامة للجنسانية، فأنتج خطابا حول الجنس تمحور حول قوعدته وتقييمه وإدراجه بقطبيه السّوي والشاذ ضمن دائرة القواعد العامة للسلوك الإيماني والتعالي به للتعبير عن المشيئة الإلهية وتقنين الرّغبات الفردية وإدماجها ضمن المشروع الجماعي للأمّة. فالهامشية الجنسية محيطة برؤية متماسكة تعيد الفردي إلى الجماعي وتدجّن النزعات الرامية إلى خرق السنن الثقافي والمعطيات الإيمانية.




قائمة المصادر والمراجع

I- المصادر والمراجع بالعربية:
1- المصــــادر:
· ابن منظور (ت711هـ)، لسان العرب، طبعة دار صادر، بيروت 1997.
· الجاحظ (عمرو بن بحر) (ت255هـ)، رسائل الجاحظ، تحقيق عبد السلام محمد هارون، طI، دار الجيل، بيروت، 1991.
· الحموي (ياقوت)(ت626هـ)، معجم الأدباء، إرشاد الأريب على معرفة الأديب، تحقيق إحسان عباس، ط1، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1993.
2. المراجـــــع:
· عبد الوهاب بوحديبة، الجنسانية في الإسلام، ترجمة علي مقلد، سراس للنشر، تونس 2000.
· فريد الزاهي، الجسد والصورة والمقدس في الإسلام، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 1999.
· وحيد السعفي، العجيب والغريب في كتب تفسير القرآن، تفسير ابن كثير أنموذجا، تبر الزمان، تونس 2001.
· ميشيل فوكو، تاريخ الجنسانية، جI، إرادة العرفان. ترجمة محمد هشام، أفريقيا الشرق، 2004.
· ميشيل فوكو، تاريخ الجنسانية، جII، استعمال اللذات. ترجمة جورج أبي صالح، مركز الإنماء القومي، بيروت، 1991.
· إبراهيم محمود، جغرافية الملذات، الجنس في الجنة، رياض الريس للكتب والنشر، ط1، 1998.
· إبراهيم محمود، المتعة المحظورة، الشذوذ الجنسي في تاريخ العرب، رياض الريس للكتب والنشر، ط1، 2000.

II. المراجع الأعجمية :
· Anzieu (D), Le corps et l'œuvre, Gallimard, Paris, 1981.
· Foucault (M.), The incitement to Discourse, in Discourse Reader London and New York, ROUTLEDGE 2000.
· Merleau-Ponty (M.), La phénoménologie de la perception.

[1] ابن منظور، لسان العرب، مادة [جنس] طبعة دار صادر، بيروت 1997، I/ 471.
[2] ميشيل فوكو، تاريخ الجنسانية، استعمال اللذّات، ترجمة جورج أبي صالح، مركز الإنماء القومي، بيروت 1991، II/7.
[3] م، ن، 7
[4] الجاحظ، كتاب مفاخرة الجواري والغلمان، رسائل الجاحظ، تحقيق عبد السلام محمد هارون، ط1، دار الجيل، بيروت 1991، II /91.
[5] م، ن، 95
[6] الجاحظ، كتاب تفضيل البطن على الظهر، رسائل الجاحظ، IV/155.
[7] الجاحظ، كتاب القيان، رسائل الجاحظ، II/147.
[8] عبد الوهاب بوحديبة، الجنسانية في الإسلام، ترجمة علي مقلد، سراس للنشر، تونس 2000 ص5.
[9] عبد الوهاب بوحديبة، م، ن، 6.
[10] فريد الزاهي، الجسد والصورة والمقدس في الإسلام، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء 1999 ص57.
[11] الجاحظ، مفاخرة الجواري والغلمان، 97.
[12] عبد الوهاب بوحديبة، م.ن، 12.
[13] م.ن.، ص15.
[14] ابن منظور، لسان العرب، مادة [زوج] III/212.
[15] ميشيل فوكو، تاريخ الجنسانية، إرادة العرفان، ترجمة محمد هشام، أفريقيا الشرق، I/ 2004 ص5.
[16] مشيل فوكو، م، ن، 6.
[17] الجاحظ، مفاخرة الجواري والغلمان، 101.
[18] الجاحظ، م، ن، 100.
[19] م، ن، 100.
[20] الجاحظ، كتاب القيان، رسائل الجاحظ، II/158.
[21] ميشيل فوكو، تاريخ الجنسانية، إدارة العرفان I/34
[22] لسان العرب، مادة [لوط] V/536.
[23] وحيد السعفي، العجيب والغريب في كتب تفسير القرآن، تفسير ابن كثير أنموذجا، تبر الزمان، تونس 2001، ص258.
[24] الجاحظ، تفضيل الظهر على البطن، رسائل الجاحظ،IV /158.
[25] وحيد السعفي، المرجع السابق، 253.
[26] عبد الوهاب بوحديبة، الجنسانية في الإسلام، 44.
[27] إبراهيم محمود، المتعة المحظورة، الشذوذ الجنسي في تاريخ العرب، رياض الريس للنشر، ط1 2000 ص34.
[28] إبراهيم محمود، المتعة المحظورة، 276.
[29] إبراهيم محمود، م، ن 209.
[30] الجاحظ، تفضيل البطن على الظهر، 164.
[31] الجاحظ، مفاخرة الجواري على الغلمان، 123.
[32] الجاحظ، م، ن، 124.
[33] إبراهيم محمود، المتعة المحظورة، 57.
[34] ميشيل فوكو، تاريخ الجنسانية، استعمال اللذات،II/ 12.
[35] الجاحظ، تفضيل البطن على الظهر، 196.
[36] إبراهيم محمود، المتعة المحظورة(عن كتاب نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب، ص224) ص 69.
[37] إبراهيم محمود، م، ن، 104.
[38] إبراهيم محمود، م، ن، 65.
[39] أحمد محمود، المتعة المحظورة، 50.
[40] الجاحظ، مفاخرة الجواري والغلمان، 95.
[41] الجاحظ، م، ن، 105.
[42] الجاحظ، كتاب النساء، 143-144.
[43] أحمد محمود، المتعة المحظورة، 31.
[44] الجاحظ، مفاخرة الجواري والغلمان، 96.
[45] إبراهيم محمود، جغرافية الملذات الجنس في الجنة، رياض الريس للكتب والنشر، ط1، 1998 ص357.
[46] إبراهيم محمود، م، ن، 358
[47] عبد الوهاب بوحديبة، الجنسانية في الإسلام، 25.
[48] موريس ميرلوبنتي، فينومينولوجيا الإدراك، ص 172.
[49] فريد الزاهي، مرجع سابق، ص 60.
[50] م، ن، 25.
[51] م، ن، 24.
[52] Anzieu. D, Le corps et l'œuvre, Gallimard, Paris, 1981, p113.
[53] ميشيل فوكو، تاريخ الجنسانية، II/ 43.
[54] ميشيل فوكو، تاريخ الجنسانية، I/7.
[55] Foucault M, The incitement to discourse, In discourse reader, ROUTLEDGE, p514.
[56] ميشيل فوكو، تاريخ الجنسانية، I /32.
[57] الجاحظ، تفضيل البطن على الظهر، ص155.



صورة مفقودة

(Phryne revealed before the areopagus)
Artist . Jean-Leon Gerome 1861
.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى