نقوس المهدي
كاتب
مع الانفتاح الكبير على الحضارات الأخرى، وازدهار حركة الترجمة والنقد، وتطور الإنتاج الأدبي في العالم العربي، وظهور العديد من المبدعين المطلعين على الآداب العالمية بمختلف أشكالها، ظهرت العديد من الأعمال الأدبية المتميزة والتي استطاعت الوصول إلى أقطار العالم كافة، وليس فقط النشر على نطاق محلي، إلا أنه في الوقت ذاته، واجهت هذه الأعمال انتقادا واحدا يمثل “التابوه” في المجتمع العربي، وهو كيفية تناول الجنس في العمل الأدبي.
مع صدور العديد من الأعمال الأدبية المتميزة، ثمة انتقادات توجه لأصحابها وللعمل ذاته، ليس لشيء سوى لحجم تناول الكاتب للشأن الجنسي في الرواية، والذي قد يتسم بالكثير من الجرأة غير المبررة في بعض الأحيان، في حين يكون وجوده لضرورة أدبية في كثير من الأحيان، إلا أن ذلك الهجوم ساهم بشكل أو بآخر في الترويج لهذه الأعمال وليس حجبها.
ورغم إجماع كثير من النقاد على أن الأدب الإيروتيكي (الجنسي) بمفهومه الشامل غير موجود في الأدب العربي في الوقت الراهن، إلا أن العديد من الانتقادات يتم توجيهها للجنس في الأعمال الأدبية والذي يأتي في كثير من الأحيان في سياق الضرورة الأدبية لتطور الأحداث.
شهد الأدب الإيروتيكي رواجا في الجاهلية وعصر صدر الإسلام والخلفاء الراشدين والعصر الأموي والعباسي، وبقيت العديد من النصوص الشعرية التي دللت على حجم الجرأة في الأعمال الشعرية آنذاك، ومن أبرزها معلقة امرؤ القيس التي لم تخل من الجرأة ، وكتاب “مفاخرة الغلمان” للجاحظ، فضلا عن مؤلفات ابن حزم والسيوطي، وروايات عدة من أبرزها رواية “ألف ليلة وليلة”.
حضور قوي
يرى الناقد الأدبي حسام عقل، أستاذ النقد الأدبي بكلية التربية في جامعة عين شمس، أن الأدب الإيروتيكي يظل له حضور قوي على المستوى السردي والقصصي، وإن شهد انكماشا على المستوى الشعري، لافتا إلى أنه قبل ما يقرب من تسع سنوات تصدّر شعر الجسد المجالات الإبداعية، وظهرت دواوين وقصائد ومقاطع من قصائد تدور حول رؤية الجسد، وتُحمّلها بنسق رمزي حينا، وحينا آخر قد تخلو من الرمز تماما، وفي هذا الإطار تحدث النقاد عن قصيدة “نحت” للشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي، وعن بعض كتابات حسن طلب، ودراسة لطفي عبدالبديع عن أدب الجسد ومغزى وجوده.
ويضيف عقل في تصريحات خاصة “انحسرت هذه الموجة تدريجيا في الأدب الشعري، وبدأ القص يقترب بشكل أكبر من هذه المساحة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك كتاب “أحلام النساء الحريم” للكاتبة المغربية فاطمة المرنيسي، وهي رواية تدور داخل حمام نسائي، واستمرت الموجة بعد ذلك، حيث ذهب بعض الكتاب إلى تسجيل لحظة الشبق، وآخرون استثمروا هذا القالب في تسجيل أنساق رمزية، في حين لجأ آخرون إلى استخدام الجنس لتحقيق أغراض تجارية، دون وجود أيّة أهداف فنية أو جمالية”.
ويستطرد عقل «بعض روايات السيرة الذاتية أمعنت في استخدام هذا القالب بشكل كبير، ومن أبرز الأمثلة على ذلك السيرة الذاتية للكاتب شكري عياد “العيش على الحافة”، والتي تميزت بالجرأة الشديدة في تسجيل لحظات الشبق، والحديث عن المثلية».
ويبيّن عقل أن انتشار وغزارة الأعمال الإيروتيكية أفقد الجمهور قدرته على الاندهاش، ولم تعد تحظى بإقبال جماهيري على قراءتها، حيث انصرف الناس عنها لحساب الروايات السياسية والإنسانية والرمزية، وأبرز الأمثلة على ذلك، الرواج الذي شهدته رواية “عمارة يعقوبيان” للروائي المصري علاء الأسواني، وروايات الكاتب الشاب أحمد مراد خاصة “الفيل الأزرق”، فضلا عن رواج الرواية التأملية وزيادة الإقبال عليها ومن أبرز الأمثلة على ذلك رواية “منافي الرب” للروائي المصري أشرف الخمايسي.
ويؤكد عقل على أن النسبة المئوية للأعمال الشعرية الإيروتيكية في السنوات الأخيرة ضئيلة للغاية على مستوى العالم العربي، ما يدلّ على عدم وجود الإيروتيكيا بشكل لافت في الشعر العربي خلال الفترة الراهنة مثلما كان حاضرا في الماضي”.
ويرى نقاد، أن تقبل الأدب الإيروتيكي، يختلف من قارئ لآخر، حسب مستوى ثقافته ومحدداته الشخصية، ونظرته العامة للأدب وعلاقته بالتابوهات المجتمعية البارزة، والتي يأتي في مقدمتها “الجنس”، ومن ثم فهناك تباين دائم في الآراء حول العديد من الأعمال الأدبية التي تعتمد على الإيروتيكية في بنائها الخاص، ما بين مرحب بها على اعتبارها تخدم مضمون العمل الأدبي وتكون سببا في تطور الأحداث ضمن وقائع السرد، وبين رافضين لها على اعتبارها تصادمت مع إحدى “التابوهات” وهو الجنس.
تواجد ضعيف
ويختلف الناقد حامد أبو أحمد مع رأي عقل، إذ يؤكد أنه لا وجود للأدب الإيروتيكي في العالم العربي، وأن وجوده يقتصر على الأدب الغربي، وعلى بعض مساحات التواجد داخل الأعمال الأدبية العربية، التي تعمد إلى تقديم مشاهد جنسية صريحة سواء في إطار أدبي وفني أو غير ذلك.
ويوضح أبوأحمد، في تصريحات خاصة، أن الأدب الإيروتيكي كان حاضرا بشكل كبير في العصور الماضية، خاصة في العصر العباسي، الذي شهد العديد من الشعراء المهتمين بكتابة أشعار إيروتيكية صريحة ومباشرة، وقد تردّد أن الخليفة المهدي قتل بعضهم بسبب رفضهم للاستتابة.
ويرجع أبوأحمد انتشار الأدب الإيروتيكي في الماضي لوجود نوع من التسامح مع الجنس باعتباره جزءا أصيلا من الحياة، وليس من العيب أن يذكر، لافتا إلى أن اختفاء هذا النوع الأدبي في الوقت الراهن يرجع إلى قمع المجتمع لهذه التوجهات، والتعسف تجاه هذا النوع من الكتابات، ما يجعل كثيرا من الأدباء يخشون الكتابة الإيروتيكية تخوفا من ردود الفعل إزاءها.
.
مع صدور العديد من الأعمال الأدبية المتميزة، ثمة انتقادات توجه لأصحابها وللعمل ذاته، ليس لشيء سوى لحجم تناول الكاتب للشأن الجنسي في الرواية، والذي قد يتسم بالكثير من الجرأة غير المبررة في بعض الأحيان، في حين يكون وجوده لضرورة أدبية في كثير من الأحيان، إلا أن ذلك الهجوم ساهم بشكل أو بآخر في الترويج لهذه الأعمال وليس حجبها.
ورغم إجماع كثير من النقاد على أن الأدب الإيروتيكي (الجنسي) بمفهومه الشامل غير موجود في الأدب العربي في الوقت الراهن، إلا أن العديد من الانتقادات يتم توجيهها للجنس في الأعمال الأدبية والذي يأتي في كثير من الأحيان في سياق الضرورة الأدبية لتطور الأحداث.
شهد الأدب الإيروتيكي رواجا في الجاهلية وعصر صدر الإسلام والخلفاء الراشدين والعصر الأموي والعباسي، وبقيت العديد من النصوص الشعرية التي دللت على حجم الجرأة في الأعمال الشعرية آنذاك، ومن أبرزها معلقة امرؤ القيس التي لم تخل من الجرأة ، وكتاب “مفاخرة الغلمان” للجاحظ، فضلا عن مؤلفات ابن حزم والسيوطي، وروايات عدة من أبرزها رواية “ألف ليلة وليلة”.
حضور قوي
يرى الناقد الأدبي حسام عقل، أستاذ النقد الأدبي بكلية التربية في جامعة عين شمس، أن الأدب الإيروتيكي يظل له حضور قوي على المستوى السردي والقصصي، وإن شهد انكماشا على المستوى الشعري، لافتا إلى أنه قبل ما يقرب من تسع سنوات تصدّر شعر الجسد المجالات الإبداعية، وظهرت دواوين وقصائد ومقاطع من قصائد تدور حول رؤية الجسد، وتُحمّلها بنسق رمزي حينا، وحينا آخر قد تخلو من الرمز تماما، وفي هذا الإطار تحدث النقاد عن قصيدة “نحت” للشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي، وعن بعض كتابات حسن طلب، ودراسة لطفي عبدالبديع عن أدب الجسد ومغزى وجوده.
ويضيف عقل في تصريحات خاصة “انحسرت هذه الموجة تدريجيا في الأدب الشعري، وبدأ القص يقترب بشكل أكبر من هذه المساحة، ومن أبرز الأمثلة على ذلك كتاب “أحلام النساء الحريم” للكاتبة المغربية فاطمة المرنيسي، وهي رواية تدور داخل حمام نسائي، واستمرت الموجة بعد ذلك، حيث ذهب بعض الكتاب إلى تسجيل لحظة الشبق، وآخرون استثمروا هذا القالب في تسجيل أنساق رمزية، في حين لجأ آخرون إلى استخدام الجنس لتحقيق أغراض تجارية، دون وجود أيّة أهداف فنية أو جمالية”.
ويستطرد عقل «بعض روايات السيرة الذاتية أمعنت في استخدام هذا القالب بشكل كبير، ومن أبرز الأمثلة على ذلك السيرة الذاتية للكاتب شكري عياد “العيش على الحافة”، والتي تميزت بالجرأة الشديدة في تسجيل لحظات الشبق، والحديث عن المثلية».
ويبيّن عقل أن انتشار وغزارة الأعمال الإيروتيكية أفقد الجمهور قدرته على الاندهاش، ولم تعد تحظى بإقبال جماهيري على قراءتها، حيث انصرف الناس عنها لحساب الروايات السياسية والإنسانية والرمزية، وأبرز الأمثلة على ذلك، الرواج الذي شهدته رواية “عمارة يعقوبيان” للروائي المصري علاء الأسواني، وروايات الكاتب الشاب أحمد مراد خاصة “الفيل الأزرق”، فضلا عن رواج الرواية التأملية وزيادة الإقبال عليها ومن أبرز الأمثلة على ذلك رواية “منافي الرب” للروائي المصري أشرف الخمايسي.
ويؤكد عقل على أن النسبة المئوية للأعمال الشعرية الإيروتيكية في السنوات الأخيرة ضئيلة للغاية على مستوى العالم العربي، ما يدلّ على عدم وجود الإيروتيكيا بشكل لافت في الشعر العربي خلال الفترة الراهنة مثلما كان حاضرا في الماضي”.
ويرى نقاد، أن تقبل الأدب الإيروتيكي، يختلف من قارئ لآخر، حسب مستوى ثقافته ومحدداته الشخصية، ونظرته العامة للأدب وعلاقته بالتابوهات المجتمعية البارزة، والتي يأتي في مقدمتها “الجنس”، ومن ثم فهناك تباين دائم في الآراء حول العديد من الأعمال الأدبية التي تعتمد على الإيروتيكية في بنائها الخاص، ما بين مرحب بها على اعتبارها تخدم مضمون العمل الأدبي وتكون سببا في تطور الأحداث ضمن وقائع السرد، وبين رافضين لها على اعتبارها تصادمت مع إحدى “التابوهات” وهو الجنس.
تواجد ضعيف
ويختلف الناقد حامد أبو أحمد مع رأي عقل، إذ يؤكد أنه لا وجود للأدب الإيروتيكي في العالم العربي، وأن وجوده يقتصر على الأدب الغربي، وعلى بعض مساحات التواجد داخل الأعمال الأدبية العربية، التي تعمد إلى تقديم مشاهد جنسية صريحة سواء في إطار أدبي وفني أو غير ذلك.
ويوضح أبوأحمد، في تصريحات خاصة، أن الأدب الإيروتيكي كان حاضرا بشكل كبير في العصور الماضية، خاصة في العصر العباسي، الذي شهد العديد من الشعراء المهتمين بكتابة أشعار إيروتيكية صريحة ومباشرة، وقد تردّد أن الخليفة المهدي قتل بعضهم بسبب رفضهم للاستتابة.
ويرجع أبوأحمد انتشار الأدب الإيروتيكي في الماضي لوجود نوع من التسامح مع الجنس باعتباره جزءا أصيلا من الحياة، وليس من العيب أن يذكر، لافتا إلى أن اختفاء هذا النوع الأدبي في الوقت الراهن يرجع إلى قمع المجتمع لهذه التوجهات، والتعسف تجاه هذا النوع من الكتابات، ما يجعل كثيرا من الأدباء يخشون الكتابة الإيروتيكية تخوفا من ردود الفعل إزاءها.
.