آه، يا ابني، قل ْ لي، هل تعلم من أين أتيتَ؟
من جزيرة فيها نورسات ، بيضاء جائعات.
أشعلنا، أنا وهي، في الشتاء، بجانب المياه ، نارا حمراء ،
استنفذنا كل ّ شفاهنا في قبل الروح،
رمينا كل شيء في النار، واحرقنا حياتنا.
هكذا جئت َإلى الدنيا.
لكنها لكي تراني ،
ولكي تراك يوما،
خاضت المحيطات،
ولكي أستطيع...
عندما أغلق كتاباً
أفتح الحياة
أسمع
الصرخات المتعثرة
بين الموانئ
سبائك النحاس
وهي تنزلق بمقالع المعادن
إلى توكوبيلا(*)
بالليل.
عبر الجزر
محيطنا
الخفاق بالسمك
تلمس أٌقدام، وأفخاذ
الأضلع المسطحة
لبلدتي
طيلة الليل،
تتعلق بالشاطئ، بالفجر
تستيقظ مغنية
كما لو أنها حمست جيتار
موجة البحر
تنادي الريح...
لا أحبكِ، كوردةِ ملحٍ،
أو حجرِ توبازٍ، أو سهمِ قرنفلٍ
تنفثهُ النارُ. بل أحبكِ، ككلّ ما هو
داكنٌ يستحقّ الحبّ، سراً،
بينَ الظلّ والروحِ. أحبكِ،
مثل نباتٍ لا يُزهرُ قطّ، بل يحملُ
في نفسهِ نورَ أزهارٍ خفيةٍ؛
وبفضلِ حبكِ، شذا أصمُّ
قد ينهضُ من الأرضِ، حياً في
ظُلماتِ جسمي. أحبكِ، دون أن
أعرفَ كيفَ،...
1-
لو لم يكن لعينيكِ لون القمر،
لون النهار بطينه وكده وناره
لو لم تُخضعي خفة الهواء،
ولم تشبهي اسبوعا من العنبر،
لو لم تكوني اللحظة الصفراء
التي ينبثق فيها الخريف من الدوالي
والخبز الذي يعجنه القمر العطِر
حين ينزّه طحينه في السماء.
آه، يا حبيبتي، لما احببتكِ!
في عناقكِ اعانق كل الوجود:
الرمل...
امرأة مكتملة ، تفاحة لاحمة ، قمر شهواني
رائحة عشب بحري زخمة ، طين وضوء في حفلة مساخر ،
أي وضوح سرّي يتكشف بين عموديك ؟
أي ليل غابر يلمسه المرء بحواسّه ؟
آه ، الحب ارتحال في الماء والنجوم ،
في الهواء الغريق وعواصف الطحين ؛
الحب صليل بروق ،
جسدان مقهوران بعسل واحد .
قبلةٌ قبلة أرتاد أبديتك...