في مساء ما
مساء خريفي.. مثلما أُنوثتي
مفعم بأحاسيس لم يُسمع بها
ولا أحد تحدث عنها
أحاسيس زاخرة بألوان قُزحية
كاللتي تُرى من إنبعاث انفاس رجل جهنمي
يظهر فجأة..
سأعود
لمرة واحدة وحسب
.
سأعود..
قبل أن تعود العصافير
بأجنحتها المُتعَبة
هابطةً لأعشاشها
قبل مغيب الشمس
وخلو الشوارع من المارة
قبل إشتعال...
أحني برأسك قليلاً
وأدخل عبر بوابة الدار
بخشوع وجلال
كأنك تدخل مسجداً
او كنيسة
سَلّم على زهور حديقة الدار الزاهية
وأسأل عن أحوالها بنظرة حانية
ضع يدك على قلبك
متأملاً التميمة على واجهة الدار
بكل جدية و وقار
فإن النساء لايشبهن الرجال
إذ يؤمنن بوجود العيون الحاسدة
أقم الصلاة وأدعو خيراً
قبل زيارتك...
حين أتمعن بعَينيّ أُمي
أُحس بظلها يطل على روحي
قبل طلوع الشمس
فأُدرِكُ تماماً
لِمَ كان عدد الأنبياء هائلاً
لِمَ تكون غالبية القتلى في الحرب
رجالاً
لِمَ كان الملحدون يُصلبون
ولِمَ يُرجَم الشيطان
لحد هذه اللحظة
لِمَ يُخلق الجَنينُ في ظُلمة رَحم المَرأة
لِمَ يتوجب على الرجل نكاح المرأة
ما الحكمة في...
كلما إنبلج الصُبح
دعوا هذي المرأةَ
على سجية التخيل بوجودها
أن تُشعل سيجارةً
مع رشفة قهوة الصبح
مثلها كمثل زهور السندأنة
المركونة في الظل
تقطر روحها شُعاعاً
بينما الشمس لاتُحس بوجودها
.
دعوا هذي المرأة
تتغنى بوحدتها
كلما حل المساء
مُحتضنةً السماء
مثلها كمثل عصفور مكسورة الأجنحة
إزداد...
أُنظري يا ماريا..
ليس لي الآن
حتى لو تخيلتُ سراً
في أن أتأنق بما يحلو لي
جمالآُ وتزينا
في أن اسرح والسيجار في شارع مليء بخطى الرياحين
وحيدة
مشرأبة الرأس نحو سماوات الله
أستنشق الهواء وزفير الموت
معاً
أُنظري يا ماريا..
ليس لي الآن
في أن أنام كما يحلو لي
أتناغم والحلم
تلك الأحلام الشفيفة الناعمة...
بدونك تحدث اُمور كثيرة
مثلما
أكون إمرأةً عادية
في الصبح أستيقظ جد مبكرة
بدل القهوة أحتسي شاياً
أجهل أسماء الكُتاب وعناوين الروايات
ومن ثَم أخرج إلى السوق بمساحيق فاقعة
لا أُبالي بتنسيق الألوان
وبدل قلادة شفيفة أُطوِق جيدي ذهباً
بدونك تحدث أُمور كثيرة
في المساءات
بدل الجلوس في حضور السيمفونيات...