“أُطِلُّ. كشرفة بيت، على ما أريد..”
***
الفراغات الخالية من البشر غير مسلية.
لا أحتمل المشاهد الثابتة لفترات طويلة، حتى لو كانت تلك التي يسمونها ساحرة وملهمة: البحر، الصحراء، السماء. أعرف أن البعض يراها متحركة، لكنني لم أجد فرقا عظيما بين البحر من شرفة تونسية أو جزائرية وبينه من شرفة سكندرية...
الرائحة العطنة في الممر الطويل تزداد كلما توغلنا. لم يكن هناك غير ثلاثتنا والرجل الذي يدفع الكرسي. الجدار الأيمن على المحارة. في آخر الممر، على اليسار، باب معدني متهالك لمصعد. ترك الرجل العجوز الكرسي، وراح يدق على الباب براحة يده. بعد فترة انفتح بأزيز عال وصدى غير محدود. في الداخل رجل آخر متلفح...
للّهو صوت مميز، وضوضاء مختلفة. خليط من ضحك وصراخ، لأطفال وكبار.
عندما يعلو بحدّ معين، يتحول، في أذن الجالس هادئاً بالناحية القريبة، إلى صوت آتٍ من بعيد. أو بوصف أدق، يأتي عبر حاجز ما، لكنه حاجز غير صلب. تماماً مثل الأصوات التي تصلك، عندما تغطّس رأسك في مياه البحر، أو تلك التي تصدر عن اليقظين...
(3-3)
أهو الشيخ الشرقاوي؟
خرجت الحملة الفرنسية من مصر في 1801، وأخذت معها المطبعة التي أنشأها نابوليون. في ذلك الوقت، كانت القاهرة، التي رسمها علماء الحملة في "وصف مصر"، مكونة من ثلاث مدن تكاد تكون منفصلة عن بعضها بعضاً بمساحات من الزراعة والتلال: بولاق، القاهرة، ومصر القديمة. كانت بولاق هي...
(1-3)
حكاية المطبعة
إن خديوي مصر الحالي محمد علي، فخر الدين والدولة وصاحب المنح العظيمة قد زادت مآثره الجليلة التي لا تعد بإنشاء دار الطباعة العامرة وظهرت للجميع بشكلها البهيج البديع وقد قال الشاعر سعيد إن دار الطباعة هي مصدر الفن الصحيح
عند مدخل الكوبري القديم، توقف سائق التاكسي رافضًا...
1
في الصباح تحركت جنازتان.
تقابلتا في المنتصف حيث مساحة المقابر تفصل بين قلب المدينة وبين الضاحية العالية. جنازة لرجل والثانية لسيدة. كأنهما قررا في الوقت نفسه، أن يغلقا حكاية البيت القديم. البيت الذي شيدته السيدة دون أعمدة مسلحة، وكان هو أول سكانه، قبل أن يتركه نزولًا على رغبة الأبناء للانتقال...