محمود عبد الوهاب محمود

الميلاد
Jun 27, 1962 (العمر: 61)
نموذج من كتاباتك
بالأمس فقط تم حسم الأمر فيما يخص عمل جراحه من عدمه بالنسبة لها، فمنذ أن كسر ساقها للمرة الثانية ونحن في حيرة بين الحلول المختلفة، قال الجراح الذي قام بالعملية أن تركيب جبيرة خارجية طويلة هو الحل الأسلم، وتم تركيب الجبيرة إلا أنها لم تجد نفعا، فهي تتألم عند الحركة، ثم إن ساقها ملتوية ومتورمة، كما سببت لها الجبيرة قرحة.
بالأمس حادثت جراحا شابا وقد أرسلنا له صور الأشعة وطلبنا زيارته للتشاور، قال بأن ليس هناك داع لحضوره، فالأشعة كاشفة لكل شيء، وهي تدل على إن الجراحة واجبة مهما تكلف الأمر، قلت له أن ما أخشاه هو تجدد الكسر بسبب شدة هشاشة العظام، فقال إن علينا، يقصد أنا وهو، أن نقبل المخاطرة، فكرت بسرعة في أي مخاطرة يتحدث عنها بالنسبة لنفسه، العملية ستتكلف الكثير وستنفد النقود التي معنا، وإذا أصيبت ثانية بأي عارض فسيكون على تقبل أشد الحلول هوانا، أنا وليس هو.
عندما تحدثت إلى الدكتورة المسئولة عن المركز اتفقنا أن نستعين بطبيب العلاج الطبيعي، الذي سينفذ لها جبيرة خاصة تركَب فقط قبل تحريكها من مكان لآخر، ثم نخلعها عنها ثانية، وبذلك نحررها من الألم ومن القرحة معا، وهو الحل الذي سيتكلف مبلغا زهيدا جدا إذا ما قورن بالحل الأول.
ظللت مبتسما وقتا طويلا بعد محادثتي مع الطبيبة، وأخذت أتأمل موقف الجراح وأفكر في دوافعه، بعد المكسب المادي الذي يهمه بالطبع هناك شيء آخر يهمه، أن تنجح العملية، وأنا يهمني أن ينجح المريض، أي أن يعيش حياة ليس بها منغصات، ولا مضاعفات لعملية جراحية، حياة يتوقف الألم فيها مكتفيا بما حققه من نجاحات على مدى سنوات العمر.
أحاول دائما أن أجنبها الألم من أي نوع، أنجح في كثير من الأحيان، إلا أننى أخفق أحيانا بدون قصد، فمنذ أسابيع أريتها صورة على الموبايل لنفسها قبل خمسة وخمسين عاما، وهي تقف في بلاج ميامي، بالجيب والبلوزة، وتضحك وفى يدها نظارة الشمس، فضحكت بسعادة وهي تنظر إلى جمالها الذي كان، ففكرت في تطوير التجربة، وأحضرت بعد ذلك مجموعة من الصور الأبيض والأسود، أشياء من الذكريات البعيدة لتتذكرها ولتحكي عنها، وكانت المفاجأة إنها تألمت، خاصة عند الصورة التي رأت فيها زوجها، حيث قبلته، ثم قالت لى "كفاية" بينما وجهها ينضح بآلام التذكر.
البلد
مصر
أعلى