قصة ايروتيكية عبدالنبي فرج - المُمثِّلة.. قصة

يلبس قميصًا ملتصقًا بجسمِهِ لونُهُ أحمرُ، وبنطلونًا برمودا أبيضَ مُلتصِقًا على مؤخرته, وجهُه أبيضُ، مربَّع، أمْردُ، عليه مِسْحةٌ منْ بودرةٍ بيضاءَ أخفتْ جلدَ وجهِه النَّضر, لهبٌ أحمرُ خفيفٌ على خدِّه, وحواجبُ مقوَّسةٌ رفيعةٌ, وشفاهُه مطليَّةٌ بروجٍ أحمر قاتم، حوَّلته إلى أنثى فاتنةٍ,
ضئيلٌ, لكنَّ جسمَه رياضيٌّ صلبٌ، لا يحتوي على أيِّ ترهُّل, أو دهون زائدة، يقفُ كرمحٍ، داخله مشاعرُ متناقضةٌ لم يستطع التعامُلَ معها, توقَّف أمام البابِ يُحاولُ أن يستعيدَ تماسُكه الرُّوحي, ابتلعَ ريقَه وارتعبَ من الفشلِ، مجرَّد اجتيازه الباب معناه أن يسيرَ على الصِّراطِ، إنْ سقطَ فإلى قاعِ الجحيمِ.
تذكَّر جملةً كان قرأها في بحثه الدءوبِ: "أظنُّ أنَّنا لا نزالُ نسمعُ في مداخلِ البيوتِ أصداء خطوات الذين سبقونا في عبوره، والذين اختفوا بعد ذلك. إنّ شيئاً يستمرُّ في الاهتزازِ بعد مرورهم ... موجاتٌ تزدادُ ضعفًا شيئًا فشيئًا، ولكنَّنا نُحسُّ بها إذا انتبهنا جيِّدًا."
ثم قال: النَّجاة قائمة دائمًا.
دقَّ على البابِ، فسمعَ صوتًا يأتي من الدَّاخل:
ادخُلْ...
دخلَ وجدَها تجلسُ في الواجهةِ, على كرسيٍّ فاخرٍ في غرفة صالونٍ واسعةٍ جدٍّا فخمةٍ، مطليةٍ بلونٍ بنيٍّ فاتحٍ. النَّجفُ، والأباجورات، موزَّعة بدقَّة تُضفي على المكانِ سِحرًا وجمالاً، ترتدي بنطلونًا جينز أسودَ، وبلوزة موف وفي يديها أساورُ وتضعُ في أنفها دبلةً, و في فمها مِبْسم الشِّيشة, وتشدُّ بقوَّة وتدفع الدُّخان بقوُّة وضجر, جميلةٌ, ملامحُها متناسقةٌ, ولكنْ جامدة لا تُظهرُ أيَّ مشاعر من أيِّ نوع, تضعُ ظلالاً سوداءَ قاتمةً حول عينيها؛ فتبرز عينيها الخضراء، وكأنها لكائن متوحِّشٍ فريدٍ، تقصُّ شعرَها كاريه مدرَّج، أسنانُها الصَّغيرةُ البيضاءُ صفراءُ من أثر الدُّخان، مدَّت يدَها، فسلَّم عليها وقبَّل يدَها, ثم رفع رأسَه ونظرَ إليها في دلالٍ, ثم ركعَ على ركبتيْه، ورفعَ حذاءَها إلى شفتيه، وهو ينظر إليها في إغواءٍ مُصْطنع، يُحرِّكُ لسَانَه خارجَ فمِهِ، ثم أخذ يُقبِّل ويلحس الحذاءَ البوت الأسود، الذي يصل إلى منتصف السَّاق, ثم خلعَ الحذاءَ وركنَه، وقام صالبًا عُودَه في مواجهتها، فهبَّ الدخان في وجهِه، رمتْ مِبْسَمَ الشِّيشة، العينُ في العينِ, الأنفُ في مواجهةِ الأنفِ، كان هناك اكتمالٌ ما كأنَّهما كائنٌ خرافيٌّ منقسِمٌ في سبيله للكمال، عندما اقترب ليقبِّلها أرختْ رموشَها وتركت فرجةً؛ لتطلَّ منها على العالم, حتَّى هبَّ نفَسُهُ السَّاخن عليها، فصدمت، كأنَّها خرجت من حلم:إيه دا؟، أنت حيوان؟، دفعته بقوة، وتركت جسَدَها لينهارَ على الكرسي, ذُعِرَ وتراجَعَ إلى الخلفِ.
فيه حاجة يا مدام؟
كمان غبي !
بدا قليلَ الحيلةِ وهو يبحث عن نجدة ، لم يبالِ أحدٌ به، أنا آسف حضرتك.
- الموضوع مش نافع!، صرخت بصوت أشبه بالصرير الحاد العنيف,
أنا أعصابي بتتمزق، فاهم يعني إيه أعصابي بتتمزق حتت يا بني آدم؟.
" مذعوراً:
أوعدك، أوعدك أني أبذل أقصي جهد تتصوريه .
- أشد في شعري!, أنا مش عايزاك تبذل أقصى جهد, أنا عايزك تبقى زي الدُّور ما هو مكتوب، أنت فهمت النَّص، النَّص بيقول انك أنثي، واحدة ست, عايزة أمارس السحاق مع مرة , عايزاك مرة فقط .
- حضرتك أنا فهمت، إن لازم أفضل راجل، والكل يحس بكده , سامحيني، بس السيناريو ...
- بس السيناريو؟, أنت تبسبس، أنت جاي يا متخلف هنا عشان تبسبس!، وأخذت تضحك بوحشية، كأنك قريت السّيناريو وفهمت المطلوب وأنا غبية!, أنا غبية!, تناولت الحذاء وقذفته بقوة نحوه، فسقط على ظهره، فاصطدم الحذاء بالكاميرا, مدير التَّصوير انخلع وجرى تجاه الكاميرا، وجد أن الكاميرا بخير لم تمس، أحس بالارتياح، وتقدَّم منه وضربه بالشَّلوت: قوم...
قام وأخذ يعدل في القميص، ثم بحث عن مرآة، وأخذ ينظر فيها، ثم سحب قلم الرُّوج وضغط على شفتيه بقوَّة، وسحب المنديل ومسح الزَّوائد, اقترب منها ببط, ناظرًا حوله, يرتجف، وكان الكوافير قد انتهى من ضبط الماكياج.
- حاضر يا ستّ الكلّ، أؤكِّد لكِ أني سأكون مرة, ومُزَّة كمان، ضحك ضحكةً فاترةً, وهي تنهَّدت ونظرتْ إليه، قالت بعصبية:
هديك فرصة!، بس أي ريحة ذكورة يا بن الكلب هاسحقك!, عايزك تخصِي نفسك!، أنت عبد!، خلق هوية جديدة تماماً.
- تسمحي لي لحظة؟ هزَّت رأسها علامة الموافقة, فأخذ يدور حول الكاميرا, حول مدير التَّصوير حول الممثلين، يهزُّ رأسَه:
" أنا في محنة، محنة حقيقيَّة، ولكن عندما أصل سأستردّ هويتي, سأستردّ روحي الضَّائعة، سأعود كائنًا قويًّا ممتلئًا بالقوَّة والغضب والعنف، أستطيع من خلالها أن أفرض ذاتي، ذاتي الحقيقيَّة"، ثم توقَّف أمام المرأةِ قليلاً وبعد ذلك توجَّه إليها, وانحنى يُقبِّل حذاءَها ويخلعه، ويسحب الشَّرابَ ويرميه في دلالٍ، ويُقبِّل أصابعَ قدميها, ثم انهمك في مصِّ الأصابعِ، حتَّى أشارَ له مساعد المُخرج ففردَ جسمَه بلطفٍ وليونةٍ، صعد جسمَها في خيلاءٍ وكبرياءٍ يليقُ بأميرةٍ بابليَّةٍ، يفكُّ أزرار البلوزةِ, أحست أنَّه في المود تمامًا, ففرحتْ وتوهَّجتْ, واقتربتْ منه في حميميَّةٍ وعانقته راغبةً في الكمالِ التَّامِ, تُقبِّلُ فيه، وهو مُستسلِمٌ لشفتيها, تعرَّى كلاهما ، سحبته نحو السّرير ليمارسَ عمله، في دأبٍ، كعبدٍ جِنسيٍّ, يستغرقُ تمامًا، يتقلَّبانِ على الفِراش، وتتسلَّل داخله لذَّةٌ يتعرَّف عليها لأوَّل مرَّة في حياته, لذَّةٌ مُختلفةٌ، تجعله يتيهُ، يجعلها تفقدُ الوعيَ، والإضاءةُ تخفتُ حتَّى تغيبَ ملامحُهما، فقطْ جسدانِ يتقلَّبانِ في سُعارٍ، يفقدُ الوعيَ، ويصرخُ منتشيًا تمامًا، يصرخُ أولجي بقوَّةٍ في فرجي، وهيَ تصرخُ سأمزِّقكَ بعضوي الصُّلبِ كالسِّيخِ، أيّتُها الشَّرموطة الوسِخَة, تغرسُ أسنانَها في لحمِهِ, جسدُكِ سُكَّر يا قحبتي, يبكي من الألم, اسْحقيني, تسمعُ صوتَه فتصهلُ وتتوَّهج بفحولةٍ قادرةٍ، حتَّى ذابا تمامًا ،وعندمَا انتهتْ كانَ جسمُهما محمومًا، ولم ينتبها إلاَّ عندما زادَ التَّصفيق حِدَّةً من مدير التَّصوير والمُمثلين .
- رائع! ..
قامت من عليه مُردِّدة:
فعلا ...


ــــــــــــــــــــــــــ
* من مجموعة
يد بيضاء مشعة تأليف / عبدالنبي فرج..منشورات ألف ليلة وليلة .مصر2016
 
أعلى