قصة ايروتيكية محمود مودى - مدينة الملائكة

من ثرى الأرض إلى السموات , فكانت الأولى كحلقة ٍ فى فلاة ٍ للثانية , وهكذا كانت حتى السابعة
النور يغمر المكان
وقفت أرواحنا تتسائل لماذا نحيا ؟
فجائت الكلمات
لتعبدون .. فى الأرض خليفة .. لتعمروا الأرض .. لتشكرون
ما كل هذا ؟ إن هذا لشئ ُ يُراد
ولماذا نحن لماذا ؟
فيأتى الجواب
إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها .. وحملها الإنسان إنه كان ظلوما ً جهولا ً 0
إذن نحن الذين أختارنا بمحض إرادتنا .. لم نُجبر على الإختيار .. وكان إختيارنا بسبب جهلنا ..
تسبح أرواحنا وتتسائل
ما المقابل ؟
تسقط على رؤوسنا أكاليل النور .. إنها الإرادة الحرة .. أن تفعل ما تريد .. أن تأكل وتشرب وتحس الهواء والدفء والبرد .. الكل مسخر لك وأنت سيد الكون
لكن إعلم أنك ستقف هناك .. ستحاسب .. تثاب وتعاقب .. عند لحظة النهاية.
ويخلق مالا تعلمون .. هكذا تحيا معنا على الأرض أرواح ٌ غير أرواحنا .. ونفوسٌ غير نفوسنا .. منها روح ٌ تدعى شهاب .. روح ٌ مُجبرة وليست مُخيرة .. لاتملك الإرادة الحرة مثلنا بل هى مسيرة .. كان شهاب يحوم فى الأجواء ويقرأ الأفكار .. ويبث سريرته فى النفوس والعقول .. يحسد البشر .. تمنى لو كانت روحه مثل أرواحهم .. تمنى لو إستطاع أن يحس بالهواء أو يشعر بالبرد والدفء .. يحلق بروحه يخترق الأشياء .. رأى تلك المرأة العارية مفتوحة الفخذين من بينهما رجلٌ يلهث , وتتأوه متلذذة , تمسك بجزع الرجل تهزه فوقها .. تسائل شهاب ما هى هذه اللذة ؟ .. تمنى لو إستطاع أن يحظى بمثلها .. سابحا ً فى الهواء رآها جالسة على السرير .. تأكل الكمثرى فتذوب بلوراتها فى فمها كحبات اللؤلؤ المكنون .. وتلك الفراولة تداعب قطع التفاح فى كأس ٍ زجاجية شفافة .. تسائل شهاب ترى ما طعم هذه الكمثرى .. وتلك الفراولة .. سار خلفها وهى متجهه إلى البلكونة تجلس تستشعر بحواسها ذلك النسيم العليل فى ليلة ٍ مضاءة بسنايا القمر الأبيض كالثلج.


كانت أمنية فتاة رقيقة الشكل والحال .. توفى أبوها وهى فى الثانوية العامة .. فقدت إحساس الأمان .. تعيش وحيدة مع أمها ليس لها إخوة ولا أخوات .. بلغت من العمر الخامسة والثلاثين .. أوشك قطار الزواج على أن يفلت منها , بل ربما أفلت ومضى على قضبانه لا يعبأ بها .. بعدما أنهت بكالريوس الهندسة وصارت مهندسة إنشائية , إلتحقت بالعمل الوظيفى الملعون .. مهندسة فى حى الهرم .. نعم واحد من تلك الأحياء المحلية المختصة بتراخيص المحلات والمنشئات والإعلانات ولكنها لم تكن كذلك .. لم تكن محليات كما يسميها الحزب الوطنى الحاكم بأمره .. بل بؤر للفساد والرشاوى .. وعلى عينك يا تاجر بلا خِشا ولا حياء .. إذا أردت إستخراج ترخيص محل أو منشأة فعليك أن تدفع الرشاوى من الفرّاش وحتى رئيس الحى مرورا ً بالموظفين والمهندسين حتى لو كانت أوراقك سليمة , هتدفع يعنى هتدفع هو ده النظام .. وتذهب وتجئ وتروح وتغدو ومعاينات وتوقيعات وأختام ورسوم تُدفع فى الخزينة وإلحق فى الزحمة قبل ما تقفل الخزنة الساعة إتناشر.. يلعن البلد اللى فيها كده .. وإبقى سلم لى على النيابة الإدارية .

كانت أمنية مختلفة كشعاع منير وسط الظلام .. وفجر يبزغ على ظلمة الليل الحالكة .. يشعرك وجودها بمبادئها الشامخة وقيمها النبيلة بأن مصر لا تزال فيها بعض الخير ..مصر هى السفينة التى تغرق لا محالة , لكنها لم تهوى لقاع المحيط بعد .. ربما يجئ من ينقذها من الغرق .
لا يمكن أن تتقاضى المهندسة أمنية مليما ً واحدا ً رشوة أو عمولة أو هدية .. فقط أوراقك سليمة ومنشأتك مستوفية للشروط والمواصفات ومطابقة للرسم الهندسى السليم مش المضروب ستحصل على الموافقة , غير ذلك إضرب راسك فى الحيط .. كان ذلك بالطبع سببا ً للكره والبغض العارم الذى يكنه لها زملائها ومن تقع أوراقه تحت يديها من أصحاب العقارات والمحلات المخالفين .. إذا ذكرت إسمها أمام أحدٍ منهم تسمع
(( البت العانس المكلكعة ))
(( مالقيتش راجل يبص فى خلقتها .. بتطلع عقدها علينا ))
(( إلهى تغور فى داهية وتريحنا اللى توقف المراكب السايرة دى ))

كانت أمنية لها روتين حياتى لا يتبدل إلا نادرا ً .. تستيقظ فى الفجر تصلى وتقرأ بعض القرآن , ثم تجلس ممدة على سريرها تقرأ .. هى نهمة للقراءة فى كافة المجالات مما جعلها تحظى بثقافة واسعة وشخصية متفردة .. وعند إشراق الصباح تناول أمها المريضة أقراص الضغط والروماتيزم وتعد لها الإفطار .. ثم تذهب إلى العمل ومعها بعض الساندويتشات من الجبن والطماطم والخيار أو بعض بقايا غداء الأمس .. كالعادة ترى الوجوه متجهمة أمامها , الرجال تحدق فيها بإزدراء والنساء تشيحن بوجوههن عنها .. تجلس على مكتبها منهمكة فى العمل وبعد الظهر تتناول الساندويتشات وتخرج لإجراء المعاينات .. تعود لتوقع فى دفتر الإنصراف فى الثالثة عصرا ً .. لم يكن مرتبها يتجاوز بالحوافز والعمولات والبدلات سبعمائة جنيه ..تغادر عائدة فى الميكروباص الفلوكس إلى بيتها .. تلك الشقة الإيجار القديم فى منزل من خمسة أدوار فى شارع المحطة بجوار مستشفى أم المصريين فى الجيزة .. تعد الغداء وتتناوله مع أمها .. تحظى بساعتين من النوم وتستيقظ تشاهد التليفزيون أو تنظف البيت أو تشترى بعض لاوزم المنزل وتنام مبكرة فى العاشرة مساءا ً .. لتستيقظ وهلم جره .

جالسة أمنية فى البلكونة شاردة الذهن حزينة .. لا تدرى سببا ً واضحا ً لحزنها , هل لأنها وحيدة ؟ .. هل لأنها لم تتزوج بعد ؟ .. هل لأن صديقاتها إبتعدوا عنها بعدما إنشغلوا بحياتهم العائلية ؟ .. تنظر فى ساعتها فعليها الآن أن تذهب إلى فرح إحدى صديقاتها .. هى سعيدة من أجلها لكنها لا تريد أن تذهب , حتى لا يتفطر قلبها كالعادة من نظرات العيون من حولها .. كم تمنت لو إستطاعت أن تصرخ فيهم (( فى إيه ؟ .. إيه يعنى إنى ما إتجوزتش ماغيرى كتير .. بتبصوا لى كده ليه ؟ )) .. هى لم تكن تشعر بالغيرة من صديقات الدراسة أو الجيرة اللاتى تزوجن , ولكن ما كان يأجج صدرها هو نظرات الإشفاق فى عيونهم نحوها .. وهمهماتهم عليها .
لم تدرك أمنية أنها ليست وحيدة فى هذه اللحظة.. شهاب يحلق بروحه حولها .. أشفق عليها وإنجذبت روحه إليها .. قرر مساعدتها .. أمعن فى بث الطمأنينة والراحة فى روحها .. شعرت هى براحة غريبة تعترى كيانها وتياراً من الهواء ينفذ إلى رئتيها يثلج صدرها .. تنهدت بعمق .. لا تدرى لماذا أحست فى تلك اللحظة أنها ليست وحدها فى المكان , بل هناك من يؤنس وحدتها .. أدارت نظرها تبحث فابتسمت ورددت بينها وبين نفسها (( الظاهر القعدة كدة لوحدى هتخلى دماغى تلسع )) ..إرتدت ملابسها وقالت لإمها وهى تغادر
- أنا رايحة الفرح بتاع سماح فى الشارع اللى ورانا ومش هاتأخر يا ماما
- خدى بالك من نفسك يا بنتى
وفى الفرح وسط المعازيم .. كانت أمنية تجلس مبتهجة .. تصفق بيديها مع الأغانى .. تمنت لو قامت ترقص لكنها تراجعت خشية أن يقولوا (( يا عينى شوفوا البت عايزة تدارى غيظها عشان ما إتجوزتش لحد دلوقتى )) .. لا حظت أمنية عددا ً من النسوة حولها يختلسون النظر إليها وإلتقطت أذنيها همهماتهم (( هى ما إتجوزتش ليه لحد دلوقتى )) .. (( النصيب يا ختى )) .. (( هى أصلها مش حلوة أوى )) .. (( أوحش منها وبيتجوزا )) .. (( لأ أصلها كمان معصعصة )) .. (( ربنا يستر على ولايانا ويسهلها حالها ))
.. كابدت أمنية الدموع فى عينيها .. وشعرت بآهه مكتومة تكوى صدرها .. تخيلت أنها تصرخ (( عايزين منى إيه ؟ .. سيبونى فى حالى .. سيبونى فى حالى )) .. لكن شهاب أبى ألا يتدخل فأخترق الحواجز مجددا ً .. حام حولها ودار وبث فيها من روحه , فشعرت أمنية بالأنفاس تغزو صدرها وثلج نار قلبها وتعتريها راحة وهدوء وسكينة جعلتها تتنهد التنهيدة العميقة .. وتحس أن هناك من حولها .. تتلفت فلم ترى شيئا ً.

ذات يوم كانت تجلس فى البلكونة ترشف الشاى بالنعناع وشهاب من حولها يحوم بروحه ويقرأ أفكارها وسريرتها .. سمعت صوت والدتها فى الصالة
- يا بنى ربنا يهديكى أنا مش هاعيشلك طول العمر .. وافقى ع العريس اللى جايلك بأه وريحينى
صاحت أمنية محتدة وهى تغلق شيش البلكونة تدلف إلى الصالة
- أتجوز راجل قد أبويا .. وكمان متجوز وولاده قدى
- وماله يا بنتى مادام راجل غنى والشرع بيجوزله
- لأ أنا مش عايزة أتجوز .. هاعيش كده .. فيها إيه يعنى ؟
- يا بنتى ضل راجل ولا ضل حيطة .. وأنا رجلى والقبر .. هتعملى إيه من بعدى ؟
- والنبى يا ماما لو بتحبينى إنسى الموضوع ده

فى الفجر إستيقظت أمنية وكعادتها صلت وقرأت بعض القرآن ثم قرأت رواية جميلة جعلتها لا تشعر بالوقت .. نهضت مسرعة لتلحق بالعمل وفى غرفة أمها توقظها لتناولها الفطور والدواء
- ماما يللا إصحى عشان أنا إتأخرت فطارك أهو وماتنسيش تاخدى أقراص الدوا .. عايزه حاجة ؟
وعلى باب الغرفة قبل أن تنصرف أمنية توقفت وإستدارت فجأة .. ليس لأنها لم تتلقى ردا ً من أمها , ولكن لأنها لاحظت شحوب وجه أمها 0 عادت تهزها هزا ً خفيفا ً
- ماما ماما .. ماما ماماااااااااااااااااااااا ااااا ..مامااااااااااااااااااااا ا
ماتت الأم وبعد الدفن وأمنية منهارة صامتة لا تبكى .. لأن البكاء لن يطفئ نار قلبها .. لم تدرى أمنية كيف مرت عليها أيام الحداد الثلاثة وهى لا تزال على قيد الحياة .. النسوة من الأقارب والمعارف والجيران يحيطون بها .. ما لبث أن إنفض الجمع ودارت عجلة الحياة تشدهم عنها .. لتجد أمنية نفسها وحيدة فى هذا الكون وتقف أمام خالها تصرخ باكية
- أنا مش هاعيش عند حد .. هاعيش هنا لوحدى .. سيبونى فى حالى بأه .. سيبونى فى حالى
- إنتِ حرة .. إن شاالله تولعى حتى
هكذا صاح خالها قبل أن يغادر و صوت باب الشقة ينغلق بعنف .. هرعت أمنية ترتمى على سريرها لتدخل فى نوبة بكاء عارمة .. كانت الدموع تنسال بغزارة تحرق وجنتيها المحمرة .. تختنق وكأنهم سرقوا منها الهواء .. ولم يكن على شهاب سوى التدخل , ولكن هذه المرة إخترق المزيد من الحواجز والدروب .

كنت أرى أخى الرضيع فى مهده يرقب شيئا ً غير مرئيا ً فى الفراغ وتتحرك عينيه وكأن هذا الشئ يتقافز أمامه .. ثم أجده يبتسم وتتحول إبتساماته البريئة إلى ضحكات صافية .. تعجبت وهرعت إلى جدتى أخبرها بالأمر العجيب , فأجدها تضحك وتقول ( دى الملايكة بتلاعبه ) .. فسألتها ( يعنى إيه ؟ ) .. عبثا ً حاولت أن أفهم .

كان هذا هو حال أمنية الراقدة على ظهرها فوق السرير.. ترنو بعينيها العسلية فى الفراغ .. وتضحك وتضحك ببراءة الأطفال .. كالطفل فى المهد تبتسم وتضحك .. تشخص عيناها وتعاود الضحك بسعادة صافية .. أفاقت وكأنها لم تدرى بشئ ٍ قد حدث لها .. فقط هى تدرى أنها الآن سعيدة وقلبها يتقافز فرحا ً كالأطفال .. تناولت ملابس نظيفة وفوطة ودخلت الحمام .. عارية وكأنها خرجت للتو من رحم أمها كانت تحت رذاذ الماء المنهمر .. بينما شهاب يبث فيها مزيدا ً من السكينة , أعجبه شعرها الأسود الناعم الطويل .. داعبه شهاب قتناثر من حول رأسها .. شهقت أمنية وفزعت .. تلفتت حولها لترى ما الذى عبث بشعرها .. لم تجد شيئا ً .. رأت شباك المنور مفتوح وتسائلت .. هل دخل الهواء وعبث بشعرها .. شعرت بالخوف وفكرت ربما تحتاج لزيارة طبيب نفسى .. أدرك شهاب أنه أفزعها .. تدارك الأمر .. وبث فيها من روحه فنسيت الأمر وكأنه لم يكن.

عادت أمنية إلى مزاولة عملها تتلقى الكلمات المقتضبة من الوجوه الواجمة العابثة من تحت الضرس ( البقية فى حياتك ياباش مهندسة ) .. (البقاء لله ) .. ( شدى حيلك ) .. ( ربنا يصبر قلبك ) .. بينما كانت هى تدرك أنهم يقولون .. ( ياعينى لا راجل ولا أب ولا أم ) .. ( عقدها هتزيد وكله هيطلع علينا ) .
بعدما عادت أمنية للبيت ووضعت البراد المملوء بالماء تسلق البيض للغداء وتركته وذهبت تستبدل ملابسها .. ألقت بجسدها على السرير فراحت فى سِنةٍ من النوم سرعان ما تغلغل بها إلى العمق ..الماء يغلى فى البراد ويتقافز خارجاً ينهمر ويتبخر .. إنطفأت نار البتوجاز وتصاعد الغاز .. مضى الوقت يعدو وتعبأت الشقة بالغاز , وإن لم تستيقظ أمنية ستختنق وتموت .. ماذا يفعل هنا شهاب ؟ .. لا يستطع التعامل مع المادة فى صورته الحالية .. لن يستطع أن يمنع الغاز من الإنبعاث .. أسرع إلى أمنية يبث فيها مشاعر القلق وأحاسيس الخوف علها تصحو , ولكن لا فائدة .. سلطان النوم متمكن منها .. لم يجد بدا ً سوى من إختراق كافة الحواجز وتخطى كل القوانين .
أصوات الجرس والطرق على الباب تعلو , تتسارع , تتزايد , أخيرا ً إستيقظت أمنية على هذا الضجيج .. ما أن قامت معتدلة حتى داهمها السعال والشعور بالإختناق .. جرت تغلق أنبوبة الغاز وتفتح شباك المطبخ .. فتحت باب الشقة تلهث من فرط سعالها المتواصل واضعة يدها على وجهها وكأنه فلتر للهواء .. رأت شهاب واقفا ً مرتديا ً جاكت تحته فانلة حريرية وبنطلون وكلهم إصطبغوا باللون الرمادى .. وجهه أبيض بعيون سوداء وأنف دقيقة .. ما أن رأت وجهه حتى إعترتها حالة من الخدر وتوقف سعالها على الفور .. لا تشتم أنفها سوى رائحة عطرة كخليط المسك والعنبر منبعثة من الرجل أمامها .. تواصل شهيقها ينهل من ذلك الأريج .. نظرت إلى عينيه فلم تستطع أن تدم النظر فيهما من فرط ما رأت من نور يغمر بصرها .. لم تنطق بشئ وبدا على وجهها سيمات الإستفهام .. فبادر شهاب قائلا ً بصوت هادئ متقطع مبحوح ( أنا جيت عشان ) وأشار باصبعه داخل الشقة فتداركت هى ( الغاز .. أنا آسفة .. أكيد ريحة الغاز دلوقتى ماليا البيت ) .. إكتفى شهاب بإبتسامة صافية جعلت قلبها يرفرف وتابعت بتلعثم ( إنت معانا هنا فى البيت ) .. عاود شهاب إبتسامته دون أن يرد ولولا أن أمنية كانت قد سمعته ينطق بجملة منذ لحظات , لظنت أنه أخرس .. تملكها الفضول تجاهه فقالت ( أنا أول مرة أشوفك .. إنت جديد فى البيت هنا ؟ ) .. نفس الإبتسامة ولكن مع إيماءة برأسه وإشارة بأصبعه لأعلى , فردت هى (( إنت تبع أم محمود )) .. لم تدرى أمنية كيف قالت له (( إتفضل )) .. دخل شهاب وجلس حيثما أشارت أمنية التى تركت الباب مفتوحا ً .. قامت قائلة (( بعد إذنك )) .. عادت ممسكة بكوب من العصير ولدهشتها لم تجده .. هرعت تنظر خارج الشقة وإتجهت تبحث عنه على السلم , فلم تجد أثرا ً له .. بداخل شقتها وكأنها مسحورة بهذا الرجل لا يتوقف عقلها عن التفكير فيه .. لم يكن شهاب قد تحرك من مكانه وغادر الشقة , فقط إختفى .
فى المساء رقدت أمنية على سريرها تستجدى النوم دون جدوى .. لا تكف عن التفكير فى ذلك المنقذ .. أنثى تشعر بذكر أنقذ حياتها , هذا كل شئ .. بينما شهاب يحوم حولها يقرأ تفكيرها فيه ..تمنى لو إستطاع أن يحس بنعومة شعرها وطراوة جسدها .. تمنى لو إستطاع أن يلثم شفتيها المكتنزة مثل البشر .. لكنه ليس ببشر ..بمساعدة شهاب هدأت أمنية ونامت .

كانت تجلس على مكتبها منهمكة فى العمل ومن حولها شهاب هائما ً حين دخل عليها رجل ضخم أشبه بعجل ٍ حنيذ له خوار .. وصاح فيها بعلو صوته
- جرى إيه يا باش مهندسة .. بقالى تلات شهور رايح جاى وإنتى معطلة الورق بتاعى
- ورق إيه ؟
هكذا قالت أمنية تصارع إرتعاش جسدها وخوفها من منظر ذلك العجل .. تضاعفت رهبتها حين وجدت جميع من حولها متفرجين .. لم يهب رجل واحد للتصدى من أجلها .. والنساء تغمز بأفواههن سعداء بما يحدث .. وواصل الرجل العجل محتدا ً
- أنا الحاج عبد القادر اللى إنت معرقبة ورق البرج بتاعه
- آه .. الدور الأرضى ع الرسم الهندسى نصه جراج ونصه محلات .. ولما نزلت المعاينة لقيته كله محلات وده مخالف .. إما إنك تعيد الرسم الهندسى وتدفع الرسوم والضرايب وإما تلغى نص المحلات اللى إنت بانيها وتخليها جراج زى الرسم الهندسى .. مفيش حل تانى
حدق فيها العجل وكأنه الشر ثم مال برأسه أمام وجهها وقال
- إنت ما رضيتش تاخدى الفلوس اللى أنا بعتها لك .. قوليلى طلباتك إيه ؟
- إطلع بره .. إطلع بره
هكذا صاحت أمنية وهى ترتعش .. إنتفخت أوداج العجل وعلا خواره صائحا ً
- بتطردينى يا عانس .. هو عشان مالقتيش راجل يعبرك تعملى كده فى البنى آدمين ؟
قالها ورفع يده يمسك بشعرها ليصفعها .. وكان شهاب له بالمرصاد .. فجأة شُل جسد الرجل وتصلب ثم تهاوى على الأرض وأحدث إرتطامه بالأرض رعدة جعلت جميع المحيطين من الموظفين يهبون لنجدة أحد أولياء نعمتهم , بينما جسده يرتعد .

بيد مرتعشة كانت أمنية تتصل بالنجدة .. التى فى بلدنا العزيزة دائما ً ما تحضر فى سرعة البرق تنجد الملهوف وتنقذ المتأزم .. وصلت النجدة بعد ساعتين كسرعة البرق , ملازم أول وأمين شرطة .. أخذوا أقوالها وتركوها تنصرف .. ثم إنصرفوا هم بعدما حصلوا على ما رزقهم الله به من رشاوى من أتباع العجل الذى كان فى المستشفى يُعالج من نوبة الصرع .

على سريرها كانت أمنية تنتحب والدموع تموج بمقلتيها المحمرتين .. كانت كلمات (( عانس )) و (( مالقيتيش راجل يعبرك )) تتردد بأذنيها , ومن حولها شهاب يرنو إليها وقرر مساعدتها مجددا ً .

أفاقت أمنية من بكائها على صوت جرس الباب .. جففت دموعها بيديها ومسحت ماعلق بوجهها من سوائل .. فتحت لتراه أمامها .. تعتريها الطمأنينة والهدوء يغزو أوصالها .. بادرها قائلا ً (( ما تزعليش )) .. ردت ضاحكة (( قد كده باين عليا )) ثم تابعت بعد تنهيدة عميقة (( مش عارفة فجأة كده حسيت إنى كويسة لما شو..0 )) بترت جملتها وقد إكتسى وجهها بحمرة الخجل وتابعت (( إتفضل )) قالتها بصوت نقى وصافى وتركت الباب مفتوحا ً.. جلس مهاب .. تخشى هى أن تذهب لتحضر شيئا ً يشربه فتجده وقد إختفى .. قالت بصوت متهدج (( أنا ماليش علاقة أوى بالجيران بس ما شفتكش هنا قبل كده )) .. لم تتلقى رد سوى الإبتسامة فقالت (( إنت ساكت ليه ؟ )) .. رد شهاب (( عايز أسمعك )) .. تنهدت أمنية وكما المسحورة وجدت نفسها تحكى وتحكى عما يموج بصدرها وإختتمت كلامها قائلة (( ما بقيتش عارفة العيب فيا وأنا مش حاسة إنى معقدة ولا العيب فى الناس )) .. قام شهاب من أمامها وجلس مجاورا ً لها .. نظر فى عينيها قائلا ً (( بصى فى عينى .. حاسة بإيه )) .. (( حاسة إنى على حق )) هكذا قالت وهى تسبح فى عالم آخر .. أفاقت على صوته يقول (( خليكى مؤمنة بقيمك ومبادئك ومالكيش دعوى بالناس )) .. أومأت برأسها إيجابا ً وقالت (( هو أنت إسمك إيه ؟)) .. (( شهاب )) .. (( أنا آسفة ما جبتلكش حاجة تشربها .. ثانية واحدة )) .. أعطته ظهرها وقبل أن تمضى للمطبخ .. وقفت وتداركت فجأة وذهبت مسرعة تغلق باب الشقة وقالت (( ثوانى بس )) .. مضت الثوانى وعادت أمنية بكوب العصير فلم تجد شهاب .. تنهدت بأسف وفتحت الباب وكالعادة لم تجد له أثرا ً .. نظرت فى ساعتها وحدقت فيها فقد مضى على جلوسها مع شهاب خمس ساعات لم تشعر بها وكأنها كانت تحت تأثير مخدر .. فاتها ميعاد نومها .. ذهبت للحمام عارية تحت الماء تردد بينها وبين نفسها (( غريب الراجل ده أوى .. شهاب.. شهاب)) .. ظلت ترددها وكأنها تتمرن على نطق الإسم .. بينما كان شهاب يحوم حولها يسمع سريرتها وتتهادى عيناه على جسدها العارى .. يمعن فى ثديها وإستدارة جسدها .. تمنى لو إستطاع أن يحس بذلك .. لكنه لم يحس بشئ .


خرجت أمنية وخلدت لنوم ٍ عميق كمن إنزاح هما ً عن صدرها .. مرت بها الأيام على وتيرتها التى لا تتغير .. وذات يوم كانت عائدة من العمل وقابلت الصبى محمود فى مدخل البيت .. نادت عليه وقالت (( إزيك يا محمود )) .. (( إزيك إنتى يا أبلة )) .. (( وأستاذ شهاب عامل إيه ؟ )) .. (( أستاذ شهاب مين ؟)) .. (( قريبكم اللى معاكم )) .. (( ماعندناش حد إسمه شهاب )) .
جلست أمنية فى البلكونة تفكر فى شهاب ذلك الرجل الغريب .. أفاقت من شرودها على صوت الطرقات على الباب .. قطعا ً هو ..لا أحد يطرق على بابها غيره .. هرعت تفتح .. وجدته أمامها بزيه الرمادى الذى لم ترى عليه غيره .. جلسا يتحدثان .. حاولت أن تعلم عنه شيئا ً .. بائت جميع محاولاتها بالفشل .. لا تتلقى سوى كلمات معدودة وتلك الإبتسامات التى تثلج صدرها حين تراها على وجهه .. قالت تتنهد (( أنا جعانة هاجهز العشا )) .. وخوفا ً من أن يذهب من أمامها .. تابعت (( تعالى ساعدنى )) .
بداخل المطبخ قالت أمنية (( خد إنت إعمل السلطة )) .. وجدته واقفا ً بعيدا ً فى أحد الأركان ولم يقترب تابعت (( إيه ما بتعرفش تقطع السلطة ؟ )) قالتها وهى تتناول طبقا ً سقط من يدها وتدحرج على الأرض , ورأت الطبق يعبر قدمى شهاب دون أن يصطدم بها وكأنها طيف فى الفراغ .. حدقت فيه بذهول ورأت ملامح وجهه تتغير .. إتجهت مسرعة ناحيته تمد يدها تمسك به .. وجدت نفسها تمسك بالهواء ويديها تعبران جسده دون أن تحس بشئ .. تراجعت مذعورة تضع يدها على صدرها تردد (( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. إنت إيه ؟)) .. سمعت صوته واهنا ً يقول (( ما تخافيش )) قالها وهو يقترب منها , فصرخت (( إبعد عنى .. إبعد عنى )) وظلت تردد (( قل هو الله أحد الله الصمد .... قلى أعوذ برب الناس .... )) .. بينما هو يواصل كلماته (( أنا كنت جنبك يوم موت والدتك .. ومنعت عنك الراجل فى الشغل .. وكنت معاكى يوم الفرح .. أنا مش بشر بس روح زيك )) .. كانت كلماته تمتزج بكلماتها وتختلط .. حين رأى شهاب جسدها ينتفض من الرعب وفقدت الوعى ,إختفى من أمامها .

أفاقت أمنية لتجد نفسها راقدة على بلاط المطبخ .. بالكاد ذهبت إلى سريرها ورقدت على ظهرها ترتعش وتتلو الآيات القرآنية .. بينما شهاب يبذل قصارى جهده فى بث الأمان والهدوء فى قلبها وأخيرا ً تمكن منها , وراحت فى نوم ٍ عميق .
ظلت يومين لم تغادر منزلها .. تركت التليفزيون على قناة القرآن ليل نهار .. تتعوذ بالأدعية والآيات .. هدأت بعض الشئ .. وعاودت مزاولة عملها.
مر أسبوع ووجدت أمنية نفسها تفكر فى شهاب .. وكان هو لا يفارقها يبث فيها الراحة دوما ً وقد قرر ألا يظهر لها مرة ًً أخرى .. يغزوها الأرق تقوم من سريرها إلى البلكونة تجلس تتنسم الهواء .. يسعى شهاب من حولها ليدفعها إلى النوم .. شعرت بخدر يتسلل إلى جسدها فهمست (( شهاب .. إنت هنا ؟ )) .. تلفتت برأسها ثم تابعت (( أنا حاسة إنك هنا .. عاوزة أشوفك )) .. لم ترى شيئا ً بينما رغبة النوم تعتريها فتوجهت إلى غرفتها .. شهقت حين رأت شهاب جالسا ً على السرير يحدق فى وجهها من دون إبتسامته .. تنهدت وقالت (( قول لى إنت تبقى إيه ؟ )) .. إختفى من أمامها .. ظلت تتلفت بعينيها تجوب الغرفة وتنادى (( شهاب .. شهاب )) .. وفوق السرير راقدة على ظهرها بدأت تشعر بالنعاس فقالت هامسة (( طب خليك جنبى لحد ما أروح فى النوم )) .

كان شهاب يفكر لماذا لم يخلقه الله بشرا ً ؟ .. وهل يمكن أن يختار .. ظل يتمنى أن لو يكن له الخيرة فى أمره ثم قرر الأمر .. عند الفجر حلق بأجنحته بصعد ويصعد يخترق السموات السبع تباعا ً حتى وصل إلى ما لا يقدر على تجاوزه .. ظل يبث رجائه وأمنيته فى المكان وسط النور الغامرهناك.. يتمنى ويتمنى ويرجو ويأمل .. حتى وجد نفسه يهوى ويسقط .. ظل يهوى ويسقط حتى أحس بإرتطام قوى .. فتح عينيه ليجد نفسه على سطح منزل أمنية .. والآلام المبرحة تهشم جسده .. وجروح ينبعث منها الدم الأحمر .. لمس بأصابعه أحد جروحه فتأوهه متألما ً .. فرك قطرة دم بين أصبعية فما لبث أن تملكه الضحك .. فقد صار بشرا ً .

نزل إليها مسرعا ً يطرق الباب ويطرق .. فزعت أمنية التى إنتهت للتو من صلاة الفجر من ذلك الطرق العنيف .. ذهبت حذره تسأل من خلف الباب (( مين ؟ )) .. (( أنا شهاب)) .. فتحت بسرعة لتحدق فيه مذهولة من منظر الدماء المنبعثة من جروحه وقد تبدلت الإبتسامة الصافية التى إعتادت تراها على وجهه بإبتسامة بلهاء .. مد يديه تجاهها ليلمس جسدها فى الوقت الذى كانت فيه يديها تمتد لتلمس جسده , فتقابلت الآيادى وتشابكت الكفوف .. قامت أمنية بتضميد جروحه وذهبت به للحمام ليغسل جسده .. وجدته يتلمس ويتحسس الأشياء من حوله يستكشف ذلك العالم الجديد .. دون أن تشعر بالخجل نزعت عنه ملابسه .. تتفرس جسده وكأنها تحتاج لتستوثق أنها أمام رجل من لحم ودم مثلها .. بينما هو يمد يده يتحسس شعرها ويستنشق خصلاته .. يتحسس بأصابعه على وجهه ولا تفارق الإبتسامة البلهاء وجهه .. سكبت عليه الماء فإنتفض جسده .. نظفته وأرقدته على الفراش كأم حممت رضيعها وتهدهده ..ذهبت تبحث فى الدولاب على قطعة ملابس يمكن أن يرتديها فلم تجد سوى ملابسها وملابس أمها .. وجدت نفسها وقد إعتادت على مرآه عاريا ً , تممدت ملتصقة ٌ به .. سحبت نفسا ً عميقا ً فأشتمت لأول مرة رائحة رجل .. ظلت تنهل من تلك الرائحة تمرر يدها على جسده العارى .. نازعتها الغريزة المكبوتة من سنين .. تجردت من ملابسها وصارت عارية مثله .. دفست نفسها بداخله وجذبت رجله تجعلها فوق جزعها , وشدت زراعه تجعله يحتضنها .. الآن فقط تشعر أنها أنثى .. تدور عينيها فى محاجرها فتتهادى نظراتها على وجه من جبهته لعينيه لأنفة وثبتتها على شفتيه .. لم تشعر بنفسها حين قبلت شفتيه وذاقتها .. أحست بقشعريرة دافئة تعترى كيانها .. وشعرت به ينتفض من قبلتها .. أدركت أن شيئا ً ما قد تصلّب فوق عانتها .. مدت يدها وأمسكته متصلبا ً فإنتفض جسدها وجسده .. إبتسمت إبتسامة شبق محروم وأحست بالبلل بين فخذيها .. إنقضت على شفتيه تقبلها بشهوة الجائعة منذ أمد ٍ بعيد .. تزحف يداها على ظهره .. بدأ شهاب يقلدها ويحاكى حركاتها .. فبدأت راحتيه تتسل على ظهرها .. علت الدقات وتسارعت الأنفاس .. قلبت نفسها على ظهرها وجذبته ليصير فوقها .. أمسكت بالمتصلب فإنزلق دالفا ً .. تأوهت تلهث .. وتقلص جسده وتقلص جسدها .. متعة الفعل الغريزى الأول لا تضاهيها متعة .. وإحساس الدفئ الأول لا يمكن أن يُوصف .. إرتخا الجسدان وعدلت الأنفاس عن لهاثها .. غاب شهاب فى النوم الأول الذى قهره بفعل آلام جسده الأولى وجهد المتعة البكر .. بينما ترقب أمنيه وجهه نائما ً كالملائكة , وتتسائل هل يعبث بها القدر ؟ .

إتصلت بالعمل تطلب أجازة .. إغتسلت بالماء البارد لتتنبه حواسها .. خرجت تنظف الشقة , وكأنها تخشى أن تجد نفسها تحلم أو تتخيل واهمة , كانت تنظر بين الفينةِ والأخرى إلى غرفتها فتتأكد أن شهاب موجودٌ معها نائما ً على السرير .. همت أن توقظه لتتأكد حين تراه يحادثها ولكنها إكتفت بتمرير يدها على جسده العارى فأدركت أنه جسدا ً وليس طيف فى الفراغ .

إرتدت ثياب الخروج وتناولت محفظة النقود لتشترى بعض أغراض المنزل وتحضر الفطور قبل أن يستيقظ الحبيب المجهول .. نزلت وفى ميدان الجيزة تعبر الشارع إلى أحد محلات الطعام إغتالتها سيارة طائشة وإنطلقت مبتعدة , بينما طار جسده فى الهواء وتناثرت لاوزم المنزل قبل أن يرقد الجسد خامدا ً فوق الرصيف المقابل .. هرع المارة والمحيطين .

حزن وضيق شديد أيقظ شهاب مفزوعا ً .. أحس ببعض روحه السابقة أن هناك أمرٌ إلهىٌ مهيب .. قام مسرعا ً وجد نفسه عاريا ً , فطفق يخصف عليه من لباسها .. خلف رداره كان يعدو .. وصل إليها تحتضر .. إرتمى على الأرض بجوارها وحضن رأسها يبكى ويعلو صوت نشيجه .. سددت إليه نظرة مفادها ألا تحزن وغادرت الحياة .
(( لا حول ولا قوة إلا بالله .. لا حول ولا قوة إلا بالله .. إنا لله وإنا إليه راجعون )) .. هكذا كانت أصوات المحيطين من حوله تنطق وتقول .. ومنهم من ينظر إليه مندهشا ً من رجل ٍ يرتدى ثوبا ً نسائيا ً.
الوجوم يعلو وجوه الجميع .. عدا رجل واحد فقط .. الرجل العجل , الذى جالسا ً فى سيارته بجوار الرصيف المواجه يتابع المشهد مبتسمعا ً من على مقعد السيارة الخلفى .. أغلق الزجاج المعتم وأصدر خواره منفثا ً دخان سيجاره يقول للسائق
- أنا اللى يقف فى طريقى .. أزيحه من على وش الدنيا.


.
.


.
صورة مفقودة
 
أعلى