قصة ايروتيكية نواس البغدادي - كما لم تَبكِ من قبل!

لم تكن تتوقع أن تأتيها الصاعقة بالذات في تلك اللحظة وفي ذاك المكان العام تحديدًا. لم تكن تعرف أصلًا أن الذي حدث لها في تلك اللحظات يمكن أن يحدث، وإنه حالة من حالات الجسد المعروفة! دار في رأسها ألف سؤال وسؤال عن الذي حصل لها، عن هذه الثورة في جسدها، هذا الهيجان الذي اكتسح كل خلية فيها واصلًا إلى النخاع ليطلع النبع في كل موضع منها. كل ما فيها تدفق كالسيل. كادت روحها تفرّ من موضعها. حلّقت في الفضاء وأسمعت شهقة لم تستطع إخفاءها.

إستفاق جسدها دفعة واحدة. سرَت حرارة كاوية من سرتها نحو زنبقتها تحولت لاحقًا إلى رطوبة أربكتها. ارتعشت مثل عصفورة بللها الندى في صبيحة مشمسة. إنتصب نهداها كأنهما حصانان أطلقا من حبس سنة. ظهَرا لها أكبر وأصلب قادرين على إختراق حمالة الصدر هروبًا إلى الأعالي. كادت أن تمد يدها لتمنعهما وأحجمت في اللحظة الأخيرة. استدارت عينها زائغة بين ما إجتاح جسدها من سيول وما آعتراه من إنتصاب وبين الوجه الذي طالعها في مدخل الكافيتيريا. عشرات الموجودين الضاجين ضحكا ولغطا لكنها لم تشعر إلا بما انتابها. أصوات ووجوه وأجساد تزاحمت لكنها لم ترَ إلا جسدًا واحدًا وحيدًا بهيًا كنخلة حادًا كالرمح موجعًا كالخنجر المسموم. إنبعثت كل الخيالات الزرقاء تلفّها بعاصفة متجددة.

فجأة إكتشفت إن لجسدها هي ما يقول وما يحكي أن الجسد قد يُدرك قبل أن يستطيع العقل أن يترجم ويسمّي. هي التي لم تُعره أي إهتمام ولم تبال به، لم تسمع نداءاته وتوسلاته أو تجاهلته وأنكرتها وجدت نفسها الآن أمامه وجهًا لوجه محشورة في الزاوية لا تعرف كيف تتصرف مع استفاقته المفاجئة. وجع على نشوة على رعشة على رطوبة عند موضع الزنابق منها. شيء لم تعرفه بل لم تعرف إنه ممكن الحصول.

نقلت نظرتها بين السرّ الذي يحصل لها وبين هذا الجسد المحشور بين الأجساد الأخرى باحثًا عن كوب عصير أو شيئًا آخر، الجسد الذي سرعان ما يستدير ويغيب كما ظهر فيخفق قلبها هي باضطراب أو لتتبلل الزنابق من جديد.

السنة الدراسية في بدايتها والجميع على توتر وترقب، حاولت أن تشغل بالها بمراقبة حركات الموجودين والإصغاء لكلامهم. تسلّت بمتابعة المشهد العام حولها لعلها تتقي الالتقاء بهذا الجسد أو ببريق العينين النافذتين كعضو ذكوري في مثيله الأنثوي. نقرت بأصابعها على الطاولة متجاوبة مع أغنية منبعثة من الجدار القريب. سرحت تحاول أن تدقق في الأسباب التي جعلتها تدخل سن الثالثة والعشرين دون أن تجرب الحب ومتاهاته. لم تعرفه إلا كموضوع في الروايات التي قرأتها في إطار دراستها الأدب الإنجليزي. أما الجنس والمتعة والشهوة كانت بالنسبة لها أمورا في النصوص الأدبية أو مشاهد تلفزيونية. لم يخطر ببالها أن ثورة جسدها الآن هي ضرب من هذه الأمور.

إنقطع حبل الأفكار بل إنحبس نفسها تمامًا عندما رأت الجسد الذي إجتاحها يقرّب كرسيا يحاول أن يجلس إلى طاولتها. إلتصقت بالكرسي تمامًا. لم تجب على الإستئذان بالجلوس. لم يكن في فمها كلمات كي ترد بها. لم تسمع أصلًا لأن عينيها علقتا كسمكة صغيرة في شبكة بريق العينين الواسعتين المتقدمتين منها. إنتابتها صعقة ثانية شلتها. كبر نهداها وبانت الحلمتان في قمتيهما تريدان أن تنطقا أو تبكيا أو تستغيثا من ضيق الثوب بعد أن تحررتا بعض الشيء من الحمالة التي كان ملمسها ناعمًا مرنا، إن ضاق فلا يخنق أو يقيد. أحست ببلل الزنابق يفاجئها مرة أخرى فتناولت محفظتها بحركة غريزية. وضعتها في حوضها تُخفي الفضيحة.

من تلك اللحظة تطورت الأمور على شكل الحكايات والأساطير. خلال دقائق فقط تمّ الاتفاق على لقاء في الغد لتساعد في وضع برنامج الدروس في موضوع دراستها هي، الأدب الإنجليزي وإعارة بعض الكتب.

إستحمت في ذات اليوم كما لم تستحم من قبل. تعرت ببطء، تحسست أثوابها كمن يسير على رؤوس أصابعه، وضعت كل قطعة بروية وهدوء كأن وراء كل منها سرّا عظيما تخاف أن تكتشفه دفعة واحدة. أزاحت حمالة الصدر. حدقت في نهديها كأنها تقول إنها لم تعرفهما إلا في ذلك اليوم. نظرت إليهما في المرآة، أيضًا. حاولت أن تقول لهما أشياء وأشياء لكن الكلمات خانتها تمامًا فلم يصدر عنها إلا نظرات متعجبة مندهشة. جرُؤت، ومدّت أصبعها تحاول أن تلمس نهدها الأيسر. جفلت. سحبت اليد خطفا. مرت برهة قبل أن تجرب مرة ثانية. لكنها في هذه المرة حفنت بكف يدها جذر نهدها كمن يمسك أرنبًا يهم على القفز هروبًا. تسمرت يدها لدقيقة أو بعض منها قبل أن تمس حلمتها التي بدت مزهوة متوردة. فكرت في نفسها أنها أصلًا لم تعرف لونها أو شكلها من قبل. وباليد الأخرى حفنت النهد الآخر وشرعت تقربهما وتبعدهما كمن تحاول الاكتشاف. داعبت الحلمتين اللتين تعرفت عليهما للتو حتى صارت الواحدة بحجم حبة تين.

إبتسمت لنفسها في المرآة كمن أدرك السرّ أو كمن ضبط نفسه في شقاوة. شعرت بإثارة لم تعرفها من قبل ولم تعرف كيف تسميها. واصلت التعرّف على نهديها لمسا ومداعبة. دقائق طويلة مرت وهي على أرنبيها تحاورهما بالأصابع أو بكف اليد فيكبران من لحظة للحظة كابن الحكاية. مستديران كوجه القمر نبتت الحلمتان وسطهما، قليلًا نحو الأعلى في زاوية كأنهما تؤشران إلى السماء أو تحتها بقليل. إستدارةٌ مرسومة بالبيكار على صدر واسع قليلًا، لا هما هائلان في الكبر ولا هما صغيران، تماما كما هو مُشتهى!

لأول مرة تحس بقشعريرة خفيفة كهذه. النهدان في تصلب متنام حتى باتا كالرخام في التماثيل اليونانية. لم يعد بالإمكان أن يتصلبا أكثر. لم يعد بإمكان البشرة أن تتسع لتبرعم إضافي. وفي هذه اللحظات سرت النار في أسفل بطنها. من السرة انحدارا نحو الزنبق المتفتح المبلول بريقه. بغير إرادتها حركت يدها اليمنى نزولًا من صدرها مرورًا بالسرة ثم دغل العانة نحو الزنبق في تفتحه المفاجئ. نزعت آخر قطعة عن حوضها. ولأول مرة انتبهت إلى تفاصيل جسدها نزولا من النهدين إلى السرة والعانة وما في الدغل من توحّش. لأول مرة يثير اهتمامها لون سروالها وقصّته. كل هذه الامور لم تثر إهتمامها من قبل. كانت تختار ملابسها الداخلية بشكل عشوائي. المهم أن تناسب ردفيها ولا تحز على خصرها. شيء مريح ولا شيء أكثر. لون سروالها وردي مخملي في وسطه، يغطي جزءًا بسيطًا من ردفيها. مختصر مفيد يكشف أكثر ما يستر. لأول مرة تنتبه إليه لتنم عنها ابتسامة كادت أن تصير ضحكة. والجسد، آه من تفاصيله الدقيقة في الانثناء والانعطاف عند الخصر والانبساط فوق العانة. تقعر وتحدب وانفراج كمرج. كيف غابت عنها مثل هذه الأمور كلها؟ واليد اليمنى بأصابعها مهتمة بالزنابق وبللها تحاول أن تكتشف ما الذي يخبئه دغل الزنزبيل من مجاهيل ممتعة أحست بها اليوم للمرة الأولى لمجرد رؤية ذاك الوجه الأبهى من وجه نبي. لمست مناطق لم تلمسها من قبل وإكتشفت أن للزنبق أكثر من شق وشفتين. ففي أعماقها براعم وثنايا وخبايا يكمن فيها سر المتع كلها، بل الحقيقة على عريها. فكلما طالت شقاوات الأصابع تفتح الشق وطلعت منه الحقائق على ما يصحبها من ثنايا ترتفع خارجه من مغارة السر معلنة بداية الخلق العجيب. كوتها الحرارة في أكثر من موضع، عصافير طارت في أسفل البطن خلال الأحشاء لتفر في فضاء الغرفة، في الصدر نار وكبريت والنهدان على حالهما ينشدان التحليق الحر. وكأنها الزلزال تشنجت للحظة ثم اهتزت بعنف تكويها النار الأبدية من أخمص قدميها حتى الفضاء فوقها مرورًا بخصريها وظهرها وعنقها. تلوت وأحسّت أنها تكاد تسقط. شعرت بسيول تغمر سهول روحها ساخنة تارة وباردة التيارات ترتفع بها وتحط حتى تهالكت على السرير القريب تلملم دمعتين تحدرتا على خديها ساخنتين تسأل عن السرّ، عن هذا الموسم الذي بدأ في الكافيتيريا واجتاحها كسيْل دون أن تدرك سوى أنّ ذاك الوجه وذاك الجسد أعلنا ميلاد هذا الموسم وتقلباته.

إذا كانت الأمور على هذا النحو الآن فماذا سيحدث غدًا عندما تفتح الباب لذاك الوجه الذي تنتظره فيه عينان خرافيتان. فكرت لبرهة قبل أن تنهض إلى حمامها ترتب من شأن جسدها الذي فاجأها فلا تعرف بعد تلك اللحظة كيف ستتدبر أمره وأمرها.

واصلت التحديق في جسدها، في معالمه، عند مجرى الحليب بين النهدين، عند الحلمتين المتوردتين، عند الخصر فدغل الزنزبيل الذي بدا لها لأول مرة جميلًا مثيرًا وليس مبعثًا للضيق والمتاعب. اغتسلت بهدوء لأول مرة. داورت الإسفنجة بصابونها متأنية عند المواضع النارية. توقفت من حين لحين تحاول أن تتلمس بأصابعها ما لم تلمسه من قبل، ما لم تعرف أنه موجود أصلًا. عبق حمامها الضيق بالطيب. حفنت من الرغوة وغطت دغلها ثم كشفته. لعبت مع الرغوة والدغل كطفل مدهوش. أنزلت جسدها كله في الحوض وإستمالها العبث بالرغوة والجسد تزيد من الرغوة فترتفع حتى قمة النهد ثم تزيحه بكفها قاصدة مس الحلمتين المتوقدتين كجمرتين تنتظران الراغب في لسعة. أحست برغبة في لعق الحلمتين، في إبتلاعهما تمامًا لكنها كانت أقرب إلى النجوم من هذا التصور الشرير.

كم من الوقت يمكنها أن تظل وحيدة مع جسدها الذي إكتشفته لأول مرة للتو؟ نهضت بكامل قامتها وكانت طويلة على غير عادتها. أمعنت النظر في تناسق جسدها الذي تراه لأول مرة. حدقت مليًا حيث شعرت بالنار تكويها، في أسفل البطن، عند الدغل وبين الزنابق. لامست الحلمتين في حركة وداع وشرعت ترتدي ملابسها قطعة قطعة بتلذّذ خفيف. استغرقت مدة أطول في ترتيب سروالها وموضعته بدقة متناهية فوق غابة الزنزبيل وزنابق القرنفل. حركت الحزام، أزاحت قليلًا عش الزغاليل المصنوع من بطانة مخملية مزركشة من الخارج. تناولت بنطالون الشورت تحاول أن تلائمه تمامًا لراحة أحست بها في موضع السر اللذيذ.

وضعت فانيلا بسيطة منقوشة، وشرعت للمرة الألف ترقب هندامها وحضورها الجسدي في مرآة إكتشفت وجودها لأول مرة.

ليلها لم يكن قصيرًا. أكثر من سرب طيور زغلل في أحشائها تطير من جهة إلى جهة. أكثر من حلم ومشهد تراقص أمام عينيها اللتين شعّتا ألقا لأول مرة منذ كان لها عينان.

لم تترك خلية في جسدها إلا ولمستها. تقلبت من جنب إلى جنب ومن ظهر على بطن وغيرت ألف وضعية ووضعية. مرة بهدوء وأخرى بنزق وثالثة، بين.. بين. حاولت بعدها أن تنشغل بما يمكن أن يشغلها. أغاني المسجل وأشرطة التسجيل وقماش السرير وصور الألبوم وفاتورة التلفون وزهور في الزاوية وبساط موشى على الحائط.. كأنها ترى كل هذه الأشياء للمرة الأولى.

أدركها الفجر وفي الخارج جلبة الطلبة يصعدون ويهبطون ويتضاحكون. يوم جديد بدا للتو وعليها أن تستعد.

سيدقّ الباب بعد ساعة وثلث وأربعين ثانية بالضبط. دخلت حمامها حذرة ألا يتكرر حمام الأمس باكتشافاته. لكنها فكرت أنها إذا أسرعت سيُسرع الوقت أيضًا. سرحت شعرها الكستنائي المفتول وداعبته بأصابعها لتُعيد اكتشافه وتردّ له اعتباره.عاملته بعناية فائقة. ربطت جزءًا منه إلى الخلف تاركة إياه ينسدل على الجانبين كاشفًا محياها الأسمر الجميل. تنورتها كانت قروية وخفيفة مزمزمة عند الخصر واسعة كلما هبطنا إلى أسفل. أما قميصها فكان من التفتا الناعم الذي يوحي بتفاصيل الجسد دون أن يكشفها بوضوح. فكرت أن تتناول فطورها فأجلت الفكرة فربما كان اللقاء مناسبة لفطور مشترك. اكتفت بقطعة شوكلاطة مطعمة باللوز إحدى مأكولاتها المحببة.

إنتبهت إلى زجاجة عطر كانت قرب المرآة وفطنت أنها لم تستعملها بعد. هدية من أمها في أحد أيام ميلادها، لا تذكر أيا منها. نقطة أو نقطتان على العنق. ثالثة في بداية المنزلق بين النهدين المتحابين.

أعدت بعض الأوراق التي تحتاجها للقاء. أخرجت برنامج دراستها وكتاب المواضيع والدروس وألقت نظرة على موضوع الأدب الإنجليزي. فحصت الخيارات والإمكانات المتاحة حتى شعرت أنها على بينة تامة وتحكّم تام بالأمر.

فتحت الباب محاولة ألا تعلق نظرتها طويلًا ببريق العينين الوافدتين من الأسطورة. تراجعت قليلًا ليمرّ الجسد المسحور ويجلس على كرسي قديم إقتنته من سوق “الرابش” موضوع بإهمال قبالة السرير.

“غرفة جميلة” –جاءها الصوت الدافئ– ” هادئة ومريحة”، تابع.

“هذا ما قدرت عليه”– وشرعت تضع شريطًا في المسجل. موسيقى لشنكار الهندي في حفلة برلين. لم تخطط ذلك لكنها وفقت في إختيارها.

“أنت أيضًا تحبين هذه الموسيقى.”

“جدًا.. جدًا..” أجابت وعبثت بمفاتيح الصوت لتعدله فيسمع على أفضل ما يمكن. أحست بالحرية وكانت تعتقد أنها ستتوتر أو تتعلثم فور ظهور العينين وإطلالة ذاك الجسد.

الحديث كان عاديًا، شؤون الدراسة وهمومها مع بداية العام.. برامج للمستقبل والسكن في مساكن الطلبة ومخاوف التخرّج.

إنغلقت مواضيع لتنفتح أخرى. من غير شعور أعدّا الفطور الخفيف وإنتهى. ليبدأ رقص الصور والمشاهد في رأسها من جديد. صار كلامها أقلّ وإصغاؤها أكثر، تتأمل الجسد المتحرك أمامها مشعلًا فيها لهبًا خفيفا. شعرت بأنها على وشك مباغتة أخرى. تذرعت أنها ستعد فنجانًا من القهوة البيتية. دون أن تسمع ردا، قامت إلى فرنها الصغير ومطبخها الأصغر. لكنها أحست بالصوت يتبعها بل يلتصق بها. “انا أعدّ القهوة على طريقتي وآمل أن تتمتعي بنكهتها”. قبلت فورًا وتنحت جانبًا بعد أن أشارت إلى موقع السكر والبن. عطر ساحر داهمها فارداها من الداخل وشعرت بأنها ستلقي بنفسها على الجسد المتحرك تشبعه شما ولثما.

“هل تحبينها مع كثير من السكر؟”

“هيك ..هيك..”

واصلت تأمل الجسد من الخلف تعريه وتغطيه وتعريه وتغطيه. خيالات تولدت في الحال وارتباك بدأ من حقل الزنابق صعودًا نحو الحنجرة فما إستطاعت أن تقول شيئًا.

أعطاها فنجان القهوة فسحة أخرى كي تتحرر قليلًا من ارتباكها.

خطر ببالها شريط حياتها بالكامل بأدق تفاصيله. كل شيء منذ استطاعت أن تتذكر. حاولت أن أن تفسر لنفسها ما يحصل لها الآن. هو لغز الألغاز كلها.. “لماذا” كبيرة علقت في رأسها.

ثوان كثيرة مرت قبل أن تفطن للصوت: “أظن أنكِ كنتِ في مثل موقفي قبل ثلاث سنوات عند مجيئك إلى الجامعة. أكيد أنك تتفهمين توتّري!”

ضبطها الصوت في الموضع الحرج من أفكارها.

امتدت يد واثقة تُمسك كفّها المرتجفة. أطبق الكفان على كفّها الوجِلة وشرعا يداعبانها في باطنها وظاهرها. صعدت يد واحدة إلى المعصم فالذراع فالعنق حيث توقفت هناك لبضع ثوان قبل أن تهبط مرة أخرى باتجاه الصدر. خانتها حواسها. ربما انها تمنت هذا في قرارة نفسها فلم تأت بحركة سوى أن تسمح بحصوله. كانت هذه نداءات جسدها الخفية التي لم تفهمها هي فأتى من يفهمها.

ما أن يُخيل لها أنها الآن ستلتقط أنفاسها حتى تفاجأ بحركة جديدة. إندست اليد تحت قميصها المشدود على جسدها وأخذت حركتها تقترب من النهدين المتأهّبين من ذاتهما. كادت الحلمتان تطيران من موضعهما لمجرد الملامسة الأولى ثم إنهالت عليها القبل في كل موضع من وجهها وغار لسان غريب يبحث في تجويف فمها عن مثيله. لحظات، اشتعلت هي في كل ما أوتيت من نار كانت حتى الآن غير مكتشفة. مدت يدها هي أيضًا تبحث عن أشياء تتحسسها وتوقظها في الجسد المغير. شهقات، تأوهات، والملابس تنزاح قطعة قطعة بهدوء أو بنزق، بالأصابع أو بالفم أو بالقدم. كل الأمور تمت بسرعة جنونية وبأصوات أكثر جنونًا خاصة كلما اقتربت يد من دغلها وزنابقها وكلما عضت الشفتان وأطراف الأسنان على إحدى الحلمتين.

اللسان يلعقها وصولا إلى العنق الأسمر تسانده الشفتان لثمًا وضغطًا. وصول اللسان إلى الحلمتين كان عيدًا للدم فاندفع في العروق يحرك الجسد في ارتعاش لذيذ لذيذ. أغمضت عينيها لهذا اللسان السلس، تركته ينساب ببطء ولكن بجهنمية على بطنها وسرتها وخصرها إلى أن دخل الدغل الناري غير آبه بشيء وانغرس بين شفتي الزنابق المتفتحة كفرن الجمر. اندسّ عميقًا عميقًا في ثنايا الزنزبيل يلعق، يباغت، يداعب، يضغط وانضمت الشفتان والأسنان تعض عضًا خفيفًا. كلما زاد التوغل عمقًا زاد الدغل عطرًا وتضوّعا وارتفع الصوت توسلًا وتلاشيًا.

ذاك الوجه السماوي غارق في الدغل يبحث فيه عن موضع النار والكبريت كي يفجره. أصوات جهنمية تصدر من حين لحين إلى أن ندت صرخة وحشية ملأت فضاء الغرفة وأخذ جسدها يرتجف ويرتعش ويتلوى ويتشنج. فاضت السيول فيها وسالت في كل مكان. شعرت بأنها تحت طوفان يخفي في العمق مجرى من لافا ملتهبة. وامتزج الجسدان في واحد وحيد.

ألقت رأسها على كتف شريكتها وبكت كما لم تبكِ من قبل كل تلك السنين من ضياع الجسد!

.



صورة مفقودة
 
أعلى