رباب حسين النمر - شهرزاد في الفكر العربي و الغربي ..

الحمد لله الذي أدبني فأحسن تأديبي، خلقني من تربة العدم، وفي تربة الوجود أبدع غرسي، سقاني بماء رحمته، وكوّن خواصي من ذرات محبته، فأطلع على حياتي برعايته، وجعل غذائي كل يوم مودته ..

و الصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، محمد سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه المؤمنين ..

وبعد..

فإن ( ألف ليلة وليلة ) من الأداب العالمية التي أخذت في الترحال من بلد إلى بلد ، ومن شعب إلى شعب ، ولا سيما بطلتها الأولى وراويتها ( شهرزاد ) وكأنما هي رحالة تجوب الدنيا من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب متأثرة بالفلوكلور الشعبي لكل منطقة تمر فيها ، ومؤثرة في فكر الإنسانية البسيط منه والساذج ، و العميق و المتعلم على حد سواء ، تدور على ألسنة الجدات حين يحكين لأحفادهن في المساء حكايات ما قبل النوم ، وتدور على خشبات المسارح العالمية وفي دور السينما العربية والأجنبية ، كما تختبئ رائحة شهرزاد بين قوافي الشعراء ، وبين ألوان وظلال الفنانين التشكليين في العالم ، وامتد تأثيرها حتى السيمفونيات الموسيقية وعروض الباليه .

وبما أن ( شهرزاد ) بستان خصب للتأثر و التأثير العالمي ، تتغير صورتها النفسية والفكرية كلما سافرت من بلد لآخر، ويتشكل سلوكها حس تغيرها ، وتؤثر هي أيضا في آداب و فنون من تزورهم من الشعوب تأثيرا بعيد المدى ، لذا ارتأيت اختيار هذه الشخصية وما تمتاز به من صفات تتغيرمن حين لآخر و تتلون وتتأثر بحسب البيئة التي تحل فيها ، وبحسب القوم الذين تحل بين ظهرانيهم ، وقع عليها الاختيار لتكون قطبا يكون عليه مدار البحث لتتبع أحوال شهرزاد وأهم سماتها المتغيرة ، ولا سيما أن شهرزاد ولدت حكايتها في الشرق ، ثم سافرت إلى الغر عابرة ما وراء الحدود ، ثم عادت إلى الشرق تارة أخرى بعد تغير صورتها وتبدل شخصيتها ..

توطئة :

ألف ليلة و ليلة من القصص الشرقية التي اتجهت في رحلتها إلى الغرب ، ومن المقطوع به أن الكتاب كان في أصله معروفا لدى المسلمين قبل منتصف القرن العاشر الميلادي والكتاب يرجع في أصله إلى كتاب فارسي عرفه المسلمون ونقلوه إلى العربية في القرن الثالث الهجري. ويعتمد هذا الكتاب في مادته على كثير من قصص الهنود وخرافاتهم .
وقد تنقل هذا الكتاب في بلاد كثيرة . وكانت هذه البلاد تضفي عليه من طابعها وتضيف إليه من حكاياتها ، ففيه الطابع الهندي ، الفارسي ، و العربي الذي أضيف إليه في البلاد العربية كقصص الرشيد و أبي نواس ، و أسماء البلاد العربية كبغداد و البصرة ، وهناك أيضا الطابع المصري الذي اكتسبه الكتاب من مقامه في مصر كأسماء الأماكن المعروفة في مدينة القاهرة ، واللهجة العامية المصرية التي تبدو واضحة في بعض القصص . ويغلب أن يكون هذا الطابع المصري قد اكتسبه الكتاب في عهد المماليك .

أما أهل الغرب فقد عنوا بهذا الكتاب عناية عظيمة ليس من الميسور إحصاء أبعادها .

قد دونت قصص ألف ليلة وليلة في عصور مختلفة، ويشهد المسعودي وابن النديم أن الكتاب في اصله مترجم عن الفارسية، ولكن المسعودي يقرر أن الأدباء في عصره تناولوا هذه الحكايات بالتهذيب والتنميق وصنفوا في معناها ما يشبهها، فأصل الكتاب كان مدونا ، ثم نزل إلى الأدب الشعبي ( الفلكلوري ) فغير منه وزيد فيه ، فلا ينبغي إنكار تأثير الآداب الأخرى في نشأته ونموه بحجة أنه من الأدب الشعبي الذي تمحى فيه الحدود وتتشابه الآداب دون حاجة إلى تلاق تاريخي ذلك أن الكتاب لم ينشأ في أصله شعبيا .

العنوان :

لماذا انتهت الليالي بحمل عنوان " ألف ليلة وليلة " ؟
لقد أشار نابيا إلى الفترة التي اكتسبت فيها هذا الرقم ولم يعلله ، والثابت أولا أن هذا العدد لا علاقة له بعدد الحكايات التي رويت ولا بعدد الليالي التي اشتمل عليها الكتاب . ويقدم " ليتمان " تفسيرا تاريخيا للقضية حين يشير إلى أن رقم " مائة " في العربية يدل على الكثرة ، على حين تدل " الألف " على مالا يحصى ، و أن 187 الليالي حملت هذا الرقم فترة طويلة ، لكن رقم ألف وواحد جاء من التركية حيث تدل كلمة " بن بر" في اللغة التركية ومعناها " ألف وواحد " على مالا يحصى ، ويشيع استخدامها في التركية المعاصرة مثل ميدان " بن بر عمود " أي ألف عمود وعمود في استانبول وكذلك " بن طرز " أي ألف طراز وطراز في الدلالة على كثرة الأشكال ، وهو تركيب شائع في التركية مما يؤكد قوة الفرض الذي يربط عنوان " ألف ليلة وليلة " بالعصر التركي .

المؤلف و المصادر :

جاءت صورة شهرزاد في ألف ليلة وليلة على أنها امرأة تقص وتحكي من أجل بقاء الذات وبقاء بنات جنسها، وقد انبنى هذا الصراع على سحر اللغة وعلى لعبة السرد والمجاز وجاءت شهرزاد لتقاوم الرجل بسلاح اللغة فتحول الرجل ( شهريار) إلى مستمع، وتحولت هي إلى مبدعة استطاعت إخضاع الرجل وترويضه لمدة ألف يوم ويوم، وهذه المدة تعادل فترة الحمل والإرضاع، وقد جاءت شهرزاد في النص بوصفها صاحبة القول وصاحبة الحديث.. وهنا يبرز سؤال :
هل كانت شهرزاد تحكي فعلا ؟ أم أنها مجرد شخصية روائية من صنع رجل تخيل النص وكتبه ؟ هل كانت شهرزاد مجرد ضيفة ؟ أم هي صاحبة النص ؟

يذكر محمد عبد الرحمن يونس في مقال له بعنوان : ( شهرزاد وخطا الجنس ) إن هذا العمل العظيم لم يكن مقصورا على أديب من الأدباء ، فحتى الآن لا يعرف مؤلف هذا العمل ، هل هو عربي أم فارسي أم هندي أم مجموعة من المؤلفين ؟؟

إن كثيرا من المصادر تستخدم لفظة ( مؤلف ) ألف ليلة وليلة معنى أنه رجل.. ولكن هل كانت المرأة هي التي كتبت هذا العمل؟؟؟

يعقد الدكتور الغذامي مقارنة بين بنية النص وبين خصوصيات المرأة ليخلص إلى نتيجة هامة، فيقول:
1. إن هناك تماثل شديد بين ألف ليلة وليلة كجسد نصوصي وبين الجسد الأنثوي وذلك من حيث التوالد و التناسل ، وكل حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة تحمل في رحمها حكاية أو حكايات أخرى تتولد عنها ، فهي جسد ولود وقابل للتمدد ، فالليلة الأولى تمتد لتصبح ألف ليلة وليلة ، كما أن المتحدثة أنجبت في نهاية النص ثلاثة أولاد ذكور
2. يمتد عدد الليالي إلى ما يعادل ثلاثة وثلاثين شهرا وهي مدة تقابل مدة الحضانة والحمل والإرضاع ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) أمضتها شهرزاد في ترويض وحضانة الرجل ورعايته كطفل متعذب فمنحته شفاء النفس وطمأنينة الروح .
3. سيطرة البعد العاطفي والخيالي في النص سمة أنثوية ، وكذلك خوارقيته ولغزيته وسحره .
4. حدوث النص في الليل واستتاره عن النهار فهو نص محجب مستور اتخذ من الليل خمارا كما تتحجب المرأة .
5. بداية النص ونهايته واضحة ، أما الحكايات التي بينها فهي قابلة للتمدد و التقلص و الزيادة والنقص كرحم وأحشاء الأنثى وجسدها .

إن طبيعة إنشاء النص وتركيبه أنثوي ، وهذا التماثل بينه وين خصوصيات ولوازم المرأة يدفعنا للسؤال : من هو مؤلف / مؤلفة / مؤلفين / مؤلفات ألف ليلة وليلة ؟؟
أهو رجل ( رجال ) ؟ أم امرأة / نساء ؟؟؟

وهنا يذكر محمود طرشونة أن تعدد مخطوطات ألف ليلة وليلة واختلاف رواياته لا يساعدان على معرفة تاريخ تأليفه خصوصا وأن المؤلف مجهول بل يرجح أن الأمر يتعلق بعدة مؤلفين ، و أن جل المخطوطات الباقية حديثة لا يتجاوز أقدمها عام 943 هـ / 1536 م باستثناء ما ذكره الباحث العراقي هلال ناجي من أنه عثر على نسخة يعود تاريخها إلى القرن الثاني الهجري ، وما ذكرته الباحثة الأمريكية اللبنانية الأصل نبيهة عبّود من أنها اكتشفت مخطوطا يعود إلى القرن الثالث الهجري ، لكن النصين المذكورين لم ينتشا بعد ولذا يعسر التثبت من هاتين الحقيقتين .

واحتوت الروايات الباقية على مفاهيم وموارد حديثة مثل القهوة و البارود ، و ألفاظ عثمانية إلى جانب حكايات يعود عهدها إلى العصر العباسي .

وما يهمنا هنا أن النص جاء مجهول النسب وغفلا من اسم مؤلفه ، وهذه شهرزاد تتكلم وتنسب الكلام إليها ( بلغني أيها الملك السعيد ) وتتكرر العبارة ألف مرة ، فالمرأة قد قالت وحكت ؟ فهل هي التي تكلمت وسردت أيضا ؟؟

ويخلص الغذامي إلى أننا يجب أن نفرق بين مفهوم ( التأليف ) و مفهوم ( التدوين ) وسوف يزعم أن الرجل قد دون النص ، لكن المرأة هي التي ألفت وتخيلت وحكت الحكايات ، ودعوى هذه الأطروحة تقول أن هذه الحكايات كانت من حكي النساء و أقاصيصهن على مر الليالي ، وليس للرجل من دور سوى تدوين هذه الحكايات ، وهو حينما كتب النص لم يفعل ذلك احتفاء به بدليل أنه لم يضع اسمه على النص المكتوب احتقارا له وتعاليا عليه ثم يقرر أن خطاب ألف ليلة وليلة خطاب أنثوي لا يقوى عليه سوى المرأة وليس للرجل فيه سوى التدوين

ولهذه الأسباب يجدر الاعتماد على مقاييس النقد الخارجي و النقد الداخلي لمعرفة بعض أصول الكتاب ومصادره :

النقد الخارجي :
أول من ذكر كتاب ألف ليلة وليلة من المؤرخين القدامى المسعودى ( ت 346 هـ / 957 م ) فقد قال في ( مروج الذهب ) في معرض حديثه عن إرم ذات العماد : " إن هذه الأخبار موضوعة ، من خرافات مصنوعة ، نظمها من تقر إلى الملوك بروايتها ، و إن سبيلها سبيل الكتب المنقولة إلينا و المترجمة من الفارسية و الهندية والرومية مثل كتاب " هزار أفسانة " وتفسير ذلك بالفارسية " خرافة " ويقال لها " أفسانة " و الناس يسمون هذا الكتاب " ألف ليلة " وهو خبر الملك و الوزير وابنته شهرزاد وجاريتها دنيا زاد "

هذا النص أثار نقاشا طويلا بين المستشرقين حول أصول الكتاب ، فأول من نبه إلى وجوده المستشرق الفرنسي سلفستر دي ساسي

وكان أول من افتتح مرحلة الدراسة والتحليل التي بدأت في القرن التاسع عشر وذلك
بالبحث الذي قدمه في ( جريدة العلماء ) عام 1718 م حول أصول " ألف ليلة وليلة " فاعتبره نصا منحولا لا يدل على أن أصل الكتاب مترجم من الفارسية وقد استبعد ساسي في هذا البحث فكرة أن يكون المؤلف فردا واحدا , ورجح أن تكون قد كتبت في فترة قريبة من فترة اختلاط الثقافات الفارسية والهندية والعربية ، وبذلك خالف ( المسعودي ) في الإشارة التي كتبها في ( مروج الذهب ) و التي أشار فيها إلى أن ألف ليلة وليلة ترجمة لقصص فارسية تسمى " هزار أفسانة " ومعناها " ألف خرافة " وهو الذي أشار إليه ابن النديم في ( الفهرست ) حيث قال : " أول من صنف الخرافات وجعل لها كتبها و أودعها الخزائن الفرس الأول ، ثم أغرق في ذلك ملوك الأشغانية وهم الطبقة الثالثة من ملوك الفرس ، ونقلته العرب إلى اللغة العربية ، وتناوله الفصحاء و البلغاء فهذبوه ونمقوه ، وصنفوا في معناه ما يشبهه ، فأول كتاب عُمل في هذا المعنى كتاب " هزار أفسانة " ومعناه " ألف خرافة " وكان السبب في ذلك أن ملكا من ملوكهم كان إذا تزوج امرأة وبات معها ليلة قتلها من الغد ، فتزوج بجارية من أولاد الملوك لها عقل ودراية يقال لها شهرزاد ، فلما حصلت معه ابتدأت تخرّفه وتصل الحديث عند انقضاء الليل بما يحمل الملك على استبقائها ، ويسألها في الليلة الثانية عن تمام الحديث إلى أن أتى عليها ألف ليلة رُزقت في أثنائها منه ولدا أظهرته و أوقفت الملك على حيلتها عليه فاستعقلها ومال إليها واستبقاها ، وكان للملك قهرمانة يقال لها دنيا زاد فكانت موافقة على ذلك .. وقد قيل إن هذا الكتاب أُلف لحميّا ابنة بهمن .. " وفي موضع آخر من الفهرست قال : " و الصحيح إن شاء الله أن أول من سمر بالليالي الاسكندر ، وكان له قوم يضحكونه ويخرفونه لا يريد بذلك اللذة و لإنما كان يريد الحفظ والحرس . واستعمل لذلك بعده الملوك " هزار أفسانة " ويحتوي على ألف ليلة وعلى دون المائتي سمر لأن السمر ربما حُدث به في عدة ليال وقد رأيته بتمامه دفعات ، وهو بالحقيقة كتاب غث بارد الحديث "

و أشار ابن النديم إلى أن الجهشياري صاحب كتاب الوزراء كان يريد وضع كتاب فيه ألف حكاية من حكايات العرب والفرس و الهند، وقد وضع منها أربعمائة وثمانين حكاية ومات. وقد ظلت آراء المسعودي وابن النديم موضع الاقتباس و المناقشة والتأييد و المعارضة في كل الكتابات التي دارت حول أصول الليالي، وفي نفس العام الذي نشر فيه ساسي بحثه، نشر المستشرق النمساوي فان هامر مقالا يعبر فيه عن تمسكه بنص المسعودي، و أردفه بآخر عام 1823 م في (( المجلة الاسيوية )) يرد فيه على شكوك دي ساسي، ولم يقتنع هذا الأخير بحجج فان هامر فنشر مقالين عام 1828 م و 1836 م يعبر فيهما أن الكتاب عربي بأكمله بدليل الروح الإسلامية الظاهرة في كامل حكاياته

وهناك وثيقة ثالثة تدل على انتشار الكتاب بعنوان الف ليلة وليلة في عهد الفاطميين بالقاهرة، فقد ذكر المقري في ( نفح الطيب ) أن ابن سعيد بن موسى الغرناطي المولود عم 685 هـ يقول في كتابه " المحلّى بالأشعار " عن القرطبي في عرض الكلام عن بناء الهودج في بستان القاهرة وعن البدوية التي بناه الآمر بأحكام الله لها أن القصص الشعبية حول هذه البدوية وحول ميّة من بني عمومتها أصبحت مثل قصص الأبطال و ألف ليلة وليلة وما شابهها، و أكد أوستروب أن ابن سعيد حل القاهرة قادما إليها من غرناطة بعد عام 1241 م، واستنتج فيكتور شوفان من هذه المعطيات ومن غيرها نظريته حول مؤلفي الكتاب المصريين، فقد بين في كتابه : " الرواية المصرية لألف ليلة وليلة " أن للكتاب مؤلفين :
الأول : مصري وتنسب إليه كل الحكايات المصورة للحياة الاجتماعية في مصر .
والثاني يهودي مصري أسلم ويسمى غراهيم ميمون الذي عاش قبل عام 924 هـ / 1518 م والدليل على ذلك وجود مجموعة من الاسرائيليات
وفند الباحث أستروب هذا الرأي مشيرا على أن الاسرائيليات كانت منتشرة منذ عصر ابن منبه بدون انقطاع وبين أن المؤلف لا يمكن أن يكون مؤلفا واحدا أو مؤلفين بل مجموعة من الرواة ودليله على ذلك اختلاف النسخ

و تدخل في النقاش وفي هذا المجال فإن " وليام لانس " هو الوحيد الذي حاول أن يثبت أن مؤلف ألف ليلة فرد واحد و إنه كتبها ما بين عامي 1475 و 1525 م

مع الدراسة التي قدمها " أوجست مولر " بدأت فكرة المصادر تأخذ نظرة أوسع وهي إمكانية تعدد المصادر ، وقد ميز مولر في مقاله بين نوعين من القصص أحدهما القصص البغدادي و الآخر القصص المصري أو القاهري ، ووافقه " نولدكه " على هذا الرأي ، وظلت فكرة تعدد المصادر تتسع لتضم مصادر هندية وفارسية و إشارات هيلينية وقصصا عراقية ومصرية . وفي هذا الصدد انتهى " نابيا " في البحث الذي كتبه في مجلة الشرق الأدنى عام 1949 م إلى إمكانية تمييز عدة مراحل في الشكل الذي انتهت إليه " ألف ليلة وليلة " ، وهو يرى أن الكتاب مر بالمراحل التالية :
1. ترجمة لكتاب " هزار أفسانة " في القرن الثامن الميلادي ، وربما كانت ترجمة كاملة ودقيقة ومن الممكن أن يكون اسمها في هذه الفترة " ألف خرافة " .
2. تعريب ومحاكاة إسلامية على مستوى كلي أو جزئي لهزار أفسانة في القرن الثامن أيضا .
3. كتابة ( ألف ليلة ) في القرن التاسع محتوية على أهم العناصر في المرحلتين السابقتين عربية أو فارسية .
4. كتاب " ألف سمر " الذي كتبه ابن عبدوس الجهشياري في القرن العاشر ، ويحتمل أن يكون قد أضاف عصره إلى الليالي السابقة .
5. كتاب قصص أخرى ألف في القرن الثاني عشر ، واحتوى على قصص مصرية محلية ، وعلى قصص آسيوية ، وربما جاء في هذه المرحلة كلمة " ألف ليلة وليلة " فحتى هذه الفترة كان العنوان " ألف ليلة " أو " ألف خرافة " فقط .
6. المرحلة الأخيرة التي أضيفت فيها بعض القصص المتعلقة بالحروب الصليبية أو بغزوات المغول في القرن الثالث عشر ، وبدخول الأتراك إلى سوريا ومصر في القرن السادس عشر .

النقد الداخلي :
ثمة تبادل تأثير واضح بين الأدب الهندي و الفارسي من جهة ، وبين الفارسي و العربي من جهة أخرى ، ومن المعلوم أن ذروة التبادل الأدبي بين العرب و الفرس كان في زمن الخلافة العباسية وذلك نظرا للتلاقي الثقافي بين العرب و الفرس

وإن المتمعن في نصوص الكتاب يلاحظ تعاقب الروايات وتراكم الحكايات ، ويمكن أن يثبت تعاقب ثلاث مراحل على الأقل : وهي المرحلة الهندية والمرحلة الفارسية و المرحلة العربي بقسميها البغدادي والمصري وذلك اعتمادا على فحص النصوص من الداخل .

لو تتبعنا فنون القص فسيتيسر لنا معرفة أصول بعض الحكايات ووضعها في إطارها الزمني و الجغرافي بهذه الطريقة في التحليل يمكن استخراج نواة هندية وتصرفا فارسيا و إضافات عربية هامة و آثارا يونانية ..

التأثير الهندي :

فهناك مجموعة من الخصائص المعروفة التي يتميز بها القصص الهندي أهمها :
1. تداخل الحكايات أو التضمين الذي نجده في البنج تنترا وفي المهابها راتا ، قد ظهرا في كليلة ودمنة ذي الأصل الهندي هو أيضا .
2. الإطار العام الذي تبدأ به ألف ليلة وليلة له نظير فيما بقي لنا من الأدب الهندي ففي الكتاب الهندي الضخم المسمى محيط الأنهار القصصية أو " كاتاريتساجارا " سبعون قصة تحكيها البغاء لامرأة سافر زوجها فأرادت أن تتخذ لها خليلا ، فأخذت الببغاء تقص عليها تلك الحكايات في ليال متتابعة ، وفي كل ليلة تقطع حكايتها في موضع ، بحيث تشتاق المرأة إلى سماع بقيتها في الليالي التالية ، حتى جاء زوجها ، وبهذا ألهت الببغاء المرأة عن خيانة زوجها .
3. سرد حكاية لمنع أمر قبيح : ويظهر أيضا في حكاية الببغاء الذي يحكي لزوجة صاحبه حكايات حتى يمنعها من الذهاب إلى خليلها في غياب زوجها .
4. ضرب المثال ويظهر ذلك في تكرار عبارات من صنف : " لا تفعل كذا و إلا أصابك ما أصاب ......
5. تحول الإنسان إلى حيوان وهو من رواس عقيدة التناسخ
6. وهذه الخصائص موجودة في الحكاية الإطارية .
7. ومن العناصر الهندية في الكتاب طريقة التساؤل
8. وعثر بعض الباحثين على أصول هندية ثابتة لمجموعة من الحكايات مثل حكاية الحسن البصري و حكاية الحمار والثور وصاحب الزرع وحكاية الملك يونان و العالم ريان ، والملاحظ أن النواة الهندية يوجد أغلبها في أول الكتاب وهي لا تشغل إلا بعض الليالي

التأثير الفارسي :

و الرواية الفارسية هي التي ذكرها المسعودي في مروج الذهب و التوحيدي في الإمتاع و المؤانسة وابن النديم في الفهرست بعنوان " هزار أفسانة " لكن هذه الترجمة الفارسية مفقودة ، ويظهر أنها عربت في القرن الثالث وربما في القرن الثاني مع كليلة ودمنة الذي مر بنفس المراحل ، وقد تصرف الفرس في :
1. الأسماء فأسندوا إلى الأشخاص أسماء فارسية مثل شهرزاد وشهريار ودنيا زاد وشاه زمان وبهرام ورستم وشابور .
2. أضيفت بعض الحكايات مثل " قمر الزمان و الأميرة بدور " و " أردشير وحياة النفوس " و " سيف الملوك " ووردت هذه الحكايات متتالية في بعض النسخ وكأن المترجم هو الذي أضافها .
3. الخوارق ذات الأصل الفارسي تميزت بأن الجن و العفاريت فيها ليست في خدمة الغير يسخرها كما يشاء ، بل تتحرك ببادرة ذاتية ولفائدتها الخاصة .
4. تصرف الفرس في بعض الحكايات الهندية الأصل كحكاية " الفرس الأبنوس " فأدخلوا فيها بعض عاداتهم مثل الاحتفال بعيد النيروز و المهرجان . وقد تواصل الاحتفال بهما حتى في العصر العباسي .

التأثير اليوناني :

وفي الكتاب آثار يونانية، فقصة السندباد البحري تقابل – بما تحتوي من مغامرات – ملحمة هوميروس وبخاصة في وصف الكهف الذي يتغذى فيه الوحش بالناس. وهذا الوحش في صورة رجل طويل القامة، طويل اللحية، له عينان كأنهما مشعلان، يعمي ضحاياه من البشر قل أن يفترسهم، ويتغلب عليه في القصة " سعيد " فيقتله. وفي هذا ما يذكرنا بمخاطرة " يوليسس " في كهف " ولفموس " في أوديسيا هوميروس .

التأثير العربي :

وفي عصر الرشيد ( وربما المنصور ) تقبلت بغداد كتاب " هزار أفسانة " وعربته وضخمت حجم الكتاب بإضافات جديدة ، وفي هذه المرحلة ظهر لأول مرة عنوان " ألف ليلة " وقد بين احمد حسن الزيات أن الإضافات العراقية من عمل كتّاب لا رواة، فقد اشتهر في بغداد في ذلك الوقت كتاب يجيدون تأليف الحكايات كسهل بن هارون وابن عبدوس الجهشياري، ولاحظ الزيات أيضا أن الإضافات البغدادية عربية روحا ومعنى إذا زالت آثار الترجمة. وأوحى بتلك الإضافات ما عرفته بغداد من حياة الترف و الخصب منذ عهد الرشيد، فتجسم ذلك في " أقاصيص غرامية صغيرة انتزعت من حياة العرب واتسمت بسمة الإسلام " ويظهر أن الرشيد فيها ملاك رحمة ورسول عناية وسميت أيامه بأيام العروس، وليس معنى ذلك أنه كلما ذكر الرشيد في قصة فهي بغدادية، فالرواة المصريون أيضا استعملوا اسمه في حكاياتهم . وفي هذا السياق يمكن اعتبار القصص الغرامي بغدادي الأصل مثل حكاية علي بن بكار وشمس النهار وحكاية النائم اليقظان وحكاية الجواري الضرائر وحكاية الشاب البغدادي مع جاريته .

ومن الإضافات البغدادية :
· ما أفرزه النشاط التجاري في البصرة مثل " رحلات السندباد البحري "
· ما أفرزته الحياة اليومية في بغداد مثل حكاية " أو محمد الكسلان " .. ويبدو أن نواة " عمر النعمان " و " عجيب غريب " فارسية و أن الصورة النهائية لهما عراقية على حسب صاحب فصل ألف ليلة وليلة في دائرة المعارفة الإسلامية ( الطبعة الجديدة .

وقد استلهم العراقيون بعض حكاياتهم من مصادر بابلية الأصل مثل صفات الخضر الدائم الشباب ورحلات بلّوقية بحثا عن ماء الحياة وهي تعود إلى أسطورة قلقامش.

وقد استلهموا بعض القصص القرآني خصوصا قصص الأنبياء وتضخيم المفسرين لها ، وأخذوا بعضها من كتب معروفة مثل " أخبار أبي نواس " لأبي هفّان و " الفرج بعد الشدة " للقاضي التنوخي و كتاب " الوزراء " لابن عبدوس الجهشياري و كتاب " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي ، وأخذوا القصص الغرامي من كتاب " الأغاني " لبي الفرج الأصبهاني ومن كتاب " مصارع العشاق " لابن السرّاج ..

وكل هذه المصادر تحتاج إلى دراسة متعمقة تبين النصوص التي انتقلت فعلا إلى ألف ليلة وليلة . وتواصل الاقتباس في المرحلة البغدادية إلى القرن الخامس ، وانتقل الكتاب إثرها إلى الرواة المصريين فأضافوا إليه حكايات حتى يبلغوا الليلة الأولى بعد الألف .

وتتكون الطبقة المصرية من الحكايات التي أضافها رواة محترفون ضخموا حجم الكتاب بقصص عربية فيها الكثير من التقاليد الإسلامية و أساطير فرعونية ، وسير يهودية .

ويمكن تقسيم هذه المرحلة إلى ثلاثة أطوار :
الأول: فاطمي: وفيه رويت حكايات متأثرة بمذهب الباطنية فكثر الحديث عن الطلاسم والسحر والجن .
الثاني : أيوبي وفيه رويت قصص البطولة والحروب .
الثالث : مملوكي وفيه رويت الحكايات عن أهل المدن والشطار .

ومن الملاحظ أن الروايات المصرية تمثل ما يقر من نصف الكتاب ، وتمت بين القرنين الخامس والعاشر الهجريين .

فالطور الفاطمي يتميز عامة أسلوب مهذب نسبيا وبين الزيات أنه يوظف الأرصاد والطلاسم ، أما الطور الأيوبي فإن أهم ما يمثله زيادة على إعادة صياغة " عمر النعمان " المحتملة حكاية : نور الدين ومريم الزّنارية و حكاية الصعيدي وزوجته الإفرنجية .

وفي عهد المماليك تأزمت الأوضاع الاجتماعية بصورة دفعت فريقا من الناس على التحيل و اللصوصية وفريقا آخر على الزهد و التصوف فأضيفت حكايات علي الزئبق ، أبو قير و أو صير ، حكاية ملك الموت ، علاء الدين أبو الشامات ، معروف الإسكافي ، حكاية المرأة الصالحة في بني إسرائيل .

فتعاقبت الإضافات لا يمكّن من البحث عن نسخة أم أو نص كامل فقد تواصل التأليف إلى القرن السادس عشر . وهناك قرائن تدل على أن بعض الحكايات يمكن تأريخها مثل حكاية " شمس الدين ونور الدين " التي ألفت بعد حكم الظاهر بيبرس أي عام 676 هـ و " مزين بغداد " التي يعود عهدها إلى عام 819 هـ

فالكتاب نتيجة تراكمات ثقافية مختلفة يمكن فرزها اعتمادا على مجموعة من المقاييس

ردود الفعل المختلفة تجاه الكتاب

تجاهل العرب كتاب ألف ليلة وليلة :

يعتبر كتاب ألف ليلة وليلة من التراث الشعبي رغم أنه مدون بلغة متفاصحة ، متفاوتة المستويات . وللتراث الشعبي في الدراسات المعاصرة أهمية كبيرة لأنه منطلق لعديد من البحوث الأنتروبولوجية التي تهتم بأصل الإنسان وعاداته وتصوراته الذهنية ودلالة تخييلاته على معتقداته .

واكتشف الباحثون الأوربيون ما للكتاب من قيمة فأخرجوه لأول مرة مطبوعا في ترجمة فرنسية، ثم نشروه في لغته الأصيلة ودرسوا أصوله ومخطوطاته ومعانيه ووظفوه في إنتاجهم الفني و الأدبي

ويقابل هذا الاهتمام المتزايد بالكتاب عند الغربيين عدم اكتراث الدراسات العربية به وذلك يعود لعدة أسباب :
1. نظرة محافظة إلى التراث : فلا يعتبر جديرا بالأهمية إلا ما كان مدونا في لغة فصيحة ومعروف المؤلف ، أما الإبداع الشعبي المجهول المؤلف فإنه لم يكن يحظى بالاهتمام .
2. عدم الاكتراث بعفوية هذا الإبداع الشعبي وصدق إلهامه و أبعاده المختلفة الضاربة في أعماق النفس البشرية .وقد كانت النخبة ترفض نشر الحكايات لآنها كانت تعبر عن انشغالات ورأي الجماهير الشعبية
3. تشويه بعض الرواة والنقاد و أصحاب المعاجم لقيمته الفنية ، فابن النديم مثلا يصرح في الفهرست بقوله : " وقد رأيته ( أي ألف ليلة وليلة ) وهو بالحقيقة كتاب غث بارد الحديث تلوكه ألسنة العامة "
4. نظرة دينية و أخلاقية للأدب ترفض كل ما كان خارجا عن القيم السائدة وتنفر من كل ما ليس موجها إلى الخاصة الحاكمة أو الخاصة المثقفة ، وقد يندرج في هذا الإطار موقف أي حيان التوحيدي من هذا الجنس الأدبي فهو يقول في ( الإمتاع والمؤانسة ): " ولفرط الحاجة إلى الحديث ما وضع فيه الباطل ، وخلط المحال ، ووصل بما يعجب ويضحك ، ولا يؤول إلى تحصيل وتحقيق مثل ( هزار أفسانة ) وكل ما دخل في جنسه من ضروب الخرافات .
5. اقتران التخريف عادة بالعجائز و الأطفال قصد جلب النوم للصغار أو تخويفهم بالجن والأشباح ، ومن جهة أخرى اقترن التخريف بالتخدير وصرف الانتباه عن الوعي بالقضايا الأساسية .
وهناك قول عربي قديم ينظر إلى هذا الكتاب برصفه حكايات لا تناسب سوى الجهال و التافهين والنساء و الأطفال ، وفي الغرب كان هناك رأي يقول إن هذه الليالي العربية تناسب أصحاب العقول الصغيرة

لهذه الأسباب أعرض المثقفون المسلمون عن هذا التراث وانصرفوا عنه إلى الأدب المدون الفصيح ، إلا أن ما يعتبره البعض كذبا ليس في الواقع إلا خيالا دالا من وجهة نظر البحث على عقلية أصحابه وتصوراتهم الجماعية ، والملاحظ أن الكذب في الشعر مقبول وربما كان مقياسا للحسن ، لكنه في الحكايات مرفوض رغم قول الرسول إن " خرافة حق " مشيرا إلى المغامرات العجيبة في " حديث خرافة "

كيف عرف الغرب أسطورة ألف ليلة وليلة ؟

حين يحاول دارسو الأدب المقارن رصد المؤثرات الأولى لليالي العربية سيجد أمامه ترجمتين رئيسيتين :
1. في فرنسا لجالان في عام 1704 .
2. في إنجلترا لمجهول عرفت باسم ( قراب ستريت ) في عام 1706 م .
وإذا كانت ترجمة جالان هي الأكثر شهرة وإثارة وتأثيرا ، فيجب القول إن شهرزاد وأسطورتها قد عرفت قبل ذلك في أوربا بالنقل الشفوي ولعدد من القرون
المرحلة الأولى : ( النقل الشفوي )

يرى فريدرش فون ديرلاين أن الازدهار الثاني للحكاية الخرافية بدأ منذ القرن الحادي عشر في الشرق وبدأ من هذا القرن عرف العرب شهرزاد ولياليها و إن كانت بدرجات أقل مما عرفت به في القرن الثامن عشر فمن المعروف أن أوربا عرفت الحضارة الشرقية ، و أطلت على علومها و آدابها منذ الحروب الصليبية ، ثم توالت المؤثرات حين احتكت بعد ذلك بالقسطنطينية شرقا والأندلس وصقلية غربا ، ومن ثم بدأت آثار ألف ليلة تتسرب شفاهيا إلى جميع البلدان ، في جنوب ألمانيا و أسبانيا والبرتغال و إلى القصة الإنجليزية بل ودخلت بعض مسرحيلت شكسبير حتى إذا ما وصلنا إلى القرن السابع عشر نجد أن عدد الكتب التي عرفتها أوربا في هذا القرن فقط تصل إلى نيف ومائة كتاب

المرحلة الثانية : ترجمة الكتاب :

هناك حقيقة تاريخية تقول إن " ألف ليلة وليلة " طبعت باللغة الفرنسية قبل أن تطبع باللغة العربية بمائة وعشرة أعوام ، ذلك أن ترجمة أنطوان جالان قد ظهرت بدايتها في عام 1704 م بباريس إلى 1717 م

على حين أن طبعة " كلكتا " وهي طبعة عربية كانت في عام 1814 م ، وتلتها أول طبعة للكتاب داخل الوطن العربي في " بولاق " بالقاهرة عام 1835 م أي بفارق مائة وإحدى وثلاثين عاما عن صدور الكتاب في فرنسا ، وهو فارق زمني ليس هين القيمة ولا قليل الأثر ، فلم يكن ذلك القرن كغيره في تاريخ أوربا بل كان عصر التنوير ، وفي الوقت ذاته كانت " ألف ليلة وليلة " في موطنها الأصلي راويات مشافهة متناثرة أو مخطوطات مودعة في خزائن الكتب العامة أو الخاصة أو في دكاكين الوراقين .

ترجمة جالان :

كانت أول رحلة لشهرزاد نحو الغرب برفقة فرنسي يدعى ( أنطون غالان )
و أنطون جالان 1646 – 1715 م أول من نقل " ألف ليلة وليلة " إلى أوربا كان سفيرا لفرنسا في القسطنطينية ، و" قارئ الملك " للآداب الشرقية ، وكان مغرما باقتناء الآثار الفنية ومختصا باللغات العربية والفارسية و التركية وقد قام بترجمة القرآن الكريم إلى الفرنسية .
لم تعرف أوربا من قبله هذه الليالي إلا فيما يظن من نقل بعض التجار الإيطاليين العائدين من الشرق في القرون الوسطى لبعض حكايات هذا العمل وهو ظن مبعثه ظهور التكنيك الفني القائم على فكرة وجود " قصة إطار " واسعة تتخللها وتتداخل فيها قصص جزئية متلاحقة – وهو تكنيك ألف ليلة وليلة – في بعض الأعمال الإيطالية .

وجاء جالان فدرس الآداب الشرقية في باريس على يد ( هربرلوت ) صاحب أول دائرة معارف عن الشرق في أوربا ، والتي ظلت بالنسبة لكبار الأدباء الأوربيين منذ فولتير حتى جوته وبايرون ونرفال مرجعا أساسيا عن الشرق وحضاراته ودياناته ، و الذي كان ( جالان ) نفسه هو الذي تولى إخراجها بعد موت أستاذه فرفعت اسميهما معا .

عمل جالان سفيرا لفرنسا في تركيا في عهد لويس الرابع عشر ، وهناك أجاد التركية و الفارسية والعربية ، ورحل إلى جزر البحر المتوسط وسوريا وفلسطين ، وأقام بها نحو عامين . وفي إحدى زياراته لمدينة حلب حمل معه مخطوطة لألف ليلة وليلة يرجع تاريخها إلى القرن الرابع عشر الميلادي ، وتتكون من ثلاثة أجزاء وتعد من أفضل مخطوطات " ألف ليلة وليلة " ومازالت محفوظة حتى الآن في باريس في المكتبة الوطنية تحت رقم : 3645 .

وبدأت ترجمة ( جالان ) لهذه المخطوطة تظهر ابتداء من عام 1704 م ، وخلال 1709 م التقى ( جالان ) براهب مسيحي من حلب يدعى ( حنا ) كانت لديه مخطوطة تحتوي على أجزاء أخرى من الليالي أهمها قصة " علاء الدين والمصباح السحري " ، لكن الأكثر أهمية أن هذا الراهب كانت لديه حكايات شفوية دونها جالان عنه ، وأصدرها في أجزائه اللاحقة ، فأسهمت الطبعة الفرنسية بذلك في تدوين ما لم يكن من قبل مدونا من هذا العمل الكبير ، ووصلت بذلك كله طبعة جالان 12 مجلدا .

كانت ترجمة جالان هي التي فتحت الباب لمعرفة " ألف ليلة وليلة " في فرنسا ، ولم تكن هذه الترجمة ترجمة حرفية للمخطوطة التي عثر عليها جالان في حلب بقدر ما كانت ( فرنسة ) لحكايات هذه المخطوطة ولغيرها مما أضافها فيما بعد إليها وذلك ليضمن نشره : طهره مما يخدش الحياء ، وأخضعه لمعايير الذوق و اللباقة ليتمشى مع مقتضى الحال ، وحرص على الجمع بين التثقيف والترفيه ، واستبعد جالان الشعر تماما من ترجمته لصعوبة صياغته طبقا للأوزان والبحور ، كما يحرص في اختياره للحكايات التي ينقلها على إعطاء الأولوية لتلك التي يعلم سلفا أنها ستلاقي هوى في النفوس وهي حكايات الرحلات والسحرة و الجان

و نلاحظ أن تصرف جالان لا يعني الخروج على الأصل بقدر ما يعني النجاح في العثور على لون الأسلوب الذي يصل قارئه بالنبع السحري لهذه الحكايات . وتوالت الترجمات بعد ذلك لتشمل معظم اللغات الأوربية

ترجمات ألف ليلة وليلة الغربية :

1. ترجم الكتاب إلى الألمانية منذ عام 1823 وتواصلت الترجمات في السنوات : 1824 – 1827 – 1837 – 1895 – 1921 م .
2. ترجم إلى الإنجليزية عام 1824 ثم عام 1839- و ترجمتي عام 1882 – و1885 م
3. وإلى الروسية عام 1929 وعام 1936 .
4. و إلى الدنمركية عامي 1824 و 1827 م .
5. و إلى الإيطالية عام 1948 م
6. وترجمها ماردروس إلى الفرنسية من جديد بتصرف في الأصل من 1899 إلى 1904 م .
7. وترجم إلى الأسبانية مرات عديدة وكان معروفا في الأندلس منذ القرن الثالث عشر المسيحي .
ولا تكاد لغة من لغات العالم تخلو من ترجمة أو أكثر لألف ليلة وليلة .

كيف استقبلت فرنسا ومن بعدها أوربا " ألف ليلة وليلة " ؟

أثارت " ألف ليلة وليلة " بعد أن نقلت إلى لغات الغرب شغفا في نفوس الغربيين بجمع الأدب الشعبي ، ودراسته على نحو لم يكونوا قد بدأوا يحسون الحاجة إليه ، أو الحافز نحوه ، ولكنهما من ناحية أخرى قد أثارت في نفوسهم التطلع إلى معرفة هذه الشعوب التي أنتجت هذا الأثر والتي دارت حوادث الكتاب حولهم ، بل إن كثيرا من قوة حركة الاستشراق تعود إلى ما ترك هذا الأثر في نفوس الغربيين ، فقد تاق الأدباء قبل ظهور هذا الأثر قليلا ومن بعده كثيرا إلى زيارة هذه البلاد الشرقية ، ثم دونوا رحلاتهم كتبا انتشرت ، فإذا المستشرقون بعد أن كانوا يكتفون بما يصل إليهم من كتب عربية أو غربية عن الرحلات وبعض المسائل العلمية الشرقية يحاولون هم أنفسهم أن يزورون هذه البلاد العربية خاصة و الشرقية عامة ويتعرفوا لغاتها وعاداتها .

و لقد كان الاستيعاب والتمثل والتأثر بكتاب ألف ليلة وليلة أبعد كثيرا مما يظن للوهلة الأولى ، ويمكن أن نشير هنا إلى مرحلتين متميزتين :
مرحلة القرن الثامن عشر ، وهي مرحلة السريان و التأثر ، ثم مرحلة القرن التاسع عشر و القرن العشرين : مرحلة الدراسة والتحليل .

كان الناس ينتظرون مجلدات " ألف ليلة " بنفاذ صبر الواحد تلو الآخر ، وشاعت موجة لمحاكاة " ألف ليلة " تأليفا أو ترجمة ، ففي عام 1712 م ترجم " بنى دي لاكروا " كتاب " ألف يوم ويوم " عن الفارسية ، وكتب عام 1714 م " مغامرات عبد الله بن حنيف " ، وترجم "نيبون " في نفس الفترة عن اللغة التترية ما أسماه " ألف ربع ساعة وربع " وشاعت موجة ترجمة القصص الشرقي المغولي و التتري و الفارسي بحثا عن كنز دفين كالذي عثر عليه ( أنطوان+ جالان ) وشاعت موجة محاكاتها من فولتير وديدور حتى الأدباء الناشئين .

على مستوى آخر من التأثير الذي أحدثته " ألف ليلة وليلة " في الفكر الفرنسي ، بدأ الاهتمام بدراسة التاريخ و الحضارة العربية و الإسلامية وكتب لامار عام 1708 م : " كنا نظن من قبل أن المجد التاريخي محصور في الإغريق و الرومان ، ولكن بعد أن قرأنا عن الشرق نستطيع أن نقول أن الرقي و العلم يوجدان في كل مكان " .

وامتد تأثير " ألف ليلة وليلة " إلى جوهر فكرة وفلسفة المجتمع الأوربي في ذلك القرن ، يقول البروفيسور جون لمبير : (( إن شخصية شهرزاد أثرت تأثيرا حاسما في تاريخ المرأة الأوربية ، وجعلت من القرن الثامن عشر أعظم القرون في حياتها ، وكان لجمالها وثقتها في نفسها ، وتصديها وحدها لشهريار الذي عجز كل الرجال عن أن يوقفوه واستخدامها لسلاح الأنوثة والمعرفة معا ، كان لهذا كله أثر كبير في تكوين شخصية المرأة الأوربية . ويضيف : إن فكرة الحب في أوربا لم تعد بعد ظهور " ألف ليلة وليلة " كما كانت قبلها ، فلقد كان ديكارت منذ القرن السابع عشر قد حول بفلسفته شعور الحب إلى شعور عقلي محسوب النتائج ، وكان كورني قد أخضعه لفكرة التقاليد الكلاسيكية ، وأصبح عند راسين لونا من الضعف ، لكن " ألف ليلة وليلة " جعلت الحب مصدر المتعة الحقيقي ، حيث يبدو القانون الطبيعي سيدا يعلو على كل الحواجز و النصائح التي تحول بين الكائن البشري وبين تحقيق ذاته "

سبب الاهتمام العالمي بالكتاب :
ما هي الدوافع الحقيقية التي بوأت الكتاب هذه المنزلة ؟
يمكننا الانطلاق من ثلاث شهادات مختلفة تؤكد قيما مختلفة في الكتاب :

الشهادة الأولى : لباحث ألماني هو فون دير لاين الذي يقول في كتابه : الحكاية الخرافية ما يلي : " ويبقى بعد ذلك قيمة العرب الخالدة من حيث أنهم خلقوا عن طريق فنهم في الرواية صورا جديدة كل الجدة ، سواء من خلال تلك الحكايات التي نشأت عندهم ، أو تلك التي أخذوها من الشعوب الأخرى ، تلك الصور التي تأسرنا دائما عن طريق روعتها التي تنبع من حياة البذخ ، وطراوتها المستسلمة الباقية وفنها المليء بالمغزى ، وفكاهتها المثيرة ، و لا نود أن نعد من قبيل الصدفة أن أبرز الفرنسيون أنفسهم هذا الفن لغيرهم من شعوب أوربا ، فقد أدركوا ما في تلك الحكايات من سحر ورقة ودقة مشاعر ورهافة مغزى وكذلك ما فيها من تصاوير غريبة "

الشهادة الثانية : وتتعلق بجانب أخر يهم الخلفية الاجتماعية لرني خوام : " يصاب الجسم الاجتماعي بالحمى مثل الجسم البشري تماما مع فارق وحيد وهو أن سبب الحرارة يعود عن قصد أو غير قصد إلى سياسة غير واضحة أو إلى عدم توازن اقتصادي يعمق الهوة بين الأفراد والجماعات . و إن كتاب ألف ليلة وليلة يعطينا عن ذلك صورة تكيفها الضغوط التي تفرضها على المؤلف ظروف الخلق الأدبي نفسه "

الشهادة الثالثة : تتعلق بالمتعة الفنية في الكتاب ، وهي لأندريه ميكال ، يقول : " لا أحد يمكن أن يعترض على تذوقنا لهذا الأدب الهادف إلى المتعة المطلقة ، فإن ألف ليلة وليلة هو الكتاب الوحيد في الأدب الكوني الذي يرغبنا بسحره وكذلك بحجمه في إعادة قراءته كلما انتهينا من قراءة آخر صفحة ، إنه كالمتعة تماما أو كالليل الخلاق الذي يحمل الكتاب اسمه وصورته " ثم يضيف : " ومع ذلك هل يمكن أن تكون المتعة بمثل هذه البراءة والليل بمثل هذا الصفاء ؟ " إذن فليس أحسن من هذه النصوص التي تحمل إلينا رسالة بدون أن يظهر ذلك عليها ..

الخصائص التي جعلته من تراث الإنسانية :
واعتبر الكتاب من تراث الإنسانية لتوفر العديد من الخصائص فيه و أهمها :

1. احتواؤه على مجموعة من القيم الإنسانية التي يتأثر بها الإنسان مهما كان عصره أو موطنه ، فقد غاص في أعماق النفس البشرية وسبر أغوارها وعبر عما يختلج فيها من مشاعر وعما يشغل الفكر من هموم ..
2. تفاعله مع المحيط الذي أفرزه في حق متعاقبة فلا شك أن للرواة رسالة خفية يمكن إدراكها من خلال بنية الحكايات ولهجتها و أبعادها .
3. ما فيه من متعة فنية ناتجة عن تداخل الرواية ، وصور خيالية طريفة ومتجذرة في الواقع المعاش في نفس الوقت .

ولذا اهتم الباحثون في العالم بالكتاب في جوانبه المختلفة :
1. بحثوا في سلم القيم والظروف المفرزة له .
2. اهتموا بفنياته ووظائفها .
3. بحثوا في أصوله ومصادره المختلفة ومادته المكونة له .
4. صنفوا حكاياته إلى أنواع باحثين عن مختلف الأجناس الأدبية المتواجدة فيه .
5. حققوا نصوصه وصنفوا مخطوطاته إلى أسر .
6. ترجموه كليا أو جزئيا .
7. اقتبسوا منه قصصا للأطفال و أوبرات وقطعا موسيقية ومسرحيات وروايات وأشعارا
8. واصلوا حكايات شهرزاد على نفس النمط مع تكييفها ..

فكانت أعمال مثل :
Gallan – littman –Macdonald- Grunebaum- Juan Vernet – Ander Miqel- Rene Khawam – Korsakov – Supervielle – Mardrus – Gerhart – Elisseef
وغيرهم من الباحثين و الموسيقيين والمسرحيين ..

ثم اهتم العرب بدورهم في هذا الكتاب فبحثوا في مصادره ( أحمد حسن الزيات ، أحمد أمين ) وفي مضمونه ( سهير القلماوي ) وفي علاقته بالبيئة المفرزة له ( إحسان سركيس ) واستلهموا مواضيع مسرحية منه ( توفيق الحكيم _ علي أحمد باكثير ) وقصصية ( طه حسين )

ونتج عن كل هذه الدراسات أن الكتاب شرقي في بعض مكوناته عربي في تصوره النهائي ولغته و أسلوبه ، إنساني في قيمه و أبعاده ومتعته الفنية .
وهو مصدر ثري لعديد من البحوث المتعمقة بحكم قيمته الأدبية و الفنية وحتى الوثائقية .

شهرزاد القصة الإطارية

قصة الإطار : دراسة مقارنة :

يُستهل الكتاب بحكاية إطارية في قسمين موزعين بين بداية الكتاب ونهايته : الأول سابق لليلة الأولى و للحكاية الأولى التي ترويها شهرزاد ويفتتح به الكتاب ويُتحدث في عن أخيه الملك وعن شهرزاد بضمير الغائب المبني للمجهول ، حيث تبدأ بـ : " حُكي و الله أعلم أنه كان فيما مضى من قديم الزمان وسالف العصر و الأوان "

الثاني : يغلق به الكتاب ويروى في صباح الليلة الأولى بعد الألف بعد انتهاء حكايات شهرزاد كلها .
الأول : يفسر سبب عزم شهريار على التزوج بفتاة عذراء وقتلها في الصباح والثاني يفسر تراجعه عن هذا القرار القاسي، والفضل في هذا التراجع يعود إلى حكايات شهرزاد.

ما هو سبب هذا القرار ؟ خيانة زوجته له مع عبد أسود تدفعه إلى ترك مملكته و الهجرة هائما على وجهه مع أخيه شاه زمان الذي حدث له نفس الأمر، لكنه يعود إلى مملكته وسبب عودته حكاية المارد مع الصبية التي خانته مع العديد من الرجال ثم مع الملك الغريب نفسه وهي لا تعلم هويته الحقيقية ، فيهون أمر الأخوين ويعودان إلى المملكة ثم يقرر شهريار انتقاما منه لخيانة زوجة له أن يتزوج كل يوم من فتاة جديدة ويقتلها قبل أن تطلع الشمس لئلا تتمكن من خيانته ويهرب الناس ببناتهم من المدينة ، ويستمر الحال الذي لا يحسمه سوى أن تتقدم ابنة الوزير شهرزاد فتطلب من أبيها أن يرشحها للزواج من الملك، وتصطحب معها في ليلة الزواج أختها دنيا زاد وتوعز إليها أن تطلب منها حين تبدأ سهرتها الأخيرة مع الملك أن تقص عليها في ليلة الوداع حكاية مما كانت تمتعها به من قبل ، وتستأذن شهرزاد الملك الذي يسمح لها ويشارك في سماع الحكاية، ويطلع الصباح وشهرزاد عند نقطة مشوقة من حكايتها، فتضطر إلى التوقف لكي ينفذ فيها الملك حكمه، لكن الملك يمهلها إلى الليلة التالية حتى تكمل حكايتها، ولا تكاد الحكاية تنتهي حتى تتفرع وتدخل سامعيها في حكاية أخرى، ويظل شهريار ودنيا زاد – المسمعان الدائمان لشهرزاد – يطلبان منها المزيد، ويتأجل قرار موتها ليلة بعد ليلة وتزداد صلتها بالملك وحبه لها وتنجب له الأطفال و الحكايات مستمرة خلال ذلك كله حتى تصل شهرزاد إلى ليلتها الأولى بعد الألف ، وعلى حد تعبير الراوي في ألف ليلة: " فلما فرغت من هذه الحكاية قامت على قدميها وقبلت الأرض بين يدي الملك وقالت له: يا ملك الزمان وفريد العصر والأوان إني جاريتك ولي ألف ليلة وليلة و أنا أحدثك بحديث السابقين ومواعظ المتقدمين فهل لي في جنابك من طمع حتى أتمنى عليك أمنية ؟ فقال لها الملك: تمني تعطي يا شهرزاد ، فقالت: هاتوا أولادي – وهم ثلاثة ذكور واحد يمشي وواحد يحبو وواحد يرضع – فلما جاءوا بهم أخذتهم قدام الملك وقالت : يا ملك الزمان إن هؤلاء أولادك وقد تمنيت عليك أن تعتقني من القتل إكراما لهؤلاء الأطفال فإنك إن قتلتني يصير هؤلاء الأطفال من غير أم ولا يجدون من يحسن تربيتهم من النساء .

فعند ذلك بكى الملك ، وضم أولاده إلى صدره وقال : يا شهرزاد ، و الله إني قد عفوت عنك من قبل مجيء هؤلاء الأولاد لكوني رأيتك عفيفة نقية وحرة نقية بارك الله فيك وفي أبيك و أمك و أصلك وفرعك و أشهد الله أني عفوت عنك من كل شيء يضرك ، ثم نادى على وزيره وقال له : سترك الله حيث زوجتني ابنتك الكريمة التي كانت سببا لتوبتي عن قتل بنات الناس "
عند ذلك يعرض الملك عن عادته القديمة ، وفي بعض الروايات لا تعجبه حكايات شهرزاد فيقتلها ، لكنها رواية شاذة

لقد وصل شهريار إلى حقيقة أمر المرأة ممثلة في شهرزاد من خلال منهج أشبه بالمنهج العلمي الذي يعتمد على الملاحظة الدقيقة و التجربة و البحث و الاستقصاء و الذي على أساسه تم العفو

على هذا النحو تمتد قصة الإطار في ألف ليلة وليلة لتشمل العمل كله ولتكون في الوقت ذاته سببا للحكايات ونتيجة لها ، ولكي تضفي عليها طابع الوحدة وهو طابع يزداد تأكدا من خلال ملمح فني آخر يتمثل في وحدة الراوي ووحدة السامع على طول امتداد هذا العمل الكبير ، فشهرزاد هي الراوية دائما ، وشهريار ودنيا زاد هما دائما المستمعان .

و أهم ما يميز هذه الحكاية الإطارية أمران :
الأول : البناء الدائري و الثاني :التضمين .
فالأول نهاية الحكاية فيه تذكّر بدايتها وهو ما أكسب الكتاب وحدة تأليفية وجعله قابلا لجميع الزيادات فأمكن تمطيطه وتضخيمه عبر
 
أعلى