ربيع جابر - الليالي العربية

> هناك في البداية رجل يدعى انطوان غالان. فرنساوي يتقن 3 لغات شرقية عثر اثناء تجواله في اسواق دمشق عام 1680 على مخطوط عربي يرقى الى القرن الرابع عشر. مخطوط عنوانه "ألف ليلة وليلة". نقدر ان نتخيل الرجل في الثوب الافرنجي يستقيم حاملاً تلك المجلدات القديمة، وشمس الشرق تضيء رأسه وتضيء السوق الضيق المزدحم. لا نعرف عدد الذهبيات التي دفعها غالان لاقتناء المخطوط. لكن، في عام 1704، ظهرت في مكتبات باريس النسخ الاولى من "ألف ليلة وليلة، حكايات عربية مترجمة الى الفرنسية" بتوقيع انطوان غالان. كانت هذه اول ترجمة اوروبية للكتاب. ظهرت في 12 مجلداً بين 1704 و1717 وتحولت خطفاً الى احد اشهر كتب اوروبا القرن الثامن عشر.

بعد مئة سنة، في 1798، دخل بونابرت مصر. علماء الحملة الفرنسية كانوا مشبعين بصور "ألف ليلة وليلة". جاءت معهم الى مصر: المطبعة. عام 1835، بعد ان رحلوا عائدين الى بلادهم، ظهرت عن مطبعة بولاق في القاهرة طبعة عربية من "ألف ليلة وليلة". بعد غالان، هناك رجل يدعى ادوارد لين. انكليزي جاء الى مصر وكتب عن عاداتها وتقاليدها ورسم خمس منارات تتعالى فوق بيوت الاسكندرية. اقتنى احدى النسخ الاولى من طبعة بولاق المذكورة. بين 1838 و1841 ظهرت ترجمته لـ"ألف ليلة وليلة" في لندن.

بعد غالان ولين، هناك رجل يدعى ريتشارد بيرتون. مثل عشرات المترجمين قبله، وقع هذا الانكليزي باكراً تحت سحر "الليالي العربية". قرأها في طبعة 1708 وقرأها في طبعة لين، كما في طبعات وترجمات اخرى. اثناء اقامته في دمشق عام 1870 حصل على نسخة من "ألف ليلة وليلة" طبعة كلكوتا الثانية. بين 1885 و1888 ظهرت ترجمة ريتشارد بيرتون الانكليزية لـ"ألف ليلة وليلة" 16 مجلداً.

منذ 1704 حتى اليوم مارس "كتاب الليالي" سحراً خاصاً على الأدب الغربي والمخيلة الغربية. قائمة الاسماء تطول: ووردسورث، لورد تنيسون، ديكنز، ستيفنسون، دي كوينسي، ادغار آلان بو، بورخيس، كالفينو، ماركيز...

أين يكمن سرّ هذا الكتاب؟ في الطابع اللانهائي للحكايات؟ أم في فتح الواقع على الخيال؟ لا نعرف مؤلف "ألف ليلة وليلة". وربما كان هذا الغياب لمؤلفٍ هو سرّ الكتاب.
 
أعلى