قصة ايروتيكية بثينة سليمان ـ زمن الحب

يريد أن يكتب قصة، ولأنه لا يعرف ما الذي يريد أن يكتبه، ترك جهاز الكومبيوتر مشرعا، تظهر الرسوم ثم تتضاءل وتختفي لتعود مرة ثانية. لا يعرف ما الذي يريده.
أفضل ما يمكن فعله أن يترك ما هو متوجب عليه ويصغي الى شياطين تنقر شاشته. يريد شيئا خارقا، شيئا مدويا. أن يكتب قصة مختلفة، يحكي فيها عن الجنس وطقوسه، عن رغباته التي يستفيض بها، وعن أشياء كثيرة. لكنه لم يعد يعرف كيف يبدأ. لن يكتب عن الجنس. سيبدو في نظر قرائه مبتذلا. فما الذي سيضيفه أكثر حول هذا الموضوع. سيحكي عن رجل يضاجع امرأة، امرأة تخون زوجها، الرجل يخون زوجته. المرأة والرجل متزوجان منذ زمن ولكنهما قررا القيام بطقوس خاصة بهما. كانا أكثر استمتاعا برغبتهما وأخذا يكتشفان متعة جسدية لم يصلا إليها من قبل. الرجل يقبل المرأة، تركع المرأة وتحني جسدها لينفرج أسفلها، يدخل الرجل بها، تدور به الحياة مرات ومرات، تخرج أنفاس المرأة سريعة ويتحدان إلى ما لا نهاية.
الرجل يعبد المرأة. ينحني يقبّل أصابع قدميها وهي مستلقية، ترخي جسدها ويلين. أصابع المرأة تضاجع المرأة فترتعش بلذتها، ثم تغمض عينيها. الرجل يحب المرأة. المرأة تحب الرجل.
تنتهي القصة. ليس هذا ما يبحث عنه. تدخل معشوقته. رسالة جديدة، رسالة بريدية جديدة.
سيلتقيان عند سفح جبل وسيعانق جسدها، وهي ستعانق الهواء. تصعب الأمور عليه ويفكر في الانسحاب. لم يعد يرغب بهذه الحياة المزدوجة، أن يعيش هذه المشاعر اليومية ملتصقا بشاشة. أصبح الامر متعبا ومقلقا. تتصل به زوجته، تدعوه الى العشاء. تدعوه الليلة إلى سريرها.
بقدر ما يشعره هذا التواصل بالسرور والإثارة أحيانا، وبقدر ما يغني عالمه المضجر في أحيان أخرى، بات يشعر أن هذا التواصل لا يمكنه أن يستمر.
لن يجاري امرأته مشاعرها. لا يريد أن يكون محور حياة شخص آخر. بدأ يشعر بالقلق. لا يعرف إذا كان هناك فرق بين عشيقة يراها المرء وأخرى يتواصل معها عبر البريد الإلكتروني. يجد أن لا فرق، ويجد أنه لا يريد عشيقة.
عليه إذاً أن يقمع رغبة حقيقية عنده للتواصل معها تلبية لرغبة عميقة بأن يعيش حياة هادئة، بأقل قدر ممكن من الاضطراب الداخلي.
عليه أن يقمع مثل هذه الرغبة المتعددة لأنها بالفعل بدأت تقلقه.
كل ما أريده حاليا أن تمضي حياتي بهدوء من دون اضطرابات ولا مغامرات…
ينهي رسالته. ينقر زراً آخر، تذهب الرسالة من دون رجعة.
الأمر بالنسبة اليه جدّي إلى حد مربك. لا يستطيع المرء أن يعيش مشاعر جدية ثم يذهب ويمضي في حياته كأن لا وجود لأي شيء.
لا يفتح الرسالة البريدية. يفضل ألا يفعل. يريد أن يجعل مسافة بينهما، أن يمحو بريدها، وأن تتوقف عن ثرثرتها.
- لا تحاولي أن تتوددي إليَّ، سأكون غليظا وقاسياً إلى أعلى درجة ولن أسمح لك بأن تهددي أمني واستقراري وحياتي. سألغي كل ارتباط لي بك. سيكون الزمن حليفي، ضعفك تجاهي وعجزك عن مجاراتي في استيعاب كل الأمور المحيطة بك، كفيل أن يبعدك عني. خلال هذا الوقت وكل هذه السنوات، أكون قد أنجزت مغامراتي بعيدا عنك ومارست كل هواماتي مع عشيقات كثيرات، سأمزق أجسادهن بفحولتي وسأنتصر على مارد الشبق الذي أسرتِني به وأثرتِ به شهوتي مرارا. جعلتِني أسيرا لرسائلك فيها. ألتصق بكرسيَّ خلف المكتب وأتخيل جسدك؛ تائها بين طياته، أتلذذ به وأسمع تأوهاتك وحشرجة صوتك. أشم رائحة الأنثى فيك. كيف أتخلص من هذا كله؟.
كان واثقا من أنها لن تغادر تخيلاته وأنه سيلتقي بها يوما ما ويراها. يريد أن يكون إلى جانب زوجته.
هذه الليلة لي ولزوجتي. يحضّران العشاء معا. يأكلان ويكملان أحاديث العمل. سيتظاهر بالتعب ويخلد الى النوم. شيء ما يدفعه للعزوف عنها. يحبها، يحب جسدها كلما ذاب بين يديه.
لا يزال يفكر في الرسالة البريدية. ينام ويحلم. ينقر بإصبعه مدخِلا الرمز السري. ينخلع قلبه للصورة التي ملأت شاشته. فرج حليق. شهق في نومه ثم استوى جالسا. عينا زوجته تنظران إليه.
سألها ماذا يجري. قالت له بجديتها المعتادة.
- كنت تحلم وكنت أشاهد الحلم معك. بغته جوابها.
- تمزحين! كان كابوسا.
- لم يكن كابوسا. كان حلما أن ترى فرجا يملأ عينيك الفارغتين.
- ماذا تقولين؟ كيف تحددين لي ما الذي شاهدته؟ كان كابوسا.
- كان حلما أن ترى فرجا يكبر بين عينيك ويتسع لرغباتك.
ضوء ينبعث من غرفة المكتب. جهاز الكومبيوتر ولا يزال يعمل. يقفز من مكانه.
تتبعه زوجته بنظراتها الباردة وهي تخلع ملابسها.
- لم تفتح رسالة اليوم. هذه المرأة لا تملك شيئا. تعال وانظر إليَّ. ألم تعد تحب نهديَّ وملمس فرجي ومائي؟
- أنت تهذين ولا تعرفين ما الذي يجري. هل تتجسسين عليّ؟ هل تريدين أن تعرفي ما الذي أكتبه؟
عاريةً تقترب منه، تقترب من أذنه الكبيرة وتقول له هامسة: كيف لي أن أعرف إن لم أكن تلك المرأة.
ألم تخترني من بين النساء معشوقة لك، ألم تمنحني الأمومة؟ انظر إليَّ، ألم تخبرني في زمن مضى أني امرأة أحلامك وحين يجيء الموت ستهبني عمرا آخر.
- أنت مجنونة.
- ولكني امرأتك، كلانا مجنون، تعال معي لنقرأ الرسالة.
- لن أفعل. الأمر لا يخصك!
يعلو صراخه، صراخ يدوّي.
- هل أنت جبان إلى هذه الدرجة؟ من هي تلك المرأة؟
- ما الذي تريدينه الآن؟
- أريدك يا حبيبي، سأقرأ لك رسالة اليوم. ستضاجعني كما لم تفعل من قبل وسأجعلك إلهاً. سأحبك وتحبني، سأعود بك إلى زمن الحب. كيف يمكنك أن تتخلص من هذا كله؟ *
 
أعلى