على حزين - مراهقة.. قصة قصيرة

ذات غروب والشمس كانت تفرش ملاءتها البرتقالية في الغرفة .. وبينما أنا وصديقي في وضع استرخاء علي الحصير رأيت صاحبة النظرات المتلصصة علينا, منذ وصلت إلي الغرفة , فتاة في ربيع العمر, لا تتجاوز العشرين من عمرها , لكن جسدها ينم عن أنوثة طاغية، ووجهها مخملي، قفزت مسرعاً لأغلق الشرفة فرمقتني بنظرة حادة , جريئة قاتلة , بينما صديقي أومأ برأسه , وعلي شفتيه ابتسامة خبيثة , دهشتُ لما يصنع .. لكني لم أحاول أن أعرف منه أي تفاصيل , ورفضت أن أرهق ذهني في جدل عقيم , لا يجدي , أو أغوص في تفاصيل , أو تحليل واستنتاجات سقيمة , واكتفيت بما حدث , اندمجتُ مع كتبي المهملة , بعد ان اقنعت نفسي , بأن الموقف عادي جداً , وبسيط , وظللت أذاكر , حتي شعرت بالإرهاق , والنُعاس راح يتسرب خلسة إلي عيوني , التي لم تذق طعم النوم منذ ثلاثة أيام , رميت بالمذاكرة فوق المنضدة , فردت جسدي علي الأرض, ورحت أشعر بحواسي , وهي تتساقط مني , علي طريقة واحدة تلو الأخرى , نظرت إلي صديقي كان يغط في سبات عميق , والمصباح تهزه نسمة هواء طرية .. تخدر المشاعر .. رميت نظرة أخيرة علي النافذة حتى أتأكد أنها مؤصدة , والنوم يأخذ طريقه إلي جفوني , دقت الساعة الثالثة صباحاً , فجأة استيقظ صديقي من نومه , فحصني بعينيه في صمت ليتأكد إني قد نمت , تسحب علي أطراف أنامله , فتح الشرفة ببطء حتى لا يصدر صوتا , طرق علي الجدار ثلاثة , برهة , وغزَّ الغرفة , ضوء شديد , المحه يحرك يديه , يشير , يهز رأسه , يتحدث بصوت خافت جداً , هببت من نومي , بسرعة الضوء وقفت لجواره , فأصبت بذهول احتبستُ أنفاسي , لما رأيتها واقفة وقد تخففت من ثيابها ,
" كانت واقفة بقميص النوم الأسمر تعبث بجسدها الصغير بطريقة مثيرة " فلما أن رأتني , ارتجفت , ارتعدت , ورجعت للوراء قليلا , أمسكت دلف النافذة الزجاجية , فتنبه صديقي لوجودي , طلب منها ــ بإلحاح شديد ــ أن تبقي , ولا تنزعج , أو تخاف , لوجودي , وأخبرها بأني "صديق عمره" فأطاحت بيديها في الهواء , بطريقة لولبية جميلة , وهي تنفخ في الهواء تأففت , وهي ترمي رأسها , يميناً , وشمالاً , وحين تضجرت من وجودي ألح علي صديقي , وهو تحنَّن إليَّ , أن أتركهما وأنصرف إلي النوم , او المذاكرة , أو إلي الجحيم , رجوني كثيراً .. فرفضت في عنت .. فأمسكت فمها بيدها حتى لا تخرج منها الضحكات عالية , فتشرخ سكون الليل , وتيقظ النائمين , فتوعدتها , بصوت منخفض فيه حدة : " أن لم تنصرف ــ في هدوء ــ فسأخبر أبيها بما حدث , وألا سيكون لي معها شأن آخر " مالت , واعتدلت , تأوهت , تأففت , ضربت يدها علي صدرها الذي تستره بالكاد غلة صغيرة حمراء ليس إلا, وأنا أجفف عرقي النازف , وهي تدفع بدلف الشرفة في وجهي , في حنقٍ وغيظ , وبقرف ,
أما صديقي فأخذ يلكمني في صدري فيما يشبه المزاح مع الضحك وهو يقول ليّ :ــ إيه اللي أنت عملته ده ...؟!.
فلم اجبه بشيء , ثم عاد كل منا إلي فراشه , ساعة من الزمن , أو يزيد فتحت النافذة مرة أخري من جديد تعامد ضوء المصباح علي وجه صديقي , ينتبه , يجلس في شرود ذهني , وكأنه يفكر في أمرٍ ما , ينهض بطريقة هستيرية , وهو ينظر إليَّ في تحدٍ , وإصرار , ثم يلهث كالكلب نحو الشرفة التي تطل علي غرفة نوم الفتاة المراهقة , وأنا جالس في صمت .. أشبه بالصمت الذي يسبق العاصفة , أشعل السيجارة الأخيرة في العلبة .. والتي طبقتها بين أصابعي .. وكورتها بيدي .. من شدة الغيظ .. ضربت بها خلفه .. وهو واقف إمامها يلهث كالكلب , .. وأنا أجز علي أنيابي .. وأفرك يداي .. غير مصدق.. ما أري...


على السيد محمد حزين ــ سوهاج ــ مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...