عبدالرحيم التدلاوي - حكاية معتوه

و بينما أنا جالس بمقهاي المفضلة، مقهى لا ابغي بديلا عنها، أستمتع بعصير البرتقال أرتشف بلذة، أتابع تحليق الفراشات، و أستنشق نسائم الربيع ملء الرئتين ..إذا برجل رث الثياب، بدين،ذي لحية كثة مبللة بريقه السائل، يخرج من اللامكان، يقفز في الهواء برشاقة، و يستدير ليتوعد أعداء يراهم و لا نراهم، يتلفظ بكلمات نابية في حقهم، و يؤكد لهم أنه سيظل ملاحقا لهم إلى أن يقضي عليهم واحدا واحدا..، و مهما تخفوا فهو قادر على كشفهم..ثم، ينحني ليحمل كومة حجر يهدد بها رواد المقهى، ننحني اتقاء شر غير منتظر..فلا ضير على مجنون، و ما علينا إلا حماية أنفسنا من شر مستطير.
(أتعجب من ترك مثل هؤلاء يسرحون في أحيائنا و شوارعنا بكل حرية، و كأن الملاجئ و المستشفيات قد أخذت كفايتها منهم، و علينا أن نقتسم معهم الأعباء..) . يحس بنشوة الإنتصار..ينتقل إلى الشارع ليعرقل السير..، أصحاب السيارات يمتثلون لأوامره بإذعان خوفا من خسائر قد تلحق أنفسهم أو ممتلكاتهم يلمح شرطي المرور، فيختبئ تحت صورة لوحة اشهارية تظهر امرأة جميلة ذات شعر حريري طويل، و تدعو الناس إلى اقتناء الشامبو الذي يمنح للشعر انسيابه..يتابع حركاته، ثم يقوم بقذفه بحجرة تسقطه أرضا..
تأتي سيارتان، واحدة تحمل الشرطي، سريعا، إلى المشفى لتلقي العلاجات الضرورية، و الثانية ينزل منها رجلان عملاقان،يمتلكان من الدربة ما مكنهما من إلباس الرجل ورزة بيضاء بخفة و مهارة، و يحقنانه بإبرة تقضي على كل مقاومة لديه..
بالمستشفى، يلقى على سريرمتهالك و متسخ، و تقيد أطرافه..ثم يتعرض للصعق الكهربائي المتتابع..حتى يتلاشى..
* عبد الرحيم التدلاوي - المغرب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...