عندما تقدَّم لورانس وطلب يدها، أحسَّت أنَّها على أعتاب دنيا جديدة من الفرح والسعادة والتألُّق الفني العظيم.
تتذكُّر تلك اللحظة الرائعة، وكأنَّها تذوق حلاوتها الساعة. كانت قد حقَّقت نجاحا منقطع النظير رغم سنِّي عمرها القصيرة. حصدت الأوسكار عن دورها في فيلم "ذهب مع الريح"، فكانت حديث الناس في كُلِّ مكان. وكم هو أمر رائع أن تقترن بممثل مدهش مثل لورانس، فتحصد نجاحا آخر.
لا شكَّ أنّ عاشق شكسبير هذا سيكون مُعلَّما وموجِّها، تستفيد منه كثيرا في مسيرتها الفنية.
لذا لم تتردَّد في الإجابة بثقة، وعلى فمها الابتسامة التي طالما سحرت عشَّاقها:
- نعم.. إنَّي أقبل الزواج بك.
وشاهدته يطير فرحا، ويعدها بسعادة لم تنلها فتاة من قبل. ولم تكن بحاجة لذلك، فإن اسمه وحسب، كان كفيلا بطمأنتها. لقد استرعى الانتباه بوقفته على خشبة المسرح، حتَّى صار الناس يفدون خصيصا لمشاهدته وهو يتقمُّص شخصيات مثل هاملت، مكبث، يوليوس قصير، وأخرى، يؤديها بفن يدهش الجميع، دفع النقاد لاعتباره أفضل من جسّدها.
كل ذلك وهو مازال شابا. فكيف إذا نضجت التجربة، وإزداد علما وفهما ودراية بالتمثيل؟! عندها ستؤسس معه بيتا فنيَّا رائعا، تتصدَّر فيه فيفيان لي، شباك التذاكر السينمائية، ويقف فيه لورانس أوليفيه سيدا للمسرح الشكسبيري.
وهنا في بيتها الجميل، في حَيِّ من أعرق الأحياء -حيث تجلس الآن، عجوزا، ينهش السُّلُّ صدرها- عاشت فيفيان أروع شهر عسل. إذ كان كلُّ شيء طوع بنانها، والصحف والمجلات، لا تتوقَّف عن نشر أخبارها، وزميلاتها يرمقنها بعين الغيرة والحسد، فتضحك سعيدة باحتراقِهِنَّ، والناس كُلُّ الناس يتهافتون لمصافحتها.
رغم ذلك كان قلبها يتوجُّس خيفة من أمر ما. تماما كما كانت سكارلت، وهي في قمِّة سعادتها، مع زوجها ريت بتلر. فجأة ماتت ابنتها الوحيدة، وهجرها زوجها. ولولا إرادتها لما تمكَّنت من الوقوف ثانية ومتابعة حياتها.
لكنَّها هي فيفيان، ليست على ما يرام. وليست قويَّة مثل سكارليت. بل إنّ أعصابها ضعيفة للغاية، ونوبات الغضب التي تنتابها كثيرة مفزعة. وإذا صدق حدس الطبيب فإنّها على موعد مع الآلام التي لا تطاق.
كانت علامات المرض اللعين، تظهر باستحياء، في أوِّل الأمر ثمَّ تختفي. لكنَّها تلِحُ الآن في الظهور. ثمَّة كآبة تزحف بسرعة إلى روحها، يأس من كل شيء. قلق لا مبرر له. ريبة وشكٌّ في أقرب الناس، بمن فيهم لورانس. فرغم حبَّه وإعجابه بها، أصبح دائم الشكوى منها، ينتقد كلَّ شيء، فهي مهملة، كسولة، ضيِّقة الأفق. لقد ملَّها لا شك، وضاق صدره بها.
والحقُّ أنَّها لم تعد كما كانت، الفتاة الجميلة، من يسير المجد والشهرة في ركابها. ففي الوقت الذي تهاوت فيه من أعلى الجبل، كان هو يصعد إلى ذروة المجد. كان اسمه قد أضحى مقرونا بالتعظيم والتبجيل، حتَّى أنهم صنَّفوه كواحد من أعظم الفنانين في مختلف العصور.
على أنَّ الكُرهَ لم يداخِل قلبها لحظة نحوه. فلم تحب أحدا كما أحبته، ولم تعجب بممثل كما أعجبت به، ولم تتلمذ إلا على يديه. إنَّه شعلة من العبقرية، تبثُّ ضوءها، فتسلك سبيلها عن بصيرة.
وما بين اللحظة التي طلب فيها يدها، والأخرى التي انفصل فيها عنها، عشرون عاما، كانا فيها زوجان نادران. مشاغبان كالأطفال، رقيقان كقطرات الندى، عاصفان كيوم ممطر. حب عظيم جمع بينهما، جعلهما لا ينفصلان فعليا، وإنما على الورق فحسب.
لقد ظلاَّ يؤمنان ببعضهما. ظل يراها الفتاة المشاكسة، بارعة الجمال، الموهوبة التي تتكشّف في كل دور تؤدِيه عن براعة مذهلة. وظلت تراه الممثل العملاق، الخبير بالعواطف الإنسانية، والموجِّه الذي لا يخطأ هدفا أبدا.
تتذكُّر تلك اللحظة الرائعة، وكأنَّها تذوق حلاوتها الساعة. كانت قد حقَّقت نجاحا منقطع النظير رغم سنِّي عمرها القصيرة. حصدت الأوسكار عن دورها في فيلم "ذهب مع الريح"، فكانت حديث الناس في كُلِّ مكان. وكم هو أمر رائع أن تقترن بممثل مدهش مثل لورانس، فتحصد نجاحا آخر.
لا شكَّ أنّ عاشق شكسبير هذا سيكون مُعلَّما وموجِّها، تستفيد منه كثيرا في مسيرتها الفنية.
لذا لم تتردَّد في الإجابة بثقة، وعلى فمها الابتسامة التي طالما سحرت عشَّاقها:
- نعم.. إنَّي أقبل الزواج بك.
وشاهدته يطير فرحا، ويعدها بسعادة لم تنلها فتاة من قبل. ولم تكن بحاجة لذلك، فإن اسمه وحسب، كان كفيلا بطمأنتها. لقد استرعى الانتباه بوقفته على خشبة المسرح، حتَّى صار الناس يفدون خصيصا لمشاهدته وهو يتقمُّص شخصيات مثل هاملت، مكبث، يوليوس قصير، وأخرى، يؤديها بفن يدهش الجميع، دفع النقاد لاعتباره أفضل من جسّدها.
كل ذلك وهو مازال شابا. فكيف إذا نضجت التجربة، وإزداد علما وفهما ودراية بالتمثيل؟! عندها ستؤسس معه بيتا فنيَّا رائعا، تتصدَّر فيه فيفيان لي، شباك التذاكر السينمائية، ويقف فيه لورانس أوليفيه سيدا للمسرح الشكسبيري.
وهنا في بيتها الجميل، في حَيِّ من أعرق الأحياء -حيث تجلس الآن، عجوزا، ينهش السُّلُّ صدرها- عاشت فيفيان أروع شهر عسل. إذ كان كلُّ شيء طوع بنانها، والصحف والمجلات، لا تتوقَّف عن نشر أخبارها، وزميلاتها يرمقنها بعين الغيرة والحسد، فتضحك سعيدة باحتراقِهِنَّ، والناس كُلُّ الناس يتهافتون لمصافحتها.
رغم ذلك كان قلبها يتوجُّس خيفة من أمر ما. تماما كما كانت سكارلت، وهي في قمِّة سعادتها، مع زوجها ريت بتلر. فجأة ماتت ابنتها الوحيدة، وهجرها زوجها. ولولا إرادتها لما تمكَّنت من الوقوف ثانية ومتابعة حياتها.
لكنَّها هي فيفيان، ليست على ما يرام. وليست قويَّة مثل سكارليت. بل إنّ أعصابها ضعيفة للغاية، ونوبات الغضب التي تنتابها كثيرة مفزعة. وإذا صدق حدس الطبيب فإنّها على موعد مع الآلام التي لا تطاق.
كانت علامات المرض اللعين، تظهر باستحياء، في أوِّل الأمر ثمَّ تختفي. لكنَّها تلِحُ الآن في الظهور. ثمَّة كآبة تزحف بسرعة إلى روحها، يأس من كل شيء. قلق لا مبرر له. ريبة وشكٌّ في أقرب الناس، بمن فيهم لورانس. فرغم حبَّه وإعجابه بها، أصبح دائم الشكوى منها، ينتقد كلَّ شيء، فهي مهملة، كسولة، ضيِّقة الأفق. لقد ملَّها لا شك، وضاق صدره بها.
والحقُّ أنَّها لم تعد كما كانت، الفتاة الجميلة، من يسير المجد والشهرة في ركابها. ففي الوقت الذي تهاوت فيه من أعلى الجبل، كان هو يصعد إلى ذروة المجد. كان اسمه قد أضحى مقرونا بالتعظيم والتبجيل، حتَّى أنهم صنَّفوه كواحد من أعظم الفنانين في مختلف العصور.
على أنَّ الكُرهَ لم يداخِل قلبها لحظة نحوه. فلم تحب أحدا كما أحبته، ولم تعجب بممثل كما أعجبت به، ولم تتلمذ إلا على يديه. إنَّه شعلة من العبقرية، تبثُّ ضوءها، فتسلك سبيلها عن بصيرة.
وما بين اللحظة التي طلب فيها يدها، والأخرى التي انفصل فيها عنها، عشرون عاما، كانا فيها زوجان نادران. مشاغبان كالأطفال، رقيقان كقطرات الندى، عاصفان كيوم ممطر. حب عظيم جمع بينهما، جعلهما لا ينفصلان فعليا، وإنما على الورق فحسب.
لقد ظلاَّ يؤمنان ببعضهما. ظل يراها الفتاة المشاكسة، بارعة الجمال، الموهوبة التي تتكشّف في كل دور تؤدِيه عن براعة مذهلة. وظلت تراه الممثل العملاق، الخبير بالعواطف الإنسانية، والموجِّه الذي لا يخطأ هدفا أبدا.