علجية عيش - هكذا انقلب قادة الفيس FIS في الجزائر على زعيمهم الشيخ عباسي مدني

كانت كلماته مثل الرصاص تتسلل إلى القلب في صمت، و قد خاطب مرة رفاقه قائلا : "ليست مشكلة أن يموت الشيخ بعد أن يكون قد ولد أبناءً صالحين، و لكن المشكلة أن لا يلد أو يلد أبناءً فاسدين" ، و إن كان عباسي مدني قد واجه صراعا عنيفا مع اليساريين، فقد تعرض لإنقلاب شديد على يد رفقاء دربه في الحزب حين غازلوا السلطة من أجل اعتماد حزبهم مقابل إقالته هو و علي بن حاج، فكانت نهاية مطافه المنفى الذي توفي فيه اليوم عن عمر يناهز 88 سنة

غادر زعيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ الشيخ عباسي مدني و مؤسسها الحياة إلى الأبد تاركا وراءة إرثا سياسيا ضخما مُحَمَّلاً بالأثقال و التبعات و الغموض أيضا، هذا الرجل الذي طبع أول حزب إسلامي في الجزائر، ينحدر من مدينة سيدي عقبة ولاية بسكرة، فهو من مواليد 28 فيفري 1931 بمدينة سيدي عقبة، و هي السنة التي تأسست فيها جمعية العلماء الجزائريين على يد رائد النهضة الإسلامية العلامة عبد الحميد ابن باديس، تلقى الشيخ عباسي مدني داخل الزوايا و الكتاتيب، ثم واصل دراسته بجمعية العلماء المسلمين، قبل ان ينتقل إلى المدارس الفرنسي، و كان الفقيد أن صرح أنه تلقى تعليمه الديني على يد الشيخ نعيم النعيمي ببسكرة و تلقى دروسا في القرآن و السنة و الفقه، حسب الشهادات اقتحم عباسي مدني المعترك السياسي و عمره لا يتجاوز 20 سنة، حيث انخرط في حركة الإنتصار من أجل الحريات الديمقراطية و ليدة نجم شمال افريقيا و حزب الشعب، و كانت هذه الحركتين معروف عنها أنهما حركاتن ثوريتان ذات طابع شعبوي.

كان عباسي مدني يرى أن الكفاح المسلح هو الطريق الصحيح لمواجهة الإستعمار الفرنسي، فكان من بين مجموعة حركة الإنتصار التي أسست تنظيما شبه عسكريا و هم: أحمد بن بلة، أحمد محساس، بن بوالعيد، كريم بلقاسم، عمر أوعمران، لخضر بن طوبال، محمد خيضر، محمد بوضياف و حسين آيت أحمد)، و عرف عن عباسي مدني أنه من أبرز النشطاء في هذا التنظيم السرّي ، ألقي عليه القبض في عملية الهجوم على مكتب بريد وهران عام 1949 ، و دخل السجن ، فدفعه ذلك إلى المشاركة في عمليات أول نوفمبر 1954 بعد خروجه من السجن، ليلقى على القبض من جديد، فكان مثل الرحّالة من سجن لآخر ( بين سركاجي، سجن بربروس، و سجن الحراش) و لم ير النور إلا بعد الإستقلال، يكشف عباسي مدني في تصريحات ألقاها أن عدم اتفاقه مع جبهة التحرير الوطني هو لأنها انحرفت عن المبادئ الثورية التي كانت عليها من قبل، بل انحرفت عن الإسلام و هو طبعا تصريح خطير من رجل يعرف كيف يداعب المصطلحات السياسية و يلونها باللون الذي تليق بجبهة التحرير الوطني، لم يكن عباسي مدني على وفاق مع الأفلان لأن هذا الأخير أبعد رجاله الحقيقيين و عوضهم بانتهازيين و تينى إيديولوجية دخيلة، و كان في خطاباته يردد عبارة: نحن لسنا تجار مبادئ"، و كان يخشى أن تقع للجبهة الإسلامية للإنقاذ ما وقعت فيه جبهة التحرير الوطني.

و هو يدرس الفلسفة بالجامعة تعرف عباسي مدني على وجوه فكرية و علمية، من بينهم الهاشمي تيجاني، الشيخ أحمد سحنون، و الشيخ العرباوي و عبد اللطيف سلطاني، و اتفقوا على تاسيس جمعية سموها جمعية القيم، مهمتها الدفاع عن القيم الروحية و الحضارية للجزائر، لكن سرعان ما تعرضت للمضايقات في عهد أحمد بن بلة، ثم حلت نهائيا في عهد بومدين في سنة 1966، كانت المشكلات التربوية في البلاد الإسلامية واحدة من القضايا التي عكف عباسي مدني على دراستها و معالجتها، و قد حصر هذه الإشكالية في إبراز حجم الإصلاحات التي تعرضت لها النظم التربوية في البلدان الإسلامية و انعكاساتها الثقافية و الحضارية، و جعل من النظرية التربوية الحديثة محور اهتماماته مركزا في ذلك على الجانب النهضوي و الحداثي، الأول يمثله جمال الدين ألأفغاني و محمد عبده و ابن باديس، و الثاني كمال اتاتورك و غيرهم، حسب الكتابات كان الشيخ عباسي مدني يتخذ من مسجد أبو بكر الصديق زاوية لتقذيم دروسه، و كان المسحد عبارة عن كنيسة.

بدأ صراع عباسي مدني مع اليساريين إلى مشادات بين الإسلاميين بالجامعة المركزية بابن عكنون بسبب انتخاب لجنة حرة للطلبة، حيث حاولت مجم وعة من اليساريين يمثلون "المنظمة الثورية " حسب الكتابات فهذه المنظمة خرج منرحمها حزب العمال الذي تراسه لويزة حنون و مجموعة أخرىتمثل الأفافاس و ألأرسيدي، أراد هؤلاء ان ينزعوا لجنة الحي من جماعة مسجد ابن عكنون، و وقعت مشادات عنيفة ذهب ضحيتها احذد الطلبة، و هو المدعو كمال أمزال طالب بمعهد اللغات الأجنبية، المصادر تشير ان ما وقع في تلك الفترة من تخطيط الشيةوعية العالمية و الماسونية الهدف منها توريط الدولة و اصطدامها مع الشعب و ضرب الدين الإسلامي و الأمة و رجالها، رغم مواقفه ، فقد تعرض عباسي مدني و يده اليمنى المتمثلة في علي بن حاج إلى الإنقلاب على يد رفقاء النضال في الفيس، و هم رابح كبير رئيس الهيئة التنفيذية الذي كان في المنف في ألمانيا و الشيخ مدني مزراق قائد الجيش الإسلامي للإنقاذ الذان قدما للسلطات تعهدات بإقالة زعيم الجبهة عباسي مدني ونائبه علي بلحاج في حال السماح للحزب بالعودة إلى النشاط أو تأسيس حزب جديد، و أعلن رابح كبير عن تاسيس حزب جديد يختلف في منهجه و إيديولوجيته عن الفيس، هل يمكن القول أن الفيس بوفاة عباسي مدني انتهى إلى الأبد أم أن عناصره سيتحركون من جديد في ظل الضبابية التي تشهدها الساحة السياسية في الجزائر و ما يرافقها من مسيرات شعبية يطالب أصحابها برحيل النظام و إحداث تغيير جذري في كل المجالات.

قراءة علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...