محمد المهدي المجذوب - غروب.. شعر

شباب وريق في ذبول مشيب = وصبح أنيق في رماد غروب
غدير يدور الليل من كل جانب = عليه ولم تظفر يداه بكوب
إلى الشمس فانظر تلقم الليل ثديها = عقيم الهوى من حسرة ونضوب
أأحبلها يأس قديم بضوئه = فجاءت بصبح أنكرته غريب
تبرأ منها الكون أما صريعة = فما مسها ستر الدجى بمغيب
تلوح لم تمسك بشيء صياحها = شرار نجوم في دجون غيوب
وتنفضها عن أسها كل قنة = تهاوى دمع في الرحيل سكوب
سكون الدجى يسجو ويصغي جموده = إلى صرخة في صدره ودبيب
نظرت إلى فجر على الباب واقف = فأجفلت من ضوء عليّ رقيب
وعدت إلى ظل على الرمل ضارب = اسائله عن قسمتي ونصيبي
وقلبي مشتاق على الخوف آمل = يلج ذبيحاً في شباك وجيب
أقلبه في الدمع تقليب ثاكل = ربيبا مضى لم تتله بعقيب
أفارق من عمري ثلاثين حجة = ولما انج في هذا المدى بحبيب
وما ذكرياتي كم توهمت ناشقا = من الورق العافي سرار طيوب
ليس بمجديني صباح عرفته = يعود بأمس لا يعود غصوب
وفي العيش حان خادع الشرب ضاحك = ينيم جراحي أويبك شحوبي
يزودني الآثام ليلا فأنثني = إلى ندم برح الملام كثئيب
أكل هوى خصم لدود وصاحب = حبيبُ إذا فكرت غير حبيب
وحيد ولي قلب مشوق وصبوة = إلى نخلة خلف البحار عروب
يسائلني الربان عنها فلم يجد = من الوصف إلاعبرتي ونحيبي
تشابهت الأشياء حولي بأوجه = وبعد كأشباح السراب مُريب
ولم يبق في نفسي سوى نفح برعم = وفي لي لم يعرف خداع قلوب
صبا لم يفارقني مع الأمس طيفه = يهدهد صبري يائيسا وندوبي
ولي وطن قاسمته العيش بائسا = يُعاشرني في قلتي وخطوبي
فإن عشت عشنا في اتحاد وإن أمت = فما أنا في أرماسه بغريب يغيب
زرقب من نفسي على الدرب ساعيا = ويبدو من خلال دروب
تسمعت خطوا في لم يدر غاية = تعجبت من أقدامه ونكوبي
زقاق وأقدام خفاف يبلها = خلاعة إبريق هناك صبيب
وفي جانب مني غدير وروضة = وراء جبال همدٍ وسُهوبِ
تراها ظنوني حين ضوئي منيتي = ظلامي من خمر الضحى وغروبي
ألاقي بباب الحان ليلا مشردا = أساعفه من كرمتي بطبيب
وهاترني حينا فوليت شاريا = أجرد مقتولاً حسام شبيب
يعيش قضائي غير عيشي مخيراً = فمن لي بعيش من رؤاي خصيب
وأبلست لا أسعي ومدت خواطي = أيادي من ناءٍ دعا ومجيب

محمد المهدي المجذوب

- بورتسودان 1 سبتمبر 1952م
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...