حسام عزوز - مرض التصفيق بقوة


صفقوا له بقوة , حتى تعبت أياديهم, فهو القاضي العادل الذي لا يخاف في الحق لومة لائم, و لا يلين ولايستكين حتى يحق الحق ويزهق الباطل, وتنبئوا له أن يقضي على الفساد والإجرام في قريتهم.
لكن بعد فترة قذفوا محكمته بالحجارة لأنه قاسي وجائر . لا يعرف رحمة , ولا يوجد في قلبه عطف.. وطالبوا بغيره , فاعتصموا وتظاهروا وشاغبوا حتى عُزِل وأتى غيره.
فصفقوا لخلفه بقوة, وهتفوا لحياته وطول عمره ,حتى بُحّت أصواتهم , وتخرشت حناجرهم, فهو القاضي المحب العطوف الشفيق الرحيم , وتوسموا فيه : أن يقضي على الظلم , وأن لا يبقى في القرية ظالم .
لكن بعد مدة قذفوه بالبيض والخضار الفاسدة لأنه متهاون . ضعيف القرار . متسامح مع من لا يستحق , فطردوه , وقذفوا به وبعائلته خارج القرية حتى عُيّن غيره.
فصفقوا للقاضي الجديد بقوة , وحملوه على محفة من الذهب والحرير ,وداروا به في طرقات القرية وضواحيها حتى غابت الشمس, فهو قاَضٍ معتدل لا يظلم ولا يتهاون, ولا يتوانى عن فعل ما هو خير... وتوقعوا أن يصحح أخطاء من سبقوه , ويقوّم اعوجاجهم.
لكن بعد زمن قصير رموه بروث البقر و ببعر الغنم والمعز , ولاحقوه حتى كادوا يقتلوه , لأن أحكامه غير واضحة فهو يقسو ويتهاون بشكل غير مفهوم , وادّعوا أنه مزاجي , وغير متقن لمهنة القضاء من الأساس , فأُرسِل لهم قاضٍ آخر.
فصفقوا للقاضي الجديد حتى أدموا أياديهم, وهتفوا حتى تجرّحت حناجرُهم , وحملوه على الذهب والحرير وأسكنوه في قصور المرمر والرخام , وأمّنوه على كنوزهم أرواحهم و أعراضهم.
لكن القاضي الجديد كان ظالماً قاسياً , فقد قتل رجالَهم , ورحّل عقّالَهم , قرّب منه جُهّالَهم , واعتدى على أعراضِهم, وسرق كنوزَهم , وشرّد أطفالَهم , وكمم أفواهَهم , وسلب حرياتهم , وقيّد أحرارَهم, وأطلق مجرميهم.
حتى لم يعودوا يجرؤون على التظاهر والاحتجاج,فهدؤوا ... واستكانوا. .. وقبلوا !!!!.
وجلسوا يترحّمون على أيام من سبقوه .... كم كانت أياماً مليئةً بالعدل والخير والمحبة!!!....



حسام عزوز, ‏4/12/08

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...