إذا القومُ قالوا طرفةَ العبدِ من فتى = ولامَ انتظار المهطعينَ إلى متى؟
لخلت بأني قد عنيتُ ولم يكنْ = سواي حرياً أن يكون هو الفتى
أراني كسرت الطوقَ رغم اعتسافه = تعملقتُ حتى جزتُ حدَّيهِ مصلتا
ورحتُ أشقُّ الصخر ينسابُ أنهراً = واستنبت الأيام خبزاً مقوتا
وأنزعُ من صدري الضعيف حكايةً = تردد عهد الخير يا ناسُ هل أتى؟
وأفرشُ حبات القلوبِ مسالكاً = لكل بني الدنيا طريقاً لمن عتا
وأزرعُ أحداقَ العيونِ منابتاً = من النورِ تستوحي اليقين مشتتا
لاعجنها بين الضلوع مطاعماً = لذي سغبٍ عافٍ يجوسُ وأنبتا
وأقنعُ بالنزر اليسير كفاية = وما ضرني جوعي إذا الدهر أسنتا
ولكنما حقُّ الحياة رضيته = قليلاً فلم يأتِ غَرَّاراً وافلتا
وعجت حزين النفس أشكو كانما = حضارتنا أن نكرم الحق ميّتا
تنكر أهلونا إلى الحق أبلجاً = وجافوا الهدى والنور هوناً تزمتا
وغالوا نجيّ الخيل والليل ثائراً = وداسوا عصي الدمع كرهاً مبيتا
ومضوا جراحاتِ (امرئ القيس) واتراً = وخانوه تأريخاً ومجداً ومنبتا
ولم يرحموا إذ ذاك (مالك) داعياً = إلى الله حتى غالبوه تعنتا
وما عتمت أيامنا غبَّ دورةٍ = من الظلمِ والتبكيتِ صخراً تفتتا
فعاد بنو قومي إلى العقل وابتدوا = ولكن لحين ثم خانوه مخبتا
لقد سرقوا حقي وما الحقُّ سلعةٌ = تباعُ وتشرى، كيف، بل أين أو متى؟
بلغت به شأوي الطموح مقارناً = اعزُّ به شأناً وأفتي لمن فتى
ولكنهم سدوا على العزمِ دربهُ = وشدوا بأقدامي القيود لأسبتا
وزاحمني بعضٌ على وشل منبعٍ = ويعلم شربي الصفو بل كان أفرتا
أراني كنوداً بل عنودٌ وصهوتي = رحاب السما العلوي أبقى وأثبتا
ولكنني سهلٌ عفيف وطيبٌ = إذا ما لمست اللطفَ ذيّاك منصتا
واكره إلا أن انال كرامتي = واكسب حقي ضائعاً قد تفوتا
وزهّدني بالناس حقدٌ أمضَّني = ولم أعرف الأحقاد يوماً لأقنتا
زحمت الورى بالجهد والسهر قائماً = على الوصلِ حتى خافني الموتُ،مافتا
وحسبي الذي قدمته غير كارهٍ = وحسبي عطاء النفس قد بات ملفتا
سلاماً أخي يا طرفة العبد حيثما = وجدتَ، وجدتُ الحقَّ جرحاً مؤقتا
فقدناك في العشرين غرنيقَ دافقاً = تجل عن الجلّى ربيعاً بلا شتا
وحالك حالي بالهلاك شربته = كؤوساً دهاقاً لو سقى الصخر فتتا
(سيذكرني قومي إذا جدَّ جدُّهُم) = وان كنت قد غُيبتَ في القبرِ ميتا
أراني شققت القبر كالسيل جارفاً = لا طوي الفيافي الفيح كالبرق مبغتا
كأني سحاب الخير هزجاً تفتقتْ = خزائنه خصبا إذا حلَّ... أثبتا
أجدد من نفسي العطاءَ مكارماً = تحف بها من رائع الذكر "هل أتى"
ويكفيني ما قدمت من غير منةٍ = وان حجبوا حقي وغالوه مُبهتا
أقول علام الصبر والصبر ميتٌ؟ = إذا طال فينا لم نرَ الخيرَ يا فتى
إذا القوم قالوا طرفة العبد من فتى = ولام انتظار المهطعين إلى متى؟
لخلتُ بأني كل ما كان مبتغى = وحسبي الحيا أن لا أهون وأصمتا
طاهر التميمي
البصرة
30/4/1978
* من ديوان شواطىء النفس والعطش طبعة 2010
نشى: تميم طاهرالتميمي
لخلت بأني قد عنيتُ ولم يكنْ = سواي حرياً أن يكون هو الفتى
أراني كسرت الطوقَ رغم اعتسافه = تعملقتُ حتى جزتُ حدَّيهِ مصلتا
ورحتُ أشقُّ الصخر ينسابُ أنهراً = واستنبت الأيام خبزاً مقوتا
وأنزعُ من صدري الضعيف حكايةً = تردد عهد الخير يا ناسُ هل أتى؟
وأفرشُ حبات القلوبِ مسالكاً = لكل بني الدنيا طريقاً لمن عتا
وأزرعُ أحداقَ العيونِ منابتاً = من النورِ تستوحي اليقين مشتتا
لاعجنها بين الضلوع مطاعماً = لذي سغبٍ عافٍ يجوسُ وأنبتا
وأقنعُ بالنزر اليسير كفاية = وما ضرني جوعي إذا الدهر أسنتا
ولكنما حقُّ الحياة رضيته = قليلاً فلم يأتِ غَرَّاراً وافلتا
وعجت حزين النفس أشكو كانما = حضارتنا أن نكرم الحق ميّتا
تنكر أهلونا إلى الحق أبلجاً = وجافوا الهدى والنور هوناً تزمتا
وغالوا نجيّ الخيل والليل ثائراً = وداسوا عصي الدمع كرهاً مبيتا
ومضوا جراحاتِ (امرئ القيس) واتراً = وخانوه تأريخاً ومجداً ومنبتا
ولم يرحموا إذ ذاك (مالك) داعياً = إلى الله حتى غالبوه تعنتا
وما عتمت أيامنا غبَّ دورةٍ = من الظلمِ والتبكيتِ صخراً تفتتا
فعاد بنو قومي إلى العقل وابتدوا = ولكن لحين ثم خانوه مخبتا
لقد سرقوا حقي وما الحقُّ سلعةٌ = تباعُ وتشرى، كيف، بل أين أو متى؟
بلغت به شأوي الطموح مقارناً = اعزُّ به شأناً وأفتي لمن فتى
ولكنهم سدوا على العزمِ دربهُ = وشدوا بأقدامي القيود لأسبتا
وزاحمني بعضٌ على وشل منبعٍ = ويعلم شربي الصفو بل كان أفرتا
أراني كنوداً بل عنودٌ وصهوتي = رحاب السما العلوي أبقى وأثبتا
ولكنني سهلٌ عفيف وطيبٌ = إذا ما لمست اللطفَ ذيّاك منصتا
واكره إلا أن انال كرامتي = واكسب حقي ضائعاً قد تفوتا
وزهّدني بالناس حقدٌ أمضَّني = ولم أعرف الأحقاد يوماً لأقنتا
زحمت الورى بالجهد والسهر قائماً = على الوصلِ حتى خافني الموتُ،مافتا
وحسبي الذي قدمته غير كارهٍ = وحسبي عطاء النفس قد بات ملفتا
سلاماً أخي يا طرفة العبد حيثما = وجدتَ، وجدتُ الحقَّ جرحاً مؤقتا
فقدناك في العشرين غرنيقَ دافقاً = تجل عن الجلّى ربيعاً بلا شتا
وحالك حالي بالهلاك شربته = كؤوساً دهاقاً لو سقى الصخر فتتا
(سيذكرني قومي إذا جدَّ جدُّهُم) = وان كنت قد غُيبتَ في القبرِ ميتا
أراني شققت القبر كالسيل جارفاً = لا طوي الفيافي الفيح كالبرق مبغتا
كأني سحاب الخير هزجاً تفتقتْ = خزائنه خصبا إذا حلَّ... أثبتا
أجدد من نفسي العطاءَ مكارماً = تحف بها من رائع الذكر "هل أتى"
ويكفيني ما قدمت من غير منةٍ = وان حجبوا حقي وغالوه مُبهتا
أقول علام الصبر والصبر ميتٌ؟ = إذا طال فينا لم نرَ الخيرَ يا فتى
إذا القوم قالوا طرفة العبد من فتى = ولام انتظار المهطعين إلى متى؟
لخلتُ بأني كل ما كان مبتغى = وحسبي الحيا أن لا أهون وأصمتا
طاهر التميمي
البصرة
30/4/1978
* من ديوان شواطىء النفس والعطش طبعة 2010
نشى: تميم طاهرالتميمي