عبد الجليل غزالة - شعر الملحون المغربي : قصيدة ( فاطمة ) نموذجا

تقديم
تَهْدِفُ دراستُنا للبنى السَّردية المشكلة لقصيدةِ ( الملحون ) المعروفة ب ( فاطمة) إلى إبراز مكونات هذا العمل من خلال علاقات ووظائف نسقه اللساني ، كما أنها تسعى إلى وضعه ضمن سياق الخطاب الشعري المغربي الحديث .
يَسْعَى عملُنا التَّحليلي لهذه القصيدة أيضاً إلى البحث عن الروابط الموجودة بين الدَّوالِ والمدلولات النصية على المستوى الصوتي ، والصرفي ، والتركيبي والمعجمي ، والدلالي والبلاغي الجديد بغية الوقوف على عمليات التماسك النصي الكلي الموجودة بين أجزاء العمل المدروس ، لذلك فإننا سنحاول الكشفَ عن جل الخصائص الجمالية والوظيفية لهذا الإنجاز الشعري لكي نعرف مستوى اتساق عناصره تركيبيا ودلاليا بالاعتماد على الأصوات ، والايقاعات ، وحركات العناصر التي تشكل هذا (( الإنتاج النصي )) بأكمله .
تَرتبطُ البنى السَّرديةُ الموجودة في شعر ( الملحون ) المغربي بعدةِ أنواعٍ أخرى تشكل الخطاب السردي الذي يساهم في بناء الشعر المغربي الحديث . إن تحليل قصيدة ( فاطمة ) بصورة بنيوية داخلية مغلقة ، وربطها ببنى نصية كبرى مفتوحة يمثلُ رؤيةً تحليلية خاصة بنا تتشابك فيها عدة بنى تركيبية ، ودلالية ، وتداولية .
يعتمدُ الخطابُ السردي المشكلُ للأعمال الشعرية المغربية الحديثة على ثلاثة عناصر تربط بينها علاقات ووظائف وشيجة ومتحركة :
1 _ الأحداثُ / الأفعال المحركة للأعمال الإبداعية .
2 _ الشخصياتُ / الأصواتُ .
3 _ المواقفُ / السياقاتُ .
يُمثلُ النَّص الشعري في قصيدة ( فاطمة ) بالنسبة لنا ممارسةً تداوليةً تحركها قوانين نسق لساني متداخل العناصر والمكونات التي تربط بينها علاقات متنوعة .

يَرتكزُ شعرُ ( الملحون ) بالمغرب على بنى نصية متماسكة تنتجها مجموعة من الأصوات والمقاطع ، والكلمات المعجمية المتنوعة ، ومستويات الإيقاع والأوزان ، وإيقاعات الرؤى الدرامية ، والأساليب والصيغ السردية النحوية والصرفية على مستوى الأفعال والصور الشعرية وطبيعتها الرمزية والدرامية أو التجريدية والذِّهنية.
سَنوظِّفُ بعض المصطلحات مثل : السارد ، حركته الفاعلة ، تعدد أصواته ( 1 ) ، الفعلُ السردي ، الفضاءُ السردي ، صوتُ الآخر... إننا نسعى من خلال توظيف هذه المصطلحات إلى خلق توازن بين الجانب الجمالي والجانب الوظيفي في شعر ( الملحون ) بالمغرب ، وضبط البنى المؤثرة في خطابه السردي .
تَخْلُقُ العناصر والمصطلحات السردية المرتبطة بالنص الشعري في مجال ( الملحون ) المغربي (( رؤيةً درامية سردية )) تحقق تلاحماً بين أجزاء كل نص ، لذلك فإن تصورنا الخاص سيمزج أثناء التحليل لقصيدة (( فاطمة )) بين بعض المفاهيم السردية والفنية لخلق تصور نظري وتطبيقي متماسك .
أنواع السرد في الشعر المغربي الحديث :
يَضمُّ الشعر المغربي الحديث عدة أنواع من السرد لعل أهمها _ في نظرنا _ هو :

أولا ) سرد الحوار :
يَقومُ هذا السَّرد على ضمير المتكلم ( أَنَا ) ؛ المركز على ذات الشاعر أو على بعض الشخصيات التي يخلقها الناظم لتنويع آليات التشكيل الشعري . تتلاشى الغنائية والذاتية في هذا النوع من القريض وتظهر الدرامية والموضوعية جلية المعالم ويتم رصد المواقف والسياقات المتنوعة ، وهو ما ننعته (( بسرد الموقف الشعري )) poetic situation narrative.
تَعْتمدُ بعض الأعمالِ الشعرية المشكلة لعماد الخطاب السردي المغربي الحديث على أنواع سردية تتداخل فيها المصطلحات اللغوية والقرآنية التي تمثل مرجعا أساسيا في هذا المجال .
يُمكنُ تحديدُ مستويات السرد في الشعر المغربي الحديث من خلال جانبينِ مهمين :
أ _ مستوَى تطور هذا الشعر .
ب _ رؤيةُ الشاعر المغربي للعالم والتراث عامة .
تَضمُّ بعض الأعمال الشعرية المغربية الحديثة سرداً حكائياً يعتمد على أقوال الشاعر أو بعض الأصوات والشخصيات أو الأحداث والفضاءات الأخرى المشكلة لموضوع القريض . قد نصادف أنواعا أخرى من السرد كالوصفي والتشخيصي والذاتي ، لكن السرد الحكائي قد ساعد كثيرا الشعر المغربي الحديث على بناء رؤية سردية جديدة فتحت النصوص على عوالم وفضاءات متنوعة .
يَتحرَّكُ صوتُ الشَّاعر المغربي السَّارد من خلال البنى النصية والحكائية الموجهة لموضوع القريض ، وبؤرة الحدث ، وتفاعلات الزمن والفضاء الحكائي ، والشخصيات . يملك كل شاعر مغربي رؤيته الخاصة للزمن والمكان وبنى الحكاية الشعرية ، كما يظهر ذلك في عدة أعمال لمحمد بن إبراهيم ، ومحمد علال الفاسي ، ومحمد الجزولي ، ومحمد بن اليماني الناصري ، ومحمد المهدي الحجوي ، ومحمد المختار السوسي ، وعبد الله كنون ، ومحمد الوديع الأسفي ، وإدريس الجاي ، ومحمد الحلوي ، وإبراهيم الالغي ، وعبد المالك البلغيثي ، وعبد الرحمان حجي ، ومحمد الكنوني ، وعبد المجيد بنجلون ، وعبد السلام البقالي ، وعبد الكريم بن تابث ، ومصطفى المعداوي ، وعبد السلام العلوي ، وعلال بن الهاشمي الفيلالي ، وأحمد المجاطي وغيرهم.
لَقدْ حاولَ بعضُ هؤلاء الشعراء المغاربة التجديد في الجوانب الجمالية والفكرية للقصيدة من خلال مزج الغنائية بالحكاية ، ومعانقة التراث الوطني ، والواقع النفسي لخلق رؤى درامية وسردية متميزة تتعدد فيها صور الواقع ، والرموز المكتنزة .
يُعبِّرُ شاعرُ ( الملحون ) إدريس بن علي المالكي عنْ صورِ هذا الواقع والرموز المتنوعة من خلال قصيدة (( فاطمة )) فيقول :
أَرَحْمِي يَاراحةْ لَعَقلْ تَرْحامِي
مَنْ جْفَاكْ طَالْ سْقَامِي
كِيفْ نبْقى حايَرْ وَنْتِ مْسَلّْيا
رُوفِي يَالُغْزالْ فاطْمة
**********************

القسم الأول :
أَمُولاَتِي الحُبّْ وْلَهْوى وَلْعَشَقْ ونارْ لَغْرامْ
مَنْ حالةْ الصَّبا فَعْضايا قَاموا
كُلّْ وَاحدْ دَارْ مْقَامُو فْمُهجْتِي وَضْحَى بَحْسَامُو مْعَ سْهَامُو
يَطْعَنْ وَيْزِيدْ بَالَجْراحْ عْدَامِي ...فَغْرادْ هَذْ الدَامِي
غِيرْ مَلْكَتْ عقلي بَجْمَالها وْغَلْقَتْ عَنْوة بابْ لَمْرَاحْمة
يُركِّزُ الشَّاعر هنا على الحركة التي يخلقها عنصر أساسي يوجه العمل كله ألا وهو شخصية (( لغزال فاطمة )) ، حيث يربطها المبدع بعدة صور سردية يؤسسها الفعل الماضي : (( طال ، نبقى ، قاموا ، دار ، ملكت ، غلقت )) ، ثم يقرنها بسلوك الحبيبة الموغل في حركة الجفاء وعدم الرحمة التي يطلب زوالها من خلال فعل الأمر : (( ارحمي ، روفي )) . يستأنف الناظم حكايته عن حبيبته بأفعال سردية مضارعة : (( ترحمي ، يطعن ، يزيد )) لإبراز دوام اضطراب حالته النفسية المُكْتوِية بنار الجفاء الطويل والسقم والحيرة المعذبة . تساعد هذه الأفعال السردية المستعملة في زمن الماضي والمضارع والأمر على رصد حركة الحبيبة وتحديد صورتها المادية والنفسية ؛ فهي تتسلى وتلهو غير آبِهَةٍ بالحب والهوى والعشق ونار الغرام المشتعلة في قلب الحبيب المتيم . يظهر لنا هذا القول براعة وحدات الصورة السردية الحكائية عن (( فاطمة )) ، إذْ تشعُّ قوية من خلال الحركة المادية والنفسية . تكثر هنا بعض التداخلات والتنوعات المساهمة في خلق شكل القصيدة المدروسة .
يَعْتمدُ هذ العمل الشِّعري على الحكاية من خلال :
1 _ بناءُ الشاعر للحكاية العاطفية .
2 _ الشخصياتُ الثنائية : الشاعر _____ > فاطمة .
3 _ الحوارات والمناجاة وتعدد الأصوات والوعي .
4 _ الفضاء الزمكاني الموظف (2) .
يُصْبِحُ النَّصُّ في شعر ( الملحون ) بهذا التصور مفتوحا على عدة تأويلات وبعيدا عن أحادية الرؤية والتقرير الفني ، لذلك فإن الشاعر يتعامل مع موضوع (( فاطمة )) حسب رؤيته الخاصة ، وهو ما يجعله يتصرف في حكايتها بمهارة تجعله يصنع لها (( إطارا وجدانيا )) يتماشى مع إضافاته وإنجازاته الجمالية والوظيفية التي تحسن ظروف النص وحركته وفنيته المتنوعة ، حيث يساهم في تطوير الرؤية المشكلة لبنية الخطاب الشعري الحديث بالمغرب .
يَقولُ الشَّاعر في القسم الثاني من القصيدة :
أَمُولاَتِي مَا كانْ هَكْذا ظنِّي يا بَنْت لَكْرامْ
تْعَذّْبي بْغِيرْ سْبابْ غْلامك ...بَعدْمَا قَبَّلْتْ أَقْدامَكْ
بَالْقَهر رْعِيتْ ذْمَامكْ مَنْ غْرامَكْ
ضَاعتْ بَجْفاكْ الطّْويلْ أيامي ... ياغْرايْبي وَهْيامِي
لاَشْ عَاقبْتِ بَالظُّلم بَعدْما طَعْتَكْ وانْتِيَّا لْحَاكْمَة
****************************************
يُقدِّمُ لنا النَّاظمُ هنا صوتَ الآخرِ ، الذي يمتزج بصوته لينسج جدلاً سرديًّا ، يستند إلى عدة أسس بارزة :
أ _ ارتباطُ الحكايةِ عن الآخر / فاطمة بصوتٍ سرديٍّ ثانٍ ، هو صوت الشاعر .
ب _ بُروزُ حركيةِ النص الشعري عن طريق الأفعال (( تْعَذْبِي ، عَاقَبْتِ ))
ج _ تداخلُ الأزمنة في النص من خلال الالتفاتِ الحاصل بين الماضي والمضارع (( مَا كانْ ، تْعَذْبِي ، قَبَلَتْ ، رْعِيتْ ، ضاعتْ ، عَاقَبتِ )) ، وهو ما يجسد حكاية الحبيبة وصورتها الحاضرة والمعنى الغزلي للنص .
يُسَيْطِرُ صوتُ الشَّاعرِ / السارد على القصيدة المدروسة ، لكن صوت الحبيبة / فاطمة وبعض التشكيلات الحوارية تمنح هي أيضا للسرد الحكائي مرتبة راقية ونضجا ومساهمة بارزة في بنية الخطاب السردي بالمغرب .
إِنَّ الحكايةَ العاطفية المتعلقة بالحبيبة هي التي نسجت البناء العام للنص الشعري الذي تبرز من بين طياته الرؤية الفنية والاجتماعية للشاعر إدريس بن علي المالكي واضحة ، إذ يقدم لنا عدة صور ورموز من خلال توظيفه لمعجم شعري متداخل لكنه رائق ومتميز :
يقولُ في القسم الثامن من القصيدة :
أَمُولاتي خَدِي نْفَرْشُو بَالشُوقْ لْدُوكْ لَقْدَامْ
ونقولْ لكْ أَ فَاطمة زَطْمِي ...يَالِي دَاوِيتِي جَسْمِي
آمْرِي بَاْلعَزْ وْحَكْمِي وْلاَ تْحَشْمِي
وَنْشُوفَكْ يَالْبَاهْيَة قُدَّامِي ...وَالرْقِيبْ بَصْرُو عَامِي
وَالحَسُودْ فْغَفْلة وَنَا مْعَاكْ تَحتْ خْيامْ الليل المخيمة
جَاتْ اْلمِيلاَفْ رايةْ الهْشامي ...نَاوْية تْزورْ رْسَامي
تْلِحْفَتْ بَثْيابْ رْفِيعَة وْجَاتْ تَتْمايلْ كَالْيَاسَة الناعْمَة
منين نظرت زينتها بنيامي ... قلت من صميم غرامي
كان هذي يقظة ولا منام عاهدي بالشمس فغياهب السّْما
الساعة لاح نورها فرسامي ... كصورة الأدامي
والخليلة تضحك حتى تطيح وتقول أنا لغزال فاطمة
ونشرت براحة فالسرور علامي
والمغيونة أمامي ...ناشرا لي الشعر على العطوف
وعْلى الذَّرْعين بْزُوجْ وَاشمة
هَاكْ راوي رْقَايقي ونْظامي ...فايق الحرير الشامي
هَاكْ فن قليل مثيلو فجيلنا فايق بالبلاغة التامة
وعْلَى ناس الجحود كون معامي ولا تمدهم بكلامي
والسَّلام على ناس العلم والرذال
الجهال بقاتْ هايْمَة
لأهل التَّسليم نْهِيبْ سلامي مضو اسمي فطرز ختامي
قل قال إدريس بن علي المالكي سلبتني لغزال فاطمة
**********************************
يبني الشاعر حكاية الحبيبة ، من خلال رؤية نفسية تتبلور بقوله :
جات الميلاف راية الهشامي ...ناوية تزور رسامي
تْلَحّْفَت بثْيابْ رْفيعة وجات تتمايل كالياسة الناعمة
مْنِين نْظرتْ زينتها بنيامي ... قلتْ من صميم غرامي
كانْ هذي يقْظة ولا مْنام عهدي بالشمس فَغْياهب السّْما
السَّاعة لاح نورها فَرْسامي ...كصورة الأدامي
والخْليلة تضحكْ حتى تطيحْ وتقولْ أَنَا لَغْزال فاطمة
ونشرَتْ براحة فَالسّْرور علامي
والغيونة أمامي ...ناشْرَا بالشعر على العطوف
وعلى الذَّرعين بزوج واشمة .
تَرتكزُ الحركة الدَّرامية في هذا الجزء من النص على بعض الجوانب النفسية التي يستغلها الناظم لصياغة الحدث السردي الشعري الذي يعد المساهم الأول في صناعته . تتجلى هذه الحركة من خلال الصورة التي يرسمها للمجتمع وثقافته الخاصة وعلاقتها بالمرأة ( ثياب رْفيعة ، اليَاسة النَّاعمة ، رْسامي ، الشعر على العطوف ، الوشم على الذراعين ...) .
تتعدَّدُ الأصواتُ في القصيدة وتتناوب فيما بينها من خلال ارتداد راجع محكم ينسج محور وظائف السرد داخل العمل الشعري بأكمله . نذكر من هذه الأصوات المحورية :
1 _ صوتُ السارد الأول / الشاعر المنتج للقصيدة ؛ إدريس بن علي المالكي .
2 _ صوتُ السارد / المتكلم في النص .
3 _ صوتُ المخاطبة / المتلقية : يبرز من خلال أفعال الأمر ( ارحمي ، روفي ، شوفي ، جاوبي ، بردي ، جودي ، اقبلي ، هاك ، ، كن ، قل ) .
إنَّ التحام هذه الأصوات المحورية يبعد النص الشعري عن التقريرية اللغوية ويمنحه رمزية وتأويلات شيقة . يعتمد بعض الشعراء المغاربة المحدثون على الاستهلال السردي سواء كان هذا السرد حكائيا أو مشهديا أو تشخيصيا ، وقد يمزجون بينها .
يقولُ الشاعر في القسم السادس من القصيدة :
أمُولاتي إمْتى نشوف قدَّك يتمايسْ كعْلام
منُّو اليَاسْ والرَّيْحان تعلَّم ...الشعر الغْسيقْ مْظلَّم
كغرابْ عليه مَرْسم وضياغم
يرتكزُ الجانب البلاغي هنا على عدة تمثيلات تبني صورا شعرية سردية حية تبرز جلية عن طريق الموازنة بين صورة القدِّ المتمايس للحبيبة وصورة العلم المتمايس خفاقا في العالي ، وهو ما يعطي بعدا نفسيا واجتماعيا للنص الشعري ويساعد الشاعر على المزج بين عناصر الحكاية ومفردات المشهد داخل صورة تمثيلية جميلة .
قَدْ يمزج بعض الشعراء المغاربة المحدثون بين الحكاية والمشهد والتشخيص باستغلال عدة رؤى نفسية وسياسية واجتماعية ووطنية مستندين في ذلك إلى آليات سردية متشابهة تحقق درجات راقية من التشكيل الجمالي والفني بالنسبة للشعر المغربي الحديث .
ثانيا ) السرد المتخيل للحكاية :
قَدْ نصادفُ عند بعض الشعراء المغاربة المحدثين سردا يتخيل حكاية معينة في مستهل القريض ، حيث يتم توظيف أفعال الحكاية المتنوعة والمزج بين الوصف والتشخيص أو التصوير بغية معانقة جل خصائص الخطاب الشعري المغربي . يكشف هذا النوع من السرد عن جوانب مهمة تتعلق بنفسية الشاعر ، لأنه يوظف قسطا من الرمز والتصوير ، كما أنه قد يستند إلى موروث كبير ينتمي إلى سرد الموقف أو حكاية القول أو سرد الحكايات المتنوعة .
يَمْزجُ بعض الشعراء المغاربة المحدثون في مطلع أعمالهم رؤية الحكاية برؤاهم الخاصة التي تتداخل فيها الأوصاف والمراكز ويتم الانتقال بين السارد وبعض الأفعال وكذلك بعض الأسماء والصفات المتنوعة . يصبح البناء الشعري في بعض الأعمال المغربية الحديثة عبارة عن فعل يعانق حركة الشاعر / السارد ويلقي بظلاله على البناء النصي ، مما يجعل من السرد مجموعة من المتواليات اللسانية المتماسكة والدقيقة داخل العمل برمته .
يقولُ النَّاظم :
هَاكْ راوي رْقايقي ونظامي ...فايَقْ لَحْرير الشَّامِي
هاك فنّْ قليلْ مْثيِلُو فجيلنا فاق بالبلاغة التامة
وعلى ناس الجحود كن مْعامي وْلاَ تْمَدّْهم بكْلامي
والسلام على ناس العلم والرْذال
الجْهال بقاتْ هايْمة
لأهل التَّسليم نهيبْ سْلامي واسمي فْطَرْز خْتامي
قلْ قالْ إدريس بن علي المالكي سَلْبَتْني لَغْزال فَاطْمة
تَبرزُ الحركةُ النَّصية هنا من خلال أفعال الأمر ( هاك ، كن ، قل ) والماضي ( فاقْ ، بقاتْ ، قالْ ، سَلْبَتني ) . يصف الشاعر نظمه للقريض في
مجال فن ( الملحون ) بأنه يفوق في رقته الحرير الشامي ، كما يصف أيضا فنه المتميز بلاغيا ويطلب من المتلقي صون كلامه الغرامي وعدم نشره . يلقي الناظم بعدها التحية على أهل العلم والإصلاح والخير ، ثم يصف في نهاية قصيدته لوعة حبه لفاطمة التي سلبته قلبه وعقله . يمتزج هذا السرد المتخيل للحكاية بسرد آخر يرتبط بمحاورة المتلقي للقصيدة ، حيث يضيف حركة المتلقي إلى حركته الذاتية ، مما يخلق جوا نفسيا متلاحما بين الشاعر والمتلقي ويؤدي إلى تطور وتنامي السرد داخل النص .
تَتداخلُ التِّقنياتُ السَّردية والفنية في قصيدة (( فاطمة )) من خلال حركة النص وحركة الذات المتحكمة في الخطاب ، كما يبرز ذلك في سياق النص والمرجعية الثقافية للناظم . يمتزج السرد المتخيل لحكاية الحبيبة بأنواع سردية أخرى كقوله :
أَفَاطْما قبْلي عبدْ خْدِيم
قالتْ الرِّيم : قْبَلْتكْ طولْ الحياةْ غْلاَمي ( 3 )
لا تظنّْ تبقى ظامِي حقّْ نَهدي حتَّى نَهْدي كْيُوسْ فْحَضرتك تشفَى
حَرْقة الظَّما
وقوله :
ونقولك : أَفَاطْمة زَطْمي ...يَاللِّي داوِيتِي جسمي
وقوله أيضا :
والخْليلة تضحكْ حتَّى تطيحْ وتقول : أنَا لَغْزال فَاطْمة
أو اعترافه الواضح الذي يصرح بهويته ونسبه في نهاية القصيدة :
قال إدريس بن علي المالكي : سَلْبَتْني لَغْزال فاطْمَة
يَروِي الشَّاعر هذا الحدث ويتعلق به بشغف من خلال بعض الأقوال المتخيلة للحكاية : عبدْ خْديم ، غْلامي ، نهْدي ، الظَّمأ . ومع ذلك ، فإن حكاية الحبيبة لا تظهر مقننة بإحكام في هذا الحوار القصير الدائر بين الطرفين إلا أن بعد التخيل في النص يمنح العمل رمزية جميلة تضاف إلى البعد العاطفي والواقعي . يرتكز السرد المتخيل لحكاية (( فاطْمَة )) بقوة على أبعاد حركة الذات التي تعانق الزمن ومحتويات الخطاب .
تُسيطرُ شخصيةُ الشَّاعرِ / السارد على النص المدروس ، وهو ما يجعل دلالته سردية بامتياز ، لكنها تكتنز نصيبا من الغنائية التي تماثل الرؤيا أو الصوت الداخلي ، كما تتداخل في بعض أقسام القصيدة عدة أصوات ومستويات من التناص أو التجاذب والتداعيات اللغوية والوصف المتنوع .
يَخلقُ الشَّاعر في هذه القصيدة مسافة سردية باستغلال عدة علاقات دلالية ترتبط بتماسك الوحدات السردية :
أ _ إنَّه يتخيل نفسه خارج حركة السرد ، حيث يقول عنها :
كلّْ واحدْ دارْ مْقامُو فمهجتِي وَضْحى بَحْسامُو مْعَ سْهَامو
ب _ تخيله يمنح طبيعة الحكاية عن الحبيبة صورة معينة ، كما في قوله :
أَمُولاتي عينيكْ زوجْ كِيسانْ منْ عْتِيقْ المْدَام
منْ ذاقْ منهم شيْ يصبحْ هايمْ ...والعَطرْ فَلْخَدّْ النَّاعمْ
وردْ عَكْري تحتْ صْوارمْ فاحْ ناسَمْ
والمْعَّطسْ طِيرْ طارْ بِه مْنامِي ...بين الوردْ مْسامي
والسنانْ أحسن من حب الغمام ... والجِيدْ غزال خْشَا من الرُّما
يعبِّرُ الشاعر عن هذا التخيل بكلمات وأفعال حركية ذات مسافة قصيرة ترتبط بمجاز لغوي رقيق بقوله : (( عينيكْ زوجْ كِيسانْ من عتيق المدام )) ، (( والمعطَّس طير طار به منامي ...بين الورد مسامي )) ، (( والسنان أحسن من حبّْ الغمام ... والجِيدْ غزال خشا من الرما )) ... يخلق هذا التعبير تفاعلا قويا
بين ما هو موجود داخل الحكاية الفعلية للحبيبة وما يحمله المجاز المنبعث من السرد الموجود داخل النص الشعري . يتدرج الشاعر أحيانا عبر أقسام القصيدة بين الوصف والتشخيص والرمز ليمتن الروابط بين مراحل حكاية (( فاطمة )) ، مما يجعل روح السرد تتسلل إلى الشعر المغربي الحديث نظرا لتأثره بطبيعة عصره المرتكزة على المثاقفة والتناص والاختلاف الصحي وحوار الحضارات والاستشراف للجديد المفيد والمتميز .
يَستهلُّ النَّاظمُ كل قسم من قصيدته بالنداء المتماسك النبرات والنغمات بقوله (( أمولاتي )) ، فهذا الأسلوب اللغوي يتكرر بنفس التركيب والدلالة والتداول ليجسد استمرارية لوعة العشق المقيم وإثارة الانتباه لحالة الاستعطاف والسؤال والشكوى المعذبة ، وهو ما يخلق حوارات مرصوصة تبني خلفية النص التي تضم وجهين من السرد :
1 _ الوجه السردي الأول : يستند إلى صوت الشاعر في قوله (( أمولاتي )) ، حيث يتكرر ثمان مرات في القصيدة .
2 _ الوجه الثاني : يتمثل في صوت المخاطبة ، وهي الحبيبة التي يتحدث عنها الشاعر .
تَتحركُ خطة السرد في القصيدة معتمدة على أفعال ينتجها الناظم لبناء الحدث العام للنص ، كما أن المبدع قد يتحول من تخيل إلى آخر يعد أقوى وأمتن حكائيا باستعمال بعض ضمائر الخطاب المتعلقة بالحبيبة : (( جفاك ، وأنت ، غلامك ، قدامك ، ذمامك ، غرامك ، طعتك ، أنتيَّا ، سمعك ، عبدك ، قلبك ، ، حبك ، شفتك ، عينيك ، قدك ، وجهك ، قبلتك ، حضرتك ، نقولك ، نشوفك ، معاك )) . تظهر لنا ضمائر الخطاب التي تركز على الحبيبة روح الحكاية الكامنة في الشعر المغربي الحديث وشيوع التناص والتضمين وتداخل الخطابات وتجاذبها ، مما يدل على ثقافة العصر التي تطبع شعرنا المحلي ، من خلال شيوع سرد التخيل للحكاية الذي يستهل بسرد حكائي حقيقي .
تُسايرُ عناصر السرد المتخيل لحكاية ( فاطمة ) عناصر الوصف ، وتجليات الذات ، وتعدد الأصوات في النص المحلل . يتميز الشعراء المغاربة المحدثون عن بعضهم بالنسبة لمستوى السرد المتخيل الذي يتخلل أعمالهم من خلال طرائق تعاملهم مع اللغة ، لذلك فإنه قد يقع لبس كبير بين صوت الشاعر وصوت الآخر أو المتلقي .
إنَّ حكاية (( فاطْمَة )) تعبِّرُ عن وجدان الشاعر ، تنسج السرد المتخيل بكل حركاته وأطيافه ، فالناظم يستهل قصيدته بالحديث عن ذاته العليلة من جراء جفاء الحبيبة الطويل وهواها المعذب الظالم ، ثم يتحدث عن الصوت الآخر ، و في هذا الحديث سرد متخيل للحكاية غير التامة عن الحبيبة المقيمة داخل النص ، لكنه يبني مسافة نفسية باستعمال أفعال تخص الذات الشاعرة والذات المخاطبة .
ثالثا ) السرد التشخيصي :
تَتعدَّدُ الجوانب الجمالية والبلاغية والأسلوبية في هذا النوع من السرد ، إذ يتم أحيانا عرض الصور الشعرية بشكل مشتت ومتباعد ، لكنه يحول حركة الذات من التعبير الرمزي المجرد إلى التعبير الرمزي المشخص ، كما ينقل التداعي الذاتي إلى تشخيص دقيق يعانق بؤرة النص الشعري .
تَرتبِطُ تجربة أي شاعر مغربي حديث بالسرد والتفاعلات التي تنتج عنه باعتباره فعلا إنسانيا يمتزج بحياة المبدع ومحيطه وهمومه وتطلعاته ، لذلك فإن تعقب حركة الذات وتعدد الأصوات وعمل الأشياء والأحداث النصية في الشعر المغربي الحديث وتشخيصها أو تجريدها يجعلنا ننغمس في مجال السرد .
يَظهرُ التشخيص في الشعر المغربي الحديث عن طريق تتابع الوحدات الاسمية المشخصة ، وهو ما يدفع الشاعر إلى الغنائية lyric المشخصة فيصبح النص عبارة عن لوحة تشخيصية متعددة الزوايا والجوانب ، وتتحول المجردات إلى محسوسات كما يظهر في قول الشاعر :
أَمُولاتِي الحُبّْ والهوى والعشق ونار الغرام
من حالة الصبا فعضايا قاموا
كل واحد دار مقامو فمهجتي وضحى بحسامو مع سهامو
يطعن ويزيد بالجراح عْدامي ... في غراد هذ الدامي
وقوله أيضا :
منُّو اليَاسْ والريحان تعلم ... الشعر الغسيق مظلم
يَتنوَّعُ التشخيص داخل هذا الخطاب الشعري عن طريق قيام وانتصاب الحب والهوى والعشق ونار الغرام بقامة إنسان حقيقي ووجود مقام أو مقر له داخل الروح والقلب واستخدامه الحسام والسهام من أجل الطعن وزيادة الجراح )) ، كما يتجلى تشخيصه من خلال قوله : (( الياس والريحان تعلم الشعر الغسيق مظلم )) .
يَظهرُ هنا المزج المحكم بين التشخيص والتراكيب اللغوية التي يوفرها الشكل في شعر الملحون ، كما أنه يستغل التكرار في عدة سطور :
أَرَحْمِي ياراحة لعقل تَرْحامي
أَمُولاتي الحب والهوى والعشق ونار الغرام
أَمُولاتي ما كانْ هكذا ظني يا بنت الكرام
أَمُولاتي شوفي بعين المحنة هذ الغلام
أَفاطمة أنتِ بالحال سْليمة وحالتي بجفاكْ سْقِيمة
واشْ أنتيَّا اليوم سمعك صامي جاوبي جواب كلامي
أمولاتي أفاطمة تبخليني حتَّى بالكلام
يالِّلي جرتي بالحكمة وحبك ما ...في قلب القلب زاد نار غرامي
أمولاتي عينيك زوج كيسان من عتيق المدام
والمعطس طير طار به منامي ...بين الورد مسامي
أمولاتي إمْتى نشوف قدك يتمايس كعلام
أمولاتي وأنا بْخيل جِيتكْ جودي لي بالمرام
لا تظن تبقى ظامي حق نهدي حتى نهدي كيوسْ فحضرتك تشفى حرقة الظّْما
أمولاتي خَدِّي نْفَرّْشُو بالشوق لدوك الاقْدامْ
هاكْ راوي رقايقي ونظامي ... فايق الحرير الشامي
هاكْ فنّْ قليل مثيلو فجيلنا فاق بالبلاغة التامة
يُكرِّرُ الشَّاعرُ هنا أسلوبَ النِّداء في مستهلِّ كل الأقسام الثمانية للقصيدة بمعية بعض أقسام الكلام من أسماء وأفعال وحروف متنوعة ، وكذلك عدة صيغ لغوية تتردد في سطور قليلة ، الأمر الذي يخلق دلالات متقاربة تطبعها المصاحبة والاستمرارية والتماثل . يبني هذا التكرار ما نسميه (( بسرد اللغة الشعرية )) ، وهو سرد متميز يخلق عدة معان رائقة تلتحم بالتراكيب الشعرية المتماسكة المشكلة للصور المتنوعة التي تتسم بالدهشة والغرابة والانتقال بين التخيل والذاتية . يركز السرد في هذا المستوى على شخصية الشاعر السارد وشخصية الحبيبة المخاطبة المتولدة عن الذات ، في حين أن عملية التشخيص ترتكز على اللغة الموجهة للتماسك النصي .
رابعا ) السرد الذاتي :
تُصبحُ ذات الشاعر هنا هي مركز العمل الشعري ، حيث يقوم السرد بدور الحدث ليمنح المبدع وجودا خاصا به وبذاته المسيطرة على كل شيئ . يتحول الشاعر إلى محور للنص والمخبر الوحيد عنه والمطور لحركته ، كما أن الحدث / السرد الذاتي يصبح محور الحركة والاستقطاب لكل العناصر النصية الأخرى . يظهر ذلك من خلال قول الشاعر في عدة أقسام من القصيدة المحللة :
بغيتكْ تصفِّي ذاكْ القلبْ لاينْ أنا عبدك وأنت الحاكْمَة
أمولاتي وأنا بخيل جيتك جودي لي بالمرام
والحسود فْغَفْلة وَنَا مْعاك تحت خْيام الليل المخيمة
والخْليلة تضحك حتَّى تطيحْ وتقول أنا لغزال فاطمة
يُركِّزُ الشاعر على ذاته باستعمال ضمير المتكلم ( أنا ) ، ثم يبتعد عنها ليعود إليها مرة أخرى بين طيات عدة سطور مفسرا وشاكيا لوعة الجفاء الطويل ومضيفا لعدة أشياء جميلة تصنع آفاق النص والحركة باستعمال عدة أفعال : (( جيتك ، جودي ، تضحك ، تطيح ، تقول )) ترتبط بحركات الوحدات الاسمية التي تمنح الذات صفات متنوعة : (( أنا بخيل ، أنا معاك تحت خيام الليل ...)) . تنقسم الذات هنا وتجتاز عدة مراحل لتعبر عن واقعها النفسي أو الواقع الفعلي للحياة ، وهو ما يخلق من حركة الناظم دراما مهمة في النص تعج بأنواع من الامتزاج والتداخل بين الذات وتجليات صورها المتنوعة التي تحمل عدة رموز ذاتية . قد يواجه الشاعر نفسه وقدره دفعة واحدة فتشل حركته ، كقوله
تعذّْبي بْغِيرْ سْبابْ غلامك ...بعدما قبَّلْت قْدَامك
بالقَهر رْعِيت ذمامكْ من غرامك
ضاعت بجفاك الطويل أيامي ...ياغرايبي وهيامي
لاش عاقبت بالظلم بعدما طعتك وانتيا الحاكمة
تشير ( تاء الفاعل ) إلى ذات الشاعر وكذلك ( كاف الخطاب ) ، إذ تجعل منه عنصرا مسيطرا وفاعلا وموجها لحركة النص وصانعا لفضائها ، كما أن تنوع عمليات التماسك النصي وتداخل الحوارات وتتابع الأصوات والصور يجعل السرد الذاتي يتداخل مع السرد المشهدي ( 4 ) .
خامسا ) السرد المشهدي :
يُمثلُ هذا السَّرد رؤيةً خاصةً بالشاعر / السارد الفعلي من خلال علاقته بشخصية الحبيبة ، مما يجعل صوته يتضامن مع الأصوات فيصبح المشهد حينها من أهم أركان النص الشعري ، لأنه يساعد الشاعر على خلق سرد دلالي . يلمُّ الناظم هنا بجوانب المشهد ويصير جزءا منه عن طريق تفاعل متبادل بينهما ، كما أنه يقدم رؤيته المشهدية بمختلف صورها من خلال حكاية الحبيبة ، لذلك نجده يستغل المعجم الشعري بكل فنياته كالتشخيص والوصف والحوار ، وهو ما يقدم مستويات هائلة للخطاب الشعري الحديث بالمغرب .
يَلتقطُ الشاعر / السارد صورة محيطة للمشهد المرتكز على حكاية الحبيبة / (( فاطمة )) ، ثم يختفي بعيدا . يقول :
ونشوفك يالباهْيَة قُدَّامي ...والرقيب بَصْرو عامي
والحسود في غفلة وأنا معاك تحت خيام الليل المخيمة
جات الميلاف راية الهشامي ...ناوية تزور رسامي
تلحفت بثياب رفيعة وجات تتمايل كالياسة الناعمة
وقوله :
والمغبونة أمامي ...ناشرا لي بالشعر على العطوف
إنَّ المشهدَ المقدم هنا يمثل رؤية الشاعر / السارد الذي يستغل حكاية (( فاطمة )) باستغلال عدة حركات مشهدية متدرجة . إنه شاهد على حكاية الحبيبة بكل تفاعلاتها والتباسها وحركته بين ذاته وموضوع هذه الحكاية .
يَخْلقُ إدريس بن علي المالكي ، من خلال هذه القصيدة فضاء نصيا متلاحم العلاقات المتنوعة ، كما أنه يشخص بعض الحركات الحكائية برقة . يفرض الشاعر رؤيته على النص عن طريق خصائص جمالية ووظيفية معينة ، وقد يتخلى أحيانا عن حكاية الحبيبة ليقدم رؤية منفتحة لغويا ونصيا .
يقول الشاعر :
منينْ نظرتْ زينتها بنيامي ...قلتْ من صميمْ غرامي
كانْ هذِي يقظَة ولاَّ مْنامْ عهدي بالشمس فغياهب السَّما
الساعة لاحْ نورها فرسامي ...كصورة الأدامي
يَبْنِيِ الشاعر / السارد هنا مشهدا حرا عن طريق نسجه لرؤيا يتصرف في جل مكوناتها ومعجمها ليعبر عن موقف خاص . تتوفر عناصر هذا المشهد على وجهين رائقين :
أ _ الوجه الأول : يتمثل في حركة الشاعر / السارد وأفعاله من خلال المشهد : ( نظرته لجمال الحبيبة ، ظنه أنها شمس منيرة على الأرض ، تبديها له في صورة إنسان سوي ) .
ب _ الوجه الثاني : يجسد مكونات المشهد المتنامية التي ترتكز على صوت الشاعر / السارد ( نظرت ، نيامي ، قلت ، غرامي ، عهدي ، رسامي ...) ، وأفعال وأصوات وأسماء أخرى ( زينتها ، كان ، يقظة ، منام ، الشمس ، السما ، الساعة ، لاح نورها ، صورة الأدمي ...) .
قَدْ يخلُو المشهد أحيانا من وجود عناصر تصويرية ، فيبقى الشاعر / السارد هو المحرك لحكاية الحبيبة ليجعل منها حدثا مهما في تشكيل النص بكل إيحاءاته ورموزه . يربط الناظم أحيانا نصه بعدة عناصر تنتمي لواقعه الحي ولبعض المشاهد الكونية الحية والمتخيلة ، كما يتم التناصintertextuality أو التجاذب gravitationمع التراث بكل مجازاته ورموزه المتنوعة .
تَتكوَّنُ المشاهد الشعرية في قصيدة (( فاطمة )) بالاعتماد على عدة علاقات :
1 _ الحضور الكبير للشخصية المحورية المتعلقة بالحبيبة بواسطة عدة ضمائر تخصها ( أنت ، أنتيا ، كاف المخاطبة في عدة كلمات ) .
2 _ المعجم اللهجي المغربي المعبر عن الواقع والمشاهد المجازية ( روفي ، عضايا ، غراد ، عنوة ، المراحمة ، ذمامك ، ياغرايبي ، المحانة ، الصهد الحامي ، صوارم ، زوج كيسان ، ورد عكري ، فاح ناسم ، حب الغمام ، خشا من الرما ، الياس والريحان ، قدك يتمايس كعلام ، الشعر الغسيق مظلم ، كغراب عليه مرسم ، والحواجب نونين معرقين ، حق نهدي ، زطمي ، لا تحشمي ، يالباهية ، الياسة الناعمة ، راية الهشامي ، الشعر على العطوف ، المغيونة ، واشمة ، راوي رقايقي ، الحرير الشامي ، البلاغة التامة ، معامي ، ناس الجحود ، الرذال / الجهال ، نهيب سلامي ، اسمي في طرز ختامي ، سلبتني لغزال فاطمة ...) .
3 _ تجليات المعجم المجازي الذي يؤسس الوجه الحقيقي للنص الشعري كقوله:
أمولاتي عينيك زوج كيسان من عتيق المدام
من ذاق منهم شي يصبح هايم ... والعطر فلخد الناعم
ورد عكري تحت صوارم فاح ناسم
والمعطس طير طار به منامي ...بين الورد مسامي
والسنان أحسن من حب الغمام ... والجيد غزال خشا من الرما
تَترابطُ هذه العلاقات وتتداخل لتكون عالم المحسوسات في النص وتساعد على تجسيد الأفكار المجردة فيه ، وهو ما يحدد فضاءاته وعلاقته بالواقع ويربطه بفنون أخرى كالرسم والتصوير ( 5 ) .
وَالواضحُ أن فعل السرد يشكل رؤية خاصة عند كل شاعر مغربي حديث فهي البانية للموضوع وأدواته ، حيث يتم التركيز على الوظائف اللغوية التي تحدد عناصر الخطاب ومستوياته المستندة إلى عمليات التماسك الحاصل بين التراكيب والدلالات .
تَبْرزُ البنى السردية في قصيدة (( فاطمة )) عن طريق :
أ _ حركة الشاعر / السارد في النص .
ب _ فعل السرد وبنيته والعلاقات الزمنية .
ج _ علاقة شخصية الحبيبة بتشكيل بنية السرد .
د _ الفضاء السردي في القصيدة .
يَظْهرُ الوجود المباشر لشخصية الشاعر / السارد في القصيدة أثناء استعماله لضمير أو ياء المتكلم ومخاطبته للحبيبة أو صوت الآخر ، لذلك تجده يقدم أحيانا حكاية (( فاطمة )) بشكل كلي ومجمل وأحيانا أخرى يفصل فيها القول تفصيلا .
يتجلَّى وجود الشاعر / السارد في القصيدة من خلال :
1 _ حركته في النص .
2 _ طلبه من الحبيبة الإقلاع عن الجفاء الطويل .
3 _ حركاتها في النص .
4 _ سلبها لعقل وقلب الشاعر وعلاقة ذلك بالمحيط والحياة .
يَلْعبُ الزمن ( ماضي ، مضارع ، أمر ) من خلال علاقاته بالحدث العاطفي دورا مهما في هذا العمل ، كما يرتبط هذا الموضوع بزمن الفعل الأصلي للسرد الذي يتجلى من خلال علاقته بزمن السرد الذي يعقبه . نجد أيضا في هذا المستوى زمن الفعل المسرود الذي يحمل رؤية الشاعر / السارد .
تَضمُّ الأفعال الموجهة للقصيدة المدروسة نوعين مهمين يبرز أولهما كأفعال منجزة قارة ، وهي التي تمثل جوهر عملية السرد في هذا العمل . أما النوع الثاني فتجسده الأفعال المنجزة المؤولة التي تقوم عليها حكاية صوت الحبيبة التي يحاورها ويناجيها الشاعر بلوعة وحرقة كبيرة .
يَبرزُ الفضاء السردي أيضا مكان وزمان تواجد الشاعر / السارد لحكاية الحبيبة ، حيث يستعمل عملية العرض والمحاكاة والإخبار والمسافة لبناء النص حسب رؤيته الخاصة . قد يتحكم في العمل الشعري الفاصل الزمني وسرعة السرد تبعا لزمن السرد وزمن حكاية الحبيبة والعلاقات الموضوعية التي تساهم في هذا العمل . نجد عدة فضاءات زمكانية متنوعة تؤثث جل أقسام القصيدة ( مقامو ، أيامي ، بعدما ، اليوم ، روض ، قدامي ، ، رسامي ، منامي ، ساعة ، تحت ، خيام ، الليل ، أمامي ، طرز ختامي ...) .
يُمكنُ عرض تعدد الأصوات / الشخصيات المحركة للشعر المغربي الحديث من خلال المخطط التالي :

المستوى التركيبي في السرد الشعري
تشكلُ التراكيب النصية المتماسكة في القصيدة المحللة بؤرة نحوية ترتكز على عدة وحدات لغوية تبرز لنا دور المسند والمسند إليه وعمل بعض الجمل الاسمية والفعلية والتوابع المتنوعة ، كما أنها تحدد دور المحور الوظيفي المرتبط بالقصد من هذه البؤرة النحوية . يقوم المتلقي عند التأويل بتحديد عدة بؤر خطابية أخرى تتحرك خارج النص الشعري .
تلعب الأفعال المصرفة في زمن الماضي والمضارع والأمر دورا مهما بالنسبة لعلاقات ووظائف هذه التراكيب ، كما يتحكم السياق أيضا في هذا العمل حيث يتم على إثر ذلك تحديد عدة وحدات :
1 _ أَرَحْمِي يَاراحَةْ لَعقلْ تَرْحامِي : جملة فعلية تبرز الأمر الطلبي الملتحم بدعاء ديني متناص ومتجاذب .
2 _ أَمُولاتِي الحب والهوى والعشق ونار الغرام : أسلوب النداء موظف لإثارة الانتباه والاستعطاف بالارتكاز على كلمات معطوفةٍ ومنصوبة بها سَبْكٌ cohesion تركيبي وحَبْكٌ coherence دلالي رائق .
3 _ بالقهر رعيت ذمامك من غرامك : شبه الجملة العامل بواسطة الجار والمجرور لإبراز التماسك القولي ومدى ارتباط الحبيبة بالموضوع الشعري .
4 _ لاشْ عاقبت بالظلم بعدما طَعْتك وانتِ يا الحاكمة : جملة استفهامية تستهل بأداة لهجية تستفسر عن سبب الظلم المجهول والتعلق بزمن الماضي .
5 _ ما جا رسول ما قلت لي كلمة ... واش مافي قلبك رحمة : جملة منفية تلغي قدوم المبعوث من الحبيبة وعدم النبس بأية كلمة عطف وحنان + جملة استفهامية تنغيمية لهجية تستفسر عن الرحمة المفتقدة .
6 _ من ذاق منهم شي يصبح هايم ... والعطر فلخد الناعم : جملة الصلة والموصول التي لها علاقة بشخصية المتذوق + جملة معطوفة على ماقبلها لإبراز الإحالة الداخلية والضمائر العائدة بين التراكيب والدلالات .
7 _ والحواجب نونين معرقين والشفار بغير مدام نايمة : جملة معطوفة لإبراز التبعية والترابط بين الدوال والمدلولات .
8 _ الساعة لاح نورها في رسامي ...كصورة الأدامي : جملة اسمية تطلق العمل الابتدائي المحدد للنور والاستهلال به في رؤيا الشاعر الحالم وتجسد دور كاف التشبيه في التماثل الفعلي .
يستند المستوى التركيبي في القصيدة إلى رؤية الشاعر للمشهد العام وتصوره لحكاية الحبيبة المجافية . يتحقق هذا المستوى من خلال عمليات الانسجام والتماسك بين التراكيب والدلالات المتمثلة في الإحالات المتنوعة والضمائر العائدة وصيغ الإسناد والتوابع والجمل الفعلية والاسمية وأشباه الجمل وأسلوب النداء والاستفهام والنفي وغيرها . يلعب السياق أيضا دورا مهما في بناء تماسك التراكيب ومعانيها سواء كان تماسكا داخليا أم خارجيا .
قد يختلط السرد في القصيدة المدروسة بالتشخيص من خلال لغة النص ، كما يختلط الواقع بالتصور الذهني عند الشاعر ، مما يحدد وظائف الوحدات اللسانية بكل وضوح بالاعتماد على عدة روابط وظروف وقرائن لفظية ومعنوية متنوعة بانية ومنظمة للنص . تظهر الوظائف والتفاعلات التركيبية والدلالية جلية المعالم في النص ، كما تحدد ذلك بعض الضمائر المتصلة المتعلقة بالشاعر / المتكلم والمخاطبة / الحبيبة وضمائر الغياب التي تقع في محل الفاعل المرفوع . يبرز لنا المخطط التالي هذه التراكيب الفعلية :
تخلق هذه الأفعال عدة (( تمفصلات تركيبية ودلالية )) محورية في النص ، لأنها عبارة عن (( روابط منطقية )) بالنسبة للعلاقات والمفاهيم المؤسسة (( للكون الشعري )) . إنها تحمل عدة تشكيلات صرفية داخل القصيدة ، كما أن الضمائر المرتبطة بها تلعب دور المحدد لتشكيل النص الشعري . تحتوي الأقسام الثمانية للقصيدة على وحدات مترابطة مع هذه الأفعال بالإضافة إلى وجود قرينة معنوية تبرز تعدية هذه الأفعال التي تدعم ظاهرة الإسناد في النص.
تَقومُ الأفعال المشِّكلة لهذا المخطط على صيغ وسياقات متماسكة أو متخالفة تبني (( نحو شعر الملحون بالمغرب )) ، حيث يظهر ذلك في عدة متواليات نصية تتميز بالتبعية والإحالات المتنوعة .
تَخلقُ الأفعال الموظفة في هذا المخطط التَّركيبي عمليات من التوازي التفعيلي ( 6 ) لأسماء متعددة وكذلك التوازي الكمي الذي يدعم هذا التماسك التركيبي ، كما تعمل بعض الاختلافات الكمية هنا كمنبهات لهذا التماسك . لذلك فإن تضافر العلاقات الصرفية بين الأفعال المذكورة والمفاعيل والمفعولات والصفات والتوابع تخلق تماسكا بين الوحدات السردية في النص المدروس ، مما يساعد على تكثيف التراكيب النحوية والمجازية والتصويرية .
يَظهرُ المستوى المجازي عن طريق تصور عملية السرد للعلاقات الجزئية والكلية المرتبطة بالرمز الموجود داخل القصيدة باعتباره يمثل تشكيلا مهما للصورة الشعرية في العمل بأكمله . قد يتحكم في البناء الرمزي للقصيدة عاملان متقابلان:
أ _ تباعد العلاقات الموجودة بين بعض الرموز الموجودة في النص .
ب _ تماسكها ببعضها عن طريق عدة إيحاءات دالة .
يُوجهُ نظم هذا المبدع منطق العاطفة الجياشة والانفعالات الحامية المتنوعة ، حيث تبرز الإشارات والأسماء والوحدات في أجمل قيمها وحللها العاطفية والاجتماعية بالاعتماد على بعض الحوارات القليلة الحرة . يستخدم الشاعر تشبيهات واستعارات تشيع فيها رموز جزئية موحية ، كما يبرز في الجدول التالي:

السطر الرمز علاقاته القيمة الإيحائية
7 الحب دار مقامو استعارة التمكن والتعذيب
8 يطعن ويزيد استعارة الألم العميق
15 عين المحنة استعارة الرأفة
18 سمع صائم استعارة الجفاء
19 نصفي القلب استعارة النقاء
22 نار غرامي استعارة لوعة الاكتواء
24 زوج كيسان تشبيه الصفاء الرائق
26 ورد عكري تشبيه سحر اللون
27 والمعطس استعارة الاتساق الخلقي
28 غزال تشبيه الحسن الفاتن
29 القد يتمايس استعارة رشاقة القد
30 الياس تعلم استعارة المعرفة والتبحر
31 كغراب تشبيه السواد والفناء
33 نونين معرقين تشبيه حسن الخلق
35 روض الرضا استعارة العطف والتفاهم
39 خدي نفرشو استعارة الطاعة والامتثال
45 كالياسة تشبيه التمايل والاعتدال
48 كصورة الأدمي تشبيه التجلي السوي
وخلاصةُ القول أن دراسة أنواع السرد في قصيدة (( فاطمة )) قد أبرزت لنا سيطرة عدة جوانب مهمة :
1 _ هيمنةُ صوت الشاعر / السارد بطرائق مختلفة في جل أنواع السرد المرتبطة بالقصيدة المدروسة .
2 _ انسجام وتماسكُ تراكيب ودلالات الأفعال الموظفة في زمن الماضي والمضارع والأمر وشيوع أسلوب النداء في مستهل كل قسم من خلال استعمال كلمة (( أمولاتي )) .
3 _ انتشارُ المعجم اللهجي الإقليمي الذي يرتكز على أطلس جغرافي لساني ثقافي في مجال شعر الملحون ( أمولاتي ، حالة الصبا ، عضايا ، بنت الكرام ، غلامك ، العبد / الحاكم ، الصهد الحامي ، الوصال ، رسول ، المدام ، عكري ، صوارم ، المعطس ، الياس والريحان ، غتامي ، خديم ، نهدي ، زطمي ، تحشمي ، الباهية ، تطيح ، المغيونة ، العطوف ، واشمة ، رقايقي ، أهل التسليم ، نهيب سلامي ، طرز ختامي ...) .
4 _ تتابعُ وتناغم بعض الأبيات الثنائية ، من خلال تعدد المعاني ( الجناس ، الترادف ، التضاد / التقابل ، التكرار لبعض الكلمات : أرحمي _ ترحامي ، أمولاتي ، حاير _ مسليا ، الحب والهوى والعشق والغرام ، قاموا _ مقامو ، حسامو _ سهامو ، غلامك _ قدامك ، ذمامك _ غرامك ، سليمة _ سقيمة ، جاوبي _ جواب ، كلمة _ رحمة ، قلب القلب ، الوصال _ المصال ، هايم _ ناعم ، صوارم _ ناسم ، مرسم _ ضياعم ...) ( 7 ) ، وهو ما يخلق لغة شعرية متميزة الخصائص الجمالية والفكرية .
5 _ تنوعُ صور المرأة / الحبيبة ونعوتها في القصيدة .
6 _ وضوحُ النسق اللغوي الشعري ، من خلال مخطط عملية الاتصال بين الشاعر وحبيبته ورصانة الارتداد الراجع .
7 _ وجودُ وجوه من التناص والتجاذب التراثي مع بعض المفاهيم والأقوال والمقولات .
8 _ انتشار الاستعمالات البلاغية الرقيقة عن طريق بعض التشبيهات والاستعارات .
9 _ الالتفات المتميز لعملية التلقي ، من خلال البناء التقليدي لقصيدة الملحون ( قل قال إدريس بن علي المالكي سلبتني لغزال فاطمة ) .


* أ. د. عبد الجليل غزالة


الهوامش
1 _ عبد الجليل غزالة (( تعدد الأصوات في الرواية المغربية ، المرتشي للطاهر بنجلون )) مجلة العربي ، العدد 611 ، ص 115 ، الكويت ، أكتوبر 2009
2 _ عبد الجليل غزالة (( البنى السردية والمتلقي في الرواية المغربية المعاصرة ، جنوب الروح لمحمد الأشعري أنموذجا )) مجلة نزوى ، العدد 52 ، ص 45 ، سلطنة عمان ، أكتوبر 2007 .
3 _ لا يستعمل الشاعر علامات الترقيم التي تلعب دورا مهما على المستوى الصوتي الوظيفي والدلالي وأثناء عملية التلقي والتأويل .
4 _ محمد زيدان ، البنية السردية في النص الشعري ، الهيئة العامة لقصور الثقافة ، مصر ، أغسطس 2004 .
5 _ المرجع نفسه ، ص 41 وما بعدها .
6 _ درسَ الباحثُ محمد مفتاح عملية التوازي ودينامية النصوص الشعرية وحركاتها المتفاعلة بطريقة منهجية رصينة تختلف عن تصورنا ، يمكن الرجوع إليه للتوسع في هذا الموضوع ومعرفة الاختلاف .
7 _ مصطفى رجب ، لغة الشعر الحديث ، دراسة تطبيقية في ديوان زرقاء اليمامة لأمل دنقل ، سلسلة كتابات نقدية ، الهيئة العامة لقصور الثقافة ، مصر ، أغسطس 2000 .
8 _ تضمُّ عملية تماسك النصوص الشعرية لفنِّ الملحون فرعين مهمين : فرعٌ يهتمُّ بالسبك في التراكيب cohesion وفرعٌ يختص بالحبك في الدلالات coherence . ينعتهما بعض الأنداد بالانسجام والتماسك .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...