أمل الكردفاني - مقتل مايا.. قصة قصيرة

  • مايا
    لم يرها أحد وجها لوجه
    كانت تظهر في الأفق
    ترتدي ملابس الباليه..
    تطير كفراشة بدون أجنجة
    تقفز من ناطحات السحب ..
    تتشقلب في الهواء...
    جسدها لدن ومرن
    والناس يشاهدونها من بعيد
    يراقبونها بإعجاب..
    يتمنى الشباب أن تحبه
    لكن مايا تعيش عابرة بقفزاتها البهلوانية فوق الأبراج العالية وناطحات السحاب وأعمدة تنبيه الطائرات المرتفعة...
    مايا لم تهبط يوما على أرضنا..
    ولم تتوقف أبدا عن الحركة والمضي قدما نحو اللا شيء..
    كان الناس يرون خصرها الصغير كصدر حمامة وهو ينثني إلى الوراء
    وكانوا يرون شعرها يرتفع ويتطاير مع كل شقلبة لها في الهواء
    وكانوا يرون فخذين وساقين مغطاتين بالجوارب البيضاء..
    ومايا ترفع يدها كما ترفع بجعة أجنحتها لتغتسل بقطرات البحيرات الصافية...
    وكانوا يحلمون دوما بمايا ...
    وأثناء قفزاتها من الأبراج العالية وقع بصر مايا على رجل وسيم..
    أسنانه صفراء من التدخين
    لكنه كان وسيما... أربعينيا وسيما .. صدره واسع وجلده خشن...وابتسامته ساحرة.. فسقطت مايا من الأبراج... لتلاعبه...فلاعبها...
    كان أول شخص يرى مايا عن قرب في العالم... وكان أول من يمتلك جسدها....
    مايا التي لم تتوقف عن الطيران والشقلبات البهلوانية فوق السماء.. توقفت وارتمت قربه تتأمله بإعجاب وكان يضحك ساخرا بأسنانه الصفراء ..
    كان وجهها وجه قردة.. قردة ذاهلة... عيناها ضيقتان قبيحتان.. كان ينظر لها ويضحك ساخرا.. وكانت تضحك ببراءة حبا في ابتسامته.. كان وجهها القردي ذاهلا .. بريئا... وكان هو يضحك..ويضحك .. وهي تبتسم مفعمة بالأمل..
    حمل سكينه وهو لا يزال يضحك ساخرا وغرسها في صدرها الأنثوي الرقيق...
    وجهها القردي تجمد في ذهوله..وتحولت لدمية ..
    كانت مسخا ميتا ..
    مسخا.. بريئا..
    لا ذنب له أن خرج للحياة مسخا..
    لا ذنب له أن البشر لا يقدرون
    وجوه القرود..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...