-1-
أربعة عقود ونصف من التجاذب السياسي والعسكري بين المغرب والجزائر/من عهد احمد بنبلة إلى عهد عبد العزيز بوتفليقة / من عهد الحسن الثاني إلى عهد محمد السادس. تجاذبات مستمرة،متصاعدة،على خلفية الحدود في البداية، وبعدها على خلفية استرجاع المغرب لصحرائه، وهي القضايا التي تسببت في جر البلدين إلى حرب خاطفة سنة 1963، تم إلى غلق الحدود(البالغ طولها 1559 كيلومتر ) سنة1994 بعد التفجيرات الإرهابية بمراكش، إذ فرض المغرب التأشيرة على الجزائريين فجاء رد الجزائر انغلاق حدودها مع المغرب، وتجميد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية، لدرجة لا تصدق.
تاريخيا تسبب هذا التجاذب في أثار كارثية على مواطني البلدين، حيت تم طرد 350 ألف مواطن مغربي من الجزائر، بتعسف شديد، كما تم طرد عدد من الجزائريين من المغرب (سنة1975) كرد فعل، وهو ما أدى إلى أثار مؤلمة للشعبين الشقيقين.
وتاريخيا أيضا مرت العلاقات المغربية الجزائرية خلال هذه الفترة من التاريخ، ببعض المحطات الايجابية، إلا أن مسالة الحدود المغلقة التي طالب المغرب أكثر من مرة فتحها، ظلت تتخطى الأزمات، لتظل عالقة وسط القضايا السياسية التي لم يتم حلها حتى الآن.
-2-
التجاذب بين المغرب والجزائر يعود إلى الصراع المسلح الذي اندلع في منطقة تندوف وحاسي بيضا في أكتوبر 1963 والذي استمر ستة أيام بسبب مشاكل حدودية، وتوقف بتدخل لجامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية.
وبعد توقف هذه الحرب الخاطفة، حاول المغرب حل المشاكل الحدودية العالقة مع الجزائر، بسبب الأراضي المغربية التي ألحقتها فرنسا بالجزائر قبل استقلالها، إلا أن تعنت النظام الجزائري جمد الموضوع لعدة سنوات.
في سنة 1972وبعد مفاوضات طويلة وقع المغرب والجزائر على معاهدة ترسيم الحدود بين البلدين، نصت على اعتراف المغرب بجزائرية تندوف، مقابل دعم الجزائر لمغربية صحرائه الغربية.
وبعيدا عن هذه الاتفاقية ظلت التجاذبات مستمرة لا تنتهي، بل زاد اشتعالها سنة 1975 عندما نظم المغرب "المسيرة الخضراء" لاسترجاع صحرائه الغربية المحتلة من طرف الجارة اسبانيا، حيت وصلت هذه التجاذبات في هذه المرحلة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية بين البلدين، لدرجة لا تصدق.
-3-
"قبل تنظيم المسيرة الخضراء بقليل، دفعت الجزائر جماعة البوليزاريو إلى تأسيس تنظيمها الانفصالي(20ماي1973).بهدف إقامة دولة انفصالية في الصحراء المغربية.
ومباشرة بعد المسيرة الخضراء (1976)أعلنت البوليساريو تأسيس جمهوريتها الوهمية، وفور هذا الإعلان بادرت الجزائر بدعمها عسكريا ولوجيستيكيا وماديا، وهو الأمر الذي أدى بالمغرب إلى بناء جدار امني عازل، يمتد على طول الحدود الجنوبية بين المغرب والجزائر.
هكذا امتدت التجاذبات بين البلدين بقطع العلاقات وإغلاق الحدود وطرد المغاربة من الجزائر والجزائريين من المغرب، لتدخل العلاقات إلى طريق مسدود على جميع المستويات..
في نطاق هذا التجاذب الحار، يقول الخبراء، أن دولة الجزائر تقدم دعما ماليا وعسكريا ولوجيستيكيا للبوليساريو من اجل آن تبقى على قيد الحياة يقدر بعشرات الملايير من الدولارات سنويا..
في نظر العديد من المحللين، آن الجزائر ساندت / تساند الجمهورية الوهمية، لتضمن قبل كل شيء أشغال المغرب عن المطالبة بمنطقة تندوف التي سلمتها فرنسا للجزائر عندما كانت هذه الأخيرة منطقة فرنسية، وان اسبانيا نفسها اختارت موقفا لا يخلو من مساندة البوليساريو حتى لا يستطيع المغرب أن يطالب بتحرير سبتة ومليلية المحتلتين من طرف الجارة اسبانيا..
-4-
قبل غياب دولة عبد العزيز بوتفليقة، دعا جلالة محمد السادس (6نوفمبر2018)بمناسبة الذكرى 43 للمسيرة الخضراء، إلى إنشاء آلية سياسية للحوار والتشاور بين البلدين، /المغرب والجزائر،يكون الغرض منها:
طرح القضايا الثنائية العالقة على الطاولة بشفافية ومسؤولية.
التعاون التنائي بين البلدين في المشاريع الممكنة.
التنسيق حول بعض القضايا الكبرى المطروحة كمشاكل الإرهاب والهجرة.
وقبل هذا المقترح تأسست جمعية الصداقة المغربية الجزائرية ،بهدف تعزيز روح الإخوة بين الطرفين، وحث السلطات الرسمية على إنهاء هذا التجاذب السياسي بامتياز، لإعطاء المنطقة المغاربية فتحا اقتصاديا وسياسيا وثقافيا جديدا،إلا أن المؤسسة العسكرية التي كانت مسيطرة في العهد الجزائري السابق لم تعمل فقط على تجميد الأوضاع بين البلدين، بل عملت أكثر من دلك على استغلال الأزمة المغربية الجزائرية لصالحها.
حسب المركز الأمريكي"ستراتفور" أن المؤسسة العسكرية الجزائرية في ظل هذا التجاذب، رفعت ميزانية التسلح والدفاع إلى 176٪ منذ مطلع الألفية الثالثة، حيت تصل إلى 105 مليار دولار سنويا، وهي ميزانية تتجاوز ما يخصصه المغرب ثلاث مرات في هذا المجال.
-5-
اليوم وبعد غياب دولة عبد العزيز بوتفليقة، أصبح أمام المجتمع المدني بالجزائر، إمكانية دفع الحوار الجاد، الرصين بين البلدين الشقيقين إلى الأمام، من اجل تصفية الأجواء وفتح الحدود، وإعطاء المغرب العربي دفعة جديدة وقوية من اجل الانتعاش، إذ كان الخلاف المغربي الجزائري من ابرز العراقيل التي تواجه الاتحاد المغاربي (الذي تشكل مساحته 42% من مساحة العالم العربي) منذ تأسيسه حتى اليوم، إذ لا تمثل مبادلاته التجارية إلا 2% من قيمة معاملاته الخارجية، وهو الرقم الأضعف في العالم، إذا قورن بحجم المبادلات التجارية بين بلدان الاتحاد الأوروبي أو بلدان أمريكا اللاتينية.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في المرحلة الراهنة:هل ستعرف العلاقات المغربية الجزائرية في العهد الجزائري الجديد انفتاحا عقلانيا يعيد المنطقة المغاربية إلى تطلعاتها وأحلامها لتلعب دورها المسؤول في النهضة والتنمية..؟
إن شعوب هذه المنطقة في انتظار ما سيأتي بعد عهد بوتفليقة..
إننا جميعا ننتظر ما سيأتي من بيت الأشقاء...
أربعة عقود ونصف من التجاذب السياسي والعسكري بين المغرب والجزائر/من عهد احمد بنبلة إلى عهد عبد العزيز بوتفليقة / من عهد الحسن الثاني إلى عهد محمد السادس. تجاذبات مستمرة،متصاعدة،على خلفية الحدود في البداية، وبعدها على خلفية استرجاع المغرب لصحرائه، وهي القضايا التي تسببت في جر البلدين إلى حرب خاطفة سنة 1963، تم إلى غلق الحدود(البالغ طولها 1559 كيلومتر ) سنة1994 بعد التفجيرات الإرهابية بمراكش، إذ فرض المغرب التأشيرة على الجزائريين فجاء رد الجزائر انغلاق حدودها مع المغرب، وتجميد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية، لدرجة لا تصدق.
تاريخيا تسبب هذا التجاذب في أثار كارثية على مواطني البلدين، حيت تم طرد 350 ألف مواطن مغربي من الجزائر، بتعسف شديد، كما تم طرد عدد من الجزائريين من المغرب (سنة1975) كرد فعل، وهو ما أدى إلى أثار مؤلمة للشعبين الشقيقين.
وتاريخيا أيضا مرت العلاقات المغربية الجزائرية خلال هذه الفترة من التاريخ، ببعض المحطات الايجابية، إلا أن مسالة الحدود المغلقة التي طالب المغرب أكثر من مرة فتحها، ظلت تتخطى الأزمات، لتظل عالقة وسط القضايا السياسية التي لم يتم حلها حتى الآن.
-2-
التجاذب بين المغرب والجزائر يعود إلى الصراع المسلح الذي اندلع في منطقة تندوف وحاسي بيضا في أكتوبر 1963 والذي استمر ستة أيام بسبب مشاكل حدودية، وتوقف بتدخل لجامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية.
وبعد توقف هذه الحرب الخاطفة، حاول المغرب حل المشاكل الحدودية العالقة مع الجزائر، بسبب الأراضي المغربية التي ألحقتها فرنسا بالجزائر قبل استقلالها، إلا أن تعنت النظام الجزائري جمد الموضوع لعدة سنوات.
في سنة 1972وبعد مفاوضات طويلة وقع المغرب والجزائر على معاهدة ترسيم الحدود بين البلدين، نصت على اعتراف المغرب بجزائرية تندوف، مقابل دعم الجزائر لمغربية صحرائه الغربية.
وبعيدا عن هذه الاتفاقية ظلت التجاذبات مستمرة لا تنتهي، بل زاد اشتعالها سنة 1975 عندما نظم المغرب "المسيرة الخضراء" لاسترجاع صحرائه الغربية المحتلة من طرف الجارة اسبانيا، حيت وصلت هذه التجاذبات في هذه المرحلة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية بين البلدين، لدرجة لا تصدق.
-3-
"قبل تنظيم المسيرة الخضراء بقليل، دفعت الجزائر جماعة البوليزاريو إلى تأسيس تنظيمها الانفصالي(20ماي1973).بهدف إقامة دولة انفصالية في الصحراء المغربية.
ومباشرة بعد المسيرة الخضراء (1976)أعلنت البوليساريو تأسيس جمهوريتها الوهمية، وفور هذا الإعلان بادرت الجزائر بدعمها عسكريا ولوجيستيكيا وماديا، وهو الأمر الذي أدى بالمغرب إلى بناء جدار امني عازل، يمتد على طول الحدود الجنوبية بين المغرب والجزائر.
هكذا امتدت التجاذبات بين البلدين بقطع العلاقات وإغلاق الحدود وطرد المغاربة من الجزائر والجزائريين من المغرب، لتدخل العلاقات إلى طريق مسدود على جميع المستويات..
في نطاق هذا التجاذب الحار، يقول الخبراء، أن دولة الجزائر تقدم دعما ماليا وعسكريا ولوجيستيكيا للبوليساريو من اجل آن تبقى على قيد الحياة يقدر بعشرات الملايير من الدولارات سنويا..
في نظر العديد من المحللين، آن الجزائر ساندت / تساند الجمهورية الوهمية، لتضمن قبل كل شيء أشغال المغرب عن المطالبة بمنطقة تندوف التي سلمتها فرنسا للجزائر عندما كانت هذه الأخيرة منطقة فرنسية، وان اسبانيا نفسها اختارت موقفا لا يخلو من مساندة البوليساريو حتى لا يستطيع المغرب أن يطالب بتحرير سبتة ومليلية المحتلتين من طرف الجارة اسبانيا..
-4-
قبل غياب دولة عبد العزيز بوتفليقة، دعا جلالة محمد السادس (6نوفمبر2018)بمناسبة الذكرى 43 للمسيرة الخضراء، إلى إنشاء آلية سياسية للحوار والتشاور بين البلدين، /المغرب والجزائر،يكون الغرض منها:
طرح القضايا الثنائية العالقة على الطاولة بشفافية ومسؤولية.
التعاون التنائي بين البلدين في المشاريع الممكنة.
التنسيق حول بعض القضايا الكبرى المطروحة كمشاكل الإرهاب والهجرة.
وقبل هذا المقترح تأسست جمعية الصداقة المغربية الجزائرية ،بهدف تعزيز روح الإخوة بين الطرفين، وحث السلطات الرسمية على إنهاء هذا التجاذب السياسي بامتياز، لإعطاء المنطقة المغاربية فتحا اقتصاديا وسياسيا وثقافيا جديدا،إلا أن المؤسسة العسكرية التي كانت مسيطرة في العهد الجزائري السابق لم تعمل فقط على تجميد الأوضاع بين البلدين، بل عملت أكثر من دلك على استغلال الأزمة المغربية الجزائرية لصالحها.
حسب المركز الأمريكي"ستراتفور" أن المؤسسة العسكرية الجزائرية في ظل هذا التجاذب، رفعت ميزانية التسلح والدفاع إلى 176٪ منذ مطلع الألفية الثالثة، حيت تصل إلى 105 مليار دولار سنويا، وهي ميزانية تتجاوز ما يخصصه المغرب ثلاث مرات في هذا المجال.
-5-
اليوم وبعد غياب دولة عبد العزيز بوتفليقة، أصبح أمام المجتمع المدني بالجزائر، إمكانية دفع الحوار الجاد، الرصين بين البلدين الشقيقين إلى الأمام، من اجل تصفية الأجواء وفتح الحدود، وإعطاء المغرب العربي دفعة جديدة وقوية من اجل الانتعاش، إذ كان الخلاف المغربي الجزائري من ابرز العراقيل التي تواجه الاتحاد المغاربي (الذي تشكل مساحته 42% من مساحة العالم العربي) منذ تأسيسه حتى اليوم، إذ لا تمثل مبادلاته التجارية إلا 2% من قيمة معاملاته الخارجية، وهو الرقم الأضعف في العالم، إذا قورن بحجم المبادلات التجارية بين بلدان الاتحاد الأوروبي أو بلدان أمريكا اللاتينية.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في المرحلة الراهنة:هل ستعرف العلاقات المغربية الجزائرية في العهد الجزائري الجديد انفتاحا عقلانيا يعيد المنطقة المغاربية إلى تطلعاتها وأحلامها لتلعب دورها المسؤول في النهضة والتنمية..؟
إن شعوب هذه المنطقة في انتظار ما سيأتي بعد عهد بوتفليقة..
إننا جميعا ننتظر ما سيأتي من بيت الأشقاء...