✍ (سيارة مرسيدس حمراء برقم 56549 .. نرجو من صاحبها التوجه لمكانها)...
تكرر النداء عدة مرات عبر مايكروفون صالة الزفاف دون أن يهتم صاحبها بالاستجابة للنداء حينها تلقى المذيع ورقة مطوية فقرأها:
(المرسيدس الحمراء تحترق الآن نرجو من صاحبها الاسراع نحوها).
هنا أطلقت امرأة اربعينية صرخة رعب وتركت صالة العرس بسرعة والجزع يكمش سحنات وجهها ؛ هرولت وهي تولول حتى أنها كادت أن تسقط فانخلع نعلها الذهبي لكنها تجاهلته ومرقت كالسهم إلى الشارع ثم بلغت مكان سيارتها لتجدها واقفة بأمان وسلام.
حدقت في سيارتها بذعر ثم دارت لتتأكد من أنها سيارتها ، قرأت لوحاتها فكانت هي ، دارت مرة أخرى فلم تجد حتى خدشا واحدا.
(..هل أنت لصة؟)..
جاءها صوت رجل يقترب منها بحذر.
(لماذا تدورين حول هذه السيارة؟)..
نظرت للرجل بعينين محمرتين من الرعب ثم أجهشت بالبكاء.
اقترب الرجل منها بحذر وقال:
- سيدتي .. ماذا هناك؟
قالت من بين دموعها ومخاط أنفها:
- قالوا لي أنها احترقت...
- من هم؟
- المذيع.. الذي يقدم برنامج حفل الزواج..
مط الرجل شفتيه:
- ربما لم يقصد سيارتك..؟
ارتمت في احضانه وهي تجهش بالبكاء فاخترقت أنفه عطورها الغالية..
قال:
- كل شيء متوقع في هذه الحياة .. ولا مانع أن تحترق سيارتك ولكن المهم أن تكوني أنت بخير..
قالت:
- لن أكون بخير لو احترقت .. هل تعرف ما موديل هذه المرسيدس؟
قال:
- لا...
قالت:
- s65 amg ثمنها لا يقل عن ثلاثمائة ألف دولار...
قال:
- أيا كان يا سيدتي فحياة الإنسان أهم من سيارته.. لقد صنع الانسان السيارة من أجله ولم تصنع السيارة الإنسان من أجلها..
كفكفت دموعها وقالت:
- صحيح .. اعذرني.. كم أنا حمقاء..
-لا بأس يا سيدتي...
فتحت باب سيارتها فقال:
- لو سمحت سيدتي..
التفتت نحوه فقال:
- هل بإمكاني أن اسألك سؤالا شخصيا..؟
هزت رأسها:
- متزوجة؟
قالت:
- مطلقة...
قال:
- هذا مؤسف.
قالت:
- ليس كثيرا.. أنا حرة رغم أنك تفهم وضع المطلقة في مجتمعنا هذا..
قال:
- نعم..مجتمع متخلف..لا زالت المرأة مقيدة ومستعبدة..
قالها بنبرة هادئة فانفعلت هي وقالت:
- مستعبدة؟!! هذه كلمة قليلة على ما يحدث لنا ونواجهه كل يوم من المجتمع...
قال:
- عندما كنت في أوروبا التقيت فتيات يرقصن في الشارع..لو فعلت انت ذلك هنا فستوصمي بالجنون أو العهر..
قالت وقد انساب الكحل من عينيها على وجنتين منتفختين بحقن البوتكس:
- فعلا.. تصور أننا لا نستطيع حتى الضحك بصوت عال.. ناهيك عن كوني مطلقة..فالكل طامع في جسدي وكأنني فريسة سهلة المنال..
- حقا...إنك جميلة وهذا يعزز رغبات المهووسين والصعاليك..
دغدغت كلماته مشاعرها فقالت:
- صحيح... وفي ظل العشرات من الذئاب والوحوش يصبح الاختيار الصحيح صعبا..
قال:
- يكفي اختيارك الأول الخاطئ...
قالت:
- يا إلهي لقد اختلست الجملة من لساني.. كنت استحي فقط أن أقولها...
قال:
- يجب أن تستمتعي بحياتك يا سيدتي ولا تكترثي لأي شخص..
ثم تراجع للخلف قليلا وقال بدهشة وهو يضع كفه على جبهته:
- هل كنت البارحة في الهايبرماركت يا سيدتي؟
نظرت إليه فأضاف:
- كانت هناك سيدة في مثل جمالك هذا وتقود ذات موديل سيارتك.. رأيتها تتوقف قرب الهايبر ولكنني كنت استقل حافلة المواصلات .. هل كنت أنت؟
قالت:
- نعم.. صحيح.. كنت أنا... ذاكرتك قوية..
قال:
- الحقيقة ذاكرتي ضعيفة..لكنني لمحت وجهك .. فتأملته حتى غاب عن ناظري...
ابتسمت بسعادة.. فقال:
- حتى أنني أتذكر أنك كنت تشغلين الأغاني بصوت عال..
قالت بدلال:
- أحب تدليل نفسي والشعور بالانطلاق..
قال:
- جميل ... من فنانك المفضل؟
قالت:
- حودة..
قال: رائع نحن نشترك في حبه..ولكن أذني التقطت الأمس أغنية لم أسمعها له من قبل...
قالت وهي تضحك:
- كم أنت لماح...إنها أغنية لم يذعها أبدا.. أهداني لها خصيصا...
قال:
- كنت تعرفينه؟
قالت:
- أبدا.. التقيت به بالصدفة البحتة .. كان حينها قد انتهى من تسجيلها ولكن رفض نشرها.. حينها قدمها لي هدية...
قال:
- يا لك من محظوظة...
قالت:
- لقد أنزلتها في حاسبي الشخصي وهاتفي والفلاش وهنا في فلاش السيارة..
قال:
- كم كنت أتمنى لو أحصل منك على نسخة...
التفتت نحو باب السيارة ودخلت اليها ثم خرجت وهي تمد له الفلاش..
- تفضل..
قال:
- هذا كرم كبير منك يا سيدتي..
قالت:
- أهلا وسهلا..
تناوله وقال:
- حسنا.. لقد عطلتك كثيرا ولكن الحديث معك مشوق ..فرصة سعيدة..
قالت بنبرة ذات مغزى:
- ألم تنس شيئا؟
عقد حاجبيه وقال:
- ... لا أعتقد..
قالت:
- سأكون أنا أكثر جرأة منك واطلب رقم هاتفك...
قال:
- آه.. كم أنا أحمق.. تعرفين أن الارتباك يفقد الرجل ذاكرته..
قالت بصوت خفيض:
- ولماذا أنت مرتبك؟
قال:
- لا أعرف..ولكن هذه هي نمرة هاتفي..
تبادلا تسجيل أرقام هواتفهما.. ثم افترقا..
وسار هو عابرا الشوارع .. همس لنفسه:
- كل تلك الخدعة من أجل أغنيتك يا حودة... لكن يبدو أن أغنيتك التي دفعتني للقيام بهذه التمثيلية قد قادتني إلى امرأة ثرية وبلهاء... بركاتك يا شيخ حودة...
ثم وضع الفلاش في جيبه وأخذ يصفر لحن أغنية "متحف لقاك" التي لم يسمع بها معجبوه من قبل.
(تمت)
تكرر النداء عدة مرات عبر مايكروفون صالة الزفاف دون أن يهتم صاحبها بالاستجابة للنداء حينها تلقى المذيع ورقة مطوية فقرأها:
(المرسيدس الحمراء تحترق الآن نرجو من صاحبها الاسراع نحوها).
هنا أطلقت امرأة اربعينية صرخة رعب وتركت صالة العرس بسرعة والجزع يكمش سحنات وجهها ؛ هرولت وهي تولول حتى أنها كادت أن تسقط فانخلع نعلها الذهبي لكنها تجاهلته ومرقت كالسهم إلى الشارع ثم بلغت مكان سيارتها لتجدها واقفة بأمان وسلام.
حدقت في سيارتها بذعر ثم دارت لتتأكد من أنها سيارتها ، قرأت لوحاتها فكانت هي ، دارت مرة أخرى فلم تجد حتى خدشا واحدا.
(..هل أنت لصة؟)..
جاءها صوت رجل يقترب منها بحذر.
(لماذا تدورين حول هذه السيارة؟)..
نظرت للرجل بعينين محمرتين من الرعب ثم أجهشت بالبكاء.
اقترب الرجل منها بحذر وقال:
- سيدتي .. ماذا هناك؟
قالت من بين دموعها ومخاط أنفها:
- قالوا لي أنها احترقت...
- من هم؟
- المذيع.. الذي يقدم برنامج حفل الزواج..
مط الرجل شفتيه:
- ربما لم يقصد سيارتك..؟
ارتمت في احضانه وهي تجهش بالبكاء فاخترقت أنفه عطورها الغالية..
قال:
- كل شيء متوقع في هذه الحياة .. ولا مانع أن تحترق سيارتك ولكن المهم أن تكوني أنت بخير..
قالت:
- لن أكون بخير لو احترقت .. هل تعرف ما موديل هذه المرسيدس؟
قال:
- لا...
قالت:
- s65 amg ثمنها لا يقل عن ثلاثمائة ألف دولار...
قال:
- أيا كان يا سيدتي فحياة الإنسان أهم من سيارته.. لقد صنع الانسان السيارة من أجله ولم تصنع السيارة الإنسان من أجلها..
كفكفت دموعها وقالت:
- صحيح .. اعذرني.. كم أنا حمقاء..
-لا بأس يا سيدتي...
فتحت باب سيارتها فقال:
- لو سمحت سيدتي..
التفتت نحوه فقال:
- هل بإمكاني أن اسألك سؤالا شخصيا..؟
هزت رأسها:
- متزوجة؟
قالت:
- مطلقة...
قال:
- هذا مؤسف.
قالت:
- ليس كثيرا.. أنا حرة رغم أنك تفهم وضع المطلقة في مجتمعنا هذا..
قال:
- نعم..مجتمع متخلف..لا زالت المرأة مقيدة ومستعبدة..
قالها بنبرة هادئة فانفعلت هي وقالت:
- مستعبدة؟!! هذه كلمة قليلة على ما يحدث لنا ونواجهه كل يوم من المجتمع...
قال:
- عندما كنت في أوروبا التقيت فتيات يرقصن في الشارع..لو فعلت انت ذلك هنا فستوصمي بالجنون أو العهر..
قالت وقد انساب الكحل من عينيها على وجنتين منتفختين بحقن البوتكس:
- فعلا.. تصور أننا لا نستطيع حتى الضحك بصوت عال.. ناهيك عن كوني مطلقة..فالكل طامع في جسدي وكأنني فريسة سهلة المنال..
- حقا...إنك جميلة وهذا يعزز رغبات المهووسين والصعاليك..
دغدغت كلماته مشاعرها فقالت:
- صحيح... وفي ظل العشرات من الذئاب والوحوش يصبح الاختيار الصحيح صعبا..
قال:
- يكفي اختيارك الأول الخاطئ...
قالت:
- يا إلهي لقد اختلست الجملة من لساني.. كنت استحي فقط أن أقولها...
قال:
- يجب أن تستمتعي بحياتك يا سيدتي ولا تكترثي لأي شخص..
ثم تراجع للخلف قليلا وقال بدهشة وهو يضع كفه على جبهته:
- هل كنت البارحة في الهايبرماركت يا سيدتي؟
نظرت إليه فأضاف:
- كانت هناك سيدة في مثل جمالك هذا وتقود ذات موديل سيارتك.. رأيتها تتوقف قرب الهايبر ولكنني كنت استقل حافلة المواصلات .. هل كنت أنت؟
قالت:
- نعم.. صحيح.. كنت أنا... ذاكرتك قوية..
قال:
- الحقيقة ذاكرتي ضعيفة..لكنني لمحت وجهك .. فتأملته حتى غاب عن ناظري...
ابتسمت بسعادة.. فقال:
- حتى أنني أتذكر أنك كنت تشغلين الأغاني بصوت عال..
قالت بدلال:
- أحب تدليل نفسي والشعور بالانطلاق..
قال:
- جميل ... من فنانك المفضل؟
قالت:
- حودة..
قال: رائع نحن نشترك في حبه..ولكن أذني التقطت الأمس أغنية لم أسمعها له من قبل...
قالت وهي تضحك:
- كم أنت لماح...إنها أغنية لم يذعها أبدا.. أهداني لها خصيصا...
قال:
- كنت تعرفينه؟
قالت:
- أبدا.. التقيت به بالصدفة البحتة .. كان حينها قد انتهى من تسجيلها ولكن رفض نشرها.. حينها قدمها لي هدية...
قال:
- يا لك من محظوظة...
قالت:
- لقد أنزلتها في حاسبي الشخصي وهاتفي والفلاش وهنا في فلاش السيارة..
قال:
- كم كنت أتمنى لو أحصل منك على نسخة...
التفتت نحو باب السيارة ودخلت اليها ثم خرجت وهي تمد له الفلاش..
- تفضل..
قال:
- هذا كرم كبير منك يا سيدتي..
قالت:
- أهلا وسهلا..
تناوله وقال:
- حسنا.. لقد عطلتك كثيرا ولكن الحديث معك مشوق ..فرصة سعيدة..
قالت بنبرة ذات مغزى:
- ألم تنس شيئا؟
عقد حاجبيه وقال:
- ... لا أعتقد..
قالت:
- سأكون أنا أكثر جرأة منك واطلب رقم هاتفك...
قال:
- آه.. كم أنا أحمق.. تعرفين أن الارتباك يفقد الرجل ذاكرته..
قالت بصوت خفيض:
- ولماذا أنت مرتبك؟
قال:
- لا أعرف..ولكن هذه هي نمرة هاتفي..
تبادلا تسجيل أرقام هواتفهما.. ثم افترقا..
وسار هو عابرا الشوارع .. همس لنفسه:
- كل تلك الخدعة من أجل أغنيتك يا حودة... لكن يبدو أن أغنيتك التي دفعتني للقيام بهذه التمثيلية قد قادتني إلى امرأة ثرية وبلهاء... بركاتك يا شيخ حودة...
ثم وضع الفلاش في جيبه وأخذ يصفر لحن أغنية "متحف لقاك" التي لم يسمع بها معجبوه من قبل.
(تمت)