بهاء إيعالي - الجياع يسيرون على الرصيف كأعقاب سجائر .. شعر

1
وقت دخلَ المصوّر
ذاك الحيّ المسقوف بالصفيح المثقوب
لم يكن هناكَ دخانٌ
إلا ما التصق بأرجوحةِ الساحة.

2
حتى الموتى
يجيلون أنظارهم في قبورهم
قبل أن يدخلوها.

3
الأصدقاء
لم يصلوا
وأغنية الجنازات الكريهة بعد.

4
أروح-أجيء
في دغشةِ المدينة المذعورة
ألمحُ مصباحًا
بحجم رأسِ من يبحثُ عن عمل
أظنّ
أنّي مشنوقٌ في وحشة أصواتي الداخلية
فأتوارى خلفَ حائطٍ مهجور
حجّ إليه آلاف المتبوّلين.

5
من خوفه
يمدّ الطفلُ لسانهُ وهو نائمٌ
لئلا يفكرَ الجنود للحظة
أنّه يومًا سيطلقٌ عليهم النار.

6
من قال إنّ القتيل لا يمدّ إصبعه الوسطى لقاتله؟

*

1
الطريق تسير
أسير وحدي دون انتظار
الموت أيضًا لا ينتظر
أو ربّما
هكذا يقال.

2
في رأسي حلمٌ وحيدٌ كغابة سنديان أخلاها النحل.

3
وجهٌ مدبوغٌ بالحرب
يشبه وجهي
يشبهه حقًا.

4
"هنا؟ وردةٌ واحدةٌ تكفي" قالت المدينة عن ضريحٍ وصمتت سريعًا.

5-
سارتِ الباخرة
قال قاطع التذاكر.

6
منذ يومين
أحملُ حقيبة غريبةً
يتصاعد منها الدخان
كثيفًا.

*

1
أرى الماء يطبقُ فمه
بين الحرب والأخرى
كمحاولةٍ خجولةٍ لجرح الضجيج.

2
الجياع يسيرون على الرصيف كأعقاب سجائر.

3
تحت هذه الأقبية
تراني المدينة
كمن يجيء صوته مثقلًا بالرمل.

4
كلّ ما حصل
هو أنّني ابتسمت
لفوّهةٍ
وهي تتثاءب
عقب بصق ما بجوفها.

5
فيما كنت أحلم بجسدِ لاسكارينا
رأيتُ موجةً
تبتلعُ آثار أقدامنا
دون مضغ
هي الحرب
رياحٌ على بحر
نحن الغرقى
نلوّحُ لخشبةٍ لن ترانا.

6
ماذا يفعل القاتلُ
الذي لم يرفع عن الأرض ظلّه
ألا يشعرُ
كلّما رأته ضحيّته
أنّ جسده ممعوسٌ كموزةٍ سوداء
كلّما مرقَ مارقٌ
تمنىّ لو أنّ في جسده المشنقة؟

اقرأ/ي أيضًا:
ما بقيَ لنا أكثر مما مضى
لا أعرفُ كيف أعيدُ ترتيبَ الكلام

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...