فى منتصف الخمسينيات من القرن الماضى كان أغلب زملائى بكلية الطب ينشدون التخصص فى فرع الجراحة فهو يقوم على التشخيص الدقيق للمرض، واستئصاله من الجسد، وكان للطبيب الجراح شخصية دقيقة مثل سن المشرط لا تعرف التردد أو الالتواء لكنها أيضا شخصية نرجسية استعلائية إلى حد الألوهية متعصبة لآرائها وعقيدتها أحادية التفكير لا تطيق النقد ولا النقاش أو الجدل.
اشتغلت بالجراحة سنوات قليلة ثم هجرتها قبل أن يتجه المشرط فى يدى الى عنق رئيس الجراحين بالمستشفى كان يعامل الأطباء الشباب كالعبيد فى عزبته، وكان يملك عزبة بالطبع فهى أحد أركان الحلم ، خمسة عين (عيادة، عربية، عمارة، عزبة، عروسة)، وتغلبت كرامتى على حبى للجراحة، واتجهت إلى فروع أخرى فى الطب لكنها لم تكن أحسن حالا من الجراحة بالإضافة إلى كونها أقل دقة أما الطب النفسى فلم يكن ينظر إليه كعلم حقيقى بل أقرب ما يكون الى الدجل فهو يتصدى لأمراض غامضة موهومة مجهولة السبب يكاد يشبه علم الكف وضرب الودع أو قراءة الفنجان، وأيضا كان الطبيب النفسى يعانى قلة المرضى نراه يركب معنا الأتوبيس أو السيارة المصرية ماركة رمسيس.
ثم تغير المجتمع المصرى بسرعة كبيرة منذ الانفتاح الاقتصادى والانغلاق الفكرى فى السبعينيات، ودخل الإيمان والكفر ضمن السلع بالسوق الحرة ومضاربات البورصة، وطغى استيراد البضائع الاجنبية على الإنتاج المصري، وانهمرت علينا المسابح وأحجبة النساء المستوردة، وتراكمت الأموال لدى الحكام ورجال الأعمال (القطط السمان) وازدادت الهوة بين الأغنياء والفقراء، ومعها المشاكل والاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية التى تم التجهيل بأسبابها السياسية الحقيقية، وتحولت فى أجهزة الإعلام إلى اضطرابات نفسية وأخلاقية يتنافس أطباء النفس على تشخيصها فهى خلل فى كيمياء المخ والهرمونات بسبب الاحباط أو الحقد الطبقى أو الإلحاد، وغياب الإيمان وعدم القناعة بالقسمة والنصيب فالأرزاق بيد الله يعطى من يشاء بغير حساب كما يعلن الرئيس المؤمن فى الإذاعات، وقد ينتج الإلحاد أيضا عن الفشل فى التكيف مع الواقع، والعجز عن تحقيق الاحلام المستحيلة، أو «الفوبيا» (تعنى الخوف) أصبح الفقراء يخافون المزيد من الفقر، وأصبح الأثرياء يخافون من قيام ثورة شعبية، وكان لابد من زيادة القمع السياسى والدينى لضمان الاستقرار هكذا لجأت السلطة الحاكمة للمشايخ ورجال الدين للتخويف من عقاب الله ، والى أطباء النفس للتخويف من التمرد على السلطة الأبوية فى الدولة أو العائلة، وازدهرت حياة المشايخ وأطباء النفس بازدياد الخوف والقلق، وانتشرت الفتاوى بعذاب القبر والثعبان الأقرع، والروشتات الطبية بمضادات الاكتئاب أو المنشطة لهرمونات السعادة والحب والإيمان ، هكذا نشأت طبقة عليا من المشايخ والدعاة الجدد وأطباء النفس امتلكوا العمارات والمليارات، وأصبحوا نجوم الإعلام والشاشات.
كنا نستقبل السنة الجديدة منذ يومين حين ظهر على الشاشة شيخ مرموق يتحدث عن ظاهرة الإلحاد الجديدة ويعتبرها مؤامرة أجنبية ماسونية ضد الإسلام تبعه طبيب نفسى مرموق اعتبر الإلحاد من الاضطرابات النفسية التى تصيب الشباب لأسباب مختلفة منها ضعف الوازع الديني، وتدهور الأخلاق بعد ثورة يناير وغياب السلطة الأبوية لسفر الأب الى الخليج أو فقدان الحنان الأمومى لانشغال المرأة عن واجباتها الأسرية بعملها البرانى أو طموحها الذاتي، وأخذ الطبيب المرموق يحلل نفسية الملحد قال إنه شخصية هستيرية أو باراناوية يعانى وسواسا قهريا يميل للتمرد والاستعلاء على السلطة الأبوية الحاكمة أو حتى الإلهية يميل إلى الشك والتساؤل والاختلاف عن الآخرين طلبا للشهرة (خالف تعرف)، وقد يكون مريضا بالفصام أو الخلل الشعورى أو اللاشعورى وغيرها من الاضطرابات الوجدانية.
كان معى مجموعة كبيرة من شباب وشابات شاركوا فى ثورة يناير يتمتعون بالصحة النفسية والجسمية أغلبهم من المتفوقين أو المبدعين فى مجالات مختلفة ضحكوا وهم يستمعون إلى الطبيب النفسى الذى تجاهل جميع الاكتشافات العلمية والفنية من الكهرباء إلى الكومبيوترات ومن السينما إلى السيمفونيات التى قامت بها عقول مبدعة متمردة بدأت بالشك والتساؤل وقد تقدمت شعوب متعددة شرقا وغربا، وأصبحت على قمة العالم دون أن تؤمن بالدين أو بالعقيدة التى نؤمن بها نتكلم كثيرا عن تجديد الفكر الديني، ولا نتكلم عن تجديد الفكر الطبى النفسى رغم العلاقة الوثيقة بينهما.
اشتغلت بالجراحة سنوات قليلة ثم هجرتها قبل أن يتجه المشرط فى يدى الى عنق رئيس الجراحين بالمستشفى كان يعامل الأطباء الشباب كالعبيد فى عزبته، وكان يملك عزبة بالطبع فهى أحد أركان الحلم ، خمسة عين (عيادة، عربية، عمارة، عزبة، عروسة)، وتغلبت كرامتى على حبى للجراحة، واتجهت إلى فروع أخرى فى الطب لكنها لم تكن أحسن حالا من الجراحة بالإضافة إلى كونها أقل دقة أما الطب النفسى فلم يكن ينظر إليه كعلم حقيقى بل أقرب ما يكون الى الدجل فهو يتصدى لأمراض غامضة موهومة مجهولة السبب يكاد يشبه علم الكف وضرب الودع أو قراءة الفنجان، وأيضا كان الطبيب النفسى يعانى قلة المرضى نراه يركب معنا الأتوبيس أو السيارة المصرية ماركة رمسيس.
ثم تغير المجتمع المصرى بسرعة كبيرة منذ الانفتاح الاقتصادى والانغلاق الفكرى فى السبعينيات، ودخل الإيمان والكفر ضمن السلع بالسوق الحرة ومضاربات البورصة، وطغى استيراد البضائع الاجنبية على الإنتاج المصري، وانهمرت علينا المسابح وأحجبة النساء المستوردة، وتراكمت الأموال لدى الحكام ورجال الأعمال (القطط السمان) وازدادت الهوة بين الأغنياء والفقراء، ومعها المشاكل والاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية التى تم التجهيل بأسبابها السياسية الحقيقية، وتحولت فى أجهزة الإعلام إلى اضطرابات نفسية وأخلاقية يتنافس أطباء النفس على تشخيصها فهى خلل فى كيمياء المخ والهرمونات بسبب الاحباط أو الحقد الطبقى أو الإلحاد، وغياب الإيمان وعدم القناعة بالقسمة والنصيب فالأرزاق بيد الله يعطى من يشاء بغير حساب كما يعلن الرئيس المؤمن فى الإذاعات، وقد ينتج الإلحاد أيضا عن الفشل فى التكيف مع الواقع، والعجز عن تحقيق الاحلام المستحيلة، أو «الفوبيا» (تعنى الخوف) أصبح الفقراء يخافون المزيد من الفقر، وأصبح الأثرياء يخافون من قيام ثورة شعبية، وكان لابد من زيادة القمع السياسى والدينى لضمان الاستقرار هكذا لجأت السلطة الحاكمة للمشايخ ورجال الدين للتخويف من عقاب الله ، والى أطباء النفس للتخويف من التمرد على السلطة الأبوية فى الدولة أو العائلة، وازدهرت حياة المشايخ وأطباء النفس بازدياد الخوف والقلق، وانتشرت الفتاوى بعذاب القبر والثعبان الأقرع، والروشتات الطبية بمضادات الاكتئاب أو المنشطة لهرمونات السعادة والحب والإيمان ، هكذا نشأت طبقة عليا من المشايخ والدعاة الجدد وأطباء النفس امتلكوا العمارات والمليارات، وأصبحوا نجوم الإعلام والشاشات.
كنا نستقبل السنة الجديدة منذ يومين حين ظهر على الشاشة شيخ مرموق يتحدث عن ظاهرة الإلحاد الجديدة ويعتبرها مؤامرة أجنبية ماسونية ضد الإسلام تبعه طبيب نفسى مرموق اعتبر الإلحاد من الاضطرابات النفسية التى تصيب الشباب لأسباب مختلفة منها ضعف الوازع الديني، وتدهور الأخلاق بعد ثورة يناير وغياب السلطة الأبوية لسفر الأب الى الخليج أو فقدان الحنان الأمومى لانشغال المرأة عن واجباتها الأسرية بعملها البرانى أو طموحها الذاتي، وأخذ الطبيب المرموق يحلل نفسية الملحد قال إنه شخصية هستيرية أو باراناوية يعانى وسواسا قهريا يميل للتمرد والاستعلاء على السلطة الأبوية الحاكمة أو حتى الإلهية يميل إلى الشك والتساؤل والاختلاف عن الآخرين طلبا للشهرة (خالف تعرف)، وقد يكون مريضا بالفصام أو الخلل الشعورى أو اللاشعورى وغيرها من الاضطرابات الوجدانية.
كان معى مجموعة كبيرة من شباب وشابات شاركوا فى ثورة يناير يتمتعون بالصحة النفسية والجسمية أغلبهم من المتفوقين أو المبدعين فى مجالات مختلفة ضحكوا وهم يستمعون إلى الطبيب النفسى الذى تجاهل جميع الاكتشافات العلمية والفنية من الكهرباء إلى الكومبيوترات ومن السينما إلى السيمفونيات التى قامت بها عقول مبدعة متمردة بدأت بالشك والتساؤل وقد تقدمت شعوب متعددة شرقا وغربا، وأصبحت على قمة العالم دون أن تؤمن بالدين أو بالعقيدة التى نؤمن بها نتكلم كثيرا عن تجديد الفكر الديني، ولا نتكلم عن تجديد الفكر الطبى النفسى رغم العلاقة الوثيقة بينهما.