كانت العودة إلى البلاد والأهل والرفاق في الثامن من مارس 1981، حدثا فاصلا، طويت معه فكرة اغتراب دامت سنوات. خصص لنا رفاقنا وأهلنا وحلفاؤنا والحقوقيون في بلادنا استقبالا فاق انتظاراتنا بكثير.
احتفت بعودتنا جريدتنا “أنوال”، ومعظم الصحف الوطنية، وعممت وكالة المغرب العربي للأنباء خبر رجوعنا متمتعين بعفو ملكي.
وبعد فترة استراحة بين أحضان العائلة، بدأنا نعود شيئا فشيئا إلى انشغالاتنا الأساسية المتعلقة بتنشيط دور جريدتنا التي وجدت نفسها في أحداث يونيو 1981، وما تلاها من اعتقالات في صفوف قيادات ومناضلي الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الاشتراكي، ملزمة بالقيام بواجب التضامن وتأدية هذا الواجب على أفضل وجه.
إضافة إلى تطوير إشعاعها الفكري والسياسي العام، وإلى جانب الجريدة انصب اهتمامنا على إحياء وترميم تنظيماتنا في أغلب جهات البلاد استعدادا للإعلان عن تأسيس منظمة سياسية شرعية. وإلى جانب ذلك، استأنفت نشاطي بمعية عدد من الرفاق، في مقدمتهم المرحوم أحمد بنعزوز، من أجل الإعداد الأدبي لمؤتمر وطني، كنا قد بدأنا الإعداد له بالخارج.
وفي إطار إنجاز دراسة عن المسألة الزراعية، أنجزت في بداية صيف 1981، الرد الثاني على المفكر الفلسطيني منير شفيق، الذي أعطى للاستعمار دورا حاسما في توليد الرأسمالية، واعتبر الطبقة العاملة العربية شريكا في استغلال المستعمرات والبلدان التابعة، وعلى أساس ذلك، قلل من شأن التضامن الأممي بين هذه الطبقة وشعوب ما كان يسمى عالما ثالثا.
وعلى العكس من ذلك، بينت أن البلدان السباقة إلى التوسع والاستعمار، مثل اسبانيا والبرتغال ظلتا لقرون متخلفة، رغم الثروات الطائلة التي غرفتها من الأمريكيتين، وأكدت انطلاقا من تتبع عدة حالات انتقال من الإقطاع إلى الرأسمالية، أن هذه الأخيرة تولدت عن نهضة شاملة فكرية وسياسية واجتماعية، أنتجت الثورة الصناعية، وما كان لها من أصداء وامتداد في بقية المجالات الاقتصادية، ومع تعاظم التوسع الاستعماري، أصبح البحث عن المزيد من الأسواق لتصريف البضائع أو الحصول على المواد الخام سمة متلازمة للرأسمالية، وفي هذا السياق وليس قبله، اعتبر لينين أن “الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية”.
ومع مرور شهور على العودة إلى البلاد، وعدم ظهور أي مؤشر عن إمكانية عودتنا إلى عملنا بناء على العفو الملكي، أخذ القلق يخيم على تفكيرنا، وبدأ أغلبنا في البحث عن حلول أو أنصاف حلول. وفي هذا السياق، اشتغلت أنا والرفيق محمد السمهري في إحدى المدارس الخاصة، ولقنت مواد العربية لتلاميذ قسمين من سلك الثانوي، وكان عدد الساعات 16 ساعة، والمقابل الشهري 1500 درهم.
بدأت العمل مع انطلاق الموسم الدراسي 81-82، وكانت الحافلة العمومية رقم 13 وسيلتي للتنقل من بيت أهلي بحي السلامة 3 إلى مدرسة المعروفي المجاورة لسينما شهرزاد.
كان وضعي صعبا لأنني كنت عائدا إلى التعليم بعد انقطاع دام سبع سنوات، لأنني كنت مطالبا بإعداد جديد لمقرر لم ألقنه من قبل، ويتعلق الأمر بالأدب الجاهلي. وكما كان الأمر في ثانوية “كشكاط” باليوسفية، فإني لا أقتنع بالكتاب المدرسي المقرر، وأحرص على إعداد تصوري الخاص لتاريخ المرحلة المدروسة، واعتمدت طريقة متكاملة لتحليل النصوص الأدبية، كنا قد تمرنا عليها في كلية الآداب على يد الدكتور الأشتر. وأعتقد أن تجربتي القصيرة هذه كانت مرضية، فقد تفاعل معي إيجابيا معظم التلاميذ بعد استيعابهم طريقتي، وتأسف المدير كثيرا عندما ودعته في نهاية الثلاثي الأول من الموسم الدراسي.
ورغم تقديري لأسف المدير، وامتناني لما أدلى به في حقي، فإن سروري كان بالغا وأنا أتلقى دعوة رفاقي للالتحاق بـ”أنوال” لقد كنت مثل السمكة التي أعيدت إلى مياهها، أو الطفل الذي أعادوه إلى أبويه، على حد ما غنت الرائعة نجاة الصغيرة من شعر نزار القباني.
احتفت بعودتنا جريدتنا “أنوال”، ومعظم الصحف الوطنية، وعممت وكالة المغرب العربي للأنباء خبر رجوعنا متمتعين بعفو ملكي.
وبعد فترة استراحة بين أحضان العائلة، بدأنا نعود شيئا فشيئا إلى انشغالاتنا الأساسية المتعلقة بتنشيط دور جريدتنا التي وجدت نفسها في أحداث يونيو 1981، وما تلاها من اعتقالات في صفوف قيادات ومناضلي الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الاشتراكي، ملزمة بالقيام بواجب التضامن وتأدية هذا الواجب على أفضل وجه.
إضافة إلى تطوير إشعاعها الفكري والسياسي العام، وإلى جانب الجريدة انصب اهتمامنا على إحياء وترميم تنظيماتنا في أغلب جهات البلاد استعدادا للإعلان عن تأسيس منظمة سياسية شرعية. وإلى جانب ذلك، استأنفت نشاطي بمعية عدد من الرفاق، في مقدمتهم المرحوم أحمد بنعزوز، من أجل الإعداد الأدبي لمؤتمر وطني، كنا قد بدأنا الإعداد له بالخارج.
وفي إطار إنجاز دراسة عن المسألة الزراعية، أنجزت في بداية صيف 1981، الرد الثاني على المفكر الفلسطيني منير شفيق، الذي أعطى للاستعمار دورا حاسما في توليد الرأسمالية، واعتبر الطبقة العاملة العربية شريكا في استغلال المستعمرات والبلدان التابعة، وعلى أساس ذلك، قلل من شأن التضامن الأممي بين هذه الطبقة وشعوب ما كان يسمى عالما ثالثا.
وعلى العكس من ذلك، بينت أن البلدان السباقة إلى التوسع والاستعمار، مثل اسبانيا والبرتغال ظلتا لقرون متخلفة، رغم الثروات الطائلة التي غرفتها من الأمريكيتين، وأكدت انطلاقا من تتبع عدة حالات انتقال من الإقطاع إلى الرأسمالية، أن هذه الأخيرة تولدت عن نهضة شاملة فكرية وسياسية واجتماعية، أنتجت الثورة الصناعية، وما كان لها من أصداء وامتداد في بقية المجالات الاقتصادية، ومع تعاظم التوسع الاستعماري، أصبح البحث عن المزيد من الأسواق لتصريف البضائع أو الحصول على المواد الخام سمة متلازمة للرأسمالية، وفي هذا السياق وليس قبله، اعتبر لينين أن “الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية”.
ومع مرور شهور على العودة إلى البلاد، وعدم ظهور أي مؤشر عن إمكانية عودتنا إلى عملنا بناء على العفو الملكي، أخذ القلق يخيم على تفكيرنا، وبدأ أغلبنا في البحث عن حلول أو أنصاف حلول. وفي هذا السياق، اشتغلت أنا والرفيق محمد السمهري في إحدى المدارس الخاصة، ولقنت مواد العربية لتلاميذ قسمين من سلك الثانوي، وكان عدد الساعات 16 ساعة، والمقابل الشهري 1500 درهم.
بدأت العمل مع انطلاق الموسم الدراسي 81-82، وكانت الحافلة العمومية رقم 13 وسيلتي للتنقل من بيت أهلي بحي السلامة 3 إلى مدرسة المعروفي المجاورة لسينما شهرزاد.
كان وضعي صعبا لأنني كنت عائدا إلى التعليم بعد انقطاع دام سبع سنوات، لأنني كنت مطالبا بإعداد جديد لمقرر لم ألقنه من قبل، ويتعلق الأمر بالأدب الجاهلي. وكما كان الأمر في ثانوية “كشكاط” باليوسفية، فإني لا أقتنع بالكتاب المدرسي المقرر، وأحرص على إعداد تصوري الخاص لتاريخ المرحلة المدروسة، واعتمدت طريقة متكاملة لتحليل النصوص الأدبية، كنا قد تمرنا عليها في كلية الآداب على يد الدكتور الأشتر. وأعتقد أن تجربتي القصيرة هذه كانت مرضية، فقد تفاعل معي إيجابيا معظم التلاميذ بعد استيعابهم طريقتي، وتأسف المدير كثيرا عندما ودعته في نهاية الثلاثي الأول من الموسم الدراسي.
ورغم تقديري لأسف المدير، وامتناني لما أدلى به في حقي، فإن سروري كان بالغا وأنا أتلقى دعوة رفاقي للالتحاق بـ”أنوال” لقد كنت مثل السمكة التي أعيدت إلى مياهها، أو الطفل الذي أعادوه إلى أبويه، على حد ما غنت الرائعة نجاة الصغيرة من شعر نزار القباني.