عن دار التقوى للنشر والتوزيع صدرت رواية (في سبيل التاج) سنة 2016 كطبعة جديدة منقحة، من تأليف الكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي، وتحتوي على ( 120 ) صفحة من الحجم المتوسط، ومن دراسة ومراجعة وتحقيق ابراهيم الصابر، وهشام بكري، اما زمن انتاجها كرواية معربة فهو سنة 1920م، وهي اساسا مأخوذة عن المأساة الشعرية التمثيلية للكاتب المسرحي والشاعر الفرنسي(فرانسوا كوبيه) والتي كتبها سنة 1895م.
المقدمة:
قدم لها الناشر الذي تحدث عن حياة الكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي وذكر مؤلفاته، كما قدم لها الكاتب الكبير (حسن بك الشريف) الذي تحدث فيها عن الكاتبين ( مصطفى وفرانسوا) وعن رأي النقاد، وكم مدحوا فيها.
أما المقدمة الثالثة والأهم، فهي للمؤلف مصطفى لطفي المنفلوطي، الذي تحدث فيها عن الوقائع الحربية بين الدولة التركية ودول البلقان، واستيلاء الأتراك عليها، واذلال اهلها، حيث ملكوا عليها ملكا منها اسمه ميلوش، وكان يأتمر بامرهم، ويؤدي لهم الأتاوة من حيث الجزية والضرائب، حتى قام الاسقف آتين باستنهاض الهمم في الشعب، وطلب من الملك ان يخلع عنه طاعة الاتراك، ويعمل على تحرير البلقان واستقلاله، فكان له ما اراد، وكانت ثورة الشعب والملك الذين اختاروا القائد البلغاري العظيم الامير (ميشيل بانكومير) كقائد للجيش، فاستبسل في محاربة الاتراك، ولم يقدروا على دخول بلاده بفضل حنكته وشجاعته، مما جعل القائد التركي يبحث له عن دسيسة وحيلة يكيد له فيها.... وهكذا فعل.
طبعا مقدمة الكاتب مصطفى هذه كان لا بد منها لذكر أحداث تسبق أحداث الرواية حيث يشرح باختصار دور كل من (القائد ميشيل برانكومير والاسقف آتين) في تحرير بلاد البلقان، وما الذي حدث في سبيل الحصول على التاج بعد موت الملك ميلوش.
الاهداء: الى القائد المصري سعد زغلول باشا، كونه يملك من صفات البطل البلقاني الذي تتمحور حوله الرواية ( قسطنطين) من شجاعته، وثباته، وعزيمته، واخلاصه، وتضحيته.
الرمزية: الرواية وطنية من الطراز الأول تتحدث عن الحب، والخيانة، والوفاء...
المكان والزمان: دول البلقان التي احتلها الاتراك العثمانيون في القرن الرابع عشر.
الغلاف: يحمل الغلاف في مقدمته صورة للمؤلف مصطفى لطفي المنفلوطي على خلفية لوحة فنية لغابة خضراء، وأما في الجهة الاخرى فصور لبعض مؤلفاته على نفس الخلفية الاولى.
ملخص مضمون الرواية:
قام المؤلف بتقسيم الرواية الى ثلاثة عشرة جزءا صغيرا، لكل منها عنوان وهي كالتالي:
1- الجاسوس: يموت الملك (ميلوش)، وتنقسم الجمعية الوطنية في انتخاب من يخلفه بين الاسقف (آتين) والقائد العظيم ( برانكومير)، ويتم في النهاية اختيار الاسقف ليصبح الملك ويبقى برانكومير قائدا للجيش، لكن القائد يمتعض من الأمر، خصوصا ان زوجته الاميرة البيزنطية الجميلة والصغيرة( بازيلدا) كانت تطمع بالعرش وتحثه عليه، وما تزوجته وهو الطاعن في السن الا لأجل هذا الأمر، وتكيد المكائد وتقوم باقناعه على خيانة وطنه حتى يتسنى لها الجلوس على العرش بمساعدة الجاسوس التركي الذي يتخفى كموسيقار اسمه (بانكو) وكان بانكو يزورها بحجة العزف لها، كما كان يعزف للجنود ليستمع منهم للاخبار.
2- قسطنطين: وهو الابن الوحيد للقائد برانكومير من زوجته السابقة والتي توفيت منذ سنتين، وكانت علاقته بزوجة ابيه الاميرة غير جيدة بفعل قسوتها عليه، وتكبرها وتعاليها خصوصا على الضعفاء من ابناء الوطن، وفي هذا الجزء يقوم قسطنطين بانقاذ فتاة غجرية تدعى(ميلتزا) أثناء احدى المعارك، من سيدها الجندي التركي ومن ثم ينقذها ثانية من سيف ابيه حين قتل الأسرى، فسخرت بازيلدا من طيبته واهتمامه بالضعفاء، فاسمعها من الكلام ما لم تطق مفاده انها عديمة الانسانية، مما زاد من حقدها عليه.
3- التاج: تم تتويج الملك آتين، ولم يحضر فرانكومير الحفل، وكان يتهرب من الملك، وكره الشعب الذي لم يختره هو رغم استبساله في الحروب، لكن بازيلدا اقنعته بضرورة مقابلته ومباركة تتويجه ظاهريا، ووعدته ان يصبح هو الملك خلال شهر واحد، فاستقبله اثناء عودته الى القلعة، وراح الملك يطمئنه بأنه القائد العظيم والملك الفعلي، وانه سيأتمر بأمره ويسير الجيوش له ليخدما وطنهما سويا.
4- المؤامرة: تتفق بازيلدا والجاسوس التركي ( بانكو) على خديعة البلاد، وبيعها له مقابل التاج والعرش، ويحاول اقناعها بأن الاتراك سيعملون لمصلحة تقدم البلاد، فتجيبه بازدراء، انها ليست غبية وتعرف مراميهم، ثم قالت له " أقسم لك بشرفي وشرف بيزنطة، لو كان هذا الوطن وطني، وكانت تربيته مدافن آبائي وأجدادي، ما بعتك ذرة واحدة من ترابه بجميع عروش الأرض وتيجانها" (ص 50)
5- الأمل: تحب ميلتزا قسطنطين حبا شديدا، لكنها لا تعترف له، وهو لم ينظر اليها إلا انها فتاة ساذجة وبسيطة، وكان يعطف عليها وتخدمه، واكتشفت بازيلدا على حقيقتها وانها خائنة، فأرادت ان تكشف سرها، ونجحت في ذلك من خلال مراقبتها من بعيد في غياب قسطنطين.
6- السر: وهو ما اكتشفته الغجرية من كون العازف جاسوس، وهو ليس إلا (الضابط التركي ابراهيم باشا) والذي كانت ترقص في حضرته وهي مملوكة لدى ذلك الجندي التركي الذي انقذها قسطنطين من براثنه بقتله وهو يجلدها اثناء المعركة، لذلك كانت تحفظ كل تفاصيل وجهه، واتفق كل من (بازيلدا وفرانكومير وابراهيم باشا) على قيام فرانكومير بخيانة الجيش البلقاني، فأخبرت قسطنطين بهذا الأمر، فجن جنونه ولم يصدقها لدرجة انه رفع سيفه ليقتلها، فرجته أن يتصنت على والده وزوجته من خلف جدار غرفتهما بعد مغادرة الجاسوس، حتى تثبت له صدقها، فعرف خطتهم، وقرر ان يقنع والده بالعدول عن الخيانة.
7- الجريمة: تم الاتفاق بأن يقوم الحارس في رابية في شعاب تراجان البلقانية باشعال النيران حين يرى اقتراب الجيش التركي، ليحذر باقي الفرق في التلال الأخرى، فتقوم الفرق الاخرى باشعال النيران في بقية التلال، ليتم ملاقاة الجيش ورده عن البلاد، وأما خطة الخيانة فكانت في ان يستلم فرانكومير التلة الاولى، ولا يشعل النيران فيها ليتسنى للجيش التركي الدخول واحتلال البلد، لكن قسطنطين لحق بوالده الى التلة، وواجهه بالحقيقة، وراح يحاول اقناعه، لكنه فشل لدرجة ان والده وقف بينه وبين اشعال النار بالسيف، فتبارزا وقتل الابن اباه.
8- الضمير: صار ضميره يؤنبه لانه قتل اباه، وفي نفس الوقت كان يحاول ان يقنع نفسه انه فعل الصواب، وفي ذات الوقت لم يشأ ان يعرف الشعب ان قائدهم العظيم اراد خيانتهم، والقصد ان يبقى في نظرهم كبيرا كما كان في حياته، واختار الملك (آتين) قسطنطين ليكون قائد الجيش خلفا لأبيه، خصوصا انه تعلم فنون القتال والقيادة منه، وكان حزن الشعب على فرانكومير شديدا.
9- الأزهار: تلاحظ ميلتزا شدة معاناة قسطنطين، وتحاول التخفيف عنه، لكنها لم تجرؤ على سؤاله عن سبب بكائه وتعاسته الشديدة، فأخذت تقطف له الازهار، ويدور بينهما حديث يعترفان خلاله بحبهما، ويخبرها بحقيقة قتل والده، ويأتمنها على السر، ويجعلها تحلف يمينا على خنجره انها لن تكشفه الا اذا سمح لها بذلك، وأخذت منه الخنجر واحتفظت به لنفسها.
10- حديث: إصابة العديد من الجنود بالجراح في الحروب، والهزائم التي تعرض لها الجيش تحت إمرة قسطنطين، ادت الى اهتزاز ثقة الجنود به، خصوصا ان بازيلدا لعبت دورا كبيرا في ذلك بدسائسها، لدرجة انهم اتهموه بخيانة وطنه.
11- الدسيسة: دخلت بازيلدا على قسطنطين في غرفته ببيته البعيد عن مسكنها وهو الذي لم يعد يهتم بالاتصال بها بعد مقتل والده، وتخبره ان الجيش يتهمه بالخيانة، وانها وراء ذلك الا ان طاوعها وخان كما كان والده ينوي فعله، فاعترف لها بانه قتل والده وفاء لوطنه وانها هي السبب في ذلك، وأنه لن يخون بلاده مهما فعلت، فنجحت في اتهامه امام الملك الذي دخل عليهما، وهما يتحدثان بالامر، وأثبتت للملك ان قسطنطين هو الخائن، ذلك بوثيقة كانت بحوزتها، ولم يستطع الدفاع عن نفسه وبقي صامتا رغم ان الملك اعطاه الحق بالدفاع عن نفسه وقول الحقيقة.
12- التمثال: أمر الملك جنوده بربط قسطنطين بتمثال والده فرانكومير (القائد العظيم)، وتركه حتى يقوم مجلس القضاء باصدار الحكم عليه، فلما ذهب عنه الجميع وكان الليل، راح يعاتب والده بالحديث الى تمثاله مطولا، ومنه قوله: " أنت المجرم، وانا المعاقب، أنت الخائن، وانا المأخوذ بخيانتك، انت المتمتع بنعمة الشرف العظيم الذي لا تستحقه، وأنا المتسربل بسربال الإهانة الدائمة التي لا أستحقها" ( ص 108) وبقي يعاتبه حتى اخذه النوم.
13- النهاية: تقرر حكم القضاء الذي قرأه الملك على قسطنطين بنفسه وهو أن لا يقتل، بل يبقى حيا، ومربوطا إلى تمثال ابيه (المخلص)، ليمر عنه الناس ويبصقوا عليه ويهينوه كل الوقت، فبكى وانتحب بشدة وكان يأمل ان يقتل ليرتاح من عذاب الضمير لقتل والده، ومن الشقاء لأنه لا يستطيع تبرأة نفسه، فاقتربت منه حبيبته ودافعت عنه بحجة انها تحبه، وانه ليس خائنا، وطلبت منه قول الحقيقة الا انه رفض، فلما رأت الناس يقتربون لينالوا منه، جعلت نفسها بينهم وبينه، وقالت لهم أفضل ان تقطعوني إربا قبل ان تصلوه، ثم أخرجت الخنجر الذي حلفت عليه اليمين بحفظ سره، وطعنته به ثم طعنت نفسها، وماتا.
ولم ينكشف السر الا بعد خمسة وثلاثون عاما، حيث كانت بازيلدا تعاني سكرات الموت، وكانت تهذي بالقصة اثناء مرضها، في يقظتها وأحلامها.
وهكذا انتهت قصة البطل الذي قتل والده بسيفه، في سبيل وطنه، ثم قتل نفسه بصمته في سبيل سمعة والده وشرف أسرته.
عن الكاتبين:
1- مصطفى لطفي المنفلوطي: ولد في منفلوط بجمهورية مصر العربية سنة 1876م، من أب مصري وأم تركية، درس في الازهر الشريف، ويعد أديبا وشاعرا وكاتبا وقصاصا، من مؤلفاته: النظرات( قصص قصيرة)، العبرات( قصص قصيرة بعضها معربة واخرى مقتبسة)، تحت ظلال الزيزفون ( جعلها بعنوان ماجدولين) وهي رواية مترجمة عن الفرنسية للكاتب الفونس كار، الشاعر ( رواية مترجمة عن الفرنسية للكاتب الفرنسي ادموند روشتان)، مختارات المنفلوطي ( مختارات شعرية ونثرية انتقاها بنفسه)، ومقالات عديدة في الصحف، في سبيل التاج وهي الرواية التي نحن بصددها.
2- فرانسوا كوبيه:
ولد سنة 1842م ، لم يتم دراسته لكنه كان يميل للقراءة وكتابة الشعر، ومن مؤلفاته صندوق البقايا المقدسة، المودات، اعتصاب الحدادين، المتواضعون( شعر)، عابر سبيل، عواد كريمون، مدام مانتنون، سيفير نوريلي، في سبيل التاج ( روايات)، المجرم، شبوبيه، (قصص نثرية)، وقد انتخب عضوا بمجمع علماء فرنسا مشتغلا بالسياسة، توفي سنة 1908م.
رأيي الخاص باختصار:
الحقيقة انها رواية جديرة بالقراءة، ذات مضمون عظيم، وأسلوب بسيط وواضح، وتسلسل رائع، وانصح كل من يهتم بالأدب الروائي ان يضطلع عليها، ويضيفها الى رفوف مكتبته.
والشكر موصول للدكتور (شوكت البكري) في مركز صحي بيسان الكائن في بيت حنينا الذي زودني بهذه النسخة من الرواية، ولمكتبة اكاديمية النجاح التي تزود العيادة وغيرها من الاماكن العامة بالكتب لتشجيع القراءة.
النهاية
ديانا أبو عياش
30/8/2019
المقدمة:
قدم لها الناشر الذي تحدث عن حياة الكاتب مصطفى لطفي المنفلوطي وذكر مؤلفاته، كما قدم لها الكاتب الكبير (حسن بك الشريف) الذي تحدث فيها عن الكاتبين ( مصطفى وفرانسوا) وعن رأي النقاد، وكم مدحوا فيها.
أما المقدمة الثالثة والأهم، فهي للمؤلف مصطفى لطفي المنفلوطي، الذي تحدث فيها عن الوقائع الحربية بين الدولة التركية ودول البلقان، واستيلاء الأتراك عليها، واذلال اهلها، حيث ملكوا عليها ملكا منها اسمه ميلوش، وكان يأتمر بامرهم، ويؤدي لهم الأتاوة من حيث الجزية والضرائب، حتى قام الاسقف آتين باستنهاض الهمم في الشعب، وطلب من الملك ان يخلع عنه طاعة الاتراك، ويعمل على تحرير البلقان واستقلاله، فكان له ما اراد، وكانت ثورة الشعب والملك الذين اختاروا القائد البلغاري العظيم الامير (ميشيل بانكومير) كقائد للجيش، فاستبسل في محاربة الاتراك، ولم يقدروا على دخول بلاده بفضل حنكته وشجاعته، مما جعل القائد التركي يبحث له عن دسيسة وحيلة يكيد له فيها.... وهكذا فعل.
طبعا مقدمة الكاتب مصطفى هذه كان لا بد منها لذكر أحداث تسبق أحداث الرواية حيث يشرح باختصار دور كل من (القائد ميشيل برانكومير والاسقف آتين) في تحرير بلاد البلقان، وما الذي حدث في سبيل الحصول على التاج بعد موت الملك ميلوش.
الاهداء: الى القائد المصري سعد زغلول باشا، كونه يملك من صفات البطل البلقاني الذي تتمحور حوله الرواية ( قسطنطين) من شجاعته، وثباته، وعزيمته، واخلاصه، وتضحيته.
الرمزية: الرواية وطنية من الطراز الأول تتحدث عن الحب، والخيانة، والوفاء...
المكان والزمان: دول البلقان التي احتلها الاتراك العثمانيون في القرن الرابع عشر.
الغلاف: يحمل الغلاف في مقدمته صورة للمؤلف مصطفى لطفي المنفلوطي على خلفية لوحة فنية لغابة خضراء، وأما في الجهة الاخرى فصور لبعض مؤلفاته على نفس الخلفية الاولى.
ملخص مضمون الرواية:
قام المؤلف بتقسيم الرواية الى ثلاثة عشرة جزءا صغيرا، لكل منها عنوان وهي كالتالي:
1- الجاسوس: يموت الملك (ميلوش)، وتنقسم الجمعية الوطنية في انتخاب من يخلفه بين الاسقف (آتين) والقائد العظيم ( برانكومير)، ويتم في النهاية اختيار الاسقف ليصبح الملك ويبقى برانكومير قائدا للجيش، لكن القائد يمتعض من الأمر، خصوصا ان زوجته الاميرة البيزنطية الجميلة والصغيرة( بازيلدا) كانت تطمع بالعرش وتحثه عليه، وما تزوجته وهو الطاعن في السن الا لأجل هذا الأمر، وتكيد المكائد وتقوم باقناعه على خيانة وطنه حتى يتسنى لها الجلوس على العرش بمساعدة الجاسوس التركي الذي يتخفى كموسيقار اسمه (بانكو) وكان بانكو يزورها بحجة العزف لها، كما كان يعزف للجنود ليستمع منهم للاخبار.
2- قسطنطين: وهو الابن الوحيد للقائد برانكومير من زوجته السابقة والتي توفيت منذ سنتين، وكانت علاقته بزوجة ابيه الاميرة غير جيدة بفعل قسوتها عليه، وتكبرها وتعاليها خصوصا على الضعفاء من ابناء الوطن، وفي هذا الجزء يقوم قسطنطين بانقاذ فتاة غجرية تدعى(ميلتزا) أثناء احدى المعارك، من سيدها الجندي التركي ومن ثم ينقذها ثانية من سيف ابيه حين قتل الأسرى، فسخرت بازيلدا من طيبته واهتمامه بالضعفاء، فاسمعها من الكلام ما لم تطق مفاده انها عديمة الانسانية، مما زاد من حقدها عليه.
3- التاج: تم تتويج الملك آتين، ولم يحضر فرانكومير الحفل، وكان يتهرب من الملك، وكره الشعب الذي لم يختره هو رغم استبساله في الحروب، لكن بازيلدا اقنعته بضرورة مقابلته ومباركة تتويجه ظاهريا، ووعدته ان يصبح هو الملك خلال شهر واحد، فاستقبله اثناء عودته الى القلعة، وراح الملك يطمئنه بأنه القائد العظيم والملك الفعلي، وانه سيأتمر بأمره ويسير الجيوش له ليخدما وطنهما سويا.
4- المؤامرة: تتفق بازيلدا والجاسوس التركي ( بانكو) على خديعة البلاد، وبيعها له مقابل التاج والعرش، ويحاول اقناعها بأن الاتراك سيعملون لمصلحة تقدم البلاد، فتجيبه بازدراء، انها ليست غبية وتعرف مراميهم، ثم قالت له " أقسم لك بشرفي وشرف بيزنطة، لو كان هذا الوطن وطني، وكانت تربيته مدافن آبائي وأجدادي، ما بعتك ذرة واحدة من ترابه بجميع عروش الأرض وتيجانها" (ص 50)
5- الأمل: تحب ميلتزا قسطنطين حبا شديدا، لكنها لا تعترف له، وهو لم ينظر اليها إلا انها فتاة ساذجة وبسيطة، وكان يعطف عليها وتخدمه، واكتشفت بازيلدا على حقيقتها وانها خائنة، فأرادت ان تكشف سرها، ونجحت في ذلك من خلال مراقبتها من بعيد في غياب قسطنطين.
6- السر: وهو ما اكتشفته الغجرية من كون العازف جاسوس، وهو ليس إلا (الضابط التركي ابراهيم باشا) والذي كانت ترقص في حضرته وهي مملوكة لدى ذلك الجندي التركي الذي انقذها قسطنطين من براثنه بقتله وهو يجلدها اثناء المعركة، لذلك كانت تحفظ كل تفاصيل وجهه، واتفق كل من (بازيلدا وفرانكومير وابراهيم باشا) على قيام فرانكومير بخيانة الجيش البلقاني، فأخبرت قسطنطين بهذا الأمر، فجن جنونه ولم يصدقها لدرجة انه رفع سيفه ليقتلها، فرجته أن يتصنت على والده وزوجته من خلف جدار غرفتهما بعد مغادرة الجاسوس، حتى تثبت له صدقها، فعرف خطتهم، وقرر ان يقنع والده بالعدول عن الخيانة.
7- الجريمة: تم الاتفاق بأن يقوم الحارس في رابية في شعاب تراجان البلقانية باشعال النيران حين يرى اقتراب الجيش التركي، ليحذر باقي الفرق في التلال الأخرى، فتقوم الفرق الاخرى باشعال النيران في بقية التلال، ليتم ملاقاة الجيش ورده عن البلاد، وأما خطة الخيانة فكانت في ان يستلم فرانكومير التلة الاولى، ولا يشعل النيران فيها ليتسنى للجيش التركي الدخول واحتلال البلد، لكن قسطنطين لحق بوالده الى التلة، وواجهه بالحقيقة، وراح يحاول اقناعه، لكنه فشل لدرجة ان والده وقف بينه وبين اشعال النار بالسيف، فتبارزا وقتل الابن اباه.
8- الضمير: صار ضميره يؤنبه لانه قتل اباه، وفي نفس الوقت كان يحاول ان يقنع نفسه انه فعل الصواب، وفي ذات الوقت لم يشأ ان يعرف الشعب ان قائدهم العظيم اراد خيانتهم، والقصد ان يبقى في نظرهم كبيرا كما كان في حياته، واختار الملك (آتين) قسطنطين ليكون قائد الجيش خلفا لأبيه، خصوصا انه تعلم فنون القتال والقيادة منه، وكان حزن الشعب على فرانكومير شديدا.
9- الأزهار: تلاحظ ميلتزا شدة معاناة قسطنطين، وتحاول التخفيف عنه، لكنها لم تجرؤ على سؤاله عن سبب بكائه وتعاسته الشديدة، فأخذت تقطف له الازهار، ويدور بينهما حديث يعترفان خلاله بحبهما، ويخبرها بحقيقة قتل والده، ويأتمنها على السر، ويجعلها تحلف يمينا على خنجره انها لن تكشفه الا اذا سمح لها بذلك، وأخذت منه الخنجر واحتفظت به لنفسها.
10- حديث: إصابة العديد من الجنود بالجراح في الحروب، والهزائم التي تعرض لها الجيش تحت إمرة قسطنطين، ادت الى اهتزاز ثقة الجنود به، خصوصا ان بازيلدا لعبت دورا كبيرا في ذلك بدسائسها، لدرجة انهم اتهموه بخيانة وطنه.
11- الدسيسة: دخلت بازيلدا على قسطنطين في غرفته ببيته البعيد عن مسكنها وهو الذي لم يعد يهتم بالاتصال بها بعد مقتل والده، وتخبره ان الجيش يتهمه بالخيانة، وانها وراء ذلك الا ان طاوعها وخان كما كان والده ينوي فعله، فاعترف لها بانه قتل والده وفاء لوطنه وانها هي السبب في ذلك، وأنه لن يخون بلاده مهما فعلت، فنجحت في اتهامه امام الملك الذي دخل عليهما، وهما يتحدثان بالامر، وأثبتت للملك ان قسطنطين هو الخائن، ذلك بوثيقة كانت بحوزتها، ولم يستطع الدفاع عن نفسه وبقي صامتا رغم ان الملك اعطاه الحق بالدفاع عن نفسه وقول الحقيقة.
12- التمثال: أمر الملك جنوده بربط قسطنطين بتمثال والده فرانكومير (القائد العظيم)، وتركه حتى يقوم مجلس القضاء باصدار الحكم عليه، فلما ذهب عنه الجميع وكان الليل، راح يعاتب والده بالحديث الى تمثاله مطولا، ومنه قوله: " أنت المجرم، وانا المعاقب، أنت الخائن، وانا المأخوذ بخيانتك، انت المتمتع بنعمة الشرف العظيم الذي لا تستحقه، وأنا المتسربل بسربال الإهانة الدائمة التي لا أستحقها" ( ص 108) وبقي يعاتبه حتى اخذه النوم.
13- النهاية: تقرر حكم القضاء الذي قرأه الملك على قسطنطين بنفسه وهو أن لا يقتل، بل يبقى حيا، ومربوطا إلى تمثال ابيه (المخلص)، ليمر عنه الناس ويبصقوا عليه ويهينوه كل الوقت، فبكى وانتحب بشدة وكان يأمل ان يقتل ليرتاح من عذاب الضمير لقتل والده، ومن الشقاء لأنه لا يستطيع تبرأة نفسه، فاقتربت منه حبيبته ودافعت عنه بحجة انها تحبه، وانه ليس خائنا، وطلبت منه قول الحقيقة الا انه رفض، فلما رأت الناس يقتربون لينالوا منه، جعلت نفسها بينهم وبينه، وقالت لهم أفضل ان تقطعوني إربا قبل ان تصلوه، ثم أخرجت الخنجر الذي حلفت عليه اليمين بحفظ سره، وطعنته به ثم طعنت نفسها، وماتا.
ولم ينكشف السر الا بعد خمسة وثلاثون عاما، حيث كانت بازيلدا تعاني سكرات الموت، وكانت تهذي بالقصة اثناء مرضها، في يقظتها وأحلامها.
وهكذا انتهت قصة البطل الذي قتل والده بسيفه، في سبيل وطنه، ثم قتل نفسه بصمته في سبيل سمعة والده وشرف أسرته.
عن الكاتبين:
1- مصطفى لطفي المنفلوطي: ولد في منفلوط بجمهورية مصر العربية سنة 1876م، من أب مصري وأم تركية، درس في الازهر الشريف، ويعد أديبا وشاعرا وكاتبا وقصاصا، من مؤلفاته: النظرات( قصص قصيرة)، العبرات( قصص قصيرة بعضها معربة واخرى مقتبسة)، تحت ظلال الزيزفون ( جعلها بعنوان ماجدولين) وهي رواية مترجمة عن الفرنسية للكاتب الفونس كار، الشاعر ( رواية مترجمة عن الفرنسية للكاتب الفرنسي ادموند روشتان)، مختارات المنفلوطي ( مختارات شعرية ونثرية انتقاها بنفسه)، ومقالات عديدة في الصحف، في سبيل التاج وهي الرواية التي نحن بصددها.
2- فرانسوا كوبيه:
ولد سنة 1842م ، لم يتم دراسته لكنه كان يميل للقراءة وكتابة الشعر، ومن مؤلفاته صندوق البقايا المقدسة، المودات، اعتصاب الحدادين، المتواضعون( شعر)، عابر سبيل، عواد كريمون، مدام مانتنون، سيفير نوريلي، في سبيل التاج ( روايات)، المجرم، شبوبيه، (قصص نثرية)، وقد انتخب عضوا بمجمع علماء فرنسا مشتغلا بالسياسة، توفي سنة 1908م.
رأيي الخاص باختصار:
الحقيقة انها رواية جديرة بالقراءة، ذات مضمون عظيم، وأسلوب بسيط وواضح، وتسلسل رائع، وانصح كل من يهتم بالأدب الروائي ان يضطلع عليها، ويضيفها الى رفوف مكتبته.
والشكر موصول للدكتور (شوكت البكري) في مركز صحي بيسان الكائن في بيت حنينا الذي زودني بهذه النسخة من الرواية، ولمكتبة اكاديمية النجاح التي تزود العيادة وغيرها من الاماكن العامة بالكتب لتشجيع القراءة.
النهاية
ديانا أبو عياش
30/8/2019