تود هذه الدراسة أن تسهم في تحليل وضعية كتابات رولان بارت. ولقد اتسمت مقالاته بفرضية مزدوجة: البناء المعرفي، اللغة النقدية الشارحة، ونشاط الكتابة. وهذا يؤدي الى توليفة من المواقف المحتملة بالنسبة للقارئ: من جانب الثقة، الاستعادة الجادة للغة الشارحة، أو التأمل المحاكي للكتابة في كثير من الأحيان. ومن جانب انعدام الثقة، تنحية المفاهيم القائمة تحديدًا على الأخذ في الاعتبار لغة ذات" آثار خيالية" أو الشك المركز على الأدبية الممكنة لهذه النصوص بسبب التعقيد أو مراوغة ألياتها. ولقد أوضح" شارل ميشيل" أن الاستراتيجية، في كثير من نصوص" بارت" تظهر أكثر تعقيدًا من الموضوع، ومن الأطروحة. وبالتالي فإن هذا سيكون بمثابة تقييم" للموقف" الذي من شأنه أن يحرك التحليل.
سوف أتناول مفهوم" الروائية" كمثال على ذلك، بل أيضًا كأحد أعراض اقتران رغبة المعرفة، ورغبة الكتابة عند بارت. ومفهوم" الروائية " يفرض نفسه في مرحلة متأخرة من كتابات رولان بارت( إبان 1970) الأمر يتعلق برسم مسار المفهوم الذي، كعنصر من عناصر نظرية، يتغير لمصلحة إستراتيجية الكاتب. المقال الأدبي، هذا النوع المعقد، الذي يتيح تتبع هذا المسار، بما أن بارت يشرع في النظر لمفهوم" الروائية" كمادة للتحليل، لدمجه بعد ذلك في مشروعه، وجعل منه أداة لصنع الأدبية. إن وجود العناصر الروائية وفقًا لبارت هو السبب في تعديل مسعاه الفكري: لأنها ستوجد، حتى في نصوصه ذات الأفق النظري، هذه العناصر، والتي تهدد صرامة الخطاب المعرفي. إذا كانت الروائية هى في الأساس من المفاهيم الفضفاضة، فلا بد أن يتسع مفهوم الروائية أكثر من أي مفهوم آخر. بالنسبة لبارت مفهوم الروائية يعني أيضًا، في الواقع، سمات كتابة متصلة بالرغبة في صحبة الأدب: يسعى المقال ليكون روائيًا كي ينال الأدبية. يظهر مفهوم الروائية إذن كمفهوم محوري، والذي يقف في قلب معضلة المقال" جنس ملتبس تتنازع فيه الكتابة مع التحليل". والوضعية التي يمكن أن يحصل عليها مثل هذا المفهوم في جنس بداهة ليس سرديًا، وليس خياليًا في آن كالمقال، تطرح مشكلة: أيظل مفهوم الروائية ثابت نسبيًا، أم يعني أفقًا وقيمة واستعارة للمقال؟
يمكننا أن نرى بالفعل أن المصطلح يشير إلى الأسف والتوقع في آن معًا: تغيير الوضعية العقلية، وإمكانية افتراض الأدبية. وسوف نشهد، في الواقع، انفجارًا حقيقيًا للخصوصية النوعية لهذا المفهوم، الروائية تعني تقريبًا علم أخلاق الأدب.
الملامح الروائية موضوع لدراسة المقال.
فلنحاول أولًا أن نعطي صورة تزامنية لمفهوم الروائية لدى" بارت"، لأن الأمر يتعلق في البداية بأن نتأمل في المقال التحرر المعرفي.
تندمج الروائية في كتابات" رولان بارت" بنظرية معروفة جيدًا عن التفاصيل- والتي تنال مكانًا في تحليل النوع الروائي أو نهج الحياة على حد سواء- وعن واقع الحياة اليومية. طريقة إدراك الواقع ، إنها شذرة تمثيلية أكثر منها شكلًا من أشكال الكتابة، إنها مميزة للنوع الروائي على هذا النحو، والسمة الرئيسة، التي تستخدم لتعريفها( التشذير) هى على النقيض من جوهر الرواية(الاستمرار.." شبكة المعلومات"): والروائية [...] هى وسيلة للتدوين والتوظيف والاهتمام بالحياة اليومية بالأشخاص، وبكل ما يجري في الحياة "، " كتابة حياة ". ومن ثم أولًا لا ترتبط الروائية بمواضيع محددة، أو بعملية سرد قصة، ولكن بطريقة تقطيع الواقع. وهل ذلك سوف يتيح الاقتراب من المعاني المتداولة لكلمة" الروائية"، والتي تعني خارج الرواية هذا الذي يحاكي الرواية، ورواية مغرقة في المبالغة؟
ترتبط سلسلة من الخصائص بالمفهوم: الروائية هى وسيلة للتدوين، ولتأطير واقع الحياة اليومية، وصيغة تشذير. إنها تتحايل أكثر منها تنتج. اللحظة الروائية هى قطعة من الحياة كافية تمامًا للتدوين، و" نفحة" واقع خارج المعنى، وليس بعد مادة رواية:" تقلبات الحياة اليومية بأهوائها ومشاهدها".
ومع ذلك يقام جسر بين الحياة والأدب. أولًا أنثروبولوجيًا، حيث تصبح الروائية أدبية، ويقام هذا الجسر من خلال فكرة التشذير، والانقطاع: صيغة التدوين، التأطير، وحتى سرد تفاصيل الحياة اليومية، والروائية تصبح مادة" كتابة قصيرة وبـ" صرامة سردية كما يقول بارت، بل وبشكل خاص ناقلة لرشقات وصفية:" فكرة" تقلبات الحياة اليومية " صائبة جدًا وجميلة جدًا. صائبة جدًا لأنها تجعلنا ندرك الانقطاع الأساسي لحياتنا العقلية، وجميلة جدًا لأنها يمكن أن تنتج نماذج قصيرة من شظية كبيرة: جملة، أقوال مأثورة، مقاطع شعرية" تواريخ مرضية"، طقوس، كما كان يقول جويس:" بصرامة القصص القصيرة..."، ونحن نرى إنه الميل لرواية ما، ترشيح للقراءة الخاصة ببارت، الذي يصيغ هكذا المفهوم( الانتباه إلى أثر الواقع، الذي هو طريقته في قراءة الروايات، والوجود الذاتي تمامًا للكيان البروستي– الفلوبيري، الذي من خلاله يرى الحياة والأدب).
إذا كان مفهوم" الروائية" على ما يبدو مفهومًا شكليًا، إلا أنه غنى بسلسلة من القيم، التي من شأنها تمكينه من العمل من خلال استراتيجية الكتابة، وهذه الظاهرة تتزايد مع مرور الوقت في كتابات بارت. بالفعل، عدة قيم بما أن بارت سحب مفهوم الأفكار الروائية على مفاهيم" مصدق عليها" أكثر من ذلك بكثير: أولا:" الخيالي"، ( والذي يُعرّف هذه الروائية" بالعقلية" ما يود أن يكونه الرولان بارت بقلمه)، ومن ثم الذاتية، والبراءة، اللا آنية، الحنين إلى الماضي؛ ثانيًا:" الرغبة"، مما يجعل الروائية صيغة وجدانية لمراقبة الواقع، كتابة رثاء، وأخيًرا رغبة في الكتابة. في الواقع، يدعو بارت" الروائية" ما حدث في سيمينار" الفضاء التداولي للرغبات الخفية، والرغبات المتنقلة"، بل أيضًا ممارسة أدبية مشتهاة" ما يغويني حقًا أنه سيكون كتابة ما أسميته الروائية دون رواية".
يكشف الطريق الملتوي، الذي ينتقل من مفهوم رسمي، وعلمي إلى العاطفة المؤثرة، إلى الحنين في تسجيل هذه العواطفية في الكتابة( طريق ملتوِ بما أن بارت بدأ بإزاحة العاطفية، بإنكار قوي:" الروائية ليست المزيف ولا العواطفية" ) عن علاقة معقدة مع الصورة النمطية: بالنسبة لبارت، الروائية في براءتها، ولاستعادة كلماته، في" حماقتها" هى ما يعني القبول، "التخلي". وهكذا يلخص مشروع رولان بارت بنفسه: إنه خطاب روائي أكثر منه خطابًا فكريًا، ولذلك يقبل أحيانًا أن يكون سخيفًا بعض الشيء. بقدر ما ليست الذات الفكرية التي تتماهى مع ما يتلفظه، ولكنها ذات آخرى، إنها الذات الروائية، والتي بالتالي توافق على التخلي في بعض الأحيان عن الأفكار أو الأحكام، التي تجدها الذات خرقاء قليلًا، لكنه يتخلى عنها، رغم ذلك، لأن ذلك يشكل جزء من خياله، ودون قول ذلك. "والمقال الأدبي معتاد تمامًا هذا الاقتحام الوجداني لمجال المعرفة، وهذا الاندماج، عبر الانعطاف لمجموعة القيم القوية الواردة في مفهوم ما قد يظهر كشعار لعملية سير المقالة الأدبية. مجموعة الدلالات المفاهمية، محجوبة أو غير محجوبة، والتي يمكن اكتشافها في كلمة" الروائية" كما هى مستخدمة من قبل بارت تشير، على أي حال، إلى أن المفهوم ربما مقصده أن يكون وضوحه أقل من الإفادة منه.
سير العملية التكتيكية لهذا المفهوم في كتابات رولان بارت
إذن الأمر يتعلق بأن فهم ما يعنيه بارت بذلك أقل من ملاحظة ممارسته لهذا المفهوم.
" تقلبات الحياة اليومية"، مفهوم مثقل بالقيم المصدق عليها من قبل بارت( كما لو أن التفكير نفسه حول الروائية كان بالفعل مدخلًا إلى الروائية، إلى العاطفي، إلى ما يصنع" الجوهر الثمين للفرد" )، تظهر الروائية باعتبارها تحديا لكتابة المقال الأدبية. ليس للمفهوم وضعية ثابتة: العلاقة الحادة مع الحياة، وتحديد خصائص نوع أدبي قد ينزلق من خلال الاستثمار العاطفي بعيدًا عن أي إشكالية أدبية.
يتبنى المفهوم طبيعة ذرائعية، ما أن يُطبق على كتابات رولان بارت." الروائية" تعني تقريبًا" الأدبية" في هذا الاستخدام التكتيكي؛ الروائية( تأطير، علينا أن نتذكر ذلك) تدعو إلى كتابة التفاصيل؛ بالنسبة لبارت يكفي العودة لمرشح قراءته:" البارز"، الذي يشير له عند بروست أو فلوبير، يتعلق الأمر بإنتاجه؛ ليفوز بالأدبية لو نجح في الروائية، يمكن للمقال أيضًا أن يفوز بها من خلال براءة معينة، باضطلاعه بكتابة مؤثرة وجدانيًا، وبانسحابه من القضايا المعرفية، وتغيبه عن حقل الخطابات المعرفية. وهكذا تظهر مقابلة الروائية بالرواية طبيعتها الاستراتيجية: تتخلى الروائية للرواية عن أسماء الأعلام( كثافة الشخصيات)، واستخدام الشخص الثالث، والاستمرار، و" شبكة البناء". وهذا يعني أن جوهر" الرواية" يتوافق تمامًا مع نقاط المقاومة التي كان قد استكشفها بارت، فالتميز بين الروائية والرواية، إنه الحفاظ على القدرة على الولوج، على الرغم من هذه المقاومة، إلى الكتابة؛ وبالتالي، يصبح المقال" ما يجب أن يعترف به تقريبًا كرواية، رواية دون أسماء أعلام"، ومن ثم تتحدد كتابة كاتب المقال انطلاقًا من بطلان سمات الرواية.
يأخذ استخدام المفهوم مكانه عبر عملية واسعة من إضفاء الشرعية الأدبية لكتاباته الخاصة من قبل رولان بارت، وهذا المدخل إلى الأدبية هو نقطة حيوية لوضعية المقال كنوع. يمكن أن نحاول، بنظرة أكثر تعاقبية، رسم تطور هذه الاستراتيجية عند بارت، التطور المتعلق بحلقات مسيرته العادية. لقد مرت أولًا عملية إضفاء الشرعية على المقال من خلال العمل على الأبنية، وعلى طبيعة الميتا لغة( هذا أدبي لأنه يتحدث عن الأدب، توجد الأدبية في الدرجة الأولى والثانية والثالثة، إذًا ليس لمفهوم الروائية وضعية ذرائعية، وأنه يعمل من خلال نظام الموضة على نحو سيميائي صارم). ثم إن إجراء إضفاء الشرعية هذا تخل عن التفكير حول العلاقة بين اللغة والميتا لغة لينفذ إلى، في فترة الكتابة الشذرية، كتابة التأثير الوجداني، الانفعال المفرط، والتي تسمى" روائية" لأن الروائي قد يعني أدبيًا، قمة الأدبية.
في نهاية حياة بارت،( بالتأكيد أضفى موته على هذه المسيرة شكلًا دراميًا)، سوف يتعلق الأمر مباشرة بالـ" رواية"، وينتقل المرء هناك إلى أي شيء آخر، إلى وهم حقيقي عن الكتابة وعن التغيير، بما أن بارت تخلى تحديدًا عن المفهوم، الذي كان يتحدد به أساسًا مفهوم الروائي: التشذير:" لدى الآن إغواء قوي جدًا لكتابة عمل كبير متواصل، وليس مُشذرًا[...] ما أسميه رواية، أرغب في ذلك [...] للدخول إلى نوع من الكتابة لم تعد شذرية". وفي نص آخر، يعود بارت إلى هذه الاستراتيجية، وتبدو الرغبة في التخلي عن مفهوم الروائية، المرتبط على نحو مضاعف بإشكالية التلفظ وبإشكالية الصورة النمطية:" التنازل عن الرهان على الحماقة، علامات التنصيص، ورفض اتخاذ موقف حول التلفظ( ذريعة الروائية، وذريعة تنوع ذاتي). دون تهاون. دون شبيه". هناك اعتراف بالفشل، والوعي بضرورة التخلي عن لعبة الغميضة للمقال الروائي.
ولكن هناك ممارسة" روائية" لدى بارت، بمعنى أن بعض الأدوات النصية تلبي الاستخدام الاستراتيجي لهذا المفهوم. الروائية التي مورست في المقالات الثلاث الأخيرة لبارت." هذه الروائية دون رواية " تبدأ أولًا بابتكار الأجنة الخلوية السردية: الحلقات، الحوادث، صور من خطاب عاشق" على حد سواء تصور وارتجال، باختصار توهم، أي إنتاج روائية دون بناء رواية ". تستند الممارسة الروائية أيضًا إلى صيغة تلفظ نوعي،( التي فشلت في الاختيار بين الطابع التصريحي والوظيفي)، أي الهروب من الضعف الذي يعزوه بارت إلى المقال، الوضوح المفرط في تلفظه:" إدانة الوثوقية – سقوط الحق في التنصيص". يُشار لهذه الممارسة في نهاية المطاف من قبل استثمار غريزي للغاية: الروائية توفر للمقال لغة للتعبير عن الانفعال المفرط، ولكن الوضع النوعي يسمح بالمسافة؛ تتوج الآلية من خلال الخطاب المزدوج، تراجعية الغرفة المضيئة: تحرر يتيحه السرد الفكري، لكنه توتر تجاه قصة مفرطة العاطفة، الكل ينضبط في نفس حركة يكدرها انعدام الثقة والتخلي عن الصورة النمطية والوجدانية. يجب أن نؤكد العودة القوية لبروست، من خلال مراجع المقال، بل كذلك من خلال جميع أنحاء تطور الأحداث" بغموض بروستي "، كما يقول السيد شارل، عن التواريخ المرضية. ثمة ثراء في هذه الروائية بالنسبة لكاتب المقال، الذي يمثل الآخر المطلق للملفوظ الفكري: لغة العواطف، لغة بريئة، خطاب الأنا الدرامية. ومع ذلك، لم يكتب بارت رواية.
نحو الميتا روائي
تُظهر العملية التكتيكية للمفهوم وجود درجات، من الإنكار، الالتفافات، والانعكاسية، التي من خلالها تترك الروائية المكان للــ" ميتا روائي "، على الأقل في هذه النصوص المتعلقة بالرغبة، بالانتظار أو بالحنين مع الأدبية: تألق شذري، تكثيف مفاجئ للخطاب، سقوط مفاجئ ولكن ببهجة في المكان المشترك، والعاطفي لعدم وجود إبداع سردي حقيقي، خيالي، وإنه بمناسبة التأمل حول مفهوم الروائية، حيث رؤي استثمار اللغة الوجدانية بالنسبة لبارت؛ فالمفهوم نفسه يتضمن استخدام الكتابة الذاتية. واللعب التلفظي لرولان بارت بنفسه يتيح هذا العبور لـ " تجربة روائية"، روائية من الدرجة الثانية.
يضم أحد نصوص بارت الأخيرة معظم عناصر اللعبة في ممارستة لكتابة المقال، التي تميل نحو الرواية. الأمر يتعلق بالمحاضرة الشهيرة المعنونة بـ ..." لفترة طويلة ذهبت إلى الفراش مبكرًا". أنجز فيها بارت تناغم الميتا حكاية، التي بطلها بروست، والتي تعين بروست في موضوع تحديد الهوية لمن يريد أن يكتب. إنه يشير إلى أن ثمة تردد لدى بروست بين المقال والرواية بروست، باعتبارها شكلين لاهوتيين، مجازيين، وبالتالي بوضعهما على المستوى نفسه سيجعل الهوية شفافة. خصوصًا هذا التردد، في لغة بارت، ضخم التأثير العاطفي،" حبيبتي". ينسق بارت الحكاية البروستية وفق الأماكن التي تخصه هو. يسعى بروست إلى شكل" يحشد المعاناة" كما يود بارت" استنطاق الحميمية"، إلا أن المراجع تأتي في المرتبة الثانية في هذه المحاضرة، لصالح قصة مثيرة للعواطف، حيث يمكن للمرء أن يقرأ درامية حقيقية للشخص كاستجابة لإشكالية الصورة النمطية، والمرور من الروائية( كأفق) إلى الميتا روائية( كممارسة ناجحة):"... ألتمس رواية تُصنع ، وبهذه الطريقة يمكنني أن آمل في معرفة أكثر عن الرواية من النظر لها فقط كموضوع صُنع بالفعل من قبل الآخرين".
إنه مرشح القراءة الخاص ببارت، الذي صاغ له المفهوم، والذي أتاح له استخدامه لمصلحته الخاصة. يعبر هذا الوضع الغريب للمفهوم عن عدم الاستقرار النوعي للمقال؛ عبر هذه الالتفافات، التي تلعب بدرجاته، بوضعيته كخطاب ثانوي، وجد المقال نفسه كتابة، وبارت منعطفًا، حول رغبته في الرواية، قطع شوطًا طويلًا نحو معرفة حقيقية داخلية، على الرغم من التناقض، للرواية.
من هذا المنظور، اقترح بارت حلولًا للكتابة، التي تشغل مكانًا في تاريخ الرواية الواسع كنوع، حلولًا شذرية بالنسبة للممارسة الروائية لمرحلة ما بعد الروائية. ومن دون شك، وجدت هذه المقترحات صدى في كتابة الأشكال الخطابية الصغيرة (المقالات الصغيرة،" الأطروحات الصغيرة")، وأنه قد يكون الإنجاز الأدبي، الذي ندين به لبارت فريدًا أيضًا بالتالي كما منجزه النقدي.
ملحق:" الروائية" في كتابات بارت
· نظام الموضة، 1967، II، 334:
" في روائية الموضة، ثقل البنية قوي جدًا، لأن الاستعارات والاقترانات التضمينية(*)، المتحدث الإعلامي، مبتذلة، أي مأخوذة من الوحدات، ومن التركيبات المعروفة تمامًا. غير أنها بنية وضعت كليًا تحت داعم الحدث [...] هذا هو وضع اللهجة الروائية المهيئة من قبل خطاب المدلول: إخفاء البنية تحت الحدث".
· مقابلة: آداب اللغة الفرنسية: 1015,1970 , II,
" يجب أن أقول أخيرًا أن هذا المقال[ إمبراطورية العلامات] يقع في لحظة من حياتي شعرت فيها بضرورة الدخول كليًا"إلى الدال، وهذا يعني، الانسحاب من الإلحاح الإيديولوجي كمدلول، كمخاطرة بعودة المدلول، اللاهوت، المناجاة الأحادية، القانون، وهذا الكتاب هو مجرد مدخل، ليس إلى الرواية، ولكن إلى الروائية، أي: الدال وتراجع المدلول، حتى لو كانت ذات قيمة عالية من حيث طبيعتها السياسية".
· SZ, 1970, II, 558 et 618 :
" التفسير":" الكتابي هو الروائية من دون الرواية"، الشعر دون قصيدة، المقال دون أطروحة". " اسم العلم": "إنه ما عفا عليه الزمن اليوم في الرواية، وليس الروائية، إنها الشخصية، فما لم يعد بالإمكان كتابته هو اسم العلم".
· ساد، فورييه، لويولا، 1971, II, 1130 :
الغذاء" السادي(*)" وظيفي، منهجي. ذلك لا يكفي لجعله روائيًا. يضيف لذلك" ساد" بيانا إضافيا: اختراع التفاصيل، تعيين المستوايات ]...[ يشكل العبور من التدوين النوعي(" يأكلون") إلى القائمة التفصيلية(" عند الفجر يُقدم لهم البيض المخفوق، تشينكارا، حساء بالبصل والأومليت")، سمة الروائية نفسها: يمكن أن نصنف الروايات وفقًا لامتياز التدوين الغذائي: مع بروست، زولا، فلوبير، نعرف ما تأكله الشخصيات؛ مع فرومونتان، لاكلو، أو حتى ستندال، لا. تتجاوز تفاصيل الطعام الدلالة، إنها الملحق الملغز للمعنى.
· بيير لوتي: Aziyadé(*) "1972, II، 1403-1402":
" ما يُحكى ليس مغامرة، بل مجموعة حوادث صغيرة: يجب تناول الكلمة من خلال معنى رهيف ومتحفظ قدر الإمكان. الحادث العارض، الذي هو بالفعل أقل بكثير من الحادثة( لكنه ربما يكون أكثر إثارة للقلق) هو ببساطة، الذي يسقط بلطف، مثل ورقة، على سجادة الحياة: إنه الطية الخفيفة، الهاربة، المجلوبة إلى نسيج الأيام، إنه ما يمكن ملاحظته بالكاد: نوع من درجة صفر من التدوين، إنه ما يلزم فقط للقدرة على كتابة شيء [...] كل ذلك الممتلئ، حيث يبدو التوقع أجوف".
· بذرة الصوت ،:124 (إعلان 1972)
" ما يغويني حقًا هو أن أكتب ما أسميته" الروائية بدون الرواية "، الروائية بدون الشخصيات: كتابة للحياة، والتي، علاوة على ذلك، ربما تعثر على لحظة معينة من حياتي الخاصة، تلك التي كتبت فيها، على سبيل المثال، أسطوريات. سيكون ذلك أسطوريات جديدة، أقل مشاركة على نحو مباشر في الانسحاب الأيديولوجي، بل لذلك، بالنسبة لي، أقل مشاركة في المدلول: أكثر غموضًا، وأكثر تقدمًا وانغماسًا في الدال".
· لذة النص: 1973, II، 46:
الروائية هى شيء مختلف تمامًا:" مجرد تقطيع منظم، انتثار الأشكال"
"الصفة هى" قول "الرغبة"، 1973، II ، 1697-98:
" من المحتمل أنني لن أكتب أبدًا رواية "، أي قصة بها شخصيات، زمن، ولكن إذا قبلت هذا التنازل بسهولة( لأن ذلك يجب أن يكون مناسبًا جدًا لكتابة رواية)، ذلك لأن مما لا شك فيه أن كتاباتي هى بالفعل مليئة بالروائية( الروائية، دون رواية ودون الشخصيات)، وصحيح أنه في الوقت الحاضر، بالنظر بطريقة إلى حد ما استهامية لمرحلة جديدة من عملي، هذا ما أريده، إنه تجريب أشكال روائية، والتي لن يأخذ أي منها اسم" رواية"، ولكن كلا منها، إن أمكن تجديده، سوف يحافظ، على روائية" المقال".
· في سيمينار،1974, III ، , 22 :
" إن الروائية تختلف عن الرواية، والتي تمثل التشظي: في عمل فورييه، ينتهي خطاب فورييه إلى مقتطفات من رواية: إنه العالم الغرامي الجديد [...] إن الروائية ليست المزيف ولا العاطفي: إنها مجرد فضاء تداول الرغبات الخفية، الرغبات المتحركة، إنها تشابك العلاقات الغرامية، من خلال الحيلة الاجتماعية نفسها، حيث سوف تستنفد العتامة بأعجوبة".
· بارت بقلمه 1975, III ، 163-164, 186:
"ربما، يستند كل مقال، هكذا، على رؤية للموضوعات الفكرية..كَشَفَ الخيال عن فن فكري جديد.. فمع الأشياء الفكرية نُشَكلُ كل من النظرية، النضال النقدي واللذة، نخضع موضوعات المعرفة والأطروحات، كما هو الحال في كل فن، ليس لقضية الحقيقة، ولكن لفكرة الآثار.
كان يود أن ينتج، ليس كوميديا فكرية، ولكن عالمه الروائي.
" يجبُ النظرُ إلى كلِ هذا كأنه رُوِيَ مِنْ قِبلِ شخصيةٍ روائيةٍ- أو بالأحرى عدة شخصيات. لأن الخيال، المادة القاتلة للرواية ومتاهة القلاع، التي يتوه فيها الشخص، الذي يتحدث عن نفسه، يُدعم الخيال من خلال عدة أقنعة( شخصية)، متدرجة وفقًا لعمق المشهد (وحتى الآن لا أحد في الخلف)، الكتاب لا يختار، فإنه يسير التناوب، يعمل عن طريق نفثات وهمية بسيطة ومداخل نقدية، لكن هذه المداخل نفسها ليست أبدًا سوى آثار للدوي: ليس هناك خيال محض أكثر من نقد( الذات). مادة هذا الكتاب، في النهاية، روائية تمامًا إذًا. اقحام، في خطاب المقال، الشخص الثالث الذي لا يشير إلى أي مخلوق خيالي، يشير إلى ضرورة إعادة تشكيل الأنواع: يُعترف بالمقال تقريبًا كرواية: رواية بدون أسماء أعلام".
· لعبة المشكال: 1975, III, 313
هل أنت روائي-كنت سأقول خائب- مكبوت؟
أو مستقبلًا، من يدري. سؤالك جيد جدًا، ليس لأنه يثير إجابة دقيقة جدًا بداخلي، ولكن لأنه يمس شيئا حيويا جدًا بداخلي، الذي يمثل المشكلة، إن لم يكن الرواية، على الأقل الروائية. في الحياة اليومية، أشعر إزاء كل ما أراه وأسمعه بنوع من الفضول، تقريبا من الوجدانية الفكرية، التي هى ذات نسق روائي. قبل قرن من الزمان، ربما كنت أتجول في الحياة مع دفتر روائي واقعي، لكني لا أتخيل اليوم تأليف قصة، حكاية، مع شخصيات تحمل اسم العلم، باختصار، رواية. بالنسبة لي، المشكلة- مشكلة المستقبل، لأنني أريد أن أعمل على هذا الجانب– هى العثور تدريجيا على الشكل، الذي من شأنه أن يفصل الروائية عن الرواية، ولكن الروائية تضطلع على نحو أكثر عمقًا مما فعلت حتى الآن.
· عشرون كلمة رئيسية بالنسبة لبارت 1975, III ، : 327 et 33
الروائية:
التقطت هذه الجملة حيث تقول:" أعتبر نفسي ليس كناقد، ولكن كروائي(*)، ليس من الرواية، ولكن من الروائية. أحب الروائية، لكنني أعرف أن الرواية ماتت".
الروائية هى صيغة الخطاب، الذي لم يتم تنظيمه وفقًا للتاريخ. صيغة للتدوين وللاستثمار والاهتمام بالواقع اليومي، بالأشخاص، بكل ما يحدث في الحياة. يبدو لي تحويل هذه الروائية إلى رواية شديد الصعوبة، لأنني لا أتخيل وضع مادة السرد، حيث يوجد تاريخ، أي بشكل أساسي بالنسبة لي جمل الماض الناقص( المستمر) والماضي البسيط وشخصيات مرسومة نفسيًا على نحو أكثر أو أقل. هذا هو ما لن أكون قادرًا على القيام به، وهذا ما لن أصل لصنعه، ولذلك تبدو الرواية بالنسبة لي غير ممكنة، ولكن في الوقت نفسه لدى رغبة كبيرة في أن أدفع في عملي تجربة الروائية، التلفظ الروائي. [...] [ رولان بارت بقلم رولان بارت] إنه رواية، ولكن ليس سيرة حياة. المجرى مختلف. إنها الروائية الفكرية: الروائية لسببين، أولًا: العديد من الشذرات مهتمة بهذا النوع من السطح الروائي للحياة، ومن ناحية أخرى، ما وضع في هذه الشذرات إنه خيالي، أي: خطاب الرواية ذاته. أضع نفسي في المشهد بوصفي شخصية في رواية، ولكن لن يكون لها اسم علم نوعا ما، والتي لن يحدث لها مغامرة روائية بالمعنى الدقيق.
إنه خطاب روائي أكثر منه خطابًا فكريًا، ولهذا السبب يقبل أحيانًا أن يكون غبيًا إلى حد ما. وبقدر ما ليست الذات الفكرية، التي تتماهى مع ما يتلفظه، ولكنها ذات آخرى، الذات الروائية، التي بالتالي توافق على التخلي في بعض الأحيان عن الأفكار أو الأحكام، التي تجدها الذات إلى حد ما خرقاء، لكنه يتخلى عنها مع ذلك؛ لأن ذلك يشكل جزءا من خياله. ودون قول ذلك.
الغزل هو المفهوم، الذي يمكنني نقله بشكل جيد جدًا من نطاق البحث الإيروتيكي، حيث أصله، خلال البحث عن نصوص، على سبيل المثال، أو البحث عن سمات روائية. ذلك الذي يعرض في مفاجأة" المرة الأولى". [...] كل هذا يجب أن يكون مرتبطًا بالتقاط بالجمل، والاقتباسات، والصيغ، والشذرات. موضوع الكتابة القصيرة، بطبيعة الحال".
· شذرات من خطاب عاشق 1977 , III ،: 462-463
" كما لو كان هناك موضوع غرامي.. العاشق يتحدث عبر حزم من الجمل، لكنه لا يدمج هذه الجمل بمستوى أعلى، بعمل، إنه خطاب أفقي: دون أي تعال، أو خلاص، أو رواية( ولكن الكثير من الروائية) ".
· الواضح والغبي، 257 :
" هذه الملكة- هذا القرار - لوضع كلام جديد دائمًا بشذرات قصيرة، والتي كل منها على حد سواء مكثف ومتحرك، من مكان غير مؤكد، إنه ما نسميه، في الموسيقى الرومانتيكية الفانتازيا، الشوبيرتية أو الشومانية(*): تخييل: يتخيل ويرتجل على حد سواء: باختصار، يتوهم، وهذا يعني، إنتاج روائية دون بناء رواية [...] باختصار، تجول محض، مستقبل دون غائية: الكل، بوسعه، مرة واحدة وإلى ما لا نهاية، البدء مرة أخرى".
· نص من (جزءين) 1977, III، 763-764 :
و" الروائية" كنموذج من الكتابة، وليس فقط كـ" نوع". تقلب الحياة اليومية، بأهوائها و" مشاهدها":" حالات" خيالية لا تقع تحت طائلة أي نص من القانون. الروائية كما الضد ضميرية، إذن. "الصور" والفكر الهيراقلية للمستقبل. مقالية جمالية للفكر.
أنت تعبر بشكل جيد جدًا، وبالتالي لا أستطيع أن أقول أفضل: الروائية نموذج، وليست، بل لم تعد نوعًا. وفكرة" تقلب" الحياة اليومية هى مضبوطة جدًا وجميلة جدًا. مضبوطة جدًا لأنها تجعلنا ندرك الانقطاع الأساسي لحياتنا العقلية. [...] نحن لسنا في العمق، في هذا العمق الخفي، حيث لم يصل أي علم، بدءا من علم التحليل النفسي، العلم ضخم البناء، والصدى، والرسوخ، ونحن لسنا سوى غبار شظايا، تقلبات المزاجية. [...] وجميلة جدًا لأنها يمكن أن تنتج في الكتابة، وفى الموسيقى وفي الصورة" أشكال قصيرة" من شظية كبيرة: العبارات، الأمثال، الموشحات،" التواريخ المرضية"،" الطقوس" كما كان يقول جويس، بصرامة القصص القصيرة ... ولكن ليست قصة مصير.
[...] الروائية كما فهمنا، بوصفها، قوة التعبير عن الانقطاع الإنساني، وبوصفها الخضوع لصدع القوانين.
· هسهسة اللغة،, 315, 324-325 :
"... أسمي [ رواية]، بتوافق، أي شكل جديد بعلاقته بالممارسة الماضية.. أنا أفهم دائمًا من هنا هذا الشكل غير المؤكد، الشكل الشرعي تقريبًا، بقدر ما لا أتصوره ، ولكن فقط أتذكره أو أرغبه ".
" لا أعرف ما إذا كان من الممكن تسمية" رواية " على العمل الذي أريده، ومن ثم أتوقع أنه سوف يكسر الطابع الفكري الموحد لكتاباتي الماضية( على الرغم من أن العديد من العناصر الروائية تخل بصرامته".
" هذه الرواية الطوباوية، ليس من المهم أن تصنع كما كان ينبغي أن أكتبها".
· مقابلة، مجلة لير، 1979 III ، 1073:
" لدى الآن إغراء لصنع عمل كبير متصل وليس شذريًا.. ما أسميه" رواية "، أو" صنع رواية "، وأنا لا أريد ذلك بالمعنى التجاري، ولكن للوصول إلى نوع من الكتابة لم تعد شذرية".
· " إعلان "، 12 يناير 1980:
" يمكن أن أكون حساسًا في الروائية، ألتقط الروائية في الحياة( كثيرًا ما يمتعني على نحو دائم)، ولكن في الحقيقة الروائية، التي تأتي من داخلي، إنها دائمًا من خلال عبارات، أشكال مكتوبة، شذرات. إنها في الأساس روائية فكرية تقريبًا، وأتساءل، بالطبع، هل أفتقد الخيال العظيم، الكذب الكبير عند الروائي؟
· فيتا نوفا، نسخة من نشرة 3 سبتمبر 1979، الثالث، 1306:
التخلي عن اللعب حول الحماقة، وعلامات التنصيص، ورفض اتخاذ موقف حول التلفظ( ذريعة الروائية، تنوع أناي) دون تهاون. دون شبيه.
(*) صيغة من تجاور الجمل دون أداة ربط توضح العلاقة.
(*) نسبة لـ"دو ساد"
(*) أولى روايات" بيير لوتي".
(*) ليس روائيًا romancier"" أي إنه ليس كاتب رواية ، ولكنه روائي Romanesque" " نسبة لمفهوم الروائية
(*) نسبة لشوبيرت وشومان
سوف أتناول مفهوم" الروائية" كمثال على ذلك، بل أيضًا كأحد أعراض اقتران رغبة المعرفة، ورغبة الكتابة عند بارت. ومفهوم" الروائية " يفرض نفسه في مرحلة متأخرة من كتابات رولان بارت( إبان 1970) الأمر يتعلق برسم مسار المفهوم الذي، كعنصر من عناصر نظرية، يتغير لمصلحة إستراتيجية الكاتب. المقال الأدبي، هذا النوع المعقد، الذي يتيح تتبع هذا المسار، بما أن بارت يشرع في النظر لمفهوم" الروائية" كمادة للتحليل، لدمجه بعد ذلك في مشروعه، وجعل منه أداة لصنع الأدبية. إن وجود العناصر الروائية وفقًا لبارت هو السبب في تعديل مسعاه الفكري: لأنها ستوجد، حتى في نصوصه ذات الأفق النظري، هذه العناصر، والتي تهدد صرامة الخطاب المعرفي. إذا كانت الروائية هى في الأساس من المفاهيم الفضفاضة، فلا بد أن يتسع مفهوم الروائية أكثر من أي مفهوم آخر. بالنسبة لبارت مفهوم الروائية يعني أيضًا، في الواقع، سمات كتابة متصلة بالرغبة في صحبة الأدب: يسعى المقال ليكون روائيًا كي ينال الأدبية. يظهر مفهوم الروائية إذن كمفهوم محوري، والذي يقف في قلب معضلة المقال" جنس ملتبس تتنازع فيه الكتابة مع التحليل". والوضعية التي يمكن أن يحصل عليها مثل هذا المفهوم في جنس بداهة ليس سرديًا، وليس خياليًا في آن كالمقال، تطرح مشكلة: أيظل مفهوم الروائية ثابت نسبيًا، أم يعني أفقًا وقيمة واستعارة للمقال؟
يمكننا أن نرى بالفعل أن المصطلح يشير إلى الأسف والتوقع في آن معًا: تغيير الوضعية العقلية، وإمكانية افتراض الأدبية. وسوف نشهد، في الواقع، انفجارًا حقيقيًا للخصوصية النوعية لهذا المفهوم، الروائية تعني تقريبًا علم أخلاق الأدب.
الملامح الروائية موضوع لدراسة المقال.
فلنحاول أولًا أن نعطي صورة تزامنية لمفهوم الروائية لدى" بارت"، لأن الأمر يتعلق في البداية بأن نتأمل في المقال التحرر المعرفي.
تندمج الروائية في كتابات" رولان بارت" بنظرية معروفة جيدًا عن التفاصيل- والتي تنال مكانًا في تحليل النوع الروائي أو نهج الحياة على حد سواء- وعن واقع الحياة اليومية. طريقة إدراك الواقع ، إنها شذرة تمثيلية أكثر منها شكلًا من أشكال الكتابة، إنها مميزة للنوع الروائي على هذا النحو، والسمة الرئيسة، التي تستخدم لتعريفها( التشذير) هى على النقيض من جوهر الرواية(الاستمرار.." شبكة المعلومات"): والروائية [...] هى وسيلة للتدوين والتوظيف والاهتمام بالحياة اليومية بالأشخاص، وبكل ما يجري في الحياة "، " كتابة حياة ". ومن ثم أولًا لا ترتبط الروائية بمواضيع محددة، أو بعملية سرد قصة، ولكن بطريقة تقطيع الواقع. وهل ذلك سوف يتيح الاقتراب من المعاني المتداولة لكلمة" الروائية"، والتي تعني خارج الرواية هذا الذي يحاكي الرواية، ورواية مغرقة في المبالغة؟
ترتبط سلسلة من الخصائص بالمفهوم: الروائية هى وسيلة للتدوين، ولتأطير واقع الحياة اليومية، وصيغة تشذير. إنها تتحايل أكثر منها تنتج. اللحظة الروائية هى قطعة من الحياة كافية تمامًا للتدوين، و" نفحة" واقع خارج المعنى، وليس بعد مادة رواية:" تقلبات الحياة اليومية بأهوائها ومشاهدها".
ومع ذلك يقام جسر بين الحياة والأدب. أولًا أنثروبولوجيًا، حيث تصبح الروائية أدبية، ويقام هذا الجسر من خلال فكرة التشذير، والانقطاع: صيغة التدوين، التأطير، وحتى سرد تفاصيل الحياة اليومية، والروائية تصبح مادة" كتابة قصيرة وبـ" صرامة سردية كما يقول بارت، بل وبشكل خاص ناقلة لرشقات وصفية:" فكرة" تقلبات الحياة اليومية " صائبة جدًا وجميلة جدًا. صائبة جدًا لأنها تجعلنا ندرك الانقطاع الأساسي لحياتنا العقلية، وجميلة جدًا لأنها يمكن أن تنتج نماذج قصيرة من شظية كبيرة: جملة، أقوال مأثورة، مقاطع شعرية" تواريخ مرضية"، طقوس، كما كان يقول جويس:" بصرامة القصص القصيرة..."، ونحن نرى إنه الميل لرواية ما، ترشيح للقراءة الخاصة ببارت، الذي يصيغ هكذا المفهوم( الانتباه إلى أثر الواقع، الذي هو طريقته في قراءة الروايات، والوجود الذاتي تمامًا للكيان البروستي– الفلوبيري، الذي من خلاله يرى الحياة والأدب).
إذا كان مفهوم" الروائية" على ما يبدو مفهومًا شكليًا، إلا أنه غنى بسلسلة من القيم، التي من شأنها تمكينه من العمل من خلال استراتيجية الكتابة، وهذه الظاهرة تتزايد مع مرور الوقت في كتابات بارت. بالفعل، عدة قيم بما أن بارت سحب مفهوم الأفكار الروائية على مفاهيم" مصدق عليها" أكثر من ذلك بكثير: أولا:" الخيالي"، ( والذي يُعرّف هذه الروائية" بالعقلية" ما يود أن يكونه الرولان بارت بقلمه)، ومن ثم الذاتية، والبراءة، اللا آنية، الحنين إلى الماضي؛ ثانيًا:" الرغبة"، مما يجعل الروائية صيغة وجدانية لمراقبة الواقع، كتابة رثاء، وأخيًرا رغبة في الكتابة. في الواقع، يدعو بارت" الروائية" ما حدث في سيمينار" الفضاء التداولي للرغبات الخفية، والرغبات المتنقلة"، بل أيضًا ممارسة أدبية مشتهاة" ما يغويني حقًا أنه سيكون كتابة ما أسميته الروائية دون رواية".
يكشف الطريق الملتوي، الذي ينتقل من مفهوم رسمي، وعلمي إلى العاطفة المؤثرة، إلى الحنين في تسجيل هذه العواطفية في الكتابة( طريق ملتوِ بما أن بارت بدأ بإزاحة العاطفية، بإنكار قوي:" الروائية ليست المزيف ولا العواطفية" ) عن علاقة معقدة مع الصورة النمطية: بالنسبة لبارت، الروائية في براءتها، ولاستعادة كلماته، في" حماقتها" هى ما يعني القبول، "التخلي". وهكذا يلخص مشروع رولان بارت بنفسه: إنه خطاب روائي أكثر منه خطابًا فكريًا، ولذلك يقبل أحيانًا أن يكون سخيفًا بعض الشيء. بقدر ما ليست الذات الفكرية التي تتماهى مع ما يتلفظه، ولكنها ذات آخرى، إنها الذات الروائية، والتي بالتالي توافق على التخلي في بعض الأحيان عن الأفكار أو الأحكام، التي تجدها الذات خرقاء قليلًا، لكنه يتخلى عنها، رغم ذلك، لأن ذلك يشكل جزء من خياله، ودون قول ذلك. "والمقال الأدبي معتاد تمامًا هذا الاقتحام الوجداني لمجال المعرفة، وهذا الاندماج، عبر الانعطاف لمجموعة القيم القوية الواردة في مفهوم ما قد يظهر كشعار لعملية سير المقالة الأدبية. مجموعة الدلالات المفاهمية، محجوبة أو غير محجوبة، والتي يمكن اكتشافها في كلمة" الروائية" كما هى مستخدمة من قبل بارت تشير، على أي حال، إلى أن المفهوم ربما مقصده أن يكون وضوحه أقل من الإفادة منه.
سير العملية التكتيكية لهذا المفهوم في كتابات رولان بارت
إذن الأمر يتعلق بأن فهم ما يعنيه بارت بذلك أقل من ملاحظة ممارسته لهذا المفهوم.
" تقلبات الحياة اليومية"، مفهوم مثقل بالقيم المصدق عليها من قبل بارت( كما لو أن التفكير نفسه حول الروائية كان بالفعل مدخلًا إلى الروائية، إلى العاطفي، إلى ما يصنع" الجوهر الثمين للفرد" )، تظهر الروائية باعتبارها تحديا لكتابة المقال الأدبية. ليس للمفهوم وضعية ثابتة: العلاقة الحادة مع الحياة، وتحديد خصائص نوع أدبي قد ينزلق من خلال الاستثمار العاطفي بعيدًا عن أي إشكالية أدبية.
يتبنى المفهوم طبيعة ذرائعية، ما أن يُطبق على كتابات رولان بارت." الروائية" تعني تقريبًا" الأدبية" في هذا الاستخدام التكتيكي؛ الروائية( تأطير، علينا أن نتذكر ذلك) تدعو إلى كتابة التفاصيل؛ بالنسبة لبارت يكفي العودة لمرشح قراءته:" البارز"، الذي يشير له عند بروست أو فلوبير، يتعلق الأمر بإنتاجه؛ ليفوز بالأدبية لو نجح في الروائية، يمكن للمقال أيضًا أن يفوز بها من خلال براءة معينة، باضطلاعه بكتابة مؤثرة وجدانيًا، وبانسحابه من القضايا المعرفية، وتغيبه عن حقل الخطابات المعرفية. وهكذا تظهر مقابلة الروائية بالرواية طبيعتها الاستراتيجية: تتخلى الروائية للرواية عن أسماء الأعلام( كثافة الشخصيات)، واستخدام الشخص الثالث، والاستمرار، و" شبكة البناء". وهذا يعني أن جوهر" الرواية" يتوافق تمامًا مع نقاط المقاومة التي كان قد استكشفها بارت، فالتميز بين الروائية والرواية، إنه الحفاظ على القدرة على الولوج، على الرغم من هذه المقاومة، إلى الكتابة؛ وبالتالي، يصبح المقال" ما يجب أن يعترف به تقريبًا كرواية، رواية دون أسماء أعلام"، ومن ثم تتحدد كتابة كاتب المقال انطلاقًا من بطلان سمات الرواية.
يأخذ استخدام المفهوم مكانه عبر عملية واسعة من إضفاء الشرعية الأدبية لكتاباته الخاصة من قبل رولان بارت، وهذا المدخل إلى الأدبية هو نقطة حيوية لوضعية المقال كنوع. يمكن أن نحاول، بنظرة أكثر تعاقبية، رسم تطور هذه الاستراتيجية عند بارت، التطور المتعلق بحلقات مسيرته العادية. لقد مرت أولًا عملية إضفاء الشرعية على المقال من خلال العمل على الأبنية، وعلى طبيعة الميتا لغة( هذا أدبي لأنه يتحدث عن الأدب، توجد الأدبية في الدرجة الأولى والثانية والثالثة، إذًا ليس لمفهوم الروائية وضعية ذرائعية، وأنه يعمل من خلال نظام الموضة على نحو سيميائي صارم). ثم إن إجراء إضفاء الشرعية هذا تخل عن التفكير حول العلاقة بين اللغة والميتا لغة لينفذ إلى، في فترة الكتابة الشذرية، كتابة التأثير الوجداني، الانفعال المفرط، والتي تسمى" روائية" لأن الروائي قد يعني أدبيًا، قمة الأدبية.
في نهاية حياة بارت،( بالتأكيد أضفى موته على هذه المسيرة شكلًا دراميًا)، سوف يتعلق الأمر مباشرة بالـ" رواية"، وينتقل المرء هناك إلى أي شيء آخر، إلى وهم حقيقي عن الكتابة وعن التغيير، بما أن بارت تخلى تحديدًا عن المفهوم، الذي كان يتحدد به أساسًا مفهوم الروائي: التشذير:" لدى الآن إغواء قوي جدًا لكتابة عمل كبير متواصل، وليس مُشذرًا[...] ما أسميه رواية، أرغب في ذلك [...] للدخول إلى نوع من الكتابة لم تعد شذرية". وفي نص آخر، يعود بارت إلى هذه الاستراتيجية، وتبدو الرغبة في التخلي عن مفهوم الروائية، المرتبط على نحو مضاعف بإشكالية التلفظ وبإشكالية الصورة النمطية:" التنازل عن الرهان على الحماقة، علامات التنصيص، ورفض اتخاذ موقف حول التلفظ( ذريعة الروائية، وذريعة تنوع ذاتي). دون تهاون. دون شبيه". هناك اعتراف بالفشل، والوعي بضرورة التخلي عن لعبة الغميضة للمقال الروائي.
ولكن هناك ممارسة" روائية" لدى بارت، بمعنى أن بعض الأدوات النصية تلبي الاستخدام الاستراتيجي لهذا المفهوم. الروائية التي مورست في المقالات الثلاث الأخيرة لبارت." هذه الروائية دون رواية " تبدأ أولًا بابتكار الأجنة الخلوية السردية: الحلقات، الحوادث، صور من خطاب عاشق" على حد سواء تصور وارتجال، باختصار توهم، أي إنتاج روائية دون بناء رواية ". تستند الممارسة الروائية أيضًا إلى صيغة تلفظ نوعي،( التي فشلت في الاختيار بين الطابع التصريحي والوظيفي)، أي الهروب من الضعف الذي يعزوه بارت إلى المقال، الوضوح المفرط في تلفظه:" إدانة الوثوقية – سقوط الحق في التنصيص". يُشار لهذه الممارسة في نهاية المطاف من قبل استثمار غريزي للغاية: الروائية توفر للمقال لغة للتعبير عن الانفعال المفرط، ولكن الوضع النوعي يسمح بالمسافة؛ تتوج الآلية من خلال الخطاب المزدوج، تراجعية الغرفة المضيئة: تحرر يتيحه السرد الفكري، لكنه توتر تجاه قصة مفرطة العاطفة، الكل ينضبط في نفس حركة يكدرها انعدام الثقة والتخلي عن الصورة النمطية والوجدانية. يجب أن نؤكد العودة القوية لبروست، من خلال مراجع المقال، بل كذلك من خلال جميع أنحاء تطور الأحداث" بغموض بروستي "، كما يقول السيد شارل، عن التواريخ المرضية. ثمة ثراء في هذه الروائية بالنسبة لكاتب المقال، الذي يمثل الآخر المطلق للملفوظ الفكري: لغة العواطف، لغة بريئة، خطاب الأنا الدرامية. ومع ذلك، لم يكتب بارت رواية.
نحو الميتا روائي
تُظهر العملية التكتيكية للمفهوم وجود درجات، من الإنكار، الالتفافات، والانعكاسية، التي من خلالها تترك الروائية المكان للــ" ميتا روائي "، على الأقل في هذه النصوص المتعلقة بالرغبة، بالانتظار أو بالحنين مع الأدبية: تألق شذري، تكثيف مفاجئ للخطاب، سقوط مفاجئ ولكن ببهجة في المكان المشترك، والعاطفي لعدم وجود إبداع سردي حقيقي، خيالي، وإنه بمناسبة التأمل حول مفهوم الروائية، حيث رؤي استثمار اللغة الوجدانية بالنسبة لبارت؛ فالمفهوم نفسه يتضمن استخدام الكتابة الذاتية. واللعب التلفظي لرولان بارت بنفسه يتيح هذا العبور لـ " تجربة روائية"، روائية من الدرجة الثانية.
يضم أحد نصوص بارت الأخيرة معظم عناصر اللعبة في ممارستة لكتابة المقال، التي تميل نحو الرواية. الأمر يتعلق بالمحاضرة الشهيرة المعنونة بـ ..." لفترة طويلة ذهبت إلى الفراش مبكرًا". أنجز فيها بارت تناغم الميتا حكاية، التي بطلها بروست، والتي تعين بروست في موضوع تحديد الهوية لمن يريد أن يكتب. إنه يشير إلى أن ثمة تردد لدى بروست بين المقال والرواية بروست، باعتبارها شكلين لاهوتيين، مجازيين، وبالتالي بوضعهما على المستوى نفسه سيجعل الهوية شفافة. خصوصًا هذا التردد، في لغة بارت، ضخم التأثير العاطفي،" حبيبتي". ينسق بارت الحكاية البروستية وفق الأماكن التي تخصه هو. يسعى بروست إلى شكل" يحشد المعاناة" كما يود بارت" استنطاق الحميمية"، إلا أن المراجع تأتي في المرتبة الثانية في هذه المحاضرة، لصالح قصة مثيرة للعواطف، حيث يمكن للمرء أن يقرأ درامية حقيقية للشخص كاستجابة لإشكالية الصورة النمطية، والمرور من الروائية( كأفق) إلى الميتا روائية( كممارسة ناجحة):"... ألتمس رواية تُصنع ، وبهذه الطريقة يمكنني أن آمل في معرفة أكثر عن الرواية من النظر لها فقط كموضوع صُنع بالفعل من قبل الآخرين".
إنه مرشح القراءة الخاص ببارت، الذي صاغ له المفهوم، والذي أتاح له استخدامه لمصلحته الخاصة. يعبر هذا الوضع الغريب للمفهوم عن عدم الاستقرار النوعي للمقال؛ عبر هذه الالتفافات، التي تلعب بدرجاته، بوضعيته كخطاب ثانوي، وجد المقال نفسه كتابة، وبارت منعطفًا، حول رغبته في الرواية، قطع شوطًا طويلًا نحو معرفة حقيقية داخلية، على الرغم من التناقض، للرواية.
من هذا المنظور، اقترح بارت حلولًا للكتابة، التي تشغل مكانًا في تاريخ الرواية الواسع كنوع، حلولًا شذرية بالنسبة للممارسة الروائية لمرحلة ما بعد الروائية. ومن دون شك، وجدت هذه المقترحات صدى في كتابة الأشكال الخطابية الصغيرة (المقالات الصغيرة،" الأطروحات الصغيرة")، وأنه قد يكون الإنجاز الأدبي، الذي ندين به لبارت فريدًا أيضًا بالتالي كما منجزه النقدي.
ملحق:" الروائية" في كتابات بارت
· نظام الموضة، 1967، II، 334:
" في روائية الموضة، ثقل البنية قوي جدًا، لأن الاستعارات والاقترانات التضمينية(*)، المتحدث الإعلامي، مبتذلة، أي مأخوذة من الوحدات، ومن التركيبات المعروفة تمامًا. غير أنها بنية وضعت كليًا تحت داعم الحدث [...] هذا هو وضع اللهجة الروائية المهيئة من قبل خطاب المدلول: إخفاء البنية تحت الحدث".
· مقابلة: آداب اللغة الفرنسية: 1015,1970 , II,
" يجب أن أقول أخيرًا أن هذا المقال[ إمبراطورية العلامات] يقع في لحظة من حياتي شعرت فيها بضرورة الدخول كليًا"إلى الدال، وهذا يعني، الانسحاب من الإلحاح الإيديولوجي كمدلول، كمخاطرة بعودة المدلول، اللاهوت، المناجاة الأحادية، القانون، وهذا الكتاب هو مجرد مدخل، ليس إلى الرواية، ولكن إلى الروائية، أي: الدال وتراجع المدلول، حتى لو كانت ذات قيمة عالية من حيث طبيعتها السياسية".
· SZ, 1970, II, 558 et 618 :
" التفسير":" الكتابي هو الروائية من دون الرواية"، الشعر دون قصيدة، المقال دون أطروحة". " اسم العلم": "إنه ما عفا عليه الزمن اليوم في الرواية، وليس الروائية، إنها الشخصية، فما لم يعد بالإمكان كتابته هو اسم العلم".
· ساد، فورييه، لويولا، 1971, II, 1130 :
الغذاء" السادي(*)" وظيفي، منهجي. ذلك لا يكفي لجعله روائيًا. يضيف لذلك" ساد" بيانا إضافيا: اختراع التفاصيل، تعيين المستوايات ]...[ يشكل العبور من التدوين النوعي(" يأكلون") إلى القائمة التفصيلية(" عند الفجر يُقدم لهم البيض المخفوق، تشينكارا، حساء بالبصل والأومليت")، سمة الروائية نفسها: يمكن أن نصنف الروايات وفقًا لامتياز التدوين الغذائي: مع بروست، زولا، فلوبير، نعرف ما تأكله الشخصيات؛ مع فرومونتان، لاكلو، أو حتى ستندال، لا. تتجاوز تفاصيل الطعام الدلالة، إنها الملحق الملغز للمعنى.
· بيير لوتي: Aziyadé(*) "1972, II، 1403-1402":
" ما يُحكى ليس مغامرة، بل مجموعة حوادث صغيرة: يجب تناول الكلمة من خلال معنى رهيف ومتحفظ قدر الإمكان. الحادث العارض، الذي هو بالفعل أقل بكثير من الحادثة( لكنه ربما يكون أكثر إثارة للقلق) هو ببساطة، الذي يسقط بلطف، مثل ورقة، على سجادة الحياة: إنه الطية الخفيفة، الهاربة، المجلوبة إلى نسيج الأيام، إنه ما يمكن ملاحظته بالكاد: نوع من درجة صفر من التدوين، إنه ما يلزم فقط للقدرة على كتابة شيء [...] كل ذلك الممتلئ، حيث يبدو التوقع أجوف".
· بذرة الصوت ،:124 (إعلان 1972)
" ما يغويني حقًا هو أن أكتب ما أسميته" الروائية بدون الرواية "، الروائية بدون الشخصيات: كتابة للحياة، والتي، علاوة على ذلك، ربما تعثر على لحظة معينة من حياتي الخاصة، تلك التي كتبت فيها، على سبيل المثال، أسطوريات. سيكون ذلك أسطوريات جديدة، أقل مشاركة على نحو مباشر في الانسحاب الأيديولوجي، بل لذلك، بالنسبة لي، أقل مشاركة في المدلول: أكثر غموضًا، وأكثر تقدمًا وانغماسًا في الدال".
· لذة النص: 1973, II، 46:
الروائية هى شيء مختلف تمامًا:" مجرد تقطيع منظم، انتثار الأشكال"
"الصفة هى" قول "الرغبة"، 1973، II ، 1697-98:
" من المحتمل أنني لن أكتب أبدًا رواية "، أي قصة بها شخصيات، زمن، ولكن إذا قبلت هذا التنازل بسهولة( لأن ذلك يجب أن يكون مناسبًا جدًا لكتابة رواية)، ذلك لأن مما لا شك فيه أن كتاباتي هى بالفعل مليئة بالروائية( الروائية، دون رواية ودون الشخصيات)، وصحيح أنه في الوقت الحاضر، بالنظر بطريقة إلى حد ما استهامية لمرحلة جديدة من عملي، هذا ما أريده، إنه تجريب أشكال روائية، والتي لن يأخذ أي منها اسم" رواية"، ولكن كلا منها، إن أمكن تجديده، سوف يحافظ، على روائية" المقال".
· في سيمينار،1974, III ، , 22 :
" إن الروائية تختلف عن الرواية، والتي تمثل التشظي: في عمل فورييه، ينتهي خطاب فورييه إلى مقتطفات من رواية: إنه العالم الغرامي الجديد [...] إن الروائية ليست المزيف ولا العاطفي: إنها مجرد فضاء تداول الرغبات الخفية، الرغبات المتحركة، إنها تشابك العلاقات الغرامية، من خلال الحيلة الاجتماعية نفسها، حيث سوف تستنفد العتامة بأعجوبة".
· بارت بقلمه 1975, III ، 163-164, 186:
"ربما، يستند كل مقال، هكذا، على رؤية للموضوعات الفكرية..كَشَفَ الخيال عن فن فكري جديد.. فمع الأشياء الفكرية نُشَكلُ كل من النظرية، النضال النقدي واللذة، نخضع موضوعات المعرفة والأطروحات، كما هو الحال في كل فن، ليس لقضية الحقيقة، ولكن لفكرة الآثار.
كان يود أن ينتج، ليس كوميديا فكرية، ولكن عالمه الروائي.
" يجبُ النظرُ إلى كلِ هذا كأنه رُوِيَ مِنْ قِبلِ شخصيةٍ روائيةٍ- أو بالأحرى عدة شخصيات. لأن الخيال، المادة القاتلة للرواية ومتاهة القلاع، التي يتوه فيها الشخص، الذي يتحدث عن نفسه، يُدعم الخيال من خلال عدة أقنعة( شخصية)، متدرجة وفقًا لعمق المشهد (وحتى الآن لا أحد في الخلف)، الكتاب لا يختار، فإنه يسير التناوب، يعمل عن طريق نفثات وهمية بسيطة ومداخل نقدية، لكن هذه المداخل نفسها ليست أبدًا سوى آثار للدوي: ليس هناك خيال محض أكثر من نقد( الذات). مادة هذا الكتاب، في النهاية، روائية تمامًا إذًا. اقحام، في خطاب المقال، الشخص الثالث الذي لا يشير إلى أي مخلوق خيالي، يشير إلى ضرورة إعادة تشكيل الأنواع: يُعترف بالمقال تقريبًا كرواية: رواية بدون أسماء أعلام".
· لعبة المشكال: 1975, III, 313
هل أنت روائي-كنت سأقول خائب- مكبوت؟
أو مستقبلًا، من يدري. سؤالك جيد جدًا، ليس لأنه يثير إجابة دقيقة جدًا بداخلي، ولكن لأنه يمس شيئا حيويا جدًا بداخلي، الذي يمثل المشكلة، إن لم يكن الرواية، على الأقل الروائية. في الحياة اليومية، أشعر إزاء كل ما أراه وأسمعه بنوع من الفضول، تقريبا من الوجدانية الفكرية، التي هى ذات نسق روائي. قبل قرن من الزمان، ربما كنت أتجول في الحياة مع دفتر روائي واقعي، لكني لا أتخيل اليوم تأليف قصة، حكاية، مع شخصيات تحمل اسم العلم، باختصار، رواية. بالنسبة لي، المشكلة- مشكلة المستقبل، لأنني أريد أن أعمل على هذا الجانب– هى العثور تدريجيا على الشكل، الذي من شأنه أن يفصل الروائية عن الرواية، ولكن الروائية تضطلع على نحو أكثر عمقًا مما فعلت حتى الآن.
· عشرون كلمة رئيسية بالنسبة لبارت 1975, III ، : 327 et 33
الروائية:
التقطت هذه الجملة حيث تقول:" أعتبر نفسي ليس كناقد، ولكن كروائي(*)، ليس من الرواية، ولكن من الروائية. أحب الروائية، لكنني أعرف أن الرواية ماتت".
الروائية هى صيغة الخطاب، الذي لم يتم تنظيمه وفقًا للتاريخ. صيغة للتدوين وللاستثمار والاهتمام بالواقع اليومي، بالأشخاص، بكل ما يحدث في الحياة. يبدو لي تحويل هذه الروائية إلى رواية شديد الصعوبة، لأنني لا أتخيل وضع مادة السرد، حيث يوجد تاريخ، أي بشكل أساسي بالنسبة لي جمل الماض الناقص( المستمر) والماضي البسيط وشخصيات مرسومة نفسيًا على نحو أكثر أو أقل. هذا هو ما لن أكون قادرًا على القيام به، وهذا ما لن أصل لصنعه، ولذلك تبدو الرواية بالنسبة لي غير ممكنة، ولكن في الوقت نفسه لدى رغبة كبيرة في أن أدفع في عملي تجربة الروائية، التلفظ الروائي. [...] [ رولان بارت بقلم رولان بارت] إنه رواية، ولكن ليس سيرة حياة. المجرى مختلف. إنها الروائية الفكرية: الروائية لسببين، أولًا: العديد من الشذرات مهتمة بهذا النوع من السطح الروائي للحياة، ومن ناحية أخرى، ما وضع في هذه الشذرات إنه خيالي، أي: خطاب الرواية ذاته. أضع نفسي في المشهد بوصفي شخصية في رواية، ولكن لن يكون لها اسم علم نوعا ما، والتي لن يحدث لها مغامرة روائية بالمعنى الدقيق.
إنه خطاب روائي أكثر منه خطابًا فكريًا، ولهذا السبب يقبل أحيانًا أن يكون غبيًا إلى حد ما. وبقدر ما ليست الذات الفكرية، التي تتماهى مع ما يتلفظه، ولكنها ذات آخرى، الذات الروائية، التي بالتالي توافق على التخلي في بعض الأحيان عن الأفكار أو الأحكام، التي تجدها الذات إلى حد ما خرقاء، لكنه يتخلى عنها مع ذلك؛ لأن ذلك يشكل جزءا من خياله. ودون قول ذلك.
الغزل هو المفهوم، الذي يمكنني نقله بشكل جيد جدًا من نطاق البحث الإيروتيكي، حيث أصله، خلال البحث عن نصوص، على سبيل المثال، أو البحث عن سمات روائية. ذلك الذي يعرض في مفاجأة" المرة الأولى". [...] كل هذا يجب أن يكون مرتبطًا بالتقاط بالجمل، والاقتباسات، والصيغ، والشذرات. موضوع الكتابة القصيرة، بطبيعة الحال".
· شذرات من خطاب عاشق 1977 , III ،: 462-463
" كما لو كان هناك موضوع غرامي.. العاشق يتحدث عبر حزم من الجمل، لكنه لا يدمج هذه الجمل بمستوى أعلى، بعمل، إنه خطاب أفقي: دون أي تعال، أو خلاص، أو رواية( ولكن الكثير من الروائية) ".
· الواضح والغبي، 257 :
" هذه الملكة- هذا القرار - لوضع كلام جديد دائمًا بشذرات قصيرة، والتي كل منها على حد سواء مكثف ومتحرك، من مكان غير مؤكد، إنه ما نسميه، في الموسيقى الرومانتيكية الفانتازيا، الشوبيرتية أو الشومانية(*): تخييل: يتخيل ويرتجل على حد سواء: باختصار، يتوهم، وهذا يعني، إنتاج روائية دون بناء رواية [...] باختصار، تجول محض، مستقبل دون غائية: الكل، بوسعه، مرة واحدة وإلى ما لا نهاية، البدء مرة أخرى".
· نص من (جزءين) 1977, III، 763-764 :
و" الروائية" كنموذج من الكتابة، وليس فقط كـ" نوع". تقلب الحياة اليومية، بأهوائها و" مشاهدها":" حالات" خيالية لا تقع تحت طائلة أي نص من القانون. الروائية كما الضد ضميرية، إذن. "الصور" والفكر الهيراقلية للمستقبل. مقالية جمالية للفكر.
أنت تعبر بشكل جيد جدًا، وبالتالي لا أستطيع أن أقول أفضل: الروائية نموذج، وليست، بل لم تعد نوعًا. وفكرة" تقلب" الحياة اليومية هى مضبوطة جدًا وجميلة جدًا. مضبوطة جدًا لأنها تجعلنا ندرك الانقطاع الأساسي لحياتنا العقلية. [...] نحن لسنا في العمق، في هذا العمق الخفي، حيث لم يصل أي علم، بدءا من علم التحليل النفسي، العلم ضخم البناء، والصدى، والرسوخ، ونحن لسنا سوى غبار شظايا، تقلبات المزاجية. [...] وجميلة جدًا لأنها يمكن أن تنتج في الكتابة، وفى الموسيقى وفي الصورة" أشكال قصيرة" من شظية كبيرة: العبارات، الأمثال، الموشحات،" التواريخ المرضية"،" الطقوس" كما كان يقول جويس، بصرامة القصص القصيرة ... ولكن ليست قصة مصير.
[...] الروائية كما فهمنا، بوصفها، قوة التعبير عن الانقطاع الإنساني، وبوصفها الخضوع لصدع القوانين.
· هسهسة اللغة،, 315, 324-325 :
"... أسمي [ رواية]، بتوافق، أي شكل جديد بعلاقته بالممارسة الماضية.. أنا أفهم دائمًا من هنا هذا الشكل غير المؤكد، الشكل الشرعي تقريبًا، بقدر ما لا أتصوره ، ولكن فقط أتذكره أو أرغبه ".
" لا أعرف ما إذا كان من الممكن تسمية" رواية " على العمل الذي أريده، ومن ثم أتوقع أنه سوف يكسر الطابع الفكري الموحد لكتاباتي الماضية( على الرغم من أن العديد من العناصر الروائية تخل بصرامته".
" هذه الرواية الطوباوية، ليس من المهم أن تصنع كما كان ينبغي أن أكتبها".
· مقابلة، مجلة لير، 1979 III ، 1073:
" لدى الآن إغراء لصنع عمل كبير متصل وليس شذريًا.. ما أسميه" رواية "، أو" صنع رواية "، وأنا لا أريد ذلك بالمعنى التجاري، ولكن للوصول إلى نوع من الكتابة لم تعد شذرية".
· " إعلان "، 12 يناير 1980:
" يمكن أن أكون حساسًا في الروائية، ألتقط الروائية في الحياة( كثيرًا ما يمتعني على نحو دائم)، ولكن في الحقيقة الروائية، التي تأتي من داخلي، إنها دائمًا من خلال عبارات، أشكال مكتوبة، شذرات. إنها في الأساس روائية فكرية تقريبًا، وأتساءل، بالطبع، هل أفتقد الخيال العظيم، الكذب الكبير عند الروائي؟
· فيتا نوفا، نسخة من نشرة 3 سبتمبر 1979، الثالث، 1306:
التخلي عن اللعب حول الحماقة، وعلامات التنصيص، ورفض اتخاذ موقف حول التلفظ( ذريعة الروائية، تنوع أناي) دون تهاون. دون شبيه.
(*) صيغة من تجاور الجمل دون أداة ربط توضح العلاقة.
(*) نسبة لـ"دو ساد"
(*) أولى روايات" بيير لوتي".
(*) ليس روائيًا romancier"" أي إنه ليس كاتب رواية ، ولكنه روائي Romanesque" " نسبة لمفهوم الروائية
(*) نسبة لشوبيرت وشومان
غاستون باشلار Gaston Bachelard
gastonbachelard1.blogspot.com