نهلة عبدالسلام - سكرة الأدوار.. قصة قصيرة

الأدوار موزعة ومجازاً يدللونها بالأرزاق ويواسونها بالنصيب، والإتهامات مقننة.. لكل فعل مفردة تشينه.. تقفز بآتيه إلى أسفل سافلين، سراديب الظلمة رغم سطوع النهار والوحدة رغم الزحام.. العطش على ضفة نهر جارى والجوع فى جرن قمح، الأدوار كافرة بنظريات التباديل.. والمؤمنين بها خارجين.. مطرودين من رحمة الصندوق حيث كل موجود.. موجود بشروط التسليم بها فرض عين.. وتجديد الولاء وإعلان الإخلاص يضاهى مثيله من إلتزام الأجرام بمدارتها والقلوب بنبضاتها والتوقف يعنى النهاية.. الخروج من اللعبة.. الخروج المبكر لتنهض جموع دكك الإحتياط متحمسة لإكمال دورك.. بالطبع سيتكفل مدير التصوير بإختيار كادرات تخفى تباين الملامح الطفيف.. فالإحتياطى مشروط إختياره بتطابقه ظاهرياً مع الأصل.. وأما الجوهر فثلة قليلة بإمكانها كشفه وغالباً ما تحتفظ بإكتشافها سراً.

الأدوار مرتبة تصاعدياً.. الصعود بالجسد مبتدأها وبالروح منتهاها، والصندوق لا يحفظ رفات إذ يخشى فقدان هويته فيكتفى بالتدوين بحروف أقرب إلى نقوش للزينة والتأريخ.. وكلاهما يحتمل التأويل، إعادة الترتيب بل وربما إسقاط البعض كأنما لم يزلزلوا الصندوق يوماً، وحل الأحاجى لا يتصدى له سوى المهمشين.. المدونين بنقوش باهته قلما يُلتفت إليها.. فى حلها فرصتهم لإرتياد مصعد يقلهم من المقاعد الأرضية إلى المقصورات السماوية، وبطلاء جديد وعلاج للجدران بسيط وبينما يستعيد الصندوق سيرته الأولى ترتد ذاكرة قاطنيه بيضاء بعدما سأمت الألوان وعلى رأسها الأحمر.

الأدوار قد لا تليق بمؤديها.. تتنافر وقياسات مكنونه، الفكاهة يخضعها التخفف من الضغائن.. الترفع عن الصغائر بل والكبائر أيضاً، باقة التسامح بلا حدود.. لا تنفذ مهما أستهلكها العشم، الشحن المحسوب والتقتير على رأس مسببات التجهم، وفاقد البسمة قد يمنحها ولكن مرسومه بقلم جاف.. جاف المشاعر، والمخلوق من عدم عادم المذاق وطعامه يسمن ولكن أبداً لا يغنى، الفرشاة على نسيج حى والداكن مع الفاتح جنباً إلى جنب.. ولا ضير من بقعة سقطت سهواً أو لهواً.. تحيل المشهد نابض متحرك متغير والسرعة تخدع الأبصار.. تسكرها حتى تقتنع بأدوار ملفقة بحرفية.. تخالها عين الصواب بينما ما هى إلا عين مفقوءة.

الأدوار خائنة وولاءها لا لأحد.. متبجحة لا تكلف نفسها عناء التوضيح.. منكرة لفعل الإعتذار، الباب موارب والترحاب مكفول لكل داخل، أما والخارجون فيناسبهم التسلل حازمين أمتعة خيباتهم وحاملين أثقال خذلانهم.

الأدوار جاحدة وذاكرتها لحظتها.. تركيزها والمشهد المعروض.. والتالى مشكوك بولادته وثمة إحتمالات لا عد لها.. قد ينزل الستار إثر عطل تقنى.. قد يأتى مبتسراً ولسوء حظه أو ربما حماقته لا حضانة تتقبله، والأدوار لا تروقها لعبة التخمين والمجازفة.. وعصفور فى اليد خير من سبع فى كهف.. سبع مصيره إلى صياد سيكون لحمه اخر ما يقتاته.

نهلة عبد السلام


أعلى