محمد بشكار - رسائل الكفران.. (الجزء الخامس)

1
الإشهار خطابٌ، وأفظعه ذاك الذي يكْتنف في عُمقه تحرُّشاً يُدغدغ الغرائز، ويسْتَدْرِج بعبارات وصور لزِجة بعض الفتيات إلى دُهون وعقارات ووصفات عُشبية سامَّة تدَّعي تكبيرالأرداف، والحقيقة أن الصُّور الإغرائية التي تُدعِّم العقار وتَفُوق بأنصافها النسائية كل تصوُّر، أصبحت تَشْغُل مساحة شاسعة في تفكير بعض الناس، لذلك لاغرابة إذا غيَّر العقل المغربي موضعه من الرأس إلى المؤخرة !
ولا نملك إلا أن نقول قبَّح الله الفقر، مع تنامي البطالة في البلد، لم يعُد ثمة من حلٍّ لتحقيق مدخول سوى تكبير الأرداف مخْرجاً من الضائقة !

2
التَّفكير الَّذي لا يستطيع رُقياً عن الاستيهامات الساقطة تحت الحزام، قد يجعل كل أسمائنا سواء حملها الرئيس أوالمرؤوس عورات!

3
يأتي المريض باكرا لأن المرض لا ينام، ويتأخَّر الطبيب لأنه يعلم أن رغبة المريض في الحياة تجعله ينتظر ولو لأجل أن يكتب شهادة وفاته !

4
قد يحْذف أحدٌ ما تكتب وهو في قرارة ضُعفه ودَّ لو كان كاتبه، ولكنه لن يستطيع حذفكَ من الوجود، شكرا للقدر الذي جعل آجالنا في كتاب غير قابلٍ للانتحال!

5
رغم أن الحياة قصيرة يمكن أن نجعل سنواتها المعدودة أطول في قصيدة من بضعة أسطر!

6
قال مشتكيا من دوخة: يجب أن أزور الطبيب. قلت: ما أحوجني لدوختكِ فالناس يبتاعونها هذه الأيام بالفلوس!

7
أفظع ما يُفْقد المرءَ وجوده الإستثنائي في الحياة هو التَّشابه، صحيح أننا لا نستطيع العيش خارج المُجتمع مُنعزلين، ولكن ببعض الأفكار المُدمِّرة قد نصنع عُزْلةً تجعلنا في فردانيتنا كثيرين!

8
بعض الأذهان المُتحجِّرة لن تصل لفهمها بسهولة وأنت تُناقشها بفكرة، ولكنها سرعان ما تستجيب وأنت تقذفها بحجرة !

9
بعض التخييلات الشَّعبية التي لصِقتْ بذهني من الصِّغر إلى الكِبر، جعلتني أرى الغابة من الأعلى أشْبه بقبْضة نعناع!

10
الأثر الأعمق لا يمحوه أثر!

11
كان الناس يكتبون بثلاثة أصابع تجعل القلم بينها أشبه بعكاز، وكان بطء العملية يجعل الكاتب يجُرُّ الأحرف على سطح الورقة كمن يجر رجليه وهو يمشي عرجاً، اليوم عوض ثلاثة أصابع ثمة من يستطيع التأليف بتحريك كل أصابع اليدين، ولكنه بالكتابة فائقة السرعة لا أعرف هل هو من جعل الكلمة تسبق المعنى، أم أنا المتأخِّر في الفهم؟

12
ثمة من لا يستسلم للوضع المُزري الذي تفرضه الحركة الميِّتة، فيُعالجه بحركات جسمانية بكل الأوضاع!

13
قبل أن يقرأ الناس كتابه الأول، وفي سرعة قياسية بين السابق والذي يليه لاحقاً، أصدر كتابه الخامس!

14
الصامتون هم الأكثر إثارة للصخب، ولا يغدو صخبهم مُدوِّياً في أرجاء المعمور، إلا حين يصمتون إلى الأبد!

15
لا نهتم بالآخرين إلا من خلال اهتمامهم بأنفسنا!

16
إذا لم تكتب بخطٍّ مُختلف، الأفضل أن تبحث عن خطوط شبيهة قد تجدها على ظهور حُمر الوحش معها تأتلفْ!

17
أحيِّي شجاعة كل من مازال واثقا في عناده ولم ينضم حتى اليوم إلى إلكترونيات التكاسل الإجتماعي، فهو الأقدر على أن يبقى وحيدا على سطح الأرض حين تنتقل كل البشرية إلى كوكب آخر!

18
أفظع ما يلغي شخصية الإنسان، أنْ يسهو تاركا أنانيَّته تأخذ الكلمة لتتحدَّث بدَله !

19
اليوميات تُحرق السنوات !

20
لا أفتح فيسبوك إلا للاشتغال وليس للانشغال!

21
قد نعالج بعض أمراضنا بالكتابة عن أمراض الآخرين!

22
يحثُّونك على غضِّ البَصر، وهل العين بكل مُكوِّناتها التي تجعلنا نُبصر إلا من ماء، فكيف يُقاوم الماء غَضَّا يرقص كالقطرة على الغصن ؟

23
الموت درجاتٍ، فالموت الذي حِيكت حوله الأساطير، كفيلٌ بأن يضمن لمن لقيهُ الخلود!

24
يدَّعي أنَّه اسم معروف وما يعلمه كل الناس أن الاسم نعطيه للجنين بعد الولادة ونُسجِّله لدى السلطات في مدة لا تتجاوز شهرا، أما صاحبنا الذي يُروِّج لاسمه ككاتب مشهور، فما زال حسب ما تُدْلي به يده من خربشات، في علم الغيب لا يعرف من أيِّ رحمٍ قد يُولد!

25
تختلف القوى وتتباين في المجتمع كما الاختلاف بين الدراجتين الهوائية والنارية، ويمكن أن نمثِّل للطبقة العاملة بالدراجة الهوائية في درجتها السفلى، وتكمن قوتها في رجْلها وهي تطارد بعناء قوت يومها، أما الدراجة النارية فتمثِّل الطبقة الحاكمة، والسلطة التي في يدها توصلها بقوة الضغط والدَّفع إلى ما تريد أسرع !
(افتتاحية ملحق"العلم الثقافي" ليومه الخميس 19 دجنبر 2019)


محمد بشكار




تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...