صردر - وددت التصابى فيك إذ كان عاذرى

ودِدتُ التصابى فيك إذ كان عاذرى
وعاديتُ حلمى إذ غدا عنك زاجرى
ومالي سوى قلبٍ يضلّ ويهتدي
فإما الهوى فيه وإما بَصائري
وإني لأدرِي أنما الغُنْجٌ واللَّمَى
وبيضُ الطُّلَى هنّ القذى في المحاجرِ
ولكنّها نفسٌ تروضُ طباعَها
بما حملته من عذاب الجآذِرِ
عدِمتُ فؤادي يبتغي الآنَ رشدَه
فهلاّ قُبيل الحبّ كان مشاورى
فما بالنا نُعطَى الدنيَّة في الهوى
وفي الروع لا نعطَى ظُلامةَ ثائرِ
كأنا جميمُ الروض يقطُف نَوْرَه الظ
باءُ ولا يحلو لأُسْدٍ خوادرِ
وإنّ انقيادى طوعَ ما أنا كارهٌ
يدلُّك أنَّ المرءَ ليس بقادرِ
لواحظُنا تجنىِ ولا علَم عندَها
وأنفسُنا مأخوذةٌ بالجرائرِ
ولم أرَ أغبىَ من نفوسٍ عفائفٍ
تصدّق أخبارَ العيون الفواجرِ
ومن كانت الأجفانُ حُجَّابَ قلبهِ
أَذِنَّ على أحشائه للفَواقِرِ
إذا لم أفز منكم بوعدٍ فنظرَةٍ
إليكم فما نفعى بسمعى وناظرى
وما زال لي عند الظباء ظُلامةٌ
تُرَدُّ إلى قاضٍ من الحبّ جائرِ
لعمرُك ما بي في الصبابة حَيرةٌ
تقسِّم فكرى بين ناهٍ وآمرِ
تصاممتُ عن عذل العذول لأنه اح
تجاجٌ لسالٍ واعتذارٌ لعاذرِ
وكيف بنسياني الذي حفِظ الصِّبا
وبات به طيفُ الخيال مسامرى
بلى إِنّ بَردَ اليأس يطفىءُ حُرقةً
ولو سُقيت منه قلوبُ الهواجرِ
وإِنّا إذا ضلَّت من الحَزْنِ نفحةٌ
فزِعنا إلى نِشدانها بالمناخرِ
أصعِّد أنفاسي إذا ما تمرّغت
على تُربه هوجُ الرياح الخواطرِ
وأذكرُ يوما قصَّر الوصلُ عمرَهُ
كأنا التقينا منه في ظلِّ طائرِ
متى غَنت الورقاءُ كانت مدامتى
دموعى وزفراتي حنينَ مَزاهِري
خليليَّ هذا الحُلُم قد أطلق الأسَى
وبثَّ حُبولَ الشوق بين الضمائر
ولم يبق في الأحشاء إلا صُبابة
من الصبر تجرِي في الدموع البوادرِ
فَلَيًّا بأعناقِ المطىِّ فربّما
أصبنا الأماني في صدور الأباعرِ
وإن لم يكن في ربّة الخِدر مَطمعٌ
قنَعنا بآثار الرسوم الدوائرِ
مَرابط أفراس ومَبرك هَجمةٍ
وملعب ولدان ومجلس سامرِ
وسُفعِ أئافىٍّ كانّ رَمادَها
حمائمُ لكن هنَّ غيرُ طوائرِ
ويا حبّذا تلك النُّئىّ وليتها
تروح خلاخيلي وتغدو أساورى
إذا أنتَ لم تحفَظ عهودَ منازلٍ
فلستَ لعهد النازلين بذاكرِ
سقاها الذي أضحت ينابيعُ فضلهِ
تَمُدُّ شآبيبَ الغيوثِ البواكرِ
فجودُ عميد الدولة العُشبُ والحيا
ومقتَرَحُ الراجى وازادُ المسافرِ
كُفيتَ به أن تطلبَ الرزقَ جاهدا
على زعمهم بالسعي أو بالمقادرِ
تظَلُّ قَلوص الجُود ترقُص تحتهُ
إذا حُديتْ يوما بنغمة شاكرِ
تحدَّثْ ولا تحرَجْ بكلّ عجيبةٍ
من البحر أو تلك الخلال الزواهرِ
فما ذاق طعمَ الرىِّ من لم تُسَقِّه
أناملُه من صوبها المتواترِ
وكم من كسير للّيالي قد التقت
عليه أياديه التقاءَ الجبائرِ
ومنتَهب الجدوى يُريك سحابُه
زمانَ الربيع السكبِ في شهر ناجرِ
يسابقُ بالفعلِ المقالَ كأنه
يرى الوعدَ فنًّا من مِطال الضمائرِ
فأنت تراه ماطرا غيرَ بارقٍ
ولست تراه بارقا غيرَ ماطرِ
مواهبُ سمّاها العفاةُ صنائعا
وهنّ نجومٌ في سماء المآثرِ
ملوم على بذل البضائع في الندى
وما تاجرٌ في المكرُمات بخاسِر
قَطوبٌ وأطرافُ القيانِ عوابثٌ
ضحوك وأطرافُ القنا في الحناجرِ
به ازدانت الدنيا لنا وتلفّتت
إلينا الليالي بالخدود النواضرِ
تعلَّمت الأيامُ منه بشاشةً
أعادت إلىّ الدهرَ حَشَّن المَكاسِر
يذيبُ السؤالُ شَحمةَ الرفِد عنده
وهل يجمُد العنقودُ في كفِّ عاصِر
أبَى أن تُهزَّ العُنجُهِيَّةُ عِطفَهُ
يقيناً بأنّ الكبرَ إحدى الكبائرِ
ولا عيبَ في أخلاقه غيرَ أنها
فرائد دُرّ ما لها من نظائرِ
وما الناسُ إلا كالبحور فبعضُها
عقيمٌ وبعضٌ معدنٌ للجواهرِ
فتعساً لأقدام السُّعاةِ وراءه
ألم ينتهوا عنه بأوّل عاثرِ
يُقِرُّ له بالفضل كلُّ منازع
إذا قيل يومَ الجَمع هل من مُفاخرِ
أخو الحزم ليست في نواحيه فرصةٌ
لنُهزةِ مغتالٍ ونَفثةِ ساحر
إذا ركَضتْ آراؤه خلفَ فائتٍ
تدارك منه غائبا مثل حاضرِ
متى تأتهِ مستشفعا بصنيعهِ
إليك فقد لاقيته بأواصرِ
تتبَّع أوساطَ الأمور مجانبا
تورُّطَ عجلان ووَنيةَ قاصِر
وقد علم النُّزَّاعُ أ ديارَه
إذا انتجعوها نِعم دارُ المُهاجرِ
تسلَّوا عن الأوطان بالأبطح الذي
يلائم مَرعاه لبادٍ وحاضرِ
يطاول بالأقلام ما تبلغ القنا
ويفضُل أفعالَ الظُّبَا بالمخاصرِ
من العصبةِ الغُرِّ الذين سعودُهم
بآرائهم لا بالنجوم السوائرِ
فوارسُ هيجاءٍ وقولٍ ركوبُهم
ظهورُ الجيادِ أو ظهورُ المنابرِ
يظن الضيوفُ أن دارهمُ مِنىً
ودهرَهُمُ عيدٌ لعُظَم المناحرِ
وما أوقدوا النيرانَ إلا ليفضَحوا
بها الليلَ إن أخفى مسالكَ زائرِ
وقد علمتْ تلك المكارم والعلا
وقد ولدتهم أنها غيرُ عاقرِ
أيا شرفَ الدين المشَرِّف عصرِه
ومن حلَّ فيه بالعطايا البواهرِ
تناولْ بنيروز الأكاسِرِ غبطةً
تضاحك أفواهَ ألأماني الفواغرِ
هو اليومُ لا في حُلَّة الصيف رافلٌ
ولا في سرابيل الشتاء بخاطرِ
يكاد لسانَا طِيبهِ واعتدالهِ
يُبينان أنّ الدهرَ ليس بجائرِ
ولما رأيتُ المال عندك هيِّنا
جعلتُ هداياه رياضَ الدفاترِ
فإنك من حمد الرجال وشكرِهم
كثيرُ الكنوزِ واللُّهَى والذخائرِ
أعلى