صردر - إحدى الكواعب من بنى نصر

إحَدى الكواعب من بنى نصِر
شهِد الظلامُ لها على البدرِ
كالبَيْض تحضُنه نعائمه
بيضاءُ في كِلَلٍ من الشَّعرِ
سكَرى اللواحظ وهي صاحيةٌ
فدموعها فنٌّ من الخمرِ
ما خِلتُ أنّ بياضَ مقلِتها
وسوادَها صُحفٌ من السِّحرِ
بسَمتْ وقد برزتْ قلائُدها
فرأيتُ ما في النحرِ في الثغرِ
ومن العجائبِ أن تصادف في ال
عذب الزُّلال لآلىء البحرِ
كيف اهتديت لحبّ ظالمةٍ
وثبَ الغرامُ بها على الصبرِ
جمَّثتُها فنبَتْ فقلتُ لها
أهوَيتُ أطلبُ معدِنَ التبرِ
ضُربتْ بأسمةٍ قِبابهمُ
وكأنَّها في ساحة الصدرِ
بِيضٌ وسُمرٌ في خيامهمُ
ممنوعةٌ بالبيضِ والسُّمرِ
بدم المحبِّ يباع وصلُهمُ
فمن الذي يَبتاع بالسعرِ
لو كان غيرُ الحب جيشَهمُ
أليتهُم في جحفل مَجْرِ
هجروا وهجرهُمُ على دَخَلٍ
فلأجل ذلك طيفُهم يَسِرى
وهَب الظلامُ لنا محاسنَه
وأظنُّ مرسلَه بنا يدرى
حتى إذا الإصباحُ أيقظهُ
ولىَّ يُؤذِّن فيه بالغدرِ
يا ليلةً بالرمل قصَّرها
حلُّ العناقِ معاقدَ الخُمرِ
كادت خُطانا أن تنمَّ على
آثارنا وطُمِسنَ بالأُزرِ
ورأت كلابُ الحىّ رِيبتَنا
فكَرُمن عن نبح وعن هَرِّ
فُضَّت خواتيمُ السرور بها
واللهوِ حتى مطلع الفجرِ
لولا التحرُّجُ والغلوُّ لما
أُسْميتِ إلا ليلةَ القدرِ
والليلُ عِقْصَتُه قد انتشرت
ورَمتْ مَدرِاى الأنجم الزُّهرِ
والنسرُ قد أعيت قوادمُهُ
والغربُ يجذِبه إلى وكَرِ
وهوْت من الجوزاء مِنْطقَةٌ
زهراءُ لم تُعقد على خصرِ
ورمَى الثريّا من معلَّقِها
سبقُ السِّماك وحربَةُ الغَفْرِ
فكأنَّها والشمسُ تجمعها
رهطٌ قد ازدحموا على سِرِّ
مثل العذارى من تعنِّفها
تستصحبُ الدَّبرانَ كالحدرِ
وهلالُها تحكى استدارتُه
عَقدَ التمام لِعدّة الشهرِ
وعلى المجرّة أنجمٌ نُظمتْ
مثلَ الفَقار نُسِقن في الظهرِ
هذى حَبابٌ فوق صفحتها
طافٍ وهذا جدولٌ يجرى
كَيَدِ ابن فَضْلانٍ غمائمُها
تغدو ببذل الوفر أو تسرى
إن حلَّ في بيداءَ أو بلدٍ
نابت سحائبه عن القَطْرِ
أىُّ المكارمِ قد تأبّطها
وعزائمٍ في ذلك الصدرِ
طُهرت من الأحقادِ نيَته
والقلبُ مغسول من الغِمرِ
لامُوه فيما أتلفتْ يدُهُ
فرأى المحامدَ أنفسَ الذُّخرِ
إن قال فالسيفُ الحسامُ مَضى
أوصال أفنَى الليثَ بالذرِّ
ما إن أرى في الناس من أحدٍ
إلا يُمتُّ إليه بالشكرِ
حتى كأنّ الأرضَ طبّقها
بغمائم نشأت من البِرِّ
قد مارس الأعداءُ شدّتَه
فاستسلموا لليث ذى الأجرِى
وكوت مياسِمُهُ قلوبَهم
والكىُّ مشفاةٌ لذى العرِّ
إنّ الشَّدائدَ مذعُنينَ به
قارعنَ جُلمودا من الصخرِ
حَملَ النوائبَ فوقَ عاتقهِ
حتى رجعنَ إليه بالعُذرِ
وبوائقُ الأيّام عاديةً
لاقَين منه دامِىَ الظُّفرِ
لا تنكروا حَبْسا ألمَّ به
إن الحِسانَ تُصان بالخِدرِ
والغِمدُ ليس تُفاض بُردتُهُ
إلا على الهندىِّ ذى الأثْرِ
إن حجَّبوه فكلُّ ذى شرفٍ
يعتزُّ بالبوَّابِ والسِّترِ
يغشى الكسوفُ الشمسَ إذ عظُمتْ
ويعافُ ضوءَ الأنجم الزُّهرِ
قد يستِسرُّ البدرُ ليلتَهُ
لَيتِمَّ ليلةَ رابعِ الشهرِ
أوَ ليس يوسفُ بعد مِحنتِهِ
نقلوهُ من سجن إلى مصِر
لَمرَقَت منها مثلما ما انكردت
فَتخاءُ ترِمى الطيرَ بالذُّعرِ
وصبرَتَ حتى انجابَ غيهبُها
إنَّ النجَاءَ عواقبُ الصبرِ
تُنسَى مرارةُ كلِّ نازلةٍ
بحلاوةٍ في النهى والأمرِ
وإذا الأغانى حنَّ مِزهرُها
ولَّى حنينُ النابِ والبَكرِ
وإذا تولَّى الشىءُ تكرهُه
فكأنّه ما دار في سِرِّ
حمدا وشكرا للإله على
ما قد حباك وواجب النَّذرِ
وكأنني بك فوق غاربها
متسنِّما في ذِروة الفخرِ
ويرمِى العلاءُ إليك مِقودَه
لا ينثنِى بغماغم الزَّجرِ
إن العظائمَ ربّما بُلغت
بالهَوْن لا بالكرِّ والفَرِّ
وكذا الأُلوفُ على تفاوتها
محسوبةٌ بأناملٍ عَشْرِ
أنا من يُغالِى في محبّتهِ
وولائه في السِّر والجهرِ
ما ذاق طعمَ النوم ناظرُهُ
حتى البشيرُ أتاه بالبشِر
ولك الأيادِى لستُ أذكرها
إلا يَجِيشُ بحمدها صدرى
هي نِعمة ليديك أشكُرها
طولَ الزمان وآخرَ العَصِر
قد كان وعدٌ منك أقسمَ لى
بعلاك أنك مصلحٌ أمرى
وإخال أنّك لستَ ناسيَهُ
لكنّنى استظهرتُ بالذِّكر
قد حَزَّت الأيامُ في كبِدى
وأطافَ بى مسٌّ من الضُّرِّ
وشئمتُ عَتبى كلَّ نائبةٍ
وملِلْتُ ما أشكو من الدهرِ
وإذا جذبتَ إليك من ضَبعِي
طاعنتُها بأسنَّةِ القهرِ
وصرفتَ عنِّى كلَّ نائبةٍ
صرفَ الهموم سلافةُ الخمرِ
أهدت لك النَّعماءُ أنفَسَها
من عانس أو عاتقٍ بِكرِ
وخَطتْك أحداثُ الزمانِ ولا
برِحتْ رِباعَك ديمةٌ تجرِى
لولاك في الدنيا لما اعترفوا
للأكرمين بها سوى الذكرِ
أعلى