عدي المختار - نص مسرحي - في انتظار حمد!! - فصل ومشهد واحد

نص معد عن قصيدة ( يقظة حمد ) للشاعر الكبير جمال جاسم امين

شخوص العمل :

  • الفتاة
  • المطرب
  • المجنون
  • الشاب
  • الرجل الاول
  • الرجل الثاني
  • الرجل الثالث
الوقت :ليلا
المنظر :مقبرة ...يتدلى من السقف كراسي مكسرة ...وقطعة قماش على شكل صليب متدلية من اعلى المسرح لوسطه خلفه كراسي مكسرة .
المؤثرات الاستهلالية :
ظلام مع موسيقى اهات واختلاط اصوات قطار اغاني سبعينية مع رصاص واصوات سفرة دبابات وهتاف مع اغاني راب امريكي تخفت تدريجيا ,بقعة ضوء على رجل يمسك بعود موسيقي ويضع قدمه على شي مرتفع يتضح فيمابعد انه قبر وهو يغني غنية المطرب العراقي ياس خضر .
المطرب : مرينه بيكم حمد .... واحنه بقطار الليل ... واسمعنه دكـ كهوه ....وشمينه ريحت هيل ....
تضاء الانارة بالكامل حيث مقبرة وثمة مجنون يفزع من الصوت ويقف ...
المجنون : ( ضاحكاً) هي ....هي ....هي هي مخبل ...( يجمع من الارض صحف يصنع منها على شكل حجارة ويرمي بها المطرب حتى يخرجه من المقبرة راكضاً وراءه وهو معه ) هي هي مخبل..... هي هي مخبل... هي هي مخبل.
اختلاط اصوات قطار اغاني سبعينية مع رصاص واصوات سفرة دبابات وهتاف مع اغاني راب امريكي هتاف يعلو (الشعب لا يريد ...الشعب متونس سعيد ) , ومن ثم يخفت تدريجيا وشاب وشابه يقذفان من يسار ويمين المسرح كأنهم خرجا بالقوة من تظاهرة ما...فيتقابلان وهما ساقطان على الارض وسط المسرح وبعد ان يبحر الاثنان بوجه الاخر يعطيان ظهرهما للاخر .
الشاب : (يسقط ارضا وبتهكم ) مكرود .....
الفتاة : اي والله مكرود ....
الشاب : ههههه متونس سعيد ..
الفتاة : اي سعادة هذه ؟!! كلمة على شفاه ..
الشاب : (ينهض) اهه يالله ..متونس ..متونس ...(يتفحص مكان تواجده) واي وناسة هذه ليلا وفي مقبرة ؟!!.
الفتاة : ( بأستغراب وهي تنهض ) مقبرة .؟؟؟
الشاب : اي الاقدار قذفت بي الى هنا(يتفحص شاهدة القبور قبرا ..قبر)
الفتاة : (بصوت عال ) اي الاقدار قذفت بي الى هنا(تتفحص شاهدة القبور قبرا ..قبر)
الشاب : واي شواهد بلا اسماء ؟!!.
الفتاة : اههه اهههه لربما تكون قبور بلا اجساد ..
الشاب : ( يستعيد اتزانه ) اههه اههه اي سفر هذا ؟؟!!
الفتاة : ( بصوت عال وهي تدور في المسرح ) اين انت يامن قلت انه سفر في عداء المحطات ....
الشاب : ( يصيح ) هي ..اين انت ؟....اهههه لربما علينا ان نعتذر اولا للشاعر مظفر النواب ...(يغني وخلال غناءه تحدث جلجله وصراع في كل قبر من القبور وهو ينتبه لها ويغض النظر عليها ويكمل مع كل مقطع والفتاة تجلس امام صندوق كبير وكانها تولو مع ذكرياتها التي تخرجها من الصندوق وتلتقط كلمات من الاغنية وتقولها بوجع )
مرّينه بيكم حمد , واحنه ابقطار الليل واسمعنه , دك اكهوه ...
وشمينة ريحة هيل
يا ريل ...
صيح ابقهر ...
صيحة عشك , يا ريل
هودر هواهم ,
ولك ,
حدر السنابل كطه
(مع نهاية اغنيته يخرج ثلاث رجال بأكفان ويلبسون قفازات ونظارات سوداء وهم ينقضون عليه كأنهم يحاولون الامساك به)
الثلاثة : حمد!!
الفتاة : ( كأنها وجدت ضالتها لكن باستغراب) حمد !!!
الشاب : (يصرخ من المفاجأة ويحاول الافلات منهم ) اي حمد هذا ؟!!.
الفتاة : انتظرته طويلا في سفر المحطات ؟
الشاب : أي حمد هذا ؟
الاول : ها ....حمد ....حمد ...(يريد ان يتكلم )
الثاني والثالث : ( يحاولون اسكاته ) اياك ان تجيب ...
الشاب : اجب ....بالله عليك اجب ...اجيبوني ...اي حمد هذا ؟؟
الثلاثة : حمد .... عنوان عريض للزمن الذي غاب
الفتاة : اين هو ؟
الشاب : حمد ....ليس قصيدة ؟؟!!!
الفتاة : دلوني عليه ؟
الثاني : عليك الاعتذار
الشاب : لمن الاعتذار ؟
الثاني : عليك الاعتذار
الشاب : لمن الاعتذار ؟
الاول : عليك الاعتذار
الشاب : لمن الاعتذار ؟
الثلاثة : اولا للشاعر مظفر النواب
الشاب : ولم الاعتذار ؟!
الاول : كي لا نفسد الحكاية بالغثيان..
الفتاة : اعتذر ..ارجوك...اعتذر ..
الشاب : والله العظيم ..اعتذرت منذ البداية ...شني جاهي وليه ....
الثاني : الاعتذار درجة من درجات الانتباه
الشاب : نعتذر دون ان نجرؤ على السؤال !!!
الثالث : لا احد يسأل عن الغائبين
الفتاة : فكيف ان كان الغائب معنى للغياب والحضور ؟
الشاب : الناس يستبد بهم النسيان هذه الايام
الفتاة : لا بل اكل اليأس على امانيهم وشرب من افق مآقيهم...لكنهم ..لكنهم ...لازالوا في سفر الانتظار يعلنون للغائب الف محطة للحضور ..
الثلاثة : اجز بالسؤال ...واياك ان تسأل عنه ...
الشاب : كيف اوجز بالسؤال وهو اختصار اسئلتي ...
الثلاثة : حمد ؟!!
الفتاة : حمد .....عنوان عريض للذي لم يأتي .
الشاب : حمد ..نعم حمد ..اختصار اسئلتي وجميع اسئلتكم ....
الثلاثة : الم تتنكر له ؟!
الشاب : انا ..لربما كما الاخرون ...نسمع به دون ان نراه .... جيلا يسلم ذكراه لجيل وكانه في غيبة كبرى ..(يغني ) مرينه بيكم حمد ..واحنه بقطار الليل)..قطار الليل ....اي قطار ؟...اجيبوني ؟ هل مر قطار في الجنوب؟؟
الفتاة : مر ... نعم ..مر قطار يحمل الصبيه تعويذة للراحلين على سواتر الخديعة ..مر قطار وخو يحمل القيثارة وما تبقى من عشبة كلكامش لوطن استبدل (حاسبينك) و(جذاب) و(رديت وجدامي تخط حيره وندم)
الجميع : ( يغنون )
رديت وجدامي تخط حيره وندم
وعيوني تخط كبل القلم
رديت لحجاياتنا العايزها بس جلمة صدك
وعيونا الحلمانه بالقداح لو مره يطك
رديت عالبيبان باب باب ادك
شرديت لا موعد ولا جلمة نعم
الفتاة : كل ذلك استبدل بقلائد من سيمفونيات الرصاص والزيز التي طالما دارت رحاها في قلوب الامهات التي لم تجني من وطن حمد الا قارب يبحر نحو الغياب بالاحبة وربانه علم لف فيه من فرط تجنب الانكسار..مر..نعم ...مر قطار اخذ كل شيء ولم يبقى شيء.
الاول : لا نملك الا بضع ذكريات ..
الثاني : لا نملك الا بضع مواقف ..
الثالث : لا نملك سوى صدى احتضاره ..
الشاب : اذن رأيتموه ؟
الفتاة : من رأه ؟؟
الثلاثة : نعم ......رأيناه
الفتاة : من سمع صوته؟؟
الشاب : كيف رأيتموه وانتم لا تنتمون لجيل واحد ؟؟!!
الفتاة : اقصير هو ..ام طويل ..ااسمر ام ابيض ...اسني هو ام شيعي ام كردي ام.... ؟؟
الجميع : كفففففففففففى ....لا نفسد الحكاية بالغثيان ...
الفتاة : بل افسدت وانتهى مذ غاب حمد دون مبرر للغياب ..غاب دون ان يضع الوطن في نصابه ونقاط الشعب مابين حروفه ...اين حمد ....اين حمد ...طال الغياب واحتدمت بغيابه المحطات الصديقة وامست عدوة اين هو ؟؟
الشاب : نعم ....اين حمد ؟
الثلاثة : حمد سفر في عداء المحطات...
الشاب : اه رحم الله والديك هي هاي ..سفر بالليل الكلته ..( للأول ) من انت ؟
الفتاة : هل انت حمد ؟
الاول : انا ؟..... انا من ضاع شبابه وهو يمد الليل بالنهار اصرارا لمواصلة المسير نحو خيوط الشمس وفي عينيه وصل لليلى ... هل جاءتك اخباري ؟؟
الفتاة : حمد يعشق الدبكات في نيروز ...
الشاب : نعم ..سمعت ..
الاول : انا هو ذا ...
الشاب : وهذا القبر ؟ وهذا الكفن ؟ لم انت رهينهما...
الاول : طال الانتظار فاختصرنا الطريق نحو الفناء ...
الفتاة : ليتني اختصر الطريق الى حمد قبل فوات الاوان ...
الشاب : (للثاني ) من انت ؟
الثاني : ما بين ليلي ونهاري همم لا تكل او تمل فكلما تهاوى نجم وسقط بين عيدان القصب ولد اخر شق السماء بصرخات رفضه ...الم تسمع بي ؟
الفتاة : حمد يعشق المواويل لكنه لا يغني .يفضل الانصات لا اكثر
الشاب : بلا سمعت
الثاني : انا هو ذا ...
الشاب : وهل اختصرت الانتظار انت ايضا ؟
الثاني : اعلنت وجودي مبكرا في سكون المقابر ..
الفتاة : شواهد عدة قالوا انها لحمد لربما تحول الشعب كله حمد ؟
الشاب : ( للثالث ) وانت ؟
الثالث : انا ؟..... انا من رحم العاصمة التي ما شتدت عليه العواصف واخذها الرصاص والدم على حين غره كلما ازدادت خصوبتها اكثر للولادة الم تسمع بي...؟؟
الفتاة : حمد احب فيروز حينما اختصرت الشدو بأغنية لبغداد .
الشاب : نعم ..سمعت ..
الثالث : انا اكون هو ...
الشاب : هل اختصرت وجودك في رهبة السكون ؟
الثالث : كان لي السبق باني اول من اعلن نهايته عند البداية ..
الفتاة : ومن يجرؤ ان يعلن نهايته في مملكة حمد ؟
الشاب : ( يشير للقبر الكبير) وهذا ؟.....
الثلاثة : ( باستغراب) هذا !!
الشاب : من صاحب الرقدة الطويلة ...
الفتاة : اياكم ان تقولوا حمد ..لان حمد انسان لكنه لا يموت .
الاول : لا اعرف
الثاني : قبر مجهول
الثالث: قبر بلا مقبور
الشاب : لمن هذا القبر ؟
الفتاة : لا تقوا انها المحطة الاخيرة لحمد ...؟؟
الاول : آها .....تذكرت
الثاني : نعم ....تذكرت ..
الثالث : فعلا انه هو الان تذكرت .
الشاب : ( بصوت عال) من هو ؟
الفتاة : قولوا انه لمن تشاؤون الا حمد ؟؟
الشاب : لمن ؟
الثلاثة : نهاية المطاف ..
الشاب : مطاف من ؟
الفتاة : اخر المحطات ؟؟؟
الثلاثة : اخر محطات حمد ..
الشاب : حمد ؟!!!!!!!!!!!
الفتاة : لا .... لا.... حمد لا نهاية لمحطاته ...لا...لا..
الثلاثة : حمممممممممممد محطة انتظار طويلة
الفتاة : نعم ..قولوا هكذا ..بان حمد ينتظر ..حمد لا يموت ..
الشاب : محطة الموت اذن ؟؟
الشاب : الكل يعيش الانتظار حتى القبور محطات انتظار .. ههههه.
الثلاثة : ( يلتفون حوله ) وانت ....؟
الشاب : ( باستغراب وخوف ) وانا ماذا ؟
الثلاثة : من انت يا هذا ....
الفتاة : ( تستدرك) نعم ....من انت ؟؟
الشاب : ( كانه في غيبوبه ) ها ...انا .....نعم ....نعم ..انا .....انا ....(يكلم نفسه ) صحيح من انا ؟؟لا اعرف من انا ..
الثلاثة : من انت يارجل ؟
الفتاة : من انت ..جاسوس ام دخيل ام ماذا ؟؟
الشاب : (بصوت عال) لا اعرف من اكون ..
الجميع : ششششششششلون ؟؟!!
الشاب : ( بثقة ) نعم ....لا اعرف من اكون ...قد اكون ولدت الان ..او قبل ان يقذفوني هنا ....كل ما اعرفه واتذكره الان هو اني وجدت وانا اثرثر بالأسئلة دون ان التفت لنفسي واعرف من انا....
الجميع: عم تسأل؟؟!!
الفتاة : سنين مرت ونحن نتشارك الاسئلة ونتقاذفها مابيننا ..لكن لم اجرؤ يوما ان اقول لك من انت ....اكتفي في كل مرة بان اقول لك عم تسأل هذه المرة ؟
الشاب : عن حممممممممممد .... الى أين وصل – الان – ( حمد ) ؟ ..
الاول : ( يشير له لمكان عال ) اسمع .....(صوات اغنية الريل وحمد ) (حمد ) ... صعد الى القطار وهو لا يعرف ان المحطات معادية ..
الشاب : لا..لالالالا (حمد ) لم يصل ... هناك فقط شائعات... (يكلم الثاني ) الى أين وصل – الان – ( حمد ) ؟
الثاني : (حمد ) في أمريكا .. حصل على الجنسية بعد ان أنتظر بلوغه سن الضياع .
الفتاة : حمد غاب ....حمد ماعاد حمد ..
الشاب : لكن (حمد ) لم يتزوج ؟؟؟ او ينجب ؟؟؟
الثالث : ربما لأن الضياع عقيم .
الاول : الضياع لا ينجب سوى أوراق
الثاني : ( بطاقات سفر / جوازات مزوّرة / جنسية بلد لا يعرف شيئا عن الليل والقطار)
الفتاة : ايعقل ان يكون قد تخلى حمد عن كل شيء ومضى ؟
الشاب : لا..لالالالا (حمد ) لم يصل ... هناك فقط شائعات... (يكلم الثالث ) الى أين وصل – الان – ( حمد ) ؟
الاول : ( حمد ) يرقد في مستشفى الناصرية .
الفتاة : حمد لا يعرف الموت ..حمد انسان .
الشاب : لكن ( حمد ) ترك التدخين لفرط الحرص على الغياب .
الثاني : فهو لا يضمن اذا دخّن خلسة ان هذا الدخان سوف لا يفضح مكانه .
الشاب : لا..لالالالا (حمد ) لم يصل ... هناك فقط شائعات... (يكلم الثالث ) الى أين وصل – الان – ( حمد ) ؟
الفتاة : حمد غاب من فرط انتماءه للحياة ..( بهمس) وهم يريدونه ان يغير لون الحياة بلون قاتم ...
الثالث : ( حمد ) الان لا يستطيع الكلام لأنه وجد مريضا – ذات مرة – يحتاج الى ( كلية ) فتبرع له بحنجرة !
الشاب : بحنجرة !!!
الجميع: حنجرة ....(يغنون مقطع من اغنية الريل وحمد )
يا ريل
جيّم حزن...
اهل الهوى امجيمين
وهودر هواهم
ولك
حدر الستابل كطه
الشاب : (حمد ) مكَرود
الثلاثة : (حمد ) لا يعرف الراحة
الفتاة : (حمد ) لا يعرف الراحة
الشاب : (حمد ) مكَرود
الثلاثة : ( باستهزاء ) هههههههههههه حمد مكرود ....ههههههه
الفتاة : حمد رحل وهو يعرف تماما ان ايتامه مكاريد .
الشاب : هل رأيتم او سمعتم اكثر منه بؤسا بين مكاريد الكون ..
الاول : ( بتهكم ) نعم ..مكرود لا بل هو امير المكاريد في زمن الكرط ..( بصوت عال ) ( حمد ) يعمل في تهريب النفط من ميناء البصرة .
الشاب : لا ..لالالالالالالا حمد لا يفسد في الوطن ..( يكلم الثاني ) هل رايته يوما مفسدا ؟؟
الفتاة : حمد لا يفعلها ...ثمة من فعلها باسمه ..
الثاني : ( حمد ) يفتح مقهىً صغيراً في معهد لتعليم الموسيقى ولكنه لا يعزف !
الشاب : كيف يعزف والرصاص اخذ بسمعه ..والحروب ببصره ...والخديعة بإحساسه ...حمد لا يعزف لكنه يبكي ان عزف الاخرون ..(يكلم الثالث ) هل رايته عازفا ذات يوم ؟
الفتاة : انه يعزف اجمل لحن في سيمفونية الانتظار....
الثالث : (حمد ) يطوف على المقابر ليلا .
الشاب : لا ...هو لا يعشق السكون ...الضجيج يستهويه اكثر ..فأي مقبرة هذه التي تستهويه الان ؟
الفتاة : ادمن على البكاء عند شواهد القبور التي رحل ساكنيها بلا اكفان.
الاول : يتذكر انه اذا مات من اين يأتي بالكفن ؟
الشاب : كفن ؟؟؟ أهكذا اصبح سوداويا ...
الفتاة : حمد لا يؤمن بالموت لكنه يؤمن بالكفن لانه المسكوت عنه لعوراتهم .
الثاني : واذا صادف ان صادق (بزازا ) وانتهى من معضلة القماش يبقى المشهد الاهم .
الشاب : بأي مشهد فكر حمد؟؟ ...... بأي مشهد فكر حمد؟؟
الفتاة : يفكر بالرحيل .....
الثالث : مشهد النهاية : ميّت بكامل قيافته البيضاء ولكن بلا ناعيات !
الشاب: ناعيات ؟ ههه ...ناعيات ؟ههه...نعم سمعته ذات يوم يسترق السمع لصوت احدى الناعيات عند راسه في عرس شهادة اكتمل بعودة قيافته ملفوفة بعنوان كبير قالوا انه رداء الوطن دون ان يعود حمد به .
الفتاة : حمد يعشق صوت الناعيات مذ ان نعت امه عليه ب( دللول ..دللول ..يبني دللول ...عدوك عليل وساكن الجول ...)
الاول : لا .....(حمد ) لا يموت ..
الثاني: لا .؟.. ( حمد )يضيع فقط !
الثالث: ( باستهزاء ) ( حمد ) لا يكفيه انه في امريكا .. ( حمد ) يريد بغداد
الشاب : لا..لالالالا (حمد ) لم يصل ... هناك فقط شائعات...
الفتاة : اشم رائحته في كل مكان ...حمد هنا ولم يبارح المكان ..
الثلاثة : (يضحكون باستهزاء ) ههههههههه ( حمد ) يريد بغداد هههههه
الشاب : ( بفرح ) وهل عاد حمد ؟؟
الفتاة : وهل عاد حمد ؟
الاول : (يشير خلف الجمهور ) ولأنه يعرف الصحراء جيدا عبر الحدود بلا مشقة...
الشاب : واخيرا عاد حمد ...
الفتاة : اعلن نهاية الغياب ...
الثاني : .....حمد لم يعد ..
الشاب : كيف وانتم ترون مجيئه ؟؟
الفتاة : حمد لم يعود ؟؟كيف وانا اشم رائحته في المكان .
الثالث : عاد .. وكانت بغداد تصطلي بالحصار
الاول : والناس يصلّون
الشاب : (حمد ) لا يصلّي ..
الفتاة : حمد يستغفر فقط ....
الثاني : ولكنه عندما رأى المارة في (قطاع 42 ) يسيرون صفوفا ، سار على طريقته المعتادة وبعد وصول الجميع الى المسجد صلّى معهم ....
الشاب : وووووووووواه واخيرا عرف الطريق الى السماء ؟
الفتاة : حمد يعرف الطريق الى الله لانه ادمن المسير في دروب اليتامى ...
الثالث : اعتقلوه قبل الشروع بالبسملة !
الشاب : ( حمد ) دخل السجن مرتين ..
الفتاة : يخرج في كل مرة وقلبه جرح وامل ..
الاول : ( صوت انفجار وينبطحون ) الثانية في ( سوق الغزل ) ..عندما انفجرت سيارة .
الثاني: ( اظلام المسرح فقط بقعة ضوء على الشاب ) وجد نفسه في ( ابو غريب )
الثالث : ( يضعونه على الكرسي ويحيلون المكان لسجن ويعذبون الشاب كانه فلاش باك لمشهد اعتقال حمد ) وهناك سألته المجندة الامريكية عن :
الفتاة : سر هذه الفرشاة
الشاب : التي يحملها في جيبه !!
الثاني : قال :
الشاب : انها فرشاة
الاول : اجابته على الفور :
الفتاة: ـ نعم هي فرشاة ولكنك تستخدمها لتلميع اسنان ( العبوة)!!
الثاني : سألته عن ( التفخيخ ) برطانة تمتد على طول مساحة الليل
الشاب : بينما( حمد ) لا يعرف حتى كيف يفخخ السرير بأمرأة ! ...( صمت ولهاث تعذيب ) انا اعرف مظفر النواب ...
الثالث : هههههههههه ... قال لها : انه يعرف ( مظفر النواب ) .. ( تبصق الفتاة بوجه الشاب ) بصقت في وجهه ..هههههههههه.
الاول : لم يتأثر ، هههههههههههه
الشاب : هذه ليست المرة الاولى .. كثيرات قبلها بصقن عليه .
الفتاة : هو يعرف معنى ان يبصق احد بوجه الشمس او بوجه السماء ..
الثاني : النساء يعشقن الحضور بينما ( حمد ) غائب ههههههههههه.
الشاب: ( بانكسار وحزن ) ولأجل الحقيقة اقول : بصقن على غيابه (يرمونه ارضا مع صوت اغنية مرين بيكم حمد )
الفتاة : في كل مرة يعلن نهاية العزوبية الا انه يتراجع لنقطة الصفر حيث الغياب
الثلاثة : (حمد ) لا يعرف ..
الشاب : ( يركب على اكبر قبر ) (حمد ) لا يدري لماذا اختار ( قطار الليل)
الفتاة : نعم .... لا يدري لماذا اختار ( قطار الليل)
الاول : القطار في الليل اعمى يفرشون له حصيرا من حديد
الشاب : الى اين وصل الان ( حمد ) ؟
الثاني : (المجندة ) التي استجوبته في السجن هي الوحيدة التي تعرف
الثالث : غير ان المحكمة التي مثلت امامها هناك لم تسألها عن ( حمد )
الفتاة : حمد غاب ...حمد غاب ولم يعد ...
الشاب : الناس يستبد بهم النسيان هذه الايام وحتى القضاة
الثلاثة : (حمد ) في المتاهه
الشاب : ( حمد ) ليس قصيدة
الفتاة : حمد ليس قصيدة
الثلاثة : ( حمد ) سفر في عداء المحطات
الشاب: ( وهو يرتدي كفن موضوع على القبر الكبير ) اللهم اشهد اني بلّغت .. بلّغت ..
الفتاة : كلهم مروا من هنا يسألون .... ولا جدوى للسؤال في زمن الخرس ..
الثلاثة : وسألت عن ( حمد ) بما يكفي .
الفتاة : ( تريد الخروج ) وسألت عن ( حمد ) بما يكفي .
الجميع : الى اين ؟
الفتاة : ساكمل طريق الاسئلة ...
الشاب : المحطات كلها معادية ...
الاول : والليل قاتل مأجور
الثاني : والنهار غدر..
الثالث : والاسئلة طريق نحو المجهول ...
الفتاة : كل ذلك كان له في جسدي الف معنى وقول ...سنين طوال وابوابي مشرعة للعدو قبل الصديق وكلما هشموا شيء اعاده لي حمد بافضل منه ..
الشاب : حمد ؟؟ انت زوج حمد ..
الجميع : زوج حمد ؟؟َ!!!
الشاب : كم من مرة زفك للموت وعاد مكللا بالحزن ...
الفتاة : لم يزفني للموت بل للخلود لانه يؤمن بان الخلود لا معنى فيه للموت ...ومكللا بالحزن من ظلم ذوي القربى ....حمد مظلوم ....
الجميع : حمد لا يعرف الظليمة لكنه مظلوم بالفطره ..
الشاب : كم غنى لك وعليك ...
الفتاة : حمد اغنية ...غنى كثيرا وكتب اكثر ...حمد من فرط تغزله بي فاق النواب والقرغولي في عشقهما ... حمد عاشق كبير ....غنى لي ..
الاول : يا عشكنه .....فرحة الطير...اليرد لعشوشه عصاري
ياعشكنه ايمد سوابيط العنب ونحوشه عصاري
الثاني : وأرد أگلك
فريح أسمك يابنفسج
وأنت وحدك
دوختني يابنفسج
الثالث : يفر بيه هوى المحبوب يايمه
يفر بيه وانا ماتوب يايمه
الشاب : ايه ...يازمن حمد شيرجعه ...وللمكير ماودعه ....
الفتاة : حمد ...اختتم اغاني عشقه لي ب(نفيت واستوطن الاغراب في بلدي
ودمروا كل اشيائي الحبيباتي
خانتك عيناك .. خانتك عيناك ..
في زيف وفي كذب
ام غرك البهرج الخداع ... مولاتي...
الجميع : حمد نفي .... حينما استوطن الخوف في بلده ...
الشاب : ( يعيد السؤال للجميع ) الى اين وصل الان ( حمد ) ؟
الثلاثة : ( يتفحصونه اكثر ) ....من انت ....؟
الشاب : ( باستغراب وخوف ) ماذا ؟
الثلاثة : من انت ....
الفتاة : استوجبنا كثيرا ..من انت ؟
الشاب : ( كانه في غيبوبه ) ها ...ها ..انا ..... ؟؟ ( يكلم نفسه ) لا اعرف من انا..
الثلاثة : من انت ؟
الفتاة : من انت ؟
الشاب : (بصوت عال) لا اعرف من اكون ...لربما اكون هو ...
الثلاثة : من هو ؟؟؟
الفتاة : اني اشم راحة حمد في المكان ...
الشاب : ها ....لربما حالي كبقية الناس الذين اشتد النسيان بهم ..
الثلاثة : من هو ؟
الفتاة : اسمع شيء من صوته يتردد صدى في المكان ...
الشاب : ها ....لربما اكون حمد .
الجميع: ششششششششلون ؟؟!!
الشاب: اعذروني فليس الذنب ذنبي.. هكذا وجدت نفسي حمد لكل العصور وبكل المتناقضات ..
الجميع: ( يشيرون الى قبورهم ) ومحطات انتظارنا ...
الفتاة : لا اصدق ..لا اصدق ..هل سأشهد زمن حضوره ....بعد سنين المحطات .
الشاب : من قال هي لكم؟؟؟ انتم ارتموها هكذا محطات انتظار وهي عكس ذلك تماما ...لم الانتظار ان كان بيدنا سلطة الفعل على التغيير ...
الثلاثة : انتظرناك طويلا ياحمد ...
الفتاة : جيلا بعد جيل رتل الانتظار اغنية ..
الشاب : ونسجتم قصص واكاذيب من وحي خنوعكم وترددكم وانكساركم فكنتم مشاريع يأس واحباط فبدلا من انتظار فارس حلم تكتمل فيه كل اقطاب العصمة والكمال رحتم تنتظرون فارس من صنع خيالكم فارس مهزوم في كل ما فيه لأكون كما ارتموني انتم وليس كما انا عليه فاغتلتموني بمحطات عدة حتى جعلتم مني شماعتكم التي تضربون بها الامثال وانا عكس ذلك تماما فانتم لم تنتظروني انا حمد ...( يتوجه صوب قطعة القماش المتدليه من اعلى المسرح لوسطه وخلفها كراسي مكسرة ويبتسم ) بل انتظرتم حمد اخر من صنع ايديكم وخيالاتكم ( يقلب القبور ويصنع منها قارب ) هيا .... هيا احيلوا محطات الانتظار الى قوارب ابحار واعبروا للضفة الاخرى .. بقارب واحد ( يدعوهم لترك قواربهم ولركوب القارب الكبير معه الذي كان قبرا كبير ويدعوهم الاحالة الكفن الى اشرعة ) واجعلوا من يأسكم وبؤسكم اشرعة عبور ( وكلما يتوجه لاحد يعطيه ظهره رافضاً) ..
الجميع : الابحار للضفة الاخرى يحتاج لريح..
الشباب : لا نحتاج لأي ريح كي تسيرنا ما نحتاجه فقط ان نشعر ببعضنا البعض ونتحسس ارواحنا بانتماء حقيقي ( يشعر بيأس من استنهاضهم فيرقص كرقصة زوربا في توليف موسيقي يجمع الموال العراقي والاغنية البغدادية والدبكة الكردية حتى يتعب من الرقص ويموت على المسرح ) ظلام .
يظهر الجميع وسط الظلام بيدهم مشاعل يبحثون وهم ينادون : حمد ....اين انت ياحمد ...حمد ...مع اغنية ( مرينه بيكم حمد ) ..
يضاء المسرح
يدخل المجنون للمقبرة ....يمتعض ويطردهم كما طرد المطرب في مشهد الاستهلال ....ويخرج خلفهم ومن ثم يعود ومعه المطرب ...يسحب قطعة القماش البضاء من السقف ...يرمي كل القبور والخوذ والبساطيل خارج المسرح ويفرش قطعة القماش على طول المسرح ويدعو المطرب للجلوس ليغني له ...يجلس المطرب ليغني والمجنون يضع راسه على ساق المطرب بتودد ...يلمح رؤوس اهل المقابر ..فيهرع لطرهم ...يهربون ...يقترب منهم يرمي نظاراتهم السود الواحد تلو الاخر وهم يرون قفازاتهم السود بفزع فينزعونها ويرمونها ...ويجلسون حلول المطرب يغنون معه....يخرج حمد يوزع ورد للجمهور ....


النهاية
ملاحظة : قدم هذا العمل من قبل محترف ميسان المسرحي في مهرجان ايام عراقية مسرحية بمنتدى المسرح ببغداد عام 2014

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...