البحر كان دائماً يعني لي الكثير ، كنت أحلم دائماً باكتشاف هذا العالم ، ما وراء البحار . السفر الى حيفا كان يعني لي الكثير ، أن أراقب أمواج البحر القادمة من البعيد ، أن أنتظر السفن القادمة من ذلك العالم الذي أحب . هذا البحر لم أكن أشاهده في قريتي لأنها بعيدة عن البحر والأمواج والسفن.
قريتي تتربع على جبل أجرد ، وعندما يحل المساء تشعر بالسكينة والهدوء والملل ، حياة رتيبة ، لا أضواء ، لا ألعاب لا دور للسينما ولا بحر ، الوجوه هي ذاتها ، جوه مرهقة تعبة ، وجوه لا تعرف أشياء أخرى ، لا تعرف أنه هنالك وقت للمتعة والبحث عن السعادة .
"الهم راكبني يا ولدي ، ما في عنّا وقت للراحة ، كل حياتنا هموم وشقا". منذ ولدت وكبرت وتعرفت على الدنيا ، وأنا أشاهد والديّ متعبين مرهقين ، لا يعرفان إلا الكد والعمل . أما هؤلاء ، سكان مدينة البحر ، فدائماً يبتسمون ، يسافرون ويعودون ، يَستقبلون وَيُستقبلون ، ولا أظن أنهم يعملون .
ربما قصة النملة والصرصار ليست صادقة ، فالنملة التي تعمل ليلاً نهاراً في الصيف ، ترتاح في الشتاء وتؤمّن الغذاء لها ولأولادها طوال فصول السنة ، لكنها لا ترتاح في قريتنا ، والديون تتراكم عليها . والصرصار الطروب الذي لا يعمل على الاطلاق في القصة ، لا يجد طعاماً له في فصل الشتاء ، لكنه في مدينة البحر لا يعمل ورغم ذلك يعيش في ترف وملذات وسعادة لا توصف .
لماذا وُلدت في هذه القرية النائية ؟ يا ليتني وُلدت في مدينة البحر لأتمتع بالحياة والسفر والرحلات والوجوه الباسمة . يا ليتني وُلدت هناك لأولاد والنقود في جيبي ، نقود كالينبوع الذي لا ينضب .
اتجهت الى شاطىء البحر مصمماً على اجتياز البحر مهما كلّفني الأمر . لن أموت والحسرة في قلبي ، لن أموت دون أن أرى العالم الذي يلي البحار ، لن أموت قبل أن أبتسم .
نزلت الى مياه البحر الدافئة ، شعرت بقشعريرة ، الموت ظهر لي كشبح أسود بشع مخيف ينتظر في وسط البحر . نظرت الى الشاطىء وحاولت العودة، إلا أن وجهي والدي وأمي الباكيين كانا بانتظاري على الشاطىء.
رغم حبي لهما إلا أني هربت من حزنهما السرمدي وغصت في مياه البحر . في البداية شعرتُ بجسدي يعلو ويعلو ، يطفو على وجه المياه ، والأمواج تداعب جسدي وتغريه للاندفاع الى الأمام ، نحو ذلك العالم الغامض الذي عشتُ لأراه .
يداي تزيلان المياه الى الوراء وقدماي تدفعان بجسدي الى الأمام ، بحركات ثابتة وواثقة كنتُ أتقدم الى أعماق البحر محاولاً اجتياز هذا الحاجز الذي فُرضَ عليّ منذ ولدت في تلك القرية النائية . يا ليتني وُلدت في مدينة البحر ، لكنت وفرت على نفسي مشاق خوض هذه المحاولة لاجتياز مياه البحر نحو الشاطىء الآخر .
البحر واسع والأمواج لا ترحم ، الأمواج تعيدني الى الوراء وأنا أتقدم . قدماي تدفعان بجسدي ، جسدي يقتحم الموجة تلو الأخرى ، جسدي ينتصر على الأمواج العاتية متحديّا عنفوانها بتقدمه الثابت .
انتهت
قريتي تتربع على جبل أجرد ، وعندما يحل المساء تشعر بالسكينة والهدوء والملل ، حياة رتيبة ، لا أضواء ، لا ألعاب لا دور للسينما ولا بحر ، الوجوه هي ذاتها ، جوه مرهقة تعبة ، وجوه لا تعرف أشياء أخرى ، لا تعرف أنه هنالك وقت للمتعة والبحث عن السعادة .
"الهم راكبني يا ولدي ، ما في عنّا وقت للراحة ، كل حياتنا هموم وشقا". منذ ولدت وكبرت وتعرفت على الدنيا ، وأنا أشاهد والديّ متعبين مرهقين ، لا يعرفان إلا الكد والعمل . أما هؤلاء ، سكان مدينة البحر ، فدائماً يبتسمون ، يسافرون ويعودون ، يَستقبلون وَيُستقبلون ، ولا أظن أنهم يعملون .
ربما قصة النملة والصرصار ليست صادقة ، فالنملة التي تعمل ليلاً نهاراً في الصيف ، ترتاح في الشتاء وتؤمّن الغذاء لها ولأولادها طوال فصول السنة ، لكنها لا ترتاح في قريتنا ، والديون تتراكم عليها . والصرصار الطروب الذي لا يعمل على الاطلاق في القصة ، لا يجد طعاماً له في فصل الشتاء ، لكنه في مدينة البحر لا يعمل ورغم ذلك يعيش في ترف وملذات وسعادة لا توصف .
لماذا وُلدت في هذه القرية النائية ؟ يا ليتني وُلدت في مدينة البحر لأتمتع بالحياة والسفر والرحلات والوجوه الباسمة . يا ليتني وُلدت هناك لأولاد والنقود في جيبي ، نقود كالينبوع الذي لا ينضب .
اتجهت الى شاطىء البحر مصمماً على اجتياز البحر مهما كلّفني الأمر . لن أموت والحسرة في قلبي ، لن أموت دون أن أرى العالم الذي يلي البحار ، لن أموت قبل أن أبتسم .
نزلت الى مياه البحر الدافئة ، شعرت بقشعريرة ، الموت ظهر لي كشبح أسود بشع مخيف ينتظر في وسط البحر . نظرت الى الشاطىء وحاولت العودة، إلا أن وجهي والدي وأمي الباكيين كانا بانتظاري على الشاطىء.
رغم حبي لهما إلا أني هربت من حزنهما السرمدي وغصت في مياه البحر . في البداية شعرتُ بجسدي يعلو ويعلو ، يطفو على وجه المياه ، والأمواج تداعب جسدي وتغريه للاندفاع الى الأمام ، نحو ذلك العالم الغامض الذي عشتُ لأراه .
يداي تزيلان المياه الى الوراء وقدماي تدفعان بجسدي الى الأمام ، بحركات ثابتة وواثقة كنتُ أتقدم الى أعماق البحر محاولاً اجتياز هذا الحاجز الذي فُرضَ عليّ منذ ولدت في تلك القرية النائية . يا ليتني وُلدت في مدينة البحر ، لكنت وفرت على نفسي مشاق خوض هذه المحاولة لاجتياز مياه البحر نحو الشاطىء الآخر .
البحر واسع والأمواج لا ترحم ، الأمواج تعيدني الى الوراء وأنا أتقدم . قدماي تدفعان بجسدي ، جسدي يقتحم الموجة تلو الأخرى ، جسدي ينتصر على الأمواج العاتية متحديّا عنفوانها بتقدمه الثابت .
انتهت