محمد عبدالعزيز أحمد - كان يطلب اِغاثة من رئة الغياب..

كان يطلب اِغاثة
من رئة الغياب
يقول ( اُريدُ ماءً )
فتقذفه الصحراء بالسراب
يقول ( اُريدُ هواء )
فتضمه الاشجار وتستنشق رئتاه
وتهمس في اذنه ( اششششش صمتاً )
لا تفزع عصافيري النائمة
كان يحفظ (قصيدة الموت الاخير )
برواياتها الاحدى عشرة
وكان يُصلي في جميع الاعياد
لا فرق عنده بين الأضحية
وعيد الحصاد
وعيد الفقدان الذي لم تعترف به ( وزارة الاعياد الدولية ) قط
و كان مرعوباً
في تلك العتمة الهالكة ، رغم الطقس الخانق
لم يكن يخلع رداءه ابداً
ينام بكامل الثياب والسُترة المُرقعة ، وعطر الزيارة الانثوية الاخيرة لجسده
اطلال القبلة الاخيرة
في جسده الذي إِلتهمه الوقت ، وباعته الأوجاع للتسوس
لم يكن يخلع رداءه ابداً
لأنه يخشى إِن يداهمه الضوء
منتصف الحُلم
عارٍ
غير مهيء للركض
الى ازِقة اخرى ، للمبيت في حزنه
دون اِنفضاح
كان مُصابا بلوثة التفكير في الغد
يحلم بنعش دافئ
يخشى في الموت البرد ، وصور التأبين
و قصيدة رثاء يكتبها صديقه البائس
يُحدث الاخرين عن طيبته
وكيف انه كان رجلاً نزيهاً ،
عاش اكذوبته الابدية في حياته المعطوبة
ويخشى الموت على اكذوبة اخرى
ولا يزال
يطلب اغاثة من نفسه
اريد صمتاً
ووسادة للنسيان
وسيجارة لا تنطفئ ، منتصف الرغبة
وجسد يُجيد الحوارات الصامته
وتهدئة الخيول التى تركض منتصف الشبق
اليس ( الشبق )
هو التعبئة القصوى للحواس
عملية تذخير الجسد بخيالات مبهمة عن الخلاص
صرخ بقوة
منتصف نفسه
اُريد ( مرآة ) انعكاسها انا
لا هي
اتعبته صورتها المستنسخة في كل شيء
صرخ من جديد
(اُريد قصيدة ) تُمثلني انا ، بكامل الضعف والهشاشة
بكامل الرغبة واللغة البذيئة لصمتي
تمثلني
لا علاقة لها بنهديها
والفراشات التي تحلق
كلما ابتسم ثغرها
قال كل شيء دفعة واحدة ، قال اكثر مما نطق به على مر اوجاعه
قال كل شيء
ولم يسمعه احد ، حتى نفسه
سمعت بكاءه همهمات
فإتهمته (بالجنون )
وواصلت حديثها عن مؤخرة مطربة
إستضافها الموت
منتصف حفل موسيقي
حتى نفسه
لم تعد تُطيق
حداده الدائم ، وتذمره المُتكرر
عن نوافذ الجحيم ، وايات الصمت
وسراط الموت المؤجل


محمد عبد العزيز /السودان

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...