في سياق ما يعرفه العالم أجمع من تداعيات وخيمة لوباء كورونا على كل مناحي الحياة، يطرح البروفيسور الغالي أحرشاو (أستاذ علم النفس المعرفي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس) تصورا سيكولوجيا أصيلا حول هذه التداعيات وحول الآثار النفسية والاجتماعية المحتملة لهذا الوباء. وهو عبارة عن مقالة تحليلية نشرتها شبكة العلوم النفسية العربية تحت عنوان ” جائحة كوفيد 19- Covid، وسيكولوجية التدخّل والمواجهة” كمساهمة منه في إغناء النقاش العلمي حول فيروس كورونا، وبخاصة في ما يتعلق بسيكولوجية التدخل والمواجهة. متجاوزا بذلك عتبة التفسير السيكولوجي ليوسع “الماصدق” التحليلي ليشمل مختلف الحقول المعرفية والاجتماعية، حيث عمد إلى المزاوجة بين التفسير السيكولوجي والتحليل السوسيوثقافي بحس فلسفي وببوصلة إنسانية، تماما مثلما يفعل عالم النفس الأمريكي المعاصر Robert Sternberg في مقاربته للظواهر النفسية. ومن هذا المنطلق تأتي هذه القراءة التفاعلية لمقالة البروفيسور الغالي أحرشاو حول Covid-19 ، وهي عبارة عن قراءة فلسفية لموقفه السيكوسوسيوثقافي المتعلق بالوباء، وكل ما يرتبط به من تداعيات على الفرد والمجتمع. فبالنسبة له فإن وباء كورونا أصبح يشكل جائحة عالمية غزت كل بلدان العالم، ذلك أن ظهور وانتشار هذا الوباء ولد لدى الإنسان شحنات انفعالية قوية يصعب التحكم فيها، حيث تتولد عنها في الغالب تداعيات نفسية من قبيل الخوف المفرط والقلق الحاد واضطراب في المزاج والنوم، بحسب ما جاء في المقالة. ولعل ما زاد من وطأة الوباء هو سرعة انتشاره وتفشيه، ذلك أنه وباء عابر للقارات ولا يختار ضحاياه، في ظل غياب أي ترياق شاف له لحد الساعة، يضيف البروفيسور الغالي أحرشاو. فكيف سيؤثر إذا هذا الوباء على سلوك الإنسان وعلى دينامية المجتمعات ومنطق تفاعلاتها وقيمها ؟ وما هي ملامح عالم ما بعد كورونا، أو النظام العالمي الجديد كما يتصوره البروفيسور الغالي أحرشاو؟
من وجهة نظره، فإن ظهور وانتشار هذا الوباء قد شكل صدمة للإنسان أفاقته من سباته العميق على حد تعبير إمانويل كانط، الأمر الذي جعل البروفيسور الغالي أحرشاو يتنبأ بتحول في قيم ونمط عيش المجتمعات، فقيم العالم ستتغير بعد تلاشي هذه الجائحة، صحيا، اقتصاديا، اجتماعيا، وحتى سياسيا. فإنسان ما بعد كورونا هو إنسان يسعى إلى إشباع الحاجات الضرورية والأساسية لبقائه على قيد الحياة، والابتعاد قدر الإمكان عن البحث عن الملذات والكماليات الزائدة، بحسب تصوره، إنسان مختلف عن الإنسان الأخير كما تصوره فرانسيس فوكوياماFrancis Fukuyama (1992) ودافع عنه في كتابه « The end of History and the last Man » ذلك الإنسان الذي يسعى بشكل حثيث إلى إشباع رغبة الاعتراف الأنوي، التي تغذيها روح الليبرالية والنزعة الفردانية. فبعد أن كشف هذا الفيروس الصغير عن قصور الإنسان وعن مدى ضعفه وهشاشته، ونسبية علمه ومحدودية ذكائه، تبددت أسطورة العظمة والسيادة على الطبيعة، إلا أنه وبالرغم من الطابع التراجيدي لجائحة كورونا، فإن البروفيسور الغالي أحرشاو ومن خلاله حدسه السيكولوجي الخاص، يرى أنه من المرجح أن تكون لهذه الجائحة نتائج إيجابية، خصوصا في ما يتعلق بالجانب الروحي للإنسان المعاصر، حيث لوحظ ازدياد منسوب الإيمان لدى الأفراد، من خلال تقوية صلتهم الروحية بالله.
وارتباطا بهذا يؤكد البروفيسور الغالي أحرشاو أن جائحة كورونا قد تشكل فرصة لاتحاد البشرية للعمل على مواجهة الآفات والكوارث التي تهدد أمنها واستقرارها، حيث ستنزع البشرية شيئا فشيئا نحو الاتحاد. وإذا كان صمويل هانتينغتون (2000) Samuel P. Huntington قد جعل من قيم العولمة أساس هذه الوحدة البشرية، كما ذهب إلى ذلك في كتابه صدام الحضارات « le choc des civilisations » ، حيث يخصص المحور الثالث من الكتاب للإجابة عن سؤال مركزي يتلخص في مدى إمكانية وجود ثقافة إنسانية عالمية ؟ بحيث ينتهي إلى أن الثقافة الإنسانية تنحو وتنزع إلى الكونية، فإن البروفيسور الغالي أحرشاو يرفض تماما مثل هذا التصور، إذ يجعل من القيم الروحية – باعتبارها قيمة كونية يتقاسمها كل الأفراد في جميع الثقافات- أساس وحدة الجنس البشري واتحاده. وهكذا فالعالم مقبل على تحول راديكالي على مستوى القيم، وهو تحول من قيم الفردانية المغلقة ومجتمع الاستهلاك، إلى قيم التضامن والأمن والتكافل الاجتماعي، بحسب تصوره، وهو التصور الذي طالما دافع عنه عالم الاقتصاد والفيلسوف الهندي أمارتيا صن Amarty Sen (2006) من خلال مؤلفه الشهير « Identity and Violence, the Illusion of Distiny » ، إذ يرى أن إنسانيتنا المشتركة تتعرض لتحديات وحشية عندما توحد التقسيمات المتنوعة في العالم في نظام واحد مهيمن مزعوم يعتمد على الدين أو الثقافة أو الحضارة والأمة.
وختاما فإن الدعوة إلى اتحاد أبناء الجنس البشري لمواجهة الآفات والتصدي للأزمات المحدقة بالإنسان، والتخلي عن النظرة الاختزالية الضيقة للإنسان والمجتمع، لم تأت هذه المرة من أنصار براديغم خطاب النهايات وصراع الحضارات، ولا حتى من أنصار براديغم التنوع الثقافي والهوية الإنسانية المشتركة، بل نبعت من صميم التصور السيكولوجي والحس الفلسفي لعميد السيكولوجيا في العالم العربي البروفيسور الغالي أحرشاو، وهو تصور إنساني فينومولوجي يتأسس على منطق العلم والعقل، بعيدا عن الإيديولوجيا أو الأدلجة، وهنا بالذات تكمن أصالة البروفيسور الغالي أحرشاو، وعمق فكره السيكولوجي.
من وجهة نظره، فإن ظهور وانتشار هذا الوباء قد شكل صدمة للإنسان أفاقته من سباته العميق على حد تعبير إمانويل كانط، الأمر الذي جعل البروفيسور الغالي أحرشاو يتنبأ بتحول في قيم ونمط عيش المجتمعات، فقيم العالم ستتغير بعد تلاشي هذه الجائحة، صحيا، اقتصاديا، اجتماعيا، وحتى سياسيا. فإنسان ما بعد كورونا هو إنسان يسعى إلى إشباع الحاجات الضرورية والأساسية لبقائه على قيد الحياة، والابتعاد قدر الإمكان عن البحث عن الملذات والكماليات الزائدة، بحسب تصوره، إنسان مختلف عن الإنسان الأخير كما تصوره فرانسيس فوكوياماFrancis Fukuyama (1992) ودافع عنه في كتابه « The end of History and the last Man » ذلك الإنسان الذي يسعى بشكل حثيث إلى إشباع رغبة الاعتراف الأنوي، التي تغذيها روح الليبرالية والنزعة الفردانية. فبعد أن كشف هذا الفيروس الصغير عن قصور الإنسان وعن مدى ضعفه وهشاشته، ونسبية علمه ومحدودية ذكائه، تبددت أسطورة العظمة والسيادة على الطبيعة، إلا أنه وبالرغم من الطابع التراجيدي لجائحة كورونا، فإن البروفيسور الغالي أحرشاو ومن خلاله حدسه السيكولوجي الخاص، يرى أنه من المرجح أن تكون لهذه الجائحة نتائج إيجابية، خصوصا في ما يتعلق بالجانب الروحي للإنسان المعاصر، حيث لوحظ ازدياد منسوب الإيمان لدى الأفراد، من خلال تقوية صلتهم الروحية بالله.
وارتباطا بهذا يؤكد البروفيسور الغالي أحرشاو أن جائحة كورونا قد تشكل فرصة لاتحاد البشرية للعمل على مواجهة الآفات والكوارث التي تهدد أمنها واستقرارها، حيث ستنزع البشرية شيئا فشيئا نحو الاتحاد. وإذا كان صمويل هانتينغتون (2000) Samuel P. Huntington قد جعل من قيم العولمة أساس هذه الوحدة البشرية، كما ذهب إلى ذلك في كتابه صدام الحضارات « le choc des civilisations » ، حيث يخصص المحور الثالث من الكتاب للإجابة عن سؤال مركزي يتلخص في مدى إمكانية وجود ثقافة إنسانية عالمية ؟ بحيث ينتهي إلى أن الثقافة الإنسانية تنحو وتنزع إلى الكونية، فإن البروفيسور الغالي أحرشاو يرفض تماما مثل هذا التصور، إذ يجعل من القيم الروحية – باعتبارها قيمة كونية يتقاسمها كل الأفراد في جميع الثقافات- أساس وحدة الجنس البشري واتحاده. وهكذا فالعالم مقبل على تحول راديكالي على مستوى القيم، وهو تحول من قيم الفردانية المغلقة ومجتمع الاستهلاك، إلى قيم التضامن والأمن والتكافل الاجتماعي، بحسب تصوره، وهو التصور الذي طالما دافع عنه عالم الاقتصاد والفيلسوف الهندي أمارتيا صن Amarty Sen (2006) من خلال مؤلفه الشهير « Identity and Violence, the Illusion of Distiny » ، إذ يرى أن إنسانيتنا المشتركة تتعرض لتحديات وحشية عندما توحد التقسيمات المتنوعة في العالم في نظام واحد مهيمن مزعوم يعتمد على الدين أو الثقافة أو الحضارة والأمة.
وختاما فإن الدعوة إلى اتحاد أبناء الجنس البشري لمواجهة الآفات والتصدي للأزمات المحدقة بالإنسان، والتخلي عن النظرة الاختزالية الضيقة للإنسان والمجتمع، لم تأت هذه المرة من أنصار براديغم خطاب النهايات وصراع الحضارات، ولا حتى من أنصار براديغم التنوع الثقافي والهوية الإنسانية المشتركة، بل نبعت من صميم التصور السيكولوجي والحس الفلسفي لعميد السيكولوجيا في العالم العربي البروفيسور الغالي أحرشاو، وهو تصور إنساني فينومولوجي يتأسس على منطق العلم والعقل، بعيدا عن الإيديولوجيا أو الأدلجة، وهنا بالذات تكمن أصالة البروفيسور الغالي أحرشاو، وعمق فكره السيكولوجي.