المكّي الهمّامي - صباح الغواية.. أو أبجديات جديدة للمحو..

《ألف》
أَنا الْوَلَدُ الْمُسْتَبِدُّ
بِمَا يَشتَهِيهِ. أَضَأْتُ بُرُوقَ الْغَوَايَةِ
بِالرَّفْضِ وَالْمَحْوِ وَالْهَتْكِ. أَبْقَيْتُ
بَعْضِي. وَأفْنَيْتُ بَعْضِي. ذَهَبْتُ،
إِلَى مَا يُحِبُّ الْمُحِبُّ الْبِدَائِيُّ
فِي مَنْ يُحِبُّ. قَرَأْتُ كِتَابِي،
عَلَى الْخَلْقِ، مُرْتبِكًا، كَرَسُولٍ
خَجُولٍ. وَأَلْقَيْتُهُ فِي مِيَاهِي.
وَأَعْليْتُ هَذَا الأُفُولَ،
قَمِيصًا لأَصْبَاحِيَ الْقَادِمَهْ..

《باء》
هِيَ الْغَيْمَةُ الْبِكْرُ، أُطْلِقُهَا،
فِي عَرَاءِ الْبِدَايَاتِ. أَنْتَظِرُ الْفَجْرَ،
مُحْتَرِقًا. وَأُ غَ مْ غِ مُ،
فِي غَمْرَةِ الإِثْمِ :
(ثَمَّةَ، فِي دَاخِلِي، نَهَرٌ
رَاااااااااااااااااااا كِضٌ
خَلْفَ أَشْوَاقِهِ فِي الْبَعِيدِ...)
صُعُودًا إِلَى النَّبْعِ، أُمْعِنُ
فِي حَرْقِ شَمْعِ أُنُوثَتِهَا بِلُعَابِي.
أَمُدُّ عَبَاءَةَ جِلْدِي عَلَى جِلْدِهَا.
وَأُطَوِّقُهَا بُرْهَةً، عَلَّنِي
أُبْصِرُ اللَّهَ عَنْ كَثَبٍ، وَاضِحًا،
مِثْلَ زنْبَقَةٍ فِي نَشِيدِي..
وَأَسْقُطُ بَعْدَ النَّوَافِيرِ مِنْ هَرَمِ الْجِنْسِ،
مُ نْ كَ سِ رً ا، فَوْقَ أَشْيَائِيَ الْهَرِمَهْ..

《ميم》
وَحِيدًا، سَأَغْرَقُ فِي مَا أُرِيدُ.
وَأَرْمِي بِشَمْسِي اللَّعِينَةِ فِي شَمْسِهَا، مُوغِلاً فِي صَبَاحِي. وَأُعْلِنُ :
(لَيْسَ هُنَالِكَ فِي بَاحَةِ الْقَلْبِ
تُفَّاحَةٌ غَيْرُهَا، كَيْ أُمَجِّدَ صَرْخَتَهَا،
تَتَفَتَّتُ بَاذِخَةً في جِرَاحِي...)
فَرَادِيسُهَا في الْخُرَافَةِ تَطْلُعُ لي،
وَجْهُهَا، رُكْبَتَاهَا، مَحَارِقُ شَهْوَتِهَا تَتَهَجَّجُ،
سَوْرَةُ أَحْلاَمِهَا تَطْحَنُ الْمَوْتَ
فَوْقَ رَصِيفِ الرِّيَاحِ...
أُسَمِّيكِ، أَيَّتُهَا الثَّمَرَاتُ الْعَصِيَّةُ، اِمْرَأتِي. أَنْتِ.. اِمْرَأَتِي..
وَأُغَنِّي لِمَا سَوْفَ تُضْرِمُهُ فِكْرَتِي
فِي لِحَاهمْ. وَأَسْألُنِي، لَحْظَةً :
(مَا الَّذِي تَسْتَطِيعُ الْحَمَامَةُ
– يَـا صَاحِبِي-
فَوْقَ سَبُّورَةِ الأُفْقِ، أَنْ تَرْسُمَهْ..؟!)

《سين》
غَرِيبًا، عَلَى هَذِهِ الأَرْضِ، أَعْرِفُنِي.
كُلَّمَا شِئْتُ إِشْعَالَ مِسْرَجَةٍ،
وَكِتَابَةَ شِعْرٍ يُمَجِّدُ حُزْنِي،
وَكَنْسَ جَمِيعِ الْجُثَثْ
تَعَثَّرْتُ فِيَّ،
وَأَيْقَنْتُ أَنِّي الْحُطَامُ الْمُقِيمُ،
وَأَنَّ الْحَيَاةَ الّتِي كُنْتُ أَحْيَا
خَوَاتِمُهَا عَبَثٌ فِي عَبَثْ...
لِذَا أَكْتُبُ، الآنَ،
فَوْقَ رِقَاعِي الأَخِيرَةِ صَوْتِي :
(أَغِثْنِي مِنَ الاِنْحِدَارِ الْبَطِيءِ
إِلَى الْمَوْتِ، إِنَّ الزَّمَانَ عَقِيمُ.
أَغِثْني مِنِ الْعُمْرِ، أَجْدَبَ يَلْتَفُّ بِي.
وأَغِثْنِي مِنَ الشَّنْقِ والصَّلْبِ وَالنَّفْيِ،
يَا أيُّهَا الْحُبُّ،
يَا سَيِّدِي الْفَوْضَوِيَّ.. أَغِثْ
شَهْقَتِي، وَيَدَيْهَا تُضِيئَانِ لِي عُزْلَتِي،
وَأَوْرَاقِيَ الْوَاهِمَهْ..)

《لام》
دَمِي لاَ يُصَدِّقُ مَا قَالَهُ اللَّيلُ لِي :
(أَيُّهَا الْعَاشِقُ الْوَثَنِيُّ، زَمَانُكَ مُرّْ..
سَتَجْرَحُ، فِي أَوَّلِ الْحُبِّ، قَلْبَكَ
هَذَا الصَّغِيرَ بِخِنْجَرِ شَهْوَتِهَا كَالْغَجَرْ..
فَكُنْ مَوْتَكَ الْحُرَّ. وَارْشُقْ غِيَابَكَ بِالْوَرْدِ أَبْيَضَ أَخْضَرَ أَحْمَرَ. واكْسِرْ سَمَاكَ الْحَمِيمَةَ في وَجْهِ هَذَا الضَّجَرْ..)
دَمِي لاَ يُصَدِّقُ، لَكِنَّنِي
رَاحِلٌ دَاخِلَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي
علَّمَتْنِي الْكِتَابَةَ، مذْ كُنْتُ طِفْلاً
-وَمَازِلْتُ- فِي لَوْحَتِي الفَاحِمَهْ..

《هاء》
أُؤَكِّدُ لِلرُّعْبِ،
أَزْرَقَ يَعْصِفُ بِي،
أَنَّ هَذِي الْقَصِيدَةَ أُنْثَايَ. وَحْدِي،
سَأَحْرُسُهَا مِنْ نِهَايَتِهَا، لَكَأَنِّي نَبِيٌّ
نُبُوَّتُهُ نَخْلَةُ الْبَدْءِ تُورِقُ،
عَالِيَةً، قُرْبَ أَوْتَادِهَا..
أُدْمِنُ الصَّمْتَ، لَكِنَّنِي اليَوْمَ،
أَحْفِرُ فِي حَجَرِ الصَّمْتِ صَوْتِي السَّمِيَّ،
كَأَنِّيَ نَجْمٌ يُشعُّ عَلَى كُلِّ أَبْعَادِهَا..
وَأَفْضَحُ، فِي غَفْلَةٍ
مِنْ نُعَاسِ الطَّوَاغِيتِ،
أَزْمِنَتِي الْجُمْجُمَهْ..

《ياء》
مَرِيضًا بِهَا، أَتَقَرَّى دَمِي
فِي حِجَارِ الْمَكَانِ. وَأَمْضِي
إِلى جَمْرِ أَشْيائِهَا، فِكْرَةً لاَ شَبِيهَ لَهَا. وَأُسَمِّي ضَلاَلِي يَقِينًا،
لِمَنْ سَوْفَ يَقْفُو خُطَايَ
عَلَى عَتَبَاتِ الْقَصِيدِ...
أَنَا مَنْ يُضِيءُ مَبَاهِجَهَا. رُبَّمَا،
مِنْ عَذَابِ الْوُجُودِ، أُكَوِّنُ صَلْصَالَهَا الْفَذَّ. أَدْعَكُهُ، بَيْنَ كَفَّيَّ، كَامِلَ لَيْلِيَ. أَصْقُلُهُ، جَيِّدًا، بِلِسَاني. وَلَحْظَةَ أُنْهِي مَفَاتِنَهَا كُلَّهَا
أَ
تَ
سَ
ا
قَ
طُ............. قُدَّامَ أَقْدَامِهَا،
رَاكِعًا سَاجِدًا خَاشِعًا، كَالْمُرِيدِ...
مِنَ الآنَ،
فِي وُسْعِ قِطْعَةِ شَمْعٍ،
تُضَوِّئُ وَحْشَةَ أَحْزَانِنَا،
أَنْ تَكُونَ عَلَى ظَهْرِ سَجَّانِنَا
قَشَّةً قَاصِمَهْ..


☆ شعر/ المكّي الهمّامي.
☆ من قصائد المرحلة الجامعية/ منّوبة/ 2000.
☆ ديوان/ هذا ملكوتي.



https://www.facebook.com/makki.hammami/posts/10223408304182784
التفاعلات: جوهر فتّاحي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...