عزيزي الآخر ...
تكشّر الكلمات الأولى عن أنيابها في رغبة بالتهام أفكاري، لتقذف بها إلى الدرك الأسفل من اللاوعي، حيث تكون المحاكمات صادرة بدون جلسة قضائية، فالحكم واحد؛ تبخّرٍ لجسد الفكرة وبقاء روحها متناثرة كغبار سحريّ، ليصيب أفكارًا أخرى بحالة من الدوار، أو ربما ليخرُج على وجه احداها في وقت غير مناسب.
كم يبدو معذِّبًا، شعور الحاجة لملئ صفحة بيضاء ليراها الآخرون، تُعرّف عن الشخص، تختزله بالقليل من المعاني التي قد يفهمها القارئ. وما بين المقصود والمفهوم بحور من الاختلافات.
لكن تغلبنا حاجة الحديث، يغلبنا حبّ الظهور، فلمَ لا؟ لمَ يخبّئ أيًا منا أكوامًا من الأفكار حول شيء ما، طالما هو يتنفّس، طالما هناك وسيلة للنشر والوصول!
وربما وسيلة الوصول هذه هي التي تقتل...
كم تغدو عوالمنا معقّدة، فوضوية؛ عوالمنا الداخلية التي لا تتخذ من المنطق المتسلسل منهجًا. تلك الهوّة السحيقة بين ما نرصده ونفهمه، وبين العوالم المتوارية التي لا نستطيع اليها سبيلًا؛ يُرسَل إلينا عبرها رسائل مموهة في أحلام ليالينا، أو في خيالاتنا التي تتردد بعشوائية، محمّلة على تيّار الوعي، تستجلب من هنا وهناك، أنصاف حقائق، وتُكمِل اللوحة بألوان الوهم المقنِع.
يحاول عقلي كتابة شيء مفهوم، قصة متسلسلة مرتّبة، تبدأ بتاريخ يومٍ ما، وتنتهي بهذه اللحظة.
ولكن تلك القصة أغيّر تفاصيلها في كل ليلة، أرسم لها بدايات جديدة دائمًا، أقتبس من هنا وهناك، حتى تُغرِقني أحلامي الغامضة بسحرها. فكيف لي أن أرصد الحقيقة من بين أكوام الأوهام؟ وما هي أهمية "الحقيقة" -إن وجدت-، طالما أنني أحاول إظهار نفسي، طالما أرغب بالتعريف عنّي، بلا أدنى أهمية لتراهات عقلي الحكّاء، التي يحاول بها أن يساعدني بكسل، حتى أعيش تجربة لحظية تسمّى (الآن).
تغريني هذه التجربة الغامضة في هذا الزمن السائل ..
لقد وقعت أسيرة بين قضبان الوهم المنسوج ليحيك بقايا فعلية لاعتقاداتي الواهمة، انا مغرمة بقدرة عقلي على هدهدتي في كل يوم، على اغراقي بتفاصيل مُفتَعلة، دافئة، يهبْ لي بحبّ واخلاص لحظات ممتدة من الطمأنينة والرضا، ألجأ اليها كلما خلا الحسّ من شيء يرضيني.
ممممممم، ماذا أريد أن أقول تحديدًا؟
ربّما القدرة على رؤية نفسك بعيون الآخر؛ ان ترى نفسك بعين هذا الغريب تغدو كوقوف أمام مرآة عجيبة، تتساءل عن تلك الصورة، ما هو القانون الفيزيائي الذي جعلها تختلط بقصاصات لا تنتمي لك؟ لماذا هذه القصاصات تحديدًا؟ وهل ثمة مرآة حقيقية أصلًا! إلى أي مدى أيًا منا يعرف نفسه؟
نحن بحاجة لآراء الآخرين، ليكون هناك (مكان مرجعي) نعرف من خلاله أحد أوجه الحقيقة، لن نرى أيّ نوع من الاكتمال، سنبقى في محاولة لإكمال لوحة تركيب؛ قصاصاتها تتغير باستمرار، ففي حين تعرف مكان أحد القطع تكون قد تغيرت!
ولكن رغم ذلك تبقى التجربة ممتعة وآسرة، حين تشعر بوجودك، معرّفًا بشكل مختلف، في عقل أحدهم.
هل جرّبت أن تعمل بوظائف لم تسمع عنها من قبل؟
أن تغدو حبلًا متينًا بين شخص، وصورته عن نفسه. أن تكون ككتاب يُدوّن عليه فلسفاتٍ حول الحياة/الموت، وما بينهما، وربما ما ورائهما.
الحاجة لتلمّس كينونتنا عبر الآخر، البحث المضني عن أنفسنا، يدفعنا كل ذلك للحاجة لنوع من التعرّي الفكري، للحديث حول الجانب المظلم منّا في وضوح، الشعور بأفكارنا تُمضَغ بداخل عقل الآخر، كيلا نبقى نلوكها في أفواهنا وعلى أطراف أناملنا مدى الحياة.
هذه الحاجة تُحقّق فقط عندما نقترن بشخص نعتقد بأنه قد يحتضن كل ما يراه منّا، ونمد أذرعنا لنحتضن نحن أيضًا كل ما نراه منه.
كثير من ال(قد ، ربما).. آمال معلّقة في حبال من هواء ..
المخلصة ، أنا
تكشّر الكلمات الأولى عن أنيابها في رغبة بالتهام أفكاري، لتقذف بها إلى الدرك الأسفل من اللاوعي، حيث تكون المحاكمات صادرة بدون جلسة قضائية، فالحكم واحد؛ تبخّرٍ لجسد الفكرة وبقاء روحها متناثرة كغبار سحريّ، ليصيب أفكارًا أخرى بحالة من الدوار، أو ربما ليخرُج على وجه احداها في وقت غير مناسب.
كم يبدو معذِّبًا، شعور الحاجة لملئ صفحة بيضاء ليراها الآخرون، تُعرّف عن الشخص، تختزله بالقليل من المعاني التي قد يفهمها القارئ. وما بين المقصود والمفهوم بحور من الاختلافات.
لكن تغلبنا حاجة الحديث، يغلبنا حبّ الظهور، فلمَ لا؟ لمَ يخبّئ أيًا منا أكوامًا من الأفكار حول شيء ما، طالما هو يتنفّس، طالما هناك وسيلة للنشر والوصول!
وربما وسيلة الوصول هذه هي التي تقتل...
كم تغدو عوالمنا معقّدة، فوضوية؛ عوالمنا الداخلية التي لا تتخذ من المنطق المتسلسل منهجًا. تلك الهوّة السحيقة بين ما نرصده ونفهمه، وبين العوالم المتوارية التي لا نستطيع اليها سبيلًا؛ يُرسَل إلينا عبرها رسائل مموهة في أحلام ليالينا، أو في خيالاتنا التي تتردد بعشوائية، محمّلة على تيّار الوعي، تستجلب من هنا وهناك، أنصاف حقائق، وتُكمِل اللوحة بألوان الوهم المقنِع.
يحاول عقلي كتابة شيء مفهوم، قصة متسلسلة مرتّبة، تبدأ بتاريخ يومٍ ما، وتنتهي بهذه اللحظة.
ولكن تلك القصة أغيّر تفاصيلها في كل ليلة، أرسم لها بدايات جديدة دائمًا، أقتبس من هنا وهناك، حتى تُغرِقني أحلامي الغامضة بسحرها. فكيف لي أن أرصد الحقيقة من بين أكوام الأوهام؟ وما هي أهمية "الحقيقة" -إن وجدت-، طالما أنني أحاول إظهار نفسي، طالما أرغب بالتعريف عنّي، بلا أدنى أهمية لتراهات عقلي الحكّاء، التي يحاول بها أن يساعدني بكسل، حتى أعيش تجربة لحظية تسمّى (الآن).
تغريني هذه التجربة الغامضة في هذا الزمن السائل ..
لقد وقعت أسيرة بين قضبان الوهم المنسوج ليحيك بقايا فعلية لاعتقاداتي الواهمة، انا مغرمة بقدرة عقلي على هدهدتي في كل يوم، على اغراقي بتفاصيل مُفتَعلة، دافئة، يهبْ لي بحبّ واخلاص لحظات ممتدة من الطمأنينة والرضا، ألجأ اليها كلما خلا الحسّ من شيء يرضيني.
ممممممم، ماذا أريد أن أقول تحديدًا؟
ربّما القدرة على رؤية نفسك بعيون الآخر؛ ان ترى نفسك بعين هذا الغريب تغدو كوقوف أمام مرآة عجيبة، تتساءل عن تلك الصورة، ما هو القانون الفيزيائي الذي جعلها تختلط بقصاصات لا تنتمي لك؟ لماذا هذه القصاصات تحديدًا؟ وهل ثمة مرآة حقيقية أصلًا! إلى أي مدى أيًا منا يعرف نفسه؟
نحن بحاجة لآراء الآخرين، ليكون هناك (مكان مرجعي) نعرف من خلاله أحد أوجه الحقيقة، لن نرى أيّ نوع من الاكتمال، سنبقى في محاولة لإكمال لوحة تركيب؛ قصاصاتها تتغير باستمرار، ففي حين تعرف مكان أحد القطع تكون قد تغيرت!
ولكن رغم ذلك تبقى التجربة ممتعة وآسرة، حين تشعر بوجودك، معرّفًا بشكل مختلف، في عقل أحدهم.
هل جرّبت أن تعمل بوظائف لم تسمع عنها من قبل؟
أن تغدو حبلًا متينًا بين شخص، وصورته عن نفسه. أن تكون ككتاب يُدوّن عليه فلسفاتٍ حول الحياة/الموت، وما بينهما، وربما ما ورائهما.
الحاجة لتلمّس كينونتنا عبر الآخر، البحث المضني عن أنفسنا، يدفعنا كل ذلك للحاجة لنوع من التعرّي الفكري، للحديث حول الجانب المظلم منّا في وضوح، الشعور بأفكارنا تُمضَغ بداخل عقل الآخر، كيلا نبقى نلوكها في أفواهنا وعلى أطراف أناملنا مدى الحياة.
هذه الحاجة تُحقّق فقط عندما نقترن بشخص نعتقد بأنه قد يحتضن كل ما يراه منّا، ونمد أذرعنا لنحتضن نحن أيضًا كل ما نراه منه.
كثير من ال(قد ، ربما).. آمال معلّقة في حبال من هواء ..
المخلصة ، أنا