د. عادل الأسطة - الست كورونا : الشرطة والكمامة والنساء العجائز (٢٨)

كان السوق الشرقي في نابلس أمس في الحادية عشرة صباحا على غير عادته . كان المشترون قليلين وكان الباعة يقفون ينتظرون . كما لو أن أمس كان يوم إغلاق ، وكما لو أن الإمساك عاد وأصاب حمودة.
أمام حلويات الأقصى حيث أخذت أنتظر السدر الجديد من الكنافة كان الزبائن أيضا قليلين ، وفي هذه الأثناء مر الشرطة يسألون الناس عن الكمامة ، ولما كنت دونها ، فقد سألني الشرطي عن سبب عدم ارتدائها ، فأجبته بأنها في الحقيبة وإنني أحرص على التباعد الجسدي ، فصمت وتابع ، مع الشرطيات الثلاثة اللاتي كن يرافقنه ، سيره.
في المساء شاهدت شريط فيديو يتحدث فيه مواطن عربي من دولة اسكندنافية يرينا أن الحياة في هذه الدولة عادت إلى طبيعتها ؛ فلا كمامة أو كمائم ولا تباعد جسدي والناس يحتسون البيرة والنبيذ والمشروبات الساخنة و ... ويضحكون بفرح ودون خوف.
في المساء وصلتني ثلاثة أشرطة صوتية ؛ الأول لواعظ ينصح المقبلين على الزواج من الرجال كبار السن أن يقترنوا بشابات صغيرات ، لا بطاعنات في السن ، فصغيرات السن لا تقترب الكورونا منهن ، بخلاف كبيرات السن ، والشريطان الثاني والثالث لامرأتين كبيرتين متزوجتين تدعوان على الرجل الذي سيخرب بيتهما ؛ فماذا تفعلان وأين تذهبان ، إن تزوج زوجاهما من شابات صغيرات.
الأشرطة الثلاثة أعادتني إلى كتاب " قطر الندى وبل الصدى " لابن هشام ، ففيه كنت قرأت قول الشاعر :
" لقد رأيت عجبا مذ أمسا
عجائزا مثل السعالى خمسا
يأكلن ما في رحلهن همسا
لا ترك الله لهن ضرسا
ولا لقين الدهر إلا تعسا "
والسعالى جمع سعلاة وهي الغول .
ويبدو أن عادة تهكم الرجال العرب على نسائهم حين تكبرن وتهديدهن بأنهم سيتزوجون من شابات صغيرات خرج من هذه الأبيات.
لماذا لم أضع الكمامة علما بأنها في الحقيبة.
كلما صعدت إلى حافلة أصغيت إلى حوار بين السائق والركاب عن سعر الأجرة .
فيروز تغني الآن " يا أهل الدار طلوا وطلوا الحبايب ، شعلانة الدار والسكر قلبه دايب " . وقلوبنا " دايبة " من غير كورونا ، فكيف هي في زمن الكورونا ؟ وكيف إذا اجتمع التخلف والاحتلال و " حسن جيرة الإخوة " وفتح البيوت في غياب أصحابها؟
أمس كان الاثنين ، وكانت صالونات الحلاقة مغلقة ، وأول أمس كانت أيضا مغلقة ، وأمس اشتريت ماكنة حلاقة بمائة شيكل وحلقت ما تبقى من شعر رأسي.
صباح الخير
خربشات
٢١ تموز ٢٠٢٠


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى