إهداء إلى الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان
دخل المعلم غرفة الصف، هدأ الطلبة والغبار العالق بخيط الضـوء الوحيد المنبعث من النافدة الخشبية .
ـ قيام . صـرخ طالب صغير الحجم، فوقف الطلبة.
جلوس . قال المعلم .
حالة من الترقب والتوجس، وربما الخوف، ساد في عيون الطلبة من المعلم الجديد . اقترب المعلم من أحد الطلبة . عينا الطفل تبحلق في وجه المعلم، يبتسم المعلم للطفل ويسأل عن اسم الطالب .
ًــ أ حمممممممممممممممممد .
أجاب الطفـل متلعـثما
عـاد المعلـم ًنحو السبورة ببطء، ثم نظر صوب طالب آخر وسأله:
لم أتيت إلى هنا؟
أبي يريد أن آتي إلى هنا . أجاب الطفل بعفوية .
ارتبكت مشاعر المعلم قلـيلا . حـاول أن يسـتعيد قدراتـه ، ابتسم ، كتب على السبورة: ماذا تعني لك كلمة مخيم؟
انتظر المعلم إجابة الطلبة . لم يرفع أحـد يـده كـي يجيـب . اعتقـد أن السؤال صعب فأعاد صـياغته من جديـد : مَـن مـنكم يعـرف مـا هـي الخيمة ؟ رفع صغير الحجم يده وقال: هو بيت الشعر يسكنه البـدوي في الصحراء.
جيد . وماذا أيضا ؟ صمت الجميع.
احتار المعلم كيف يوصل السؤال، فحـ اول إعـادة صــياغته كـامًلا
ُ فقال: حين لا يجد الإنسان ً بيتا طرد مـنه ، فـأين يسـكن ؟
عنـد جيرانه . أجاب أحد الطلبة مستهزئا ، فضحك جميع الطلبة . شـعر المعلـم
بإحراج، وشعر بأن سـياسة عض الأصـابع بـدأها الطلبـة بممارسـتها كي
يتعرفوا إلى أي مدى قوة شخصـيته...
تر اجع المعلم إلى الوراء متجاهلا ضحكات الطلبة ثم سأل: لو لم يجـد متسـًعا في بيـت الجـيران، فكيـف يتصـرف؟
يسكن في بيت آخر رررررررررررررررررر. ومد لسانه خارج فمـه عندما نطق بكلمة آخر .
ازداد توتر المعلم، ار تفع غضبه، كتم غيظه، حاول أن يرسـم طيف ابتسامة على وجهه كي يستعيد رباطة جأشه .
من يعرف خيمة الفلسطيني ؟
خيمــة ز رقــاء. أجــاب أحــد الطلبــة دون أن يســتأذن بالإجابــة
لا .
صفراء . أجاب آخر.
برتقالية.
لا.
لونها بنفسجي.
لا .
عجزنا . قل فزورة أسهل يا معلم . قالها أحـد الطلبـة .
أين تقع فلسطين؟ سأل المعلم وفي اعتقاده أ نه تغلب على فوضـى الطلبة في العراق.
في الصـين.
قرب البحر الأسود.
من احتل فلسطين و شُـرد شعبها ؟
نعم نعم، أنا أجيب يا معلمي أنا أ عرف.
فر ح المعلم وطلب من الطالب كي يجيبه فقال : الفلسطينيون يحتلون أرض إسـرائيل وقد شـردوا الشعب اليهودي وقـاموا بقتـل الأطفـال والنساء.
تقصد اليهود قاموا بقتل أطفال فلسطين؟
لا، أ قصد الفلسطينيون هم من فعلوا القتل والدمار.
من أخبرك ؟
( ........... )
أجب من أخبرك هذا ؟
( .................... )
أجب . أ جب . ...أجبببببببببببببببببببببببببببببببببب بببببببببببببببببببب
ضاع صـراخ المعلم ، واختفى بين ضجيج الطلبة .
تقول جدتي إنهم وجدوا المعلم ًميتا بين مقاعد الطلبة والغرفة خالية إلا من غبار الأتربة العالقة بالهواء المنبعث من الشباك الخشـبي الوحيـد في الغرفة الترابية المنعزلة.