الست كورونا : أجواء العيد وقوة الحياة (٣٦)

يبدو أن قوة الحياة والرغبة فيها أقوى من الست كورونا ، وربما يتذكر المرء هنا قصة غسان كنفاني " زمن الاشتباك " أو الصغير يذهب إلى المخيم " فالرغبة في الحياة أكبر من القيم والصداقة والقرابة والكرامة ، إذ الكل مستعد لأن يكذب مقابل تحقيق رغباته . في زمن الاشتباك ، يقول السارد ، تأتي الفضيلة لاحقا ، لأنه بلا حياة لا قيمة للفضائل كلها . وربما تذكر المرء أيضا بعض مقاطع " جدارية " محمود درويش ، ومنها " هزمتك يا موت الفنون جميعها " ... إلخ.
لماذا يتذكر المرء القصة وبعض أسطر الجدارية؟
ما عليك إلا أن تسير في شوارع نابلس لترى سير الناس في وسط المدينة حيث الصرافات الآلية وحيث محلات بيع الملابس . ومثل وسط المدينة الشوارع المحيطة بها . ثمة اكتظاظ وتدافع وإقبال على الشراء ، ما يعني أن الخوف من انتشار الوباء لا يعني للناس الكثير . إن ما يعني لهم الكثير هو الاحتفال بالعيد وعيش أجوائه والاستعداد له ثم يأتي الطوفان . هل ما ساعد على النشاط التجاري أمس هو صرف نسبة من رواتب الموظفين؟
أمس أعلن أيضا عن إقامة صلاة عيد الأضحى ، ولسوف تكون في الساحات العامة وملاعب كرة القدم على أن يحضر المصلون معهم سجاداتهم وعلى أن يتباعدوا جسديا ، فالضرورات تبيح المحظورات ، ولن يدعو الإمام إلى رص الصفوف ، وأغلب الظن أن الشياطين ستهرب من الفراغات بسبب الكورونا . هل تصيب الكورونا الشياطين ؟ وماذا عن الشياطين البشرية ، وما أكثرها ؟!
أمس ارتفعت أصوات المسجلات تبث دعاء العيد " الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا و ... إلخ ..إلخ " ، وكل عيد ونحن بلا كورونا.
صباح الخير
خربشات
٢٩ تموز


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى