عبود الجابري - دركٌ لقميصها.. شعر

لم يأتِ الدّركُ هذا الصّباح
مع أنّهم يعرفون
أن غداً سيكون عطلة
،وعلي أن ادلّل أحزاني نكاية بأيام الأسبوع الأخرى
،كنت قد حلقت لحيتي
وانتقيت ملابس غامقة اللون
لنهار لا أعرف لونه
،حتى أنّي توضأت
،نعم توضأت
، فربّما سيكونُ عليّ أن أصلّي هناك
،وربّما يشتدُّ في روحي
وترُ أخير
فأرتّل مايتيسّر لي
من آيات أحفظ مطالعها
وحين أضيع الطريق إلى نهاياتها
أكون قد تماثلت
للحضور في الغرفة المظلمة
،وهي ليست مظلمة تماما
،قد تكون شبيهة بغرف تحميض الأفلام
،نعمْ فحياتي فيلم
ألوانه رهن حياتها
وهناك سيُظهر الدّركي الأنيق
ماعليه من صور
،صورتي
وأنا أرتدي ضحكتي القاصر
،صورتي
وأنا أمسح بماتبقى من بيجامتي زجاجَ العمارة الموحل
،صورتي
وأنا ألِدُ في غفلة من أهلي
،لكنّه سيتوقف طويلاً
عند صورتي حين أكون عارياً
،سيثيره هذا التوحّش في نظراتي
،وفمي المستطيل
منفرجاً عن ابتسامة
تشبه ابتسامة من يتذلّل لبخيل
يبتغي منه ديناً
،يعيد تحميض الصورة
عسى أن تختفي
أعضائي المخجلة
من الصورة
،لكنها تعاود الظهور بوضوح أكثر
،ينظر إليّ
ليتأكّد إن كنتُ حقا
ذلك العاري المنحوت في الصورة فيجنّ جنونه
حين يلسعه الشّبَهُ بيننا
،لكنّ الدّرك
لم يأتوا هذا الصباح
،ذلك يعني أنّ عليّ أن أمضي
للبحثِ عنهم
،فلست على يقين
من أنّهم
ربّما يطرقون بابي ليلاً
عندما أكونُ بملابس نومي الرثّة
وتكون لحيتي قد طالت
،ويكون الانتظار
قد غرسَ على جانبي عنُقي
عقداً لمفاوية جديدة
،سأخرج وأتعقب خطواتهم
فلعلّهم ضلّوا الطريق الى بيتي ، وذلك يعني أنّهم
سيطرقون الباب بطريقة فظّة
تعلن عن فضيحة
في حارتنا الصغيرة
المسوّرة بنوافذ الجيران
، سأمضي اليهم
وأقودهم إليّ
أقودهم إلى باب بيتك
وأشير إلى يقيني
بأنّ هذا المنشور على حبل الغسيل
هو، هو
قميصك الذي تعقبته
طائراً على الحبل
حتى كاد أن يصل عين الشمس
سأقودهم اليه
،مادمت قد رفدت البيت
بمؤونة
تكفي أولادي
لغياب
يجتاح لغتي
لأكون شاعراً
#عبود_الجابري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...