كثير من نقاد إبراهيم أصلان التفتوا إلى المكان في أعماله، ولفتوا الانتباه إليه بوصفه دالاً جماليًا على الهامش الاجتماعي، الذي يصور المناطق والأحياء الشعبية الموزعة على جوانب القاهرة؛ وهي بطبيعتها مجتمعات حديثة، تعكس نوعية ثقافية تميزها عن صورة الأحياء الشعبية التي نجدها عند نجيب محفوظ مثلاً. وقد رأينا هذا الحضور المكاني في رواية (مالك الحزين) على نحو واضح،كما يظهر في قصصه، في صورة كادرات بصرية محدودة عادة، على نحو ما نرى في قصة (بحيرة المساء) عندما يصبح المقهى القابع على طرف الحي بجوار النهر. هو مسرح أحداث القصة. لكن المفارقة، تكمن في أن البحيرة ليست مكانًا بقدر ما هي معنى مجازي يشير إلى سكون وصمت المساء. يعطينا هذا انطباعا بأن الزمن وليس المكان هو موضوع القصة، وسنرى، أن حضور المكان في هذه القصة لا يميز نفسه على نحو ذاتي أو مستقل عن أمكنة أخرى بعيدا عن تأثيرات الزمن فيه. ولا نعني بذلك البعد التاريخي للمكان على نحو ما نشير إلي حارة نجيب محفوظ بوصفها تشكيلا معماريا. بل نعني البعد الديموجرافي بوصفه بعدًا ثقافيًا يتشكل عبر علاقة جدلية بين المكان والزمان والإنسان. فالواقع أن لا وجود لأحدهم بمعزل عن الآخر. وفي اعتقادي أن كل المحاولات النقدية لعزلها أفضت إلى رؤى منقوصة ومحرومة من الفيض الدلالي.
عندما نفكر على هذا النحو، سنكتشف، أن الزمن له حضور كببر ومميز في قصص إبراهيم أصلان، حتى أن كثيرًا من قصصه، تبدأ من جملة افتتاحية، تشير صراحة إلى الزمن من قبيل: (هذا الصباح – بعد العصر ـ بعد منتصف الليل، وغيرها) وكأن هناك ساعة، تقبع في خلفية الأماكن وتحدد حركة الشخصيات فيه.
هذا الحضور الزمني يبدو لافتا منذ مجموعته القصصية الأولى (بحيرة المساء). فقصة (الملهى القديم) تبدأ على هذا النحو: “في النصف الأخير من الليل، وقف رجل ضئيل الحجم يرتدي معطفًا أسود على حافة الشاطئ”. أما القصة التالية مباشرة (البحث عن عنوان) فتبدأ هكذا: “بعد منتصف النهار بقليل، كان هناك رجل نحيل يسير في خطوات مستقيمة على طوار الشارع الطويل الذي يقسم المدينة إلى قسمين”. وفي قصة ( العازف) نجد: “في الليل كنت مستلقيا على فراشي الصغير أعيد قراءة الرسالة الأخيرة التي وصلتني من أمي”.
المطالع الزمنية المباشرة ظاهرة نراها تمتد حتى: ( حكايات من فضل الله عثمان) على نحو ما نجد في قصة (سفر) التي تبدأ هكذا: “بعد العصر بقليل ينتهي رجل عجوز من ترتيب الكنبة التي ينام عليها”. إن هذا التحديد الزمني لحدث بسيط ومعتاد كترتيب الكنبة لافت لانتباهنا، ومتواشج بقوة مع عمر الشخصية/ بطلة الحدث. بما يدعونا إلى التفكير إذا ما كانت الشخصية تفعل هذا بفعل عجزها، أم هو عادة يومية جاءت عبر الزمن أيضًا ؟
وفي قصة (طرف من خبر العائلة) الذي يستدعي إلى الذاكرة (طرف من خبر الآخرة لعبد الحكيم قاسم)، تبدأ هذه القصة هكذا: ” في المساء أتردد على المستشفى لزيارة أصغر أشقائي الذكور”. فيما تبدأ قصة (سبيل للصغار) من نفس المجموعة، على هذا النحو: “عندما عدت من عملي عصرًا، ودخلت الشارع شعرت أن شيئًا ما قد حدث”.
هكذا تنشغل بدايات القصص بمحددات زمنية، تقف وراء السرد على نحو صارم أحيانًا، فيمكنك مثلاً، ملاحظة أن جملة ( في النصف الأخير من الليل) التي استخدمها كافتتاحية زمنية لقصة (الملهي القديم) يعود، ويستخدمها مرة أخرى، في افتتاحية قصة (بحيرة المساء): “في النصف الأخير من الليل.. كان الجرسون قد وضع بضعة مقاعد على النيل..” هكذا يحضر الزمن، ميقاتًا محددًا في مطالع بعض قصص مجموعة (بحيرة المساء) ليضفي دلالة زمنية على قصص المجموعة كلها. ولا يفوتنا تأمل عنوان المجموعة وارتباط الزمان بالمكان فيه.
ومن الطريف، أن بعض القصص التي تبدأ افتتاحياتها بإشارات إلى المكان، لا تكاد تنتهي إلا بإشارة صريحة أو مجازية إلى الزمن. فقصة (وقت للكلام)، تبدأ بوصف للمكان، وتنتهي بمحدد زمني كالعادة: “كان المشرب هادئًا وظليلاً في وقت الظهيرة…”.
مما سبق، نلاحظ، أن المكان لا يحضر بطلا مستقلا ومنفردا بقصصه بدون الزمن، فثم عناق دائم بين الزمان والمكان في وعي الكاتب، فلا يكاد يكون هناك ذكر لأحدهما بمعزل عن الآخر. كما إن ملاحظة الحضور القوي للتوقيتات الزمنية ولاسيما المحددة في بدايات القصص، قد يشير إلى إلحاح الزمن في كتابات أصلان. لكنه إلحاح تقني لدواعي التكثيف الذي يميز كتابات أصلان، وليس إلحاحا موضوعيًا كالذي نجده عند نجيب محفوظ مثلاً، عندما يظهر الزمن بوصفه موضوعًا وجوديًا يحدد علاقة البشر بواقعهم المعاش.ومن ثم يضبط الإيقاع الداخلي لهم، ويحدد حركتهم في الحياة على نحو ما نجد في (قلب الليل) مثلا.
لا تعني إشارتنا إلى نجيب محفوظ، غياب هذا البعد الموضوعي للزمن عند إبراهيم أصلان، لكنه في قصصه تقني لدواعي الكثافة، فقد نجده في في بعض رواياته رهانا موضوعيا يحدد العلاقة بين الأب والابن في (مالك الحزين) ويحدد علاقة كل منهما بالمكان.
هذا الإلحاح التقني للزمن في قصص إبراهيم أصلان هو الذي يحدد استراتيحية السرد فيها. فأنت لا تستطيع أن تفهم افتتاحية قصة (رجل) من (حكايات فضل الله عثمان) إلا باعتبارها خصيصة أسلوبية، فليس ثمة ما يبرر كلمة (صباحًا) في هذه الجملة:” يغادر المنزل صباحًا في طريقه إلى العمل” فوجود الكلمة لا يوجه المعني ولا يضيف إليه. ولو حذفناها ما اختل المعنى، وما ارتبك فهمنا للجملة. فالقارئ لن يتوقف متسائلاً: متى غادر المنزل للذهاب إلى عمله؟ لأن استنتاج القارئ لتوقيت الخروج إلى العمل سيكون بديهيًا عبر خبرته الثقافية والمجتمعية فكل الناس تذهب إلى أعمالها في الصباح. الاستثناء من ذلك فقط، قد يتطلب تحديد الوقت كضرورة موضوعية كأن يكون عمل الرجل في (وردية ليل ) مثلا.
17342062
اللافت للنظر في قصة ( الرجل ) أن أصلان يعود بعد بضعة أسطر ليؤكد:” إنه الصباح، والميدان مزدحم بالناس الذين يسعون إلى هنا وهناك”. فإبراهيم أصلان، الذي عرف بلغته المقتصدة المكثفة، لا يحتاج لتكرار لفظة هي نفسها فائضة عن الحاجة، مالم يكن الأمر خصيصة أسلوبية، أو ضرورة فنية.
مبدئيا، علينا أن نلتزم حسن الظن بالكاتب لنفهم الظواهر التكرارية عنده. عندئذٍ، سنعرف أن الإلحاح على تحديد الزمن، بوصفه تقنية أو أسلوبًا، وحضوره البارز بوصفه استهلالاً للنصوص القصصية ليس خاليًا من المعنى كالتقاليد الشعرية. إنه ضابط محدد لإيقاع النص، يشمل حركة السرد والشخصيات وربما طبيعة كل من: المكان والحدث، فقصة (رجل) تتحدث عن رجل خرج إلى عمله كالمعتاد وبعد قليل عاد إلى البيت، هكذا فالإيقاع الزمني يحكم حركة الشخصية بين قوسين صغيرين، بين لحظتي الذهاب والإياب. ولكن ما حدث بين هاتين اللحظتين هو موضوع القصة، حيث يكون راويها شاهدًا عليه، عندما يلمح على الرصيف المقابل، وتحت عمود النور، رجلاً يفترش الأرض بجريدة، ثم يتمدد عليها، وبعد لحظات، يكتشف المارة أنه قد مات. هكذا الموت يكون هينًا ومحددًا ومنضبطًا زمنيا بكل صرامة، وهكذا الحياة كلها بين قوسين صغيرين، الذهاب والإياب، أو الخروج من البيت للدخول إلى القبر. هذا المعنى هو ما يدركه بطلنا، فيشعر بأن الذهاب إلى العمل فعل عبثي لا معنى له، فيعود إلى البيت. عندئذ يتبين لنا أن تكرار الزمن ( الصباح ) ليس فائضًا عن الحاجة، فالزمن هو موضوع القصة كلها. لكنه شديد الارتباط بالمكان. فثم رجل كان ذاهبًا إلى عمله يموت في الشارع، وآخر كان ذاهبا إلى عمله فقرر أن يعود ليموت في البيت، لكنه لم يمت. قد لا تفصح القصة عن هذا المعنى العبثي في علاقتنا بالحياة، لكننا نراه، إنها بلاغة الصمت.. انبثاقات تلح في خلفية الوعي أو بمعنى آخر في جب اللاوعي. لا يتعمدها الكاتب ولا يؤطرها، وربما لا ينتبه لها القارئ، لكنها تكتنز بطاقة جمالية، أكبر من اللفظ والمعنى معًا. حتى لو كانت غامضةً. ربما هي الدقة التي يعنيها أصلان في مفتتح رواية مالك الحزين: يا ناثان.. أوصيك بالدقة لا بالوضوح. الدقة التي نسميها عادة: ما بين السطور. لكن، ما بين السطور هذه، تحتاج إلى قارئ على نفس المستوى، في استقبال انبثاقات اللاوعي. وفي ظني الشخصي، أن من أكبر خطايا النقد، التوقف عند التعبيرات التقريرية والمباشرة كمداخل للنص. هي خطيئة، لا تختلف في ظني عن خطيئة نقاد المنصات، باستهلال الكلام عن عتاب النص فقط لمجرد استدعاء جيرار جينت، دونما انتباه إلى أن المانشيتات الكبرى، هي أكثر الخطابات تضليلاً.
إن هذا الإلحاح الزمني في بدايات قصص إبراهيم أصلان، يزيد من حافز الشغف القرائي لها؛ لكنه في نفس الوقت يوجه وعي القارئ إلى النهايات أيضا. فأنت إذا عرفت بداية حدث ما، ستبدأ في السؤال عن نهايته. ويعني هذا، أن البناء المعماري في مثل هذه القصص، مصمم سلفًا في وعي الكاتب على نحو دقيق، بحيث يكون بصيرًا بالبداية والنهاية معًا، قبل الشروع في الكتابة.وإذا كان وعي الكاتب ينصاع لهذا التصميم، فإن اللاوعي يبث علامات خافته، تخترق هذا التصميم، وتسرب ترصيعات جمالية، قد لا تؤثر على التصميم المسبق، ولكنها تلمح إلى فضاء دلالي أكبر من المكتوب.
فعندما شرعت في قراءة قصة (مونديال) من حكايات فضل الله عثمان، وكانت بدايتها هكذا:” الأستاذ سيد.. سعيد بموعد مباريات المونديال”، خمنت أن نهاية القصة ستكون مع نهاية المباراة، وأن القصة ـ كلها ـ تدور حول المفارقات التي تقابل الأستاذ سيد أثناء مشاهدة المباراة. غير أن هذا التخمين لم يقلل من الشغف القرائي عندي. كل ما في الأمر أنني وضخته جانبا كتحصيل حاصل، وهذا منحني فرصة للنظر إلى أفق توقعات أكبر من هذه التقنية، أو تلك الحيل الفنية التي يلجأ إليها الكاتب لتحفيز العلامات الخافتة الأولى بالرعاية القرائية. والتي لا تتم لذة القراءة بدونها.
والحقيقة أن حضور الزمن عند إبراهيم أصلان، ليس مقتصرًا على قصصه القصيرة، فهو حاضر بقوة في رواياته: مالك الحزين، وردية ليل، عصافير النيل. لكنه هذه المرة أكثر مراوغة وتعقدًا في دلالته، وأكثر اشتباكًا وتأثيرًا في حركة السرد، ربما لطبيعة التركيب والتداخل لشبكة العلاقات السردية في الرواية حتى يمكننا القول -ببعض الحذر- إن رواية (عصافير النيل) موضوعها الأهم هو الزمن، وليس المكان كما يُعتقد. وكذلك.. فـرواية (وردية ليل) هي رواية عن الزمن وتحولاته وتأثيراته في مكان محدود وجامد لا يتغير فلماذا على كناقد أن أتوقف عنده واعتبره مجدًا جديرا بالدراسة. إنه مجرد مكتب بريد بمنطقة وسط البلد. لكن حينما التفت إلى أن وظيفة المكان هنا تتجلى بوصفه حلقة اتصال لتتابع الرسائل والعلاقات بين البشر يبرز المعنى العميق للمكان، كونه بوتقة لصهر العلاقات المختلفة للبرش والمشاعر الإنسانية المتجاوبة بين الأمكنة والأزمنة. كأنه مقاومة للنسيان، وشحذ للذاكرة، وحضور للغياب.
ففي نص (عام سعيد للسيدة) من وردية ليل، يطالعنا درج مكتب مدير البريد، بوصفه ذاكرة، أو خزانة للزمن بما يحويه من مقتنيات قديمة، ويبدو مدير البريد الهرِم منهمكًا في محاولات دءوب لشحذ ذاكرته قبيل إحالته إلى المعاش عندما يتفقد محتويات الدرج. بل هو يدخل في تحديات ذاكراتية مع مساعدة الشاب، عندما يذكر له أماكن وعناوين كان قد ارتادها في بداية عمله كساعي بريد، فيما يخطئها المساعد الشاب، لهذا.. يضطر إلى اصطحاب المساعد لتسليم الرسالة المكتوبة بالإنجليزية، وليؤكد له، أن صاحبتها تسكن بشارع ذكي، وأنها، في الطابق الثاني على وجه التحديد، إنها للسيدة اليوغسلافية التي كانوا يعتقلون زوجها في كل مرة، يحضر فيها الرئيس اليوغسلافي (جوزيف بروس تيتو) لزيارة (عبد الناصر). إنها تذكارات لزمن لم يعد له وجود، مات كل أبطاله، ولكنه يبقى حاضرًا بقوة في ذاكرة مدير مكتب البريد العجوز، فيما يبدو المساعد الشاب بلا ذاكرة لأنه لم يعش ذلك الزمن الجميل.
هكذا.. النص مكتنز بعلامات الزمن على نحو لا يمكن الإفلات منه، سواء على مستوي عنوان النص (عام سعيد للسيدة) أو على مستوى حركة السرد ودوافعه، وكذا النهاية التي تدهشنا بتجسيد مثير لحضور الزمن بالصوت والصورة، عندما تلقي السيدة العجوز لساعي البريد -على سبيل الإكرامية التي اعتادتها في شبابها – بعملة معدنية ( نصف فرانك ) لم يعد لها وجود الآن. إنها علامة لحضور الماضي في الحاضر، أو لحضور الغياب المتجسد رمزيا في صورة زوجها المعلقة في مواجهة باب الشقة.
كانت السيدة العجوز الآن، قد اعتادت ذلك مع مدير مكتب البريد العجوز الذي كان شابًا في زمن زوجها. ويمكننا ملاحظة حركية الزمن بين كل شخصيات النص. زمن آني لساعي البريد الشاب، في مقابل زمن قد ولى للسيدة العجوز وزوجها. ويبقى مدير مكتب التلغراف تجسيدًا للحظة الفارقة بين زمنين، وإيذانا بصيرورة زمنية جديدة يتحول فيها الحاضر إلى ماض. في هذا اللحظة الفارقة من حياة مدير مكتب البريد، وتحت إلحاح الواقع النفسي لرجل يسلم تاريخه الوظيفي لشاب سوف يبدأ للتو. كانت العملة المعدنية تتدحرج على السلالم، وتضوى برنين خاطف في عتمة السلم. فإذ كان الزمن يتلاشى، ولا يترك دليلاً على وجوده غير الذاكرة، فإن هذه النهاية المدهشة، إحدى تجليات انبثاقات اللاوعي عند إبراهيم أصلان، الذي عاش تجربة موظف البريد على نحو واقعي ونفسي. ونحن نعرف أن الدراسات النفسية، تعتبر الزمن الداخلي (النفسي) هو الزمن الحقيقي الأعمق. زمن يخص الشخصية ويلح عليها بحيث يظهر في لغتها وحركتها في الحياة. وفي هذه القصة كان الزمن يلح بقوة على مدير مكتب البريد في آخر وردية عمل له قبل الإحالة إلى المعاش، ويحضر بقوة قادرة على استعادته مجسدًا في شكل عملة معدنية تأتي من زمن بعيد ولم يعد لها وجود الآن. يقول كانديدو بيريث جاييجو عن الانبثاقات اللاواعية للزمن:” تنشأ خطة لكل فضاء وزمنه الخاص، وتشق الرواية لنفسها طريقاً كلعبة متكررة، فيترتب زمن على كل موقف عاطفي، وينبني قالب يصلح لتطور كل ممارسة”.(*)
هكذا.. تقدم لنا كتابات إبراهيم أصلان نموذجًا ثريا لدراسة الزمن، ليس بوصفة موضوعًا فحسب، بل بوصفه ظاهرة تقنية و أسلوبية مميزة، وتعمل في النص على نحو يدفع إلى تشكيلة جماليًا ودلاليًا، بحيث يمنحنا فرصة واسعة حين نتعرف على الشخصيات وأزماتها وأبعادها النفسية والاجتماعية. إنها شخصيات هامشية، قد تتحرك في أماكن مهمشة كما في مالك الحزين، أو أماكن مركزية كما في وردية ليل، لكنها، في صميمها تعيش طوال الوقت على هامش الزمن، وفي الوقت الضائع منه، أي أن هامشية الزمن هو العلامة النفسية الأعمق في وجودهم، بحيث يحكم كل حياتهم، ذهابهم للعمل وعودتهم منه، مولدهم ومماتهم، لحظات راحتهم ومتعتهم، وحتى أوقات مشاهداتهم لمباراة كرة قدم. لكنه -في نفس الوقت- يؤكد وجودهم في المكان الهامشي. إنهم فقط، موجودون في المكان لعل شيئًا يحدث. فالزمن هنا وقت يجب أن يمر ليصل بهم إلى نهاية ما. غير أنهم كثيرًا ما يتعرضون لخديعة الزمن لهم، إنه طوال الوقت لا يفعل شيئًا غير أن يسرق أعمارهم، ويدفعهم إلى حافة الموت. قد نشعر أن الموت في قصة (رجل) يباغتنا كموت فوضوي صدفة، لكن الموت يبدو موضوعًا ملحًا عند أصلان، وفى صور مختلفة، على نحو ما نراه في (عصافير النيل) ونراه في عمله المؤسِس (بحيرة المساء) ليؤكد العلاقة بين المكان بوصفه إيقاعًا خارجيًا، والزمن بوصفه إيقاعًا داخليًا للسرد.
29559.2018-02-10.1518287787
تطالعنا قصة (بحيرة المساء)، بإشارة واضحة إلى زمن محدد: المساء. غير أن هذا التحديد القاطع للزمن لا يستهدف الزمن متفردًا، إنما يحضر في علاقته بالمكان (البحيرة) التي تفتح فضاء مضادًا لطبيعة الزمن من حيث هو حركة، فالزمن في هذه القصة، ليس نهرًا كما نفهم من مقولة هيرقليطس الشهيرة:” الإنسان لا ينزل النهر مرتين “. بل هو بحيرة راكدة تماماً، نلاحظ هنا، هذا التراسل الدلالي البليغ بين الزمان والمكان. فإذا كان عنوان النص، لا يشير إلا إلى النص ذاته، فإنه يمكننا قراءة العلامات الزمانية والمكانية معاً عبر فكرة الركود هذه.
يبدأ النص هكذا:” في النصف الأخير من الليل، كان الجرسون قد وضع بضعة مقاعد على شاطئ النيل، ولم أكن أعرف أحدًا من أفراد الجماعة التي كنت منضمًا إليها معرفة وثيقة، ولكن صديقي كان يعرفهم”. كانت الجلسة على شاطئ النيل، إنه المكان، لكن العنوان يحيله لا شعوريًا إلى بحيرة!!
الزمن هنا هو الليل، والذي يُستخدم في التعبير الدارج بوصفه المساء، لكننا في نصفه الأخير، وهو يشحب ويزول. هذا الزوال يومئ بنهاية الحدث، جلسة الأصدقاء على جانب من شاطئ النيل وهو يتحرك في سيرورته الأبدية، لا يبالي بهم. إنهم يجلسون على هامش المكان، حيث يصخب الزمن الخارجي بالحركة. بينما زمنهم الداخلي.. بحيرة راكدة. إنهم يستهلكون الوقت بملل واضح، وبلعب الطاولة. حتى عندما يدخل عليهم شخص غريب (الرواي) فلا يحدث شيء، يظلون منهمكين في زمنهم الداخلي، ويظل هو غارقًا في صمته وغربته.. المكان نفسه مجرد مقهى لالتقاء العابرين، إنه مكان مؤقت، والجالسون فيه مهمشون في الزمان والمكان، إن كل شيء هنا راكد يوحى بالموت. هل أفصح النص عن كل هذا؟ أم أنه جهد القراءة/ التأويل لعلامات مكتنزة بالدلالة، إنها بلاغة الصمت.
دعونا ننصت لحركة السرد المدفوعة بمثل هذه العلامات، كمحاولة لفهم أعمق لفكرة الزمن المجهض. في (بحيرة المساء) نقرأ:” الجو كان حاراً لدرجة أن الكافورة التي انتصبت أمامنا على الطوار لم تصدر عنها طيلة الوقت أي نأمة، لم يكن هناك أثر للهواء في ذلك الوقت المتأخر من الليل، وبدا سطح النهر ساكنًا، وفي لون الرصاص المصهور”.
في الشاهد السابق، ينسجب إحساسنا بالزمن على كل معالم المكان: الهواء، النهر، الشجر. غير أن هذا البعد النفسي لا يمكن إدراكه من مجرد الإشارات الزمنية الصريحة، بقدر ما يظهر عبر النشاط اللغوى في وصفه للنهر، الذي يعمل في الثقافة العالمية كرمز على الزمن. فاستخدامه للفعل (بدا) في قوله:” بدا النهر ساكنًا” يلمح إلى أن النهر لم يكن ساكنًا بالفعل إلا بقدر رؤية الراوي له، وهكذا يصير الزمن تجسيداً للإيقاع الداخلي للشخصية. لكن سكون الزمن النفسي يلف جميع الشخصيات، لهذا يفقدون التواصل بينهم:” عندما التفت إلىّ صديقي وقال وهو يبتسم ..مالك؟ قلت لاشيء”.
لنقرأ هذا الحوار القصير بعناية، لندرك إنه فارغ من أي معنى:
” قال صديقي موجها كلامه إلىّ
أتحب أن ننصرف؟
كما تريد
بعد قليل ننصرف
أشعلتُ سيجارة”
عندما يسكن الزمن، تتوقف الأحداث عن الحدوث، ويتعطل المعنى، فتنعدم الأولويات والأهمية، فالانصراف الآن أو بعد فترة متساويان وكلاهما بلا أهمية، وتصبح الحوار مجرد حيلة بائسة لتمرير الوقت. إن هذا المعنى لا يمكن إدراكه إلا إذا نظرنا للزمن بوصفه أسلوبا، لا تقنية، وهذا ما نعنيه ببلاغة الصمت.
يتميز الحوار عند إبراهيم أصلان عموماً، وفى بحيرة المساء خصوصاً بقدر عال من الحياد الزمني، بمعنى أن زمن الحوار في النص مساو تماماً لزمن الحوار في الواقع، فالشخصيات القصصية تتبادل الكلمات بنفس الطريقة التي0يستخدمها الناس في الواقع بما فيه من فضفضة وتكرار وربما ترهل، وكذلك بما فيه من اختزال أو إيماء عندما تغني كلمة واحدة عن الكثير. قد يبدو هذا مبالغة في محاكاة الواقع يأباها فن السرد، الذي يعتبر الحوار ضرورة فنية، تسهم في تمنية حركة السرد. على العكس من ذلك، يبدو الحوار هنا كأنه وقت مستقطع من زمن السرد البطيء أصلاً. إنه تكريس لحالة الركود النفسي التي تسود المكان. باختصار، الحوار هنا في خدمة حركة الزمن لا حركة السرد. فالحوار هنا.. ليس فقط لاستهلاك المساحات الفارغة ـ من الأحداث والزمن ـ لكنه أيضًا يعكس أزمة الشخصيات في علاقتها ببعضها، وبنفسها وبوجودها كله.
على المقهى، ينشأ حوار بين اثنين لا يعرفان بعضهما أصلا، وليس بينهما موضوع مشترك، يكون أحدهما مهمومًا بموضوع يخصه، فيما الآخر غير معنى بالأمر كله. لهذا لا يظهر الحوار كطريقة للتواصل بين المتحاورين:
“منذ مدة وصلني أن المقابر الموجودة في باب النصر ستزال.
هززت رأسي.. قال:
– ستزال هي والمقابر الموجودة عند السيدة نفيسة.
– لماذا وصلك؟
قال بحذر وكأنه يخشى أن أنصرف عنه
ما هو؟
الخبر
إنني أملك مقبرة هناك
أنت تملك مقبرة هناك
أقصد أنها موجودة في زمن بعيد جداً، وأنا الموجود الآن من العائلة “.
وعلينا مرة أخرى ملاحظة الحوار ببعض الدقة، الحوار يستهلك من داخله بدون أي تطور، الأسئلة ليست جادة، والإجابات لا تضيف ولا تفسر جديداً، بل تبدو كتكرار للأسئلة، وعموما فالجمل والمعاني تتكرر على نحو يوحى بالسأم. إنه إيقاع الزمن الراكد، الزمن يمنح إيقاعه للحوار كما منحه من قبل للوصف، السرد في مجمله يتشكل عبر هذا الإيقاع، الذي هو في الحقيقة أزمة الشخصيات كلها وموضوع النص في مجملة. إنه أسلوب، بلاغة صامتة. لكننا نحس بوقعها صاخبًا في النص، على نحو ما يقول كانديدو بيريث جايجو:” إن ثمة ساعة في مكان ما من السرد تدق، وإن كل شيء في النص.. كل شيء يتحرك وفق هذه الدقات، وكأنها موجودة من قبل بداية النص أو وكأنها أول شيء يتكون فيه ليبقى حتى لحظة النهاية؟” (*)
لننظر إلى تلك النهاية التي علقها إبراهيم أصلان في الفضاء لتظل شاهداً على ركود الزمن الذي شكل السرد منذ البداية:”.. ولم يكن الرجل على مقعده، بل كان واقفًا هناك على الشاطئ في أعلى المنحدر، كأنه جزء من الركود الرمادي الذي ذابت فيه المنطقة، تأملته طويلاً، لم تصدر عنه أي حركة، كان فقط واقفاً يتبول، وساقاه منفرجتان، ورأسه مدلى إلى أسفل”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر:
1- إبراهيم أصلان- بحيرة المساء- مجموعة قصص- مختارات فصول- الهيئة المصري العامة للكتاب- القاهرة- 1994م
2- إبراهيم أصلان- حكايات من فضل الله عثمان- مجموعة قصص- دار الشروق- القاهرة- 2003م
3- إبراهيم أصلان- مالك الحزين- رواية- دار الشروق – القاهرة- 2005م
4- إبراهيم أصلان- عصافير النيل- رواية- دار الشروق- القاهرة- 2005م
5- إبراهيم أصلان- وردية ليل- رواية- دار شرقيات- القاهرة- 1992م
مرجع:
كانديدو بيريت جايجو: الفضاء/ الزمن.. اقتراب سيسيولوجي – مجلة فصول، الهيئة العامة للكتاب – المجلد الثاني عشر – العدد الثاني -القاهرة -1993م.
sadazakera.wordpress.com
عندما نفكر على هذا النحو، سنكتشف، أن الزمن له حضور كببر ومميز في قصص إبراهيم أصلان، حتى أن كثيرًا من قصصه، تبدأ من جملة افتتاحية، تشير صراحة إلى الزمن من قبيل: (هذا الصباح – بعد العصر ـ بعد منتصف الليل، وغيرها) وكأن هناك ساعة، تقبع في خلفية الأماكن وتحدد حركة الشخصيات فيه.
هذا الحضور الزمني يبدو لافتا منذ مجموعته القصصية الأولى (بحيرة المساء). فقصة (الملهى القديم) تبدأ على هذا النحو: “في النصف الأخير من الليل، وقف رجل ضئيل الحجم يرتدي معطفًا أسود على حافة الشاطئ”. أما القصة التالية مباشرة (البحث عن عنوان) فتبدأ هكذا: “بعد منتصف النهار بقليل، كان هناك رجل نحيل يسير في خطوات مستقيمة على طوار الشارع الطويل الذي يقسم المدينة إلى قسمين”. وفي قصة ( العازف) نجد: “في الليل كنت مستلقيا على فراشي الصغير أعيد قراءة الرسالة الأخيرة التي وصلتني من أمي”.
المطالع الزمنية المباشرة ظاهرة نراها تمتد حتى: ( حكايات من فضل الله عثمان) على نحو ما نجد في قصة (سفر) التي تبدأ هكذا: “بعد العصر بقليل ينتهي رجل عجوز من ترتيب الكنبة التي ينام عليها”. إن هذا التحديد الزمني لحدث بسيط ومعتاد كترتيب الكنبة لافت لانتباهنا، ومتواشج بقوة مع عمر الشخصية/ بطلة الحدث. بما يدعونا إلى التفكير إذا ما كانت الشخصية تفعل هذا بفعل عجزها، أم هو عادة يومية جاءت عبر الزمن أيضًا ؟
وفي قصة (طرف من خبر العائلة) الذي يستدعي إلى الذاكرة (طرف من خبر الآخرة لعبد الحكيم قاسم)، تبدأ هذه القصة هكذا: ” في المساء أتردد على المستشفى لزيارة أصغر أشقائي الذكور”. فيما تبدأ قصة (سبيل للصغار) من نفس المجموعة، على هذا النحو: “عندما عدت من عملي عصرًا، ودخلت الشارع شعرت أن شيئًا ما قد حدث”.
هكذا تنشغل بدايات القصص بمحددات زمنية، تقف وراء السرد على نحو صارم أحيانًا، فيمكنك مثلاً، ملاحظة أن جملة ( في النصف الأخير من الليل) التي استخدمها كافتتاحية زمنية لقصة (الملهي القديم) يعود، ويستخدمها مرة أخرى، في افتتاحية قصة (بحيرة المساء): “في النصف الأخير من الليل.. كان الجرسون قد وضع بضعة مقاعد على النيل..” هكذا يحضر الزمن، ميقاتًا محددًا في مطالع بعض قصص مجموعة (بحيرة المساء) ليضفي دلالة زمنية على قصص المجموعة كلها. ولا يفوتنا تأمل عنوان المجموعة وارتباط الزمان بالمكان فيه.
ومن الطريف، أن بعض القصص التي تبدأ افتتاحياتها بإشارات إلى المكان، لا تكاد تنتهي إلا بإشارة صريحة أو مجازية إلى الزمن. فقصة (وقت للكلام)، تبدأ بوصف للمكان، وتنتهي بمحدد زمني كالعادة: “كان المشرب هادئًا وظليلاً في وقت الظهيرة…”.
مما سبق، نلاحظ، أن المكان لا يحضر بطلا مستقلا ومنفردا بقصصه بدون الزمن، فثم عناق دائم بين الزمان والمكان في وعي الكاتب، فلا يكاد يكون هناك ذكر لأحدهما بمعزل عن الآخر. كما إن ملاحظة الحضور القوي للتوقيتات الزمنية ولاسيما المحددة في بدايات القصص، قد يشير إلى إلحاح الزمن في كتابات أصلان. لكنه إلحاح تقني لدواعي التكثيف الذي يميز كتابات أصلان، وليس إلحاحا موضوعيًا كالذي نجده عند نجيب محفوظ مثلاً، عندما يظهر الزمن بوصفه موضوعًا وجوديًا يحدد علاقة البشر بواقعهم المعاش.ومن ثم يضبط الإيقاع الداخلي لهم، ويحدد حركتهم في الحياة على نحو ما نجد في (قلب الليل) مثلا.
لا تعني إشارتنا إلى نجيب محفوظ، غياب هذا البعد الموضوعي للزمن عند إبراهيم أصلان، لكنه في قصصه تقني لدواعي الكثافة، فقد نجده في في بعض رواياته رهانا موضوعيا يحدد العلاقة بين الأب والابن في (مالك الحزين) ويحدد علاقة كل منهما بالمكان.
هذا الإلحاح التقني للزمن في قصص إبراهيم أصلان هو الذي يحدد استراتيحية السرد فيها. فأنت لا تستطيع أن تفهم افتتاحية قصة (رجل) من (حكايات فضل الله عثمان) إلا باعتبارها خصيصة أسلوبية، فليس ثمة ما يبرر كلمة (صباحًا) في هذه الجملة:” يغادر المنزل صباحًا في طريقه إلى العمل” فوجود الكلمة لا يوجه المعني ولا يضيف إليه. ولو حذفناها ما اختل المعنى، وما ارتبك فهمنا للجملة. فالقارئ لن يتوقف متسائلاً: متى غادر المنزل للذهاب إلى عمله؟ لأن استنتاج القارئ لتوقيت الخروج إلى العمل سيكون بديهيًا عبر خبرته الثقافية والمجتمعية فكل الناس تذهب إلى أعمالها في الصباح. الاستثناء من ذلك فقط، قد يتطلب تحديد الوقت كضرورة موضوعية كأن يكون عمل الرجل في (وردية ليل ) مثلا.
17342062
اللافت للنظر في قصة ( الرجل ) أن أصلان يعود بعد بضعة أسطر ليؤكد:” إنه الصباح، والميدان مزدحم بالناس الذين يسعون إلى هنا وهناك”. فإبراهيم أصلان، الذي عرف بلغته المقتصدة المكثفة، لا يحتاج لتكرار لفظة هي نفسها فائضة عن الحاجة، مالم يكن الأمر خصيصة أسلوبية، أو ضرورة فنية.
مبدئيا، علينا أن نلتزم حسن الظن بالكاتب لنفهم الظواهر التكرارية عنده. عندئذٍ، سنعرف أن الإلحاح على تحديد الزمن، بوصفه تقنية أو أسلوبًا، وحضوره البارز بوصفه استهلالاً للنصوص القصصية ليس خاليًا من المعنى كالتقاليد الشعرية. إنه ضابط محدد لإيقاع النص، يشمل حركة السرد والشخصيات وربما طبيعة كل من: المكان والحدث، فقصة (رجل) تتحدث عن رجل خرج إلى عمله كالمعتاد وبعد قليل عاد إلى البيت، هكذا فالإيقاع الزمني يحكم حركة الشخصية بين قوسين صغيرين، بين لحظتي الذهاب والإياب. ولكن ما حدث بين هاتين اللحظتين هو موضوع القصة، حيث يكون راويها شاهدًا عليه، عندما يلمح على الرصيف المقابل، وتحت عمود النور، رجلاً يفترش الأرض بجريدة، ثم يتمدد عليها، وبعد لحظات، يكتشف المارة أنه قد مات. هكذا الموت يكون هينًا ومحددًا ومنضبطًا زمنيا بكل صرامة، وهكذا الحياة كلها بين قوسين صغيرين، الذهاب والإياب، أو الخروج من البيت للدخول إلى القبر. هذا المعنى هو ما يدركه بطلنا، فيشعر بأن الذهاب إلى العمل فعل عبثي لا معنى له، فيعود إلى البيت. عندئذ يتبين لنا أن تكرار الزمن ( الصباح ) ليس فائضًا عن الحاجة، فالزمن هو موضوع القصة كلها. لكنه شديد الارتباط بالمكان. فثم رجل كان ذاهبًا إلى عمله يموت في الشارع، وآخر كان ذاهبا إلى عمله فقرر أن يعود ليموت في البيت، لكنه لم يمت. قد لا تفصح القصة عن هذا المعنى العبثي في علاقتنا بالحياة، لكننا نراه، إنها بلاغة الصمت.. انبثاقات تلح في خلفية الوعي أو بمعنى آخر في جب اللاوعي. لا يتعمدها الكاتب ولا يؤطرها، وربما لا ينتبه لها القارئ، لكنها تكتنز بطاقة جمالية، أكبر من اللفظ والمعنى معًا. حتى لو كانت غامضةً. ربما هي الدقة التي يعنيها أصلان في مفتتح رواية مالك الحزين: يا ناثان.. أوصيك بالدقة لا بالوضوح. الدقة التي نسميها عادة: ما بين السطور. لكن، ما بين السطور هذه، تحتاج إلى قارئ على نفس المستوى، في استقبال انبثاقات اللاوعي. وفي ظني الشخصي، أن من أكبر خطايا النقد، التوقف عند التعبيرات التقريرية والمباشرة كمداخل للنص. هي خطيئة، لا تختلف في ظني عن خطيئة نقاد المنصات، باستهلال الكلام عن عتاب النص فقط لمجرد استدعاء جيرار جينت، دونما انتباه إلى أن المانشيتات الكبرى، هي أكثر الخطابات تضليلاً.
إن هذا الإلحاح الزمني في بدايات قصص إبراهيم أصلان، يزيد من حافز الشغف القرائي لها؛ لكنه في نفس الوقت يوجه وعي القارئ إلى النهايات أيضا. فأنت إذا عرفت بداية حدث ما، ستبدأ في السؤال عن نهايته. ويعني هذا، أن البناء المعماري في مثل هذه القصص، مصمم سلفًا في وعي الكاتب على نحو دقيق، بحيث يكون بصيرًا بالبداية والنهاية معًا، قبل الشروع في الكتابة.وإذا كان وعي الكاتب ينصاع لهذا التصميم، فإن اللاوعي يبث علامات خافته، تخترق هذا التصميم، وتسرب ترصيعات جمالية، قد لا تؤثر على التصميم المسبق، ولكنها تلمح إلى فضاء دلالي أكبر من المكتوب.
فعندما شرعت في قراءة قصة (مونديال) من حكايات فضل الله عثمان، وكانت بدايتها هكذا:” الأستاذ سيد.. سعيد بموعد مباريات المونديال”، خمنت أن نهاية القصة ستكون مع نهاية المباراة، وأن القصة ـ كلها ـ تدور حول المفارقات التي تقابل الأستاذ سيد أثناء مشاهدة المباراة. غير أن هذا التخمين لم يقلل من الشغف القرائي عندي. كل ما في الأمر أنني وضخته جانبا كتحصيل حاصل، وهذا منحني فرصة للنظر إلى أفق توقعات أكبر من هذه التقنية، أو تلك الحيل الفنية التي يلجأ إليها الكاتب لتحفيز العلامات الخافتة الأولى بالرعاية القرائية. والتي لا تتم لذة القراءة بدونها.
والحقيقة أن حضور الزمن عند إبراهيم أصلان، ليس مقتصرًا على قصصه القصيرة، فهو حاضر بقوة في رواياته: مالك الحزين، وردية ليل، عصافير النيل. لكنه هذه المرة أكثر مراوغة وتعقدًا في دلالته، وأكثر اشتباكًا وتأثيرًا في حركة السرد، ربما لطبيعة التركيب والتداخل لشبكة العلاقات السردية في الرواية حتى يمكننا القول -ببعض الحذر- إن رواية (عصافير النيل) موضوعها الأهم هو الزمن، وليس المكان كما يُعتقد. وكذلك.. فـرواية (وردية ليل) هي رواية عن الزمن وتحولاته وتأثيراته في مكان محدود وجامد لا يتغير فلماذا على كناقد أن أتوقف عنده واعتبره مجدًا جديرا بالدراسة. إنه مجرد مكتب بريد بمنطقة وسط البلد. لكن حينما التفت إلى أن وظيفة المكان هنا تتجلى بوصفه حلقة اتصال لتتابع الرسائل والعلاقات بين البشر يبرز المعنى العميق للمكان، كونه بوتقة لصهر العلاقات المختلفة للبرش والمشاعر الإنسانية المتجاوبة بين الأمكنة والأزمنة. كأنه مقاومة للنسيان، وشحذ للذاكرة، وحضور للغياب.
ففي نص (عام سعيد للسيدة) من وردية ليل، يطالعنا درج مكتب مدير البريد، بوصفه ذاكرة، أو خزانة للزمن بما يحويه من مقتنيات قديمة، ويبدو مدير البريد الهرِم منهمكًا في محاولات دءوب لشحذ ذاكرته قبيل إحالته إلى المعاش عندما يتفقد محتويات الدرج. بل هو يدخل في تحديات ذاكراتية مع مساعدة الشاب، عندما يذكر له أماكن وعناوين كان قد ارتادها في بداية عمله كساعي بريد، فيما يخطئها المساعد الشاب، لهذا.. يضطر إلى اصطحاب المساعد لتسليم الرسالة المكتوبة بالإنجليزية، وليؤكد له، أن صاحبتها تسكن بشارع ذكي، وأنها، في الطابق الثاني على وجه التحديد، إنها للسيدة اليوغسلافية التي كانوا يعتقلون زوجها في كل مرة، يحضر فيها الرئيس اليوغسلافي (جوزيف بروس تيتو) لزيارة (عبد الناصر). إنها تذكارات لزمن لم يعد له وجود، مات كل أبطاله، ولكنه يبقى حاضرًا بقوة في ذاكرة مدير مكتب البريد العجوز، فيما يبدو المساعد الشاب بلا ذاكرة لأنه لم يعش ذلك الزمن الجميل.
هكذا.. النص مكتنز بعلامات الزمن على نحو لا يمكن الإفلات منه، سواء على مستوي عنوان النص (عام سعيد للسيدة) أو على مستوى حركة السرد ودوافعه، وكذا النهاية التي تدهشنا بتجسيد مثير لحضور الزمن بالصوت والصورة، عندما تلقي السيدة العجوز لساعي البريد -على سبيل الإكرامية التي اعتادتها في شبابها – بعملة معدنية ( نصف فرانك ) لم يعد لها وجود الآن. إنها علامة لحضور الماضي في الحاضر، أو لحضور الغياب المتجسد رمزيا في صورة زوجها المعلقة في مواجهة باب الشقة.
كانت السيدة العجوز الآن، قد اعتادت ذلك مع مدير مكتب البريد العجوز الذي كان شابًا في زمن زوجها. ويمكننا ملاحظة حركية الزمن بين كل شخصيات النص. زمن آني لساعي البريد الشاب، في مقابل زمن قد ولى للسيدة العجوز وزوجها. ويبقى مدير مكتب التلغراف تجسيدًا للحظة الفارقة بين زمنين، وإيذانا بصيرورة زمنية جديدة يتحول فيها الحاضر إلى ماض. في هذا اللحظة الفارقة من حياة مدير مكتب البريد، وتحت إلحاح الواقع النفسي لرجل يسلم تاريخه الوظيفي لشاب سوف يبدأ للتو. كانت العملة المعدنية تتدحرج على السلالم، وتضوى برنين خاطف في عتمة السلم. فإذ كان الزمن يتلاشى، ولا يترك دليلاً على وجوده غير الذاكرة، فإن هذه النهاية المدهشة، إحدى تجليات انبثاقات اللاوعي عند إبراهيم أصلان، الذي عاش تجربة موظف البريد على نحو واقعي ونفسي. ونحن نعرف أن الدراسات النفسية، تعتبر الزمن الداخلي (النفسي) هو الزمن الحقيقي الأعمق. زمن يخص الشخصية ويلح عليها بحيث يظهر في لغتها وحركتها في الحياة. وفي هذه القصة كان الزمن يلح بقوة على مدير مكتب البريد في آخر وردية عمل له قبل الإحالة إلى المعاش، ويحضر بقوة قادرة على استعادته مجسدًا في شكل عملة معدنية تأتي من زمن بعيد ولم يعد لها وجود الآن. يقول كانديدو بيريث جاييجو عن الانبثاقات اللاواعية للزمن:” تنشأ خطة لكل فضاء وزمنه الخاص، وتشق الرواية لنفسها طريقاً كلعبة متكررة، فيترتب زمن على كل موقف عاطفي، وينبني قالب يصلح لتطور كل ممارسة”.(*)
هكذا.. تقدم لنا كتابات إبراهيم أصلان نموذجًا ثريا لدراسة الزمن، ليس بوصفة موضوعًا فحسب، بل بوصفه ظاهرة تقنية و أسلوبية مميزة، وتعمل في النص على نحو يدفع إلى تشكيلة جماليًا ودلاليًا، بحيث يمنحنا فرصة واسعة حين نتعرف على الشخصيات وأزماتها وأبعادها النفسية والاجتماعية. إنها شخصيات هامشية، قد تتحرك في أماكن مهمشة كما في مالك الحزين، أو أماكن مركزية كما في وردية ليل، لكنها، في صميمها تعيش طوال الوقت على هامش الزمن، وفي الوقت الضائع منه، أي أن هامشية الزمن هو العلامة النفسية الأعمق في وجودهم، بحيث يحكم كل حياتهم، ذهابهم للعمل وعودتهم منه، مولدهم ومماتهم، لحظات راحتهم ومتعتهم، وحتى أوقات مشاهداتهم لمباراة كرة قدم. لكنه -في نفس الوقت- يؤكد وجودهم في المكان الهامشي. إنهم فقط، موجودون في المكان لعل شيئًا يحدث. فالزمن هنا وقت يجب أن يمر ليصل بهم إلى نهاية ما. غير أنهم كثيرًا ما يتعرضون لخديعة الزمن لهم، إنه طوال الوقت لا يفعل شيئًا غير أن يسرق أعمارهم، ويدفعهم إلى حافة الموت. قد نشعر أن الموت في قصة (رجل) يباغتنا كموت فوضوي صدفة، لكن الموت يبدو موضوعًا ملحًا عند أصلان، وفى صور مختلفة، على نحو ما نراه في (عصافير النيل) ونراه في عمله المؤسِس (بحيرة المساء) ليؤكد العلاقة بين المكان بوصفه إيقاعًا خارجيًا، والزمن بوصفه إيقاعًا داخليًا للسرد.
29559.2018-02-10.1518287787
تطالعنا قصة (بحيرة المساء)، بإشارة واضحة إلى زمن محدد: المساء. غير أن هذا التحديد القاطع للزمن لا يستهدف الزمن متفردًا، إنما يحضر في علاقته بالمكان (البحيرة) التي تفتح فضاء مضادًا لطبيعة الزمن من حيث هو حركة، فالزمن في هذه القصة، ليس نهرًا كما نفهم من مقولة هيرقليطس الشهيرة:” الإنسان لا ينزل النهر مرتين “. بل هو بحيرة راكدة تماماً، نلاحظ هنا، هذا التراسل الدلالي البليغ بين الزمان والمكان. فإذا كان عنوان النص، لا يشير إلا إلى النص ذاته، فإنه يمكننا قراءة العلامات الزمانية والمكانية معاً عبر فكرة الركود هذه.
يبدأ النص هكذا:” في النصف الأخير من الليل، كان الجرسون قد وضع بضعة مقاعد على شاطئ النيل، ولم أكن أعرف أحدًا من أفراد الجماعة التي كنت منضمًا إليها معرفة وثيقة، ولكن صديقي كان يعرفهم”. كانت الجلسة على شاطئ النيل، إنه المكان، لكن العنوان يحيله لا شعوريًا إلى بحيرة!!
الزمن هنا هو الليل، والذي يُستخدم في التعبير الدارج بوصفه المساء، لكننا في نصفه الأخير، وهو يشحب ويزول. هذا الزوال يومئ بنهاية الحدث، جلسة الأصدقاء على جانب من شاطئ النيل وهو يتحرك في سيرورته الأبدية، لا يبالي بهم. إنهم يجلسون على هامش المكان، حيث يصخب الزمن الخارجي بالحركة. بينما زمنهم الداخلي.. بحيرة راكدة. إنهم يستهلكون الوقت بملل واضح، وبلعب الطاولة. حتى عندما يدخل عليهم شخص غريب (الرواي) فلا يحدث شيء، يظلون منهمكين في زمنهم الداخلي، ويظل هو غارقًا في صمته وغربته.. المكان نفسه مجرد مقهى لالتقاء العابرين، إنه مكان مؤقت، والجالسون فيه مهمشون في الزمان والمكان، إن كل شيء هنا راكد يوحى بالموت. هل أفصح النص عن كل هذا؟ أم أنه جهد القراءة/ التأويل لعلامات مكتنزة بالدلالة، إنها بلاغة الصمت.
دعونا ننصت لحركة السرد المدفوعة بمثل هذه العلامات، كمحاولة لفهم أعمق لفكرة الزمن المجهض. في (بحيرة المساء) نقرأ:” الجو كان حاراً لدرجة أن الكافورة التي انتصبت أمامنا على الطوار لم تصدر عنها طيلة الوقت أي نأمة، لم يكن هناك أثر للهواء في ذلك الوقت المتأخر من الليل، وبدا سطح النهر ساكنًا، وفي لون الرصاص المصهور”.
في الشاهد السابق، ينسجب إحساسنا بالزمن على كل معالم المكان: الهواء، النهر، الشجر. غير أن هذا البعد النفسي لا يمكن إدراكه من مجرد الإشارات الزمنية الصريحة، بقدر ما يظهر عبر النشاط اللغوى في وصفه للنهر، الذي يعمل في الثقافة العالمية كرمز على الزمن. فاستخدامه للفعل (بدا) في قوله:” بدا النهر ساكنًا” يلمح إلى أن النهر لم يكن ساكنًا بالفعل إلا بقدر رؤية الراوي له، وهكذا يصير الزمن تجسيداً للإيقاع الداخلي للشخصية. لكن سكون الزمن النفسي يلف جميع الشخصيات، لهذا يفقدون التواصل بينهم:” عندما التفت إلىّ صديقي وقال وهو يبتسم ..مالك؟ قلت لاشيء”.
لنقرأ هذا الحوار القصير بعناية، لندرك إنه فارغ من أي معنى:
” قال صديقي موجها كلامه إلىّ
أتحب أن ننصرف؟
كما تريد
بعد قليل ننصرف
أشعلتُ سيجارة”
عندما يسكن الزمن، تتوقف الأحداث عن الحدوث، ويتعطل المعنى، فتنعدم الأولويات والأهمية، فالانصراف الآن أو بعد فترة متساويان وكلاهما بلا أهمية، وتصبح الحوار مجرد حيلة بائسة لتمرير الوقت. إن هذا المعنى لا يمكن إدراكه إلا إذا نظرنا للزمن بوصفه أسلوبا، لا تقنية، وهذا ما نعنيه ببلاغة الصمت.
يتميز الحوار عند إبراهيم أصلان عموماً، وفى بحيرة المساء خصوصاً بقدر عال من الحياد الزمني، بمعنى أن زمن الحوار في النص مساو تماماً لزمن الحوار في الواقع، فالشخصيات القصصية تتبادل الكلمات بنفس الطريقة التي0يستخدمها الناس في الواقع بما فيه من فضفضة وتكرار وربما ترهل، وكذلك بما فيه من اختزال أو إيماء عندما تغني كلمة واحدة عن الكثير. قد يبدو هذا مبالغة في محاكاة الواقع يأباها فن السرد، الذي يعتبر الحوار ضرورة فنية، تسهم في تمنية حركة السرد. على العكس من ذلك، يبدو الحوار هنا كأنه وقت مستقطع من زمن السرد البطيء أصلاً. إنه تكريس لحالة الركود النفسي التي تسود المكان. باختصار، الحوار هنا في خدمة حركة الزمن لا حركة السرد. فالحوار هنا.. ليس فقط لاستهلاك المساحات الفارغة ـ من الأحداث والزمن ـ لكنه أيضًا يعكس أزمة الشخصيات في علاقتها ببعضها، وبنفسها وبوجودها كله.
على المقهى، ينشأ حوار بين اثنين لا يعرفان بعضهما أصلا، وليس بينهما موضوع مشترك، يكون أحدهما مهمومًا بموضوع يخصه، فيما الآخر غير معنى بالأمر كله. لهذا لا يظهر الحوار كطريقة للتواصل بين المتحاورين:
“منذ مدة وصلني أن المقابر الموجودة في باب النصر ستزال.
هززت رأسي.. قال:
– ستزال هي والمقابر الموجودة عند السيدة نفيسة.
– لماذا وصلك؟
قال بحذر وكأنه يخشى أن أنصرف عنه
ما هو؟
الخبر
إنني أملك مقبرة هناك
أنت تملك مقبرة هناك
أقصد أنها موجودة في زمن بعيد جداً، وأنا الموجود الآن من العائلة “.
وعلينا مرة أخرى ملاحظة الحوار ببعض الدقة، الحوار يستهلك من داخله بدون أي تطور، الأسئلة ليست جادة، والإجابات لا تضيف ولا تفسر جديداً، بل تبدو كتكرار للأسئلة، وعموما فالجمل والمعاني تتكرر على نحو يوحى بالسأم. إنه إيقاع الزمن الراكد، الزمن يمنح إيقاعه للحوار كما منحه من قبل للوصف، السرد في مجمله يتشكل عبر هذا الإيقاع، الذي هو في الحقيقة أزمة الشخصيات كلها وموضوع النص في مجملة. إنه أسلوب، بلاغة صامتة. لكننا نحس بوقعها صاخبًا في النص، على نحو ما يقول كانديدو بيريث جايجو:” إن ثمة ساعة في مكان ما من السرد تدق، وإن كل شيء في النص.. كل شيء يتحرك وفق هذه الدقات، وكأنها موجودة من قبل بداية النص أو وكأنها أول شيء يتكون فيه ليبقى حتى لحظة النهاية؟” (*)
لننظر إلى تلك النهاية التي علقها إبراهيم أصلان في الفضاء لتظل شاهداً على ركود الزمن الذي شكل السرد منذ البداية:”.. ولم يكن الرجل على مقعده، بل كان واقفًا هناك على الشاطئ في أعلى المنحدر، كأنه جزء من الركود الرمادي الذي ذابت فيه المنطقة، تأملته طويلاً، لم تصدر عنه أي حركة، كان فقط واقفاً يتبول، وساقاه منفرجتان، ورأسه مدلى إلى أسفل”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر:
1- إبراهيم أصلان- بحيرة المساء- مجموعة قصص- مختارات فصول- الهيئة المصري العامة للكتاب- القاهرة- 1994م
2- إبراهيم أصلان- حكايات من فضل الله عثمان- مجموعة قصص- دار الشروق- القاهرة- 2003م
3- إبراهيم أصلان- مالك الحزين- رواية- دار الشروق – القاهرة- 2005م
4- إبراهيم أصلان- عصافير النيل- رواية- دار الشروق- القاهرة- 2005م
5- إبراهيم أصلان- وردية ليل- رواية- دار شرقيات- القاهرة- 1992م
مرجع:
كانديدو بيريت جايجو: الفضاء/ الزمن.. اقتراب سيسيولوجي – مجلة فصول، الهيئة العامة للكتاب – المجلد الثاني عشر – العدد الثاني -القاهرة -1993م.
(بلاغة الصمت عند إبراهيم أصلان) بقلم : سيد الوكيل
كثير من نقاد إبراهيم أصلان التفتوا إلى المكان في أعماله، ولفتوا الانتباه إليه بوصفه دالاً جماليًا على الهامش الاجتماعي، الذي يصور المناطق والأحياء الشعبية الموزعة على جوانب القاهرة؛ وهي بطبيعتها مج…