جلست في المقعد المنفرد بجانب السائق جوار النافذة ، فتحتُ زجاج النافذة متمتعا بنسمات الهواء الباردة ، وهي تلسع خدي الأيمن وأذني ، مراقبا حركات المارة على أرصفة المشاة ، مبتعدين إلى الوراء بطريقة عكسية ، ما أتاحت لي فرصة المزيد من المتعة ، بينما الأشجار تتسارع في جريانها مبتعدة ، رغم ثبات جذورها في الأرض.
أعلن مذيع الإذاعة عن اقتراب موعد نشرة الأخبار الرئيسة ، فرجوتُ السائق إغلاق المذياع ، لعدم رغبتي بأي شيء ينغّص علي متعة مراقبة الأشياء أمامي ، رخاصة وأني أمتلك نفس المساحة والقدرة التي يرى فيها السائق ، فصرنا متكافئين في الرؤية وعليه الانصياع لرغبتي . لكنه عبس وكشّر عن أسنانه رافضا رغبتي ، متحديا بأن عمل على رفع صوت المذيع نكاية بي ، بدل خفض الصوت ، مما أثار لديّ شهوة التحدي والرغبة مني ، ليس بخفض الصوت بل بإغلاق المذياع وعدم الاستماع لنشرة الأخبار .
علت الهمهمات والأصوات ، يستنكر بعضها رغبتي والأخرى تؤيدني .. البنت التي كانت تجلس في الكرسي الخلفي ، حاولت أن تنتهي الخلاف بيننا بأن أعطت السائق ( شريط كاسيت ) ، وقالت هذه أغنية جميلة يا عمو .
*عمو ؟ عمى الدبب إن شاء الله ، وهل أنا أكبر منك سنا ؟ قال السائق محتدا
ــ أسفه عمو
*لا تقولي عمو
ــ حاضر قالت البنت شبه مبتسمة ، وأضافت وهي تحاول أن تستفز السائق أكثر
ــ هذه الأغنية جميلة يا أخ
*لا تقولي يا أخ . قال السائق
ــ ماذا اقول إذن ؟ .... يا عمو
*لا تقولي شيئا ، نريد الاستماع لنشرة الأخبار
هي نفس الأخبار يا عمو . اصابات كورونا . تفجيرات بيروت . قتل . دمار في سوريا ، اليمن ، ليبيا ... شعوب تُقتل وحكّام ........
ــ ماذا تريد أن تسمع أكثر يا عمو ؟ قالت بنت أخرى ، أكثر جمالا وضغطت بأسنانها على كلمة عمّو استفزازا للسائق . فكتم السائق غيظه .
*نريد أن نستمع لأخبار فلسطين . قالت امرأة مسنّة
ــ لم يحرروها بعد يا عمّة ، وعندما يتم تحرير فلسطين ، سأكون أنا أول من تخبرك بتحريرها.
*هل تستخفين بعقلي يا بنت ؟ قالت المسنّة محتدة
ــ لا . لكني تمنيت يوما أن لا تتكرر نفس الأخبار يا عمّة ، منذ أن خلقتُ في هذه الحياة ، وأنا أسمع نفس الأخبار عن فلسطين.
*وما أدراك أنها نفس الأخبار ؟ قال السائق
ــ هي نفس الأخبار في الإذاعات وفي الصحف وما يرويه الكبار و ...، لا نريد اخبارا وكلمات يا عم . نريد أن نرى العمل على تحرير فلسطين ، لا الكلام عن تحرير فلسطين
*جيل متحذلق ........... جيل خائب ، لن تفلحوا في تحرير فلسطين
ــ وأنتم يا عم ألم تضع فلسطين في عهدكم؟
*ممم ... نحن ؟ قالها السائق متلعثما ، تناول شريط الكاسيت من يد الفتاة . ألقمه جهاز التسجيل . انطلق صون من شريط الكاسيت : شوف الواوا ... ليكي الواو آآآآآآآآآآآآآآآح.
ردد السائق كلمات الأغنية مع المطربة ، فردد ركاب الحافلة كلمات السائق .
أعلن مذيع الإذاعة عن اقتراب موعد نشرة الأخبار الرئيسة ، فرجوتُ السائق إغلاق المذياع ، لعدم رغبتي بأي شيء ينغّص علي متعة مراقبة الأشياء أمامي ، رخاصة وأني أمتلك نفس المساحة والقدرة التي يرى فيها السائق ، فصرنا متكافئين في الرؤية وعليه الانصياع لرغبتي . لكنه عبس وكشّر عن أسنانه رافضا رغبتي ، متحديا بأن عمل على رفع صوت المذيع نكاية بي ، بدل خفض الصوت ، مما أثار لديّ شهوة التحدي والرغبة مني ، ليس بخفض الصوت بل بإغلاق المذياع وعدم الاستماع لنشرة الأخبار .
علت الهمهمات والأصوات ، يستنكر بعضها رغبتي والأخرى تؤيدني .. البنت التي كانت تجلس في الكرسي الخلفي ، حاولت أن تنتهي الخلاف بيننا بأن أعطت السائق ( شريط كاسيت ) ، وقالت هذه أغنية جميلة يا عمو .
*عمو ؟ عمى الدبب إن شاء الله ، وهل أنا أكبر منك سنا ؟ قال السائق محتدا
ــ أسفه عمو
*لا تقولي عمو
ــ حاضر قالت البنت شبه مبتسمة ، وأضافت وهي تحاول أن تستفز السائق أكثر
ــ هذه الأغنية جميلة يا أخ
*لا تقولي يا أخ . قال السائق
ــ ماذا اقول إذن ؟ .... يا عمو
*لا تقولي شيئا ، نريد الاستماع لنشرة الأخبار
هي نفس الأخبار يا عمو . اصابات كورونا . تفجيرات بيروت . قتل . دمار في سوريا ، اليمن ، ليبيا ... شعوب تُقتل وحكّام ........
ــ ماذا تريد أن تسمع أكثر يا عمو ؟ قالت بنت أخرى ، أكثر جمالا وضغطت بأسنانها على كلمة عمّو استفزازا للسائق . فكتم السائق غيظه .
*نريد أن نستمع لأخبار فلسطين . قالت امرأة مسنّة
ــ لم يحرروها بعد يا عمّة ، وعندما يتم تحرير فلسطين ، سأكون أنا أول من تخبرك بتحريرها.
*هل تستخفين بعقلي يا بنت ؟ قالت المسنّة محتدة
ــ لا . لكني تمنيت يوما أن لا تتكرر نفس الأخبار يا عمّة ، منذ أن خلقتُ في هذه الحياة ، وأنا أسمع نفس الأخبار عن فلسطين.
*وما أدراك أنها نفس الأخبار ؟ قال السائق
ــ هي نفس الأخبار في الإذاعات وفي الصحف وما يرويه الكبار و ...، لا نريد اخبارا وكلمات يا عم . نريد أن نرى العمل على تحرير فلسطين ، لا الكلام عن تحرير فلسطين
*جيل متحذلق ........... جيل خائب ، لن تفلحوا في تحرير فلسطين
ــ وأنتم يا عم ألم تضع فلسطين في عهدكم؟
*ممم ... نحن ؟ قالها السائق متلعثما ، تناول شريط الكاسيت من يد الفتاة . ألقمه جهاز التسجيل . انطلق صون من شريط الكاسيت : شوف الواوا ... ليكي الواو آآآآآآآآآآآآآآآح.
ردد السائق كلمات الأغنية مع المطربة ، فردد ركاب الحافلة كلمات السائق .