هذا الطفل البدين الذي اشترى له أبواه كرة هو الطفل الممل الوحيد في المجموعة. انقسم أصدقاؤه إلى مجموعتين، وضعوا معاطفهم وجمعوها في أكوام حتى تبيِّن حدَّي المرمى، ثم بدأوا في ركل الكرة.
هذا الطفل البدين لا مهمة له سوى حراسة المعاطف، لا يمكنه أن يتسلى بمجريات المباراة، لا يمكنه أن يتناول أكلا خفيفا بينما الآخرون يلعبون، لا يمكنه حتى أن يصفق لحركة لعب ما. إذا صفق أو احتج أمام حركة ما سوف يضربه الفريق الخاسر. وإذا قال لهم: "إنها كرتي" سيضربه أيضا الفريق الرابح.
هذا الطفل يعلم أنه حتى إذا لم يضربوه، فإنه لن يستطيع قط أن يقول: "الكرة كرتي". سوف يُدير له أصدقاؤه ظهورهم وسيبقى وحيدا وكرته تحت ذراعيه تسبب له ثقلا رهيبا على معدته وكأن هواءها أصبح رصاصاً، وكأن بٌطينا آخر نشأ له فوق بطنه الصغير.
- اذهب إلى البيت وائت بالكرة..
- خذ كرتك واذهب ودعنا في سلام.
- إذن احفظ كرتك حيث تحفظ الدجاجة بيضها.
رأيت طفلا بدينا يقترب من قنطرة البيدوكتو1 . كان ينظر حواليه بارتياب وكأنه يريد أن يتأكد مما إذا كان أحد يتبعه. ولما رأيت أنه يحمل كرة ظننت أنها قد تكون محاولة انتحار. جريت حتى اقتربت منه فنظر إلي بخجل، ثم قال بصوت حلو رنان:
- سأرمي الكرة. لقد سئمت من الكرة.
- تحب أن تلعب بالكرة؟
- أجل، يعجبني، لكن لا أحب أن ألعب وحدي.
- ولماذا لا تلعب مع أصدقائك الصغار؟
- لا يريدون.
أفرغ الطفل الكرة من الهواء.
- لماذا تفرغها من الهواء؟
- لا أريدها أن تهبط وهي حية. لا أريدها أن تنط وتعود إليَّ مرة أخرى. لا أريد.
رمى الولد الكرة كمن يرمي نعلا من حلفاء أو قنب. سُمع صوت الكرة وهي تسقط تحت القنطرة.."بْلافْ". لكن الطفل لم يشعر بأي شيء، لأنه أفرغها من هوائها حتى تهبط وهي ميتة، وهكذا لن يحس بالضربة.
- كان علي أن أتخلص منها.
- فهمت.
- لا، لم تفهم يا سيدي. كنتُ مستعداً أن لا ألعب قط الكرة. لكن أصدقائي لم يرضوا أن أخلع معطفي ولو حتى لأحرس معاطفهم. كانوا يقولون إني أخلعه ليظن الناس أني ألعب معهم. كانوا يقولون...
انفجر الطفل باكيا، تجمع حولنا بعض المارة.
- ماذا حصل لهذا الطفل؟
أجبتُ: الكرة.
وحتى لا أكذب، أشرت إلى الشارع السفلي وكأني أريد أن أفهمهم أن الكرة ضاعت منه هناك.
فقال المارة بصوت واحد:
- لا تبك أيها الطفل. سيشتري لك أبوك كرة أخرى. لا تبك أيها الطفل، سيشتري لك أبوك كرة أخرى...
وبعينين سابحتين في الدموع، محاطتين بالدموع، نظر إليَّ الطفل نظرة خوف. وكدت أقول له: "هيا.. قد لا يشتريها لك أبوك"، لكن جماعة المارين ازدادت بشكل خطير. وإذا برجل يبدو جريئاً وحازماً يقترح بصوت مرتفع:
- فلنشتر حالا كرة لهذا الصبي. هذا نصيبي 25 بسيطة، هاتوا.. فلنشتر له كلنا كرة.
ــــــــــــــــــــ
1 . قنطرة من حديد علوها 130 مترا، توجد بمدريد، وتربط حي بالاصيو بحي لالاتينا. كانت مسرحا لعدة انتحارات نظرا إلى علوها.
هذا الطفل البدين لا مهمة له سوى حراسة المعاطف، لا يمكنه أن يتسلى بمجريات المباراة، لا يمكنه أن يتناول أكلا خفيفا بينما الآخرون يلعبون، لا يمكنه حتى أن يصفق لحركة لعب ما. إذا صفق أو احتج أمام حركة ما سوف يضربه الفريق الخاسر. وإذا قال لهم: "إنها كرتي" سيضربه أيضا الفريق الرابح.
هذا الطفل يعلم أنه حتى إذا لم يضربوه، فإنه لن يستطيع قط أن يقول: "الكرة كرتي". سوف يُدير له أصدقاؤه ظهورهم وسيبقى وحيدا وكرته تحت ذراعيه تسبب له ثقلا رهيبا على معدته وكأن هواءها أصبح رصاصاً، وكأن بٌطينا آخر نشأ له فوق بطنه الصغير.
- اذهب إلى البيت وائت بالكرة..
- خذ كرتك واذهب ودعنا في سلام.
- إذن احفظ كرتك حيث تحفظ الدجاجة بيضها.
رأيت طفلا بدينا يقترب من قنطرة البيدوكتو1 . كان ينظر حواليه بارتياب وكأنه يريد أن يتأكد مما إذا كان أحد يتبعه. ولما رأيت أنه يحمل كرة ظننت أنها قد تكون محاولة انتحار. جريت حتى اقتربت منه فنظر إلي بخجل، ثم قال بصوت حلو رنان:
- سأرمي الكرة. لقد سئمت من الكرة.
- تحب أن تلعب بالكرة؟
- أجل، يعجبني، لكن لا أحب أن ألعب وحدي.
- ولماذا لا تلعب مع أصدقائك الصغار؟
- لا يريدون.
أفرغ الطفل الكرة من الهواء.
- لماذا تفرغها من الهواء؟
- لا أريدها أن تهبط وهي حية. لا أريدها أن تنط وتعود إليَّ مرة أخرى. لا أريد.
رمى الولد الكرة كمن يرمي نعلا من حلفاء أو قنب. سُمع صوت الكرة وهي تسقط تحت القنطرة.."بْلافْ". لكن الطفل لم يشعر بأي شيء، لأنه أفرغها من هوائها حتى تهبط وهي ميتة، وهكذا لن يحس بالضربة.
- كان علي أن أتخلص منها.
- فهمت.
- لا، لم تفهم يا سيدي. كنتُ مستعداً أن لا ألعب قط الكرة. لكن أصدقائي لم يرضوا أن أخلع معطفي ولو حتى لأحرس معاطفهم. كانوا يقولون إني أخلعه ليظن الناس أني ألعب معهم. كانوا يقولون...
انفجر الطفل باكيا، تجمع حولنا بعض المارة.
- ماذا حصل لهذا الطفل؟
أجبتُ: الكرة.
وحتى لا أكذب، أشرت إلى الشارع السفلي وكأني أريد أن أفهمهم أن الكرة ضاعت منه هناك.
فقال المارة بصوت واحد:
- لا تبك أيها الطفل. سيشتري لك أبوك كرة أخرى. لا تبك أيها الطفل، سيشتري لك أبوك كرة أخرى...
وبعينين سابحتين في الدموع، محاطتين بالدموع، نظر إليَّ الطفل نظرة خوف. وكدت أقول له: "هيا.. قد لا يشتريها لك أبوك"، لكن جماعة المارين ازدادت بشكل خطير. وإذا برجل يبدو جريئاً وحازماً يقترح بصوت مرتفع:
- فلنشتر حالا كرة لهذا الصبي. هذا نصيبي 25 بسيطة، هاتوا.. فلنشتر له كلنا كرة.
ــــــــــــــــــــ
1 . قنطرة من حديد علوها 130 مترا، توجد بمدريد، وتربط حي بالاصيو بحي لالاتينا. كانت مسرحا لعدة انتحارات نظرا إلى علوها.