نزولا عند رغبة الصديق (ابراهيم) الذي هاتفني بعد ان قرأ ما كتبه الاديب والروائي البحريني اللامع عبدالله خليفة: نقداً ادبيا جميلا تماهى فيه وجد لغة حميمية استجلت بوعيها النقدي مفاصل (اني اشم رائحة مريم) مستجليا وجدانية رومانسية بثها السردي.. في وجدانية رومانسية بثه النقدي!! اقول للصديق ابراهيم عبر الهاتف: الرومانسية معاناة توق تفجر نفسي جمالي ابداعي فني لبعض الفنانين الملهمين بالملكة الفنية.. وهي ليست حكراً لأحد على احد.. وانما مشاعة لرواد اليمين ورواد اليسار على حد سواء!! يصمت ابراهيم – ملتبسا – ثم يعاود قائلا: اكتب عنها.. اكتب عن الرومانسية ونوّرنا بنورها.. نورك الله بنور من عنده! وها: تجدني اداني حرير ملامسها بوعي قلمي.. فإن اصبت فجزائي اجران.. وان اخطأت فجزائي اجر واحد! واحسب ان الرومانسية هي منهج فني يتماهى فيه الكاتب بالصورة الخيالية (الطوباوية) مجسدا الخيال خارج الوعي.. وهو ينزع بخياله نزوعا روحيا مأخوذا بالغيب واللاواقع ... خيال يغيِّب وعي الفن في اللاوعي الفن. وفي حدود وعي تراكم الصورة كمًا وليس نوعًا فنيا.. صورة فنية مقيدة بذات ابداع وعيها وليس خارج وعيها في التغيير.. ان «الرومانسية البرجوازية» في جوهرها الفني ظاهرة منهج فني لا يخرج عن ادائه الفني الاجتماعي.. الا في حالة تمرد الموهبة الفنية على ذات الطبقة الاجتماعية. فالموهبة الفنية لدى الفنان تشاكل ذات الفنان في الخروج عليه وعلى تقاليد انتماءاته السياسية والاجتماعية احيانا. وكما نرى ان هناك فنانين موهوبين تمردوا على انتماءاتهم الطبقية وخرجوا على تقاليدها وادانوها ضمن توجهاتهم الرومانسية الابداعية الفنية!. ان مصدر الرومانسية هو واقع الحياة وما الفن الا انعكاس لواقع الحياة التي نعيشها ونحياها.. واقع حياة تضج بحركة الصراع من اجل البهجة وما الرومانسية الا بهجة الحياة في جماليتها الفنية والابداعية وهي توق الانسانية ومزاج نزعتها النفسية الجمالية نحو جمالية حياة اجمل وارقى. الرومانسية تمرد السائد المتغير المتجدد المناهض للسائد البليد الساكن والمتخشب!. فالقوى اليمينية تأخذ بالرومانسية الى الانغلاق والعدمية خلاف القوى اليسارية التي توظف الرومانسية في وجدانية الشعب الفنية من اجل الحرية وكان الكاتب والروائي العالمي مكسيم جوركي اول من نفض عبودية الاقطاع والرأسمالية عن كاهل الرومانسية في الفن ودفع بها الى عالم الانعتاق والتحرر وفي تسويغ منهجها الفني البرجوازي في النهج الفني للواقعية الاشتراكية من واقع حقيقة ان الرومانسية انعكاس فني في التغيير لنضال البشرية على وجه الارض من اجل حياة متساوية عادلة! واحسب ان الصديق (ابراهيم) ما زال مأخوذا بموقف اليسار الكلاسيكي تجاه الرومانسية كونها بدعة برجوازية لتشويه حقيقة مسؤولية الفن في الحياة!. ان الفن في عالميته الفنية كما الثقافة والحضارة يتكون من الجميع وفي الجميع وللجميع في خير الحياة وشرها وان ملكة الفن الرومانسية يمكن ان تحدد خير الانسان وشره في اعمالها وانشطتها الفنية لغة جمالية في الحياة!. فالعيب ليس في الرومانسية وانما في استخدامها شراً أم خيراً.. قبحا أم جمالاً.. ظلاماً أم نوراً.. نكوصا وتبلداً.. أم تجدداً وتغييراً ونهوضاً واعياً للحياة!. «والرومانسية الثورية شكل فني من اشكال التنبؤ التاريخي وتجسيد رؤية الفنان التي تولدها الحياة نفسها وتتجه نحو تحويلها». شكراً للصديق عبدالله خليفة الذي اثار (ابراهيم) رومانسيا في جميل ما كتب حول «اني اشم رائحة مريم «شكراً للصديق ابراهيم الذي طلب مني ان اكتب شيئا عن الرومانسية. ارجو اني وفقت فيما كتبت!. والا فالمجال مباح لمن يريد ان يدلي بدلوه في هذا المجال الرافل بحرير الرومانسية وبذخ مفاتنها الادبية!.